استنتاجات الموجز:
- تصاعد الخلافات السياسيّة بالجزائر إثر تمسك السلطة بـ"العتبة الانتخابية" وسط استمرار الاحتجاجات الطلابية واستغلالها من قبل الأحزاب
- المناورات العسكرية بالمغرب تدل على استمرار التمدد الأمريكي في المنطقة تحت أعين روسية
- لا أفق لحل الأزمة السياسية في تونس خارج إطار تنازل قد يحصل نتيجة لحوار جامع أو لقاءات ثنائية تساهم في إذابة الجليد في ظل غياب المحكمة الدستورية العليا
احتدم المشهد السياسي بالجزائر على وقع أزمة سياسية جديدة، تمثلت في تمسك "السلطة العليا للانتخابات" باعتماد "العتبة الانتخابية"، وهو ما شكل صدمة للأحزاب الناشئة، لأنّه سيؤدي لعدم الاستجابة والاعتراض على مطالبهم بالتراخيص للمشاركة بالانتخابات، كما أنّه يمثّل إقصاءً سياسيًّا لعدم المشاركة في الانتخابات. وبرّرت "السلطة" قرارها بأنّه يأتي "لإغلاق الباب أمام التلاعب بالقوائم وتدخل المال في العمليّة الانتخابيّة"، إلّا أنّ ذلك لم يُقنع الأحزاب الناشئة التي بعثت رسالة إلى رئيس الجمهوريّة، عبدالمجيد تبون، تطالبه بالتدخل لوقف "تعسف وزارة الداخلية" إزاء حق الاعتماد والترخيص، ورفضها تقديم توضيحات عن مصير ملفات الاعتماد. بدوره، طلب "تبون" من الحكومة إجراء مراجعة لمسودة القانون الانتخابي وتنقيح بعض البنود وإلغاء نظام المحاصصة، إضافةً لإقرار مبدأ المناصفة بين الجنسين وتشديد تدابير استبعاد المال الفاسد، ومنع كل محاولة للتزوير.
بموازاة ذلك، تجددت التظاهرات الطلابيّة في عدد من المدن؛ حيث بدا الحراك أكثر تنظيمًا بعد خروج مظاهرات الحركة النسائية، فيما رفع الطلاب شعارات مناوئة للسلطة السياسية ومطالبة بالحريات وبتحقيق مطالب الحراك المركزية. وكان لافتًا عودة الشعارات التي تستهدف جنرالات الجيش وجهاز المخابرات، وسط مطالبات بسحبها أو تعديلها لتجنب الصدام مع الجيش والسلطة. في الأثناء، طلبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة من السلطات الجزائرية، توقيف أعمال العنف والاعتقالات التعسفية ضد المتظاهرين، داعيةً للإفراج الفوري عن الموقوفين، بعدما تلقت "ادعاءات عن تعذيب وسوء معاملة".
إلى ذلك، أثار مشروع "قانون تجريد الجنسية" من الجزائريين بالخارج، في حال تورطهم بأعمال تهدد مصالح الدولة والتعامل مع دولة معادية والانخراط في منظمات إرهابية، جدلًا واسعًا، فيما طالبت بعض الأحزاب بسحب القانون، بينما فضل البعض ضرورة تأجيل الفصل فيه إلى ما بعد الانتخابات.
أمنيًا، أعلنت وزارة الدفاع إفشال أجهزة الأمن محاولة تفجير قنبلة بالعاصمة، فيما تمكنت الأجهزة الأمنية من تفكيك خلية مكونة من ثلاثة عناصر تنشط بجبال "ولاية تيبازة". وقضائيًّا، أصدرت محكمة الاستئناف حكمًا بحق مالك مجموعة النهار الإعلامية، أنيس رحماني، بالسجن ثلاثة أعوام، بعد نشر مكالمة مع ضابط استخبارات وغرامة مالية 50 ألف دينار.
في الشأن المغربي، أجمعت أحزاب الأغلبية والمعارضة على محاصرة نفوذ حزب "العدالة والتنمية"، وفوتت عليه مُسبقًا فرصة تصدّر نتائج الانتخابات التشريعية للمرة الثالثة، بعدما نجحت في تمرير التعديل المقترح في مشروع قانون الاقتراع، والمتمثل في احتساب "القاسم الانتخابي" على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية العامة، بدل الأصوات الصحيحة المعمول بها حاليًا، حيث يصرّ "العدالة والتنمية" على التمسك بها وحده في معركة غير متكافئة. وقرر الحزب، بعد خلافات داخليّة وانقسام المواقف بين رئيس الحكومة، سعدالدين العثماني، وأمين عام العزب، اللجوء إلى المحكمة الدستورية، لإسقاط تعديل احتساب "القاسم الانتخابي" لما له "من مس بجوهر العملية الديمقراطية".
توازيًّا، دعت "تنسيقية ممثلي الأحزاب المغربية في الخارج" الملك "محمد السادس" إلى التدخل، لضمان تمثيل مغاربة العالم في مجلس النواب، معلنةً رفضها لـ"تصويت مجلس النواب ضد تعديل القانون التنظيمي الذي يتضمن اقتراحًا لضمان تمثيلية مغاربة العالم". واعتبرت أن التصويت يعد خرقًا للفصل 17 من الدستور، الذي ينص على أحقية المغتربين في التصويت والترشيح للانتخابات. في السياق، ألغى المجلس "لائحة الوطنية للشباب"، رغم معارضة بعض الأحزاب وإضافة المقاعد إلى حصّة النساء لدعم تمثيلهنّ داخل البرلمان.
في تطورات قضية الصحراء، انتقد حزب "العدالة والتنمية" "حركة مجتمع السلم" (حمس) الجزائرية؛ بسبب موقفها من قضية الصحراء والتطبيع بين الرباط و"تل أبيب"، لافتًا إلى أنّ "المنزلق الذي يسير فيه إسلاميو الجزائر يتنافى مع مبادئ وحدة الأمة والمصالح المشتركة والأخوة وحسن الجوار". واعتبر الحزب أنّ الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية أو القومية لا يمكنها أن تؤيد أي حركة انفصالية في العالم.
في شأن متصل، رفضت محكمة العدل الأوروبية الطعن الذي تقدمت به "جبهة البوليساريو" ضد قرار مجلس الاتحاد الأوروبي، بتعديل الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والاتحاد، معتبرةً أنّ مشاركة "الجبهة" في المحادثات برعاية الأمم المتحدة لا يمنحها أي صفة أو شخصية قانونية دولية. هذا، بينما أقرت منظمة الأمم المتحدة بفشلها في تعيين مبعوث أممي جديد إلى الصحراء، خلفًا للرئيس الألماني الأسبق، هورست كولر، مؤكدةً أنها تواصل مشاوراتها لتعيين مبعوث جديد للصحراء.
عسكريًا، وفي إطار تمتين التعاون العسكري والأمني، أجرى الجيشان المغربي والأمريكي مناورات وتدريبات عسكريًّة للسفن والطائرات المقاتلة بعنوان "مصافحة البرق 2021". وأعلنت السفارة الأمريكية في الرباط أنّ المناورة تشكل جزءًا من الشراكة الأمنية القوية والدائمة بين البلدين، وأن المغرب يوجد ضمن الرؤية الجيوستراتيجية للإدارة الأمريكية الجديدة. وإبان المناورات، عملت الغواصة الروسية "الثقب الأسود" على مراقبة التدريبات، وذلك أثناء مرورها بمنطقة مضيق جبل طارق. ويُعد وجودها في المنطقة استفزازًا للجانب الأمريكي لأنه يدخل في إطار التجسس والمراقبة المكشوفة.
تونسيًا، ما زالت الخلافات على أشدها بين رأسي السلطة التنفيذيّة، إذ نفى رئيس الحكومة، هشام المشيشي، الاستقالة من منصبه، مشددًا على تقديم الحوار الوطني والابتعاد عن المناكفات السياسيّة. وأكّد "المشيشي" على مواظبة الحكومة العمل على تحسين الظروف الاجتماعيّة، معلنًا "التجهيز لإصلاحات اقتصادية واجتماعية". جاء ذلك أثناء إحيائه "الذكرى الخامسة لملحمة بن قردان"، التي نجحت خلالها قوات الأمن في منع تأسيس إمارة تنظيم "داعش"، مؤكدًا مواصلة الحرب على الإرهاب.
بالمقابل، نفى رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، أي علاقة له بحزب "الشعب يريد"، الذي أسسه عدد من الشباب المشاركين في الحملة الانتخابية لـ"سعيّد". بدورها، أعلن المدير التنفيذي للحزب، نجد الخلفاوي، مشاركتهم في الحملة الانتخابية للرئيس، مؤكدًا مشاركة مستشارين للرئيس في الهيئة التأسيسية للحزب، قبل أن ينسحبوا منها لاحقًا.
في شأنٍ منفصل، اقتحمت النائبة، عبير موسى، وأنصار "الحزب الدستوري الحر" مقر "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" ضمن حملة تشنها "موسى" على الاتحاد، وادعائها أنه "مؤسسة تتبع الإخوان المسلمين". من جانبه، أدان أمين عام الاتحاد، علي القره داغي، اقتحام المقر، موضحًا أنه "يتنافى مع القيم الإسلامية والديمقراطية، وأنه عمل إرهابي"، مؤكدًا لجوئه للقضاء.
قضائيًا، أصدرت المحكمة الجنائية حكمًا بالسجن ثمان سنوات بحق "بلحسن الطرابلسي" صهر الرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي، والسجن عشر سنوات بحق مالك قناة "الحوار التونسي"، سامي الفهري، في قضايا فساد مالي، وتغريمهما غرامة مالية قدرها 40 مليون دينار.