استنتاجات الموجز:
- مخاوف من "فلتان أمني" يترافق مع الانتخابات الفلسطينية في ظل تعرض بعض المرشحين لضغوط أمنية
- تنسيق ملحوظ بين الإدارة الأمريكية والاحتلال حول الانتخابات الفلسطينية وسط تخوف من نتائجها
- لا تزال السلطة الفلسطينية تدير ملف ”انتخابات القدس“ بمعزل عن المجموع الوطني
تحدثت مصادر فلسطينية محسوبة على السلطة عن مسار سياسي جديد قيد الإنضاج، يجرى إعداده على "نار هادئة"، ويشمل تحركًا سياسيًا برعاية أمريكية، وتشترك فيه أطراف دولية، هدفه الأساس حل الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي"، على أن يعقب ذلك إنعاش الاقتصاد الفلسطيني بمشاريع تنموية واسعة. وهو ما أكده عضو مركزية حركة "فتح"، عزام الأحمد، لافتًا إلى أن في الأفق تحركًا سياسيًا لاستئناف الجهد الدولي للوصول لحل شامل ينهي الصراع، معتبرًا أن الإدارة الأمريكية ”بدأت الانتقال من مرحلة الأقوال إلى الأفعال“، وأكد أن واشنطن لم تعترض على خطة السلام التي قدمها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، القائمة على إطلاق مؤتمر سلام دولي.
وجاءت تصريحات "الأحمد" بعد أيام قليلة من قرار الرئيس الأمريكي، جو بايدن، استئناف إدارته الدعم المالي الذي كان قطعه بالكامل سلفه "ترامب". واعتبر "الأحمد" الموقف الأمريكي الجديد جزءًا من استراتيجية لـ“استئناف“ العلاقات مع السلطة، بحسب مسودة لمذكرة أمريكية داخلية تشكل الأساس للتراجع عن النهج الذي مضت فيه إدارة "ترمب"، وهي مبنية على استئناف العلاقات خطوة بخطوة.
إلى ذلك، احتلت الانتخابات التشريعية الفلسطينية حيزًا من المحادثات التي أجرها وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، مع وزير أمن الاحتلال، بيني غانتس، وكبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية "الإسرائيلية"، الذين تحدثوا عن القلق من نتائج هذه الانتخابات على مستقبل السلطة، وخطر فوز "حماس" وتخريب ما تبقى من علاقات بين السلطة و“إسرائيل“. واعتبر هؤلاء نشاط السلطة مع المحكمة الدولية لجرائم الحرب ضربة قاضية لهذه العلاقات، يمكن أن تنزع آخر بذور للثقة وتدفع المنطقة إلى التوتر، لكن الوزير الأمريكي لم يتطرق لهذا القلق خلال تصريحاته.
بدوره، نفى وزير خارجية الاحتلال، غابي أشكنازي، أن تكون حكومته تعرقل الانتخابات الفلسطينية، لكنه قال إنه قلق من أن يؤدي الانقسام الداخلي في”فتح" إلى إضعاف حزب "عباس"، ويمهد الطريق أمام فوز ”حماس“. وقال "أشكنازي" إنه أجرى محادثة هاتفية مع نظيره الأمريكي، أنتوني بلينكن، أوضح فيها أن ”إسرائيل“ لا تضع عقبات أمام إجراء الانتخابات التشريعية، لكنها تحبّذ دراسة الوضع بشكل معمق ومتابعة التطورات السلبية فيها واتخاذ الإجراءات الضرورية. كما أشار مسؤولون ”إسرائيليون“إلى أن ”الولايات المتحدة وإسرائيل شركاء في القلق من نتائج الانتخابات، لكنهما لن تتخذا خطوات لمنعها، وستكونان سعيدتين إذا بادر الفلسطينيون أنفسهم إلى تأجيلها“.
وفي ظل التخوف من عدم أخذ الإدارة الأمريكية مخاوف الاحتلال من نتائج الانتخابات على ”محمل الجد“، واصل الاحتلال سلوكه التخريبي على الأرض في الضفة المحتلة، حيث اعتقل مرشحًا جديدًا من مرشحي "قائمة القدس موعدنا" المحسوبة على "حماس"، فضلًا عن تهديدات واستدعاءات وصلت آخرين.
من جانب آخر، ردّت ”لجنة الانتخابات المركزية“ جميع الطعون المُقدَّمة ضدّ المرشّحين عدا طعن واحد، فيما لا تزال عقبة إجراء الانتخابات في مدينة القدس المحتلّة ماثلة على طاولة الفصائل، التي شدّد جزء منها، خصوصًا تلك المنضوية تحت لواء "منظّمة التحرير“، على أنه لا انتخابات بلا القدس. أمّا ”حماس“، فردّت بالدعوة إلى الاتفاق على آليات ووسائل مختلفة للضغط على الاحتلال لإجراء الانتخابات في المدينة.
في السياق، شهدت مدينة رام الله مشاورات بين فصائل منظمة التحرير للتوافق حول هذا الشأن، لكن الاجتماع الأول اقتصر على فصائل منظمة التحرير، ولم تُدع إليه "حماس"، وهنا يدور الحديث عن احتمال عقد لقاء ثنائي قريب بينها وبين "فتح". من جهتها، تنظر قيادة السلطة، التي تناقش هذا الملف داخليا، إضافةً لأطراف دولية، بخطورة بالغة إلى إجراء الانتخابات دون القدس، كون الأمر سيكرس واقعًا يحمل في طياته موافقة فