استنتاجات الموجز:
- تفاعل التأثير السلبي للعقوبات الاقتصاديّة على النظام مع ازدياد تردي الحالة المعيشيّة في مناطق سيطرته
- فشل روسي في إعادة تعويم النظام وفتح معابر لتنشيط التجارة لتخفيف الآثار السلبيّة للعقوبات الاقتصاديّة
- تحركات النظام العسكريّة تدل بأنّ إدلب لن تكون في المدى المنظور مسرحًا لعمليات عسكرية واسعة النطاق
في ظل العقوبات الاقتصادية والضغط الدولي المستمر عليه منذ سنوات، فشل النظام في التوصل لحل للأزمة المعيشيّة والاقتصاديّة التي تعاني منها المناطق الخاضعة لسيطرته، ليبدو أنّ آثار العقوبات الاقتصادية الأمريكيّة بموجب "قانون قيصر" والأوروبيّة بدأت تأتي ثمارها، خصوصًا مع تدهور سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، بسبب الشحّ في تلك العملات في المصارف.
وتعطلت الحياة في مناطق سيطرة النظام خصوصًا في دمشق؛ حيث بدى ظاهرًا تردي الحالة المعيشيّة التي تعصف بالسوريين الخاضعين لسيطرة النظام، فلم تعد هناك كهرباء ولا مواصلات عامة أو خاصة بسبب ندرة المحروقات، في ظل تفشٍ غير مسبوق لفيروس "كورونا"، إضافةً لغلاء غير مسبوق في أسعار المواد الأساسيّة. وأصدرت الحكومة السوريّة قرارًا بتخفيض مخصصات البنزين بنسبة 50%، لتُصبح الكمية المخصصة للسيارات السياحية الخاصة 20 ليترًا كل 7 أيام، والسيارات العامة 20 ليترًا كل 4 أيام، فيما أوقفت تزويد سيارات الأجرة بالمازوت المخصص حتى إشعار آخر، والاكتفاء بعمل حافلات الشركة العامة للنقل التابعة للحكومة.
بالمقابل، حاولت روسيا إعادة تعويم النظام وتنشيط الحركة التجاريّة بين مناطق سيطرته ومناطق المعارضة، إلّا أنّ تحركاتها باءت بالفشل حيال فتح معابر داخليّة شمال غرب البلاد، لتخفيف الآثار السلبيّة للعقوبات الاقتصادية على النظام والاستفادة من دخول القطع الأجنبي، إضافةً للضغط على وصول المساعدات الإنسانيّة الأمميّة من إدلب إلى مناطق سيطرة النظام.
بدورها، وفي إطار الضغط على النظام وداعميه، تتزايد المطالبات الغربية والأوروبية لمحاسبة النظام، قبيل أشهر من الانتخابات الرئاسية التي يعتزم النظام وحلفاؤه إجراءها في منتصف العام الحالي. وبعدما بدأت بعض المحاكم الأوروبية الوطنية بتحريك دعاوى ضد شخصيات من النظام، بموجب الولاية القضائية العالمية، برز مؤخرًا بيان صادر عن وزراء خارجية 18 دولة أوروبية، والذي حمّل النظام وداعميه المسؤولية الأساسية عن الجرائم التي تُرتكب بسوريا، مع التشديد على مكافحة إفلات مرتكبي هذه الأعمال من العقاب ومحاسبتهم. ودعا البيان المحكمة الجنائية الدوليّة للتحقيق في هذه الجرائم ومحاكمة مرتكبيها، لإحباط استراتيجية من يعرقلون إحالتها لمجلس الأمن. كما دعت نائبة فرنسا الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لدعم مشروع القرار الذي قدمته للمنظمة، وبالتنسيق مع 46 دولة أخرى، "بتعليق حقوق تصويت النظام ومنعه من الترشح في المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة".
بموازاة ذلك، أجرى رئيس هيئة التفاوض، أنس العبدة، محادثات مع المبعوثة الأمريكية إلى سوريا بالإنابة، إيمي كترونا، تناولت التطورات في سوريا، مشددًا على ضرورة تحريك عدة ملفات أهمها المعتقلون في سجون النظام والمحاسبة، واستمرار العقوبات على النظام لإجباره على القبول بالعمليّة السياسيّة وفق القرار الأممي 2254، وضرورة تمديد القرار الأممي الخاص بإيصال المساعدات للسوريين، وتضمين معبر باب السلامة ضمن المعابر المشمولة في القرار. من جهتها، أكدت "كترونا" أن بلادها تدعم جهود المبعوث الأممي، غير بيدرسون، وأنها طلبت منه تكثيف جهوده لإطلاق سراح المعتقلين، وتنفيذ كل بنود القرار الأممي 2254 على اعتباره الطريق الوحيد لحل القضية السورية.
