استنتاجات الموجز:
- تقارب مصري سوداني غير مسبوق في مختلف المجالات يغذي التوتر على الحدود الجنوبية مع إثيوبيا
- نظام الحكم الفيدرالي الجديد بمثابة وضع حجر الأساس لمخطط تقسيم السودان إلى دويلات
- أزمة صحية في تلوح الأفق وموجة جديدة من "كورونا" تعصف بالوضع الصحي بالبلاد بعد شح الدواء وإضراب الصيادلة
دخلت الأزمة بين الخرطوم وأديس أبابا مرحلة عنق الزجاجة باقتراب الجيش السوداني من "برخت"، كبرى المناطق التي يقول السودان إن إثيوبيا تسيطر عليها داخل منطقة الفشقة الحدودية، وتبني مصر مقترح السودان الخاص بتدويل الوساطة بشأن "سد النهضة". وطالما اتهمت إثيوبيا طرفًا ثالثًا، لم تسمه، بدفع العسكريين في السودان لإثارة ملف الفشقة الحدودي بعد أن ظل مسكوتًا عنه، في حين قال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية إن بلاده ترفض تدويل ملف "سد النهضة" ولا تقبل غير رعاية الاتحاد الأفريقي للمفاوضات بشأنه، مؤكدًا أن المرجعية المتعلقة بملف السد هي اتفاقية إعلان المبادئ.
في السياق نفسه، اتهم مصدر في الجيش السوداني الحكومة الإثيوبية بتزويد حركة متمردة سودانية بالأسلحة والذخيرة، لاحتلال مدينة الكرمك في ولاية النيل الأزرق جنوب شرق السودان، بإسناد مدفعي إثيوبي. ويقود "جوزيف توكا" قوات الحركة الشعبية/ قطاع الشمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، التي تقاتل الحكومة السودانية في ولايتي جنوب كردفان (جنوب) والنيل الأزرق (جنوب شرق) منذ عام 2011. وتابع المصدر أن الحكومة الإثيوبية تهدف لاستخدام "توكا" لاحتلال مدينة الكرمك بإسناد مدفعي إثيوبي لتشتيت جهود الجيش السوداني على الجبهة الشرقية، في إشارة إلى النزاع الحدودي.
في ملف "السد" أيضًا، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، في أول زيارة للخرطوم بعد سقوط نظام "البشير"، توافقهما على رفض أي تصرف أحادي من جانب إثيوبيا. وقال "البرهان" إن "مصر والسودان توصلتا لرؤى تخدم مصالح الطرفين"، مضيفًا أنه ناقش مع "السيسي" جميع الملفات التي تدعم التعاون بين البلدين. كما التقى "السيسي" رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، وبحث معه سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين. من جهته، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، استعداد المنظمة لتقديم الدعم والمشاركة في عملية تفاوضية تقودها رباعية دولية بشأن "السد".
في السياق، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي جانبًا من مظاهرات نظمها مواطنون قالوا إنها احتجاج على زيارة "السيسي"، فيما أظهرت المقاطع المتداولة محاولات قوات الأمن تفريق المتظاهرين بقنابل الغاز، وسط حالة من الكر والفر.
داخليًا، أصدر "البرهان" مرسومًا دستوريًا ينص على إنشاء نظام حكم إقليمي فيدرالي بالسودان، مطالبًا جميع الجهات المختصة بوضعه قيد التنفيذ. وينص المرسوم على أن يطبق نظام الحكم الفيدرالي عقب انعقاد مؤتمر نظام الحكم (لم تذكر الخرطوم موعد انعقاده)، الذي سيحدد الأقاليم وعددها وحدودها وهياكلها، إضافةً لاختصاصاتها وسلطاتها ومستويات الحكم والإدارة. كما أشار المرسوم إلى أنه سيجري تنفيذ ذلك بما لا يتعارض مع اتفاق جوبا للسلام، الموقّع بين الحكومة السودانية ومجموعة من الحركات المسلحة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. يذكر أنه في الـ25 من أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلن مجلس السيادة أن اتفاقية السلام بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية أقرت نظام حكم فيدرالي يستند إلى ثمانية أقاليم.
عسكريًا، ذكرت مصادر أن مصر والسودان اتفقتا على قيام تعاون عسكري يغطي مجالات التدريب وتأمين الحدود، وذلك في ختام زيارة رئيس أركان الجيش المصري، الفريق محمد فريد، للخرطوم، حيث قال الأخير إن بلاده مستعدة لتلبية احتياجات الجيش السوداني في المجالات كافة، من التدريب والتسليح وتأمين الحدود المشتركة. وأضاف "فريد" أن تعدد وخطورة التهديدات المحيطة بالأمن القومي والمصالح المشتركة تستدعي التكامل بين الأشقاء. من جهته، قال رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، الفريق أول محمد عثمان الحسين، إن الهدف الأسمى للمباحثات العسكرية المشتركة يتمثل في تحقيق الأمن القومي المشترك للبلدين والشعبين، من خلال بناء قوات مسلحة مقتدرة بالدولتين، فيما أعقب ذلك مناورات جوية مشتركة كانت أيضًا الأولى في تاريخ التعاون العسكري بين الطرفين.
خارجيًا، غادر "البرهان" إلي كمبالا في زيارة رسمية استغرقت عدة ساعات للقاء نظيره، يوري موسفيني، لمناقشة ملفات عديدة أبرزها التطبيع مع "إسرائيل" و"سد النهضة" والأزمة الحدودية بين السودان وإثيوبيا. وقالت مصادر سودانية إن "البرهان" التقى نائب رئيس أركان الجيش "الإسرائيلي" برفقة وفد عسكري رفيع أثناء زيارته لأوغندا. بدوره، سيتوجه رئيس مجلس الوزراء، عبد الله حمدوك، إلى السعودية في زيارة رسمية، يرافقه فيها وزراء شؤون مجلس الوزراء والخارجية والمالية والتخطيط الاقتصادي والزراعة والغابات والاستثمار والتعاون الدولي، ومدير جهاز المخابرات العامة ومحافظ بنك المركزي السوداني. وتأتي الزيارة تعبيرًا عن أهمية العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، ولبحث مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك وسُبُل تعزيزها وتطويرها والتنسيق حولها، بما يخدم رفاه وأمن واستقرار شعبي البلدين الشقيقين.
على صعيد منفصل، بحث وزير الداخلية الفريق أول شرطة حقوقى، عزالدين الشيخ على منصور، أوجه التعاون والتنسيق بين السودان ووفد المحكمة الجنائية الدولية فى شتى المجالات، بجانب الاهتمام بتفعيل مذكرة التفاهم بين المحكمة ووزارة الداخلية والأجهزة العدلية بالبلاد. بدوره، تفقد وفد المحكمة الجنائية الدولية عددًا من المؤسسات العدلية بالبلاد.
في شؤون داخلية متفرقة، أعلن جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج جملة من الحوافز، لتشجيع المغتربين على تحويل مدخراتهم عبر النظام المصرفي، تشمل إلغاء جميع الرسوم المفروضة على المغتربين، وإيجاد تسوية لمتأخراتهم المالية. هذا، فيما أعلنت اللجنة التسييرية لأصحاب الصيدليات بولاية الخرطوم، الدخول في إضراب شامل لتجاهل وتهميش الحكومة القطاع الصيدلاني وعدم سماع صوتهم وحل مشاكلهم .
في مستجدات "كورونا"، تسلم السودان 820.000 جرعة لقاح، فيما كشفت إدارة الاستعداد المبكر بالإدارة العامة للطوارئ ومكافحه الأوبئه بوزارة الصحة ارتفاعًا ملحوظًا في معدل تردد حالات أمراض الجهاز التنفسي وحالات الاشتباه بالفيروس، تزامنًا مع التغيير المناخي في الفاصل المداري.
أمنيًا، اعتدى متفلتون بالأسلحة البيضاء على المركبات في شارع الهواء جنوب الخرطوم وقاموا بنهب ممتلكات عدد من مستقليها، فيما اقتحم مسلحون يرتدون الزي العسكري مستشفى الشرطة، وقاموا بالاشتباك مع طاقم الحراسة بالاعتداء عليهم، وحرروا أخطر تاجر مخدرات كان يتلقى العلاج بالمستشفى عقب تعرضه لإطلاق نار أثناء اشتباكات مسلحة بينه والشرطة.
اقتصاديًا، يستمر الجنيه السوداني بالاستقرار أمام العملات الأجنبية بعد تعويم سعر الصرف قبل ثلاثة أسابيع، فيما أعلن البنك المركزي عن أسعار الصرف مقابل العملات الأخرى، فكان الجنيه مقابل الدولار 378 جنبهًا. بالمقابل، تشهد السوق الموازية ركودًا غير مسبوق بعد انخفاض سعر الصرف فيها عن الأسعار الرسمية في البنوك، التي فتحت أبوابها أمام المواطنين لتداول العملة الصعبة بصورة قانونية.