إلى ذلك، أكد مجلس القبائل والعشائر السورية المعارض للنظام، الذي يضم عشائر عربيّة وكرديّة وتركمانيّة وسريانيّة، في مؤتمر له بمدينة تل أبيض، بمشاركة ممثلين عن الحكومة السورية المؤقتة والائتلاف الوطني المعارض، على وحدة الأراضي السورية وضرورة إسقاط النظام بكافة رموزه وأركانه. وعُقد المؤتمر لتعزيز مكانة المجلس بين السوريين ودراسة المخاطر التي تتعرض لها البلاد حاليًا وفي المستقبل، ودور المجلس في المرحلة القادمة والتصدي للمنظمات الإرهابية، ومواجهة التحديات التي تواجه العشائر وتاريخها وحضارتها وحقوق أبنائها، مؤكدًا على عدم قبولهم بأي طرح يؤدي إلى تقسيم البلاد.
خارجيًا، بحث وزيرا الخارجية والمغتربين، فيصل المقداد، والإدارة المحلية والبيئة، حسين مخلوف، في حكومة النظام مع وزيرة الهجرة والمهجرين العراقية، إيفان جابرو، بحضور وفدين ممثلين عن البلدين في دمشق، طرق تسهيل العودة الطوعية للعراقيين المتواجدين على الأراضي السورية، والسوريين الموجودين في العراق، وتبسيط جميع الإجراءات المتعلقة بذلك، وسبل التعاون وتعزيز العلاقة بين الطرفين. وجاء ذلك بعد وصول "جابرو" إلى دمشق لبحث أوضاع اللاجئين العراقيين المتواجدين بسورية، حيث أشار "المقداد" إلى أن سورية ترحب بعودة اللاجئين السوريين لوطنهم، مؤكدًا عزم دمشق على اتخاذ كافة الإجراءات والتسهيلات التي تساعد في تهيئة الظروف، التي تضمن عودة طوعية وآمنة وظروفًا معيشية جيدة للعائدين، متهمًا بعض الدول الغربية بالتعامل مع هذا الملف بشكلٍ مسيس، وعدم تشجيع اللاجئين السوريين على العودة إلى بلدهم.
عسكريًا، شهدت أنحاء مختلفة من سوريا سقوط عديد من القتلى والجرحى، نتيجة هجمات واشتباكات وحوادث أمنيّة، فيما أنهت قوات "قسد" ما قالت إنها المرحلة الأولى من حملتها الأمنية في "مخيم الهول" ضد خلايا "داعش". وشهدت خطوط التماس بين فصائل المعارضة من جهة وقوات النظام و"قسد" من جهة أخرى عمليات قصف متبادلة، فيما اعتقلت قوات النظام عددًا من الأشخاص في مناطق مختلفة من البلاد، لسوقهم للخدمة العسكرية. وتبادلت قوات النظام وفصائل المعارضة القصف على محاور البارة وبينين والفطيرة وكنصفرة وفليفل بريف إدلب الجنوبي. كما استهدفت الفصائل مواقع قوات النظام في قرى داديخ وخان السبل بريف إدلب الشرقي، دون معلومات عن خسائر بشرية، وسط تحليق لطائرات استطلاع روسية في أجواء المنطقة.
في الأثناء، أصيب أكثر من 13 عنصرًا من "قسد" بقصف مدفعي تركي استهدفهم أثناء وجودهم في منطقة عين عيسى، حيث كانوا في مهمة استطلاعيّة بالمنطقة. بالمقابل، أعلنت "قسد" عن مقتل وجرح جنود من الجيش التركي في تفجير ألغام بريف الحسكة. وشهد محور بريف حلب اشتباكات بين "الجيش الوطني السوري" و"قسد"، ترافقت مع قصف متبادل من الطرفين دون ورود أنباء عن خسائر بشرية.
في غضون ذلك، واصل النظام نقل قوات من جبهات القتال مع فصائل المعارضة شمال غرب إلى البادية السورية، لمواجهة التهديد المتزايد من "داعش" في البادية، خصوصًا على الطرق الرئيسية. وفي أحدث هجمات التنظيم في البادية، شن التنظيم هجومًا بريف حماة الشرقي، واشتبك مع قوات النظام واختطف 19 شخصًا غالبيتهم من المدنيين، ما أدى لسقوط قتلى وجرحى، ولا يزال هناك 40 شخصًا مفقودًا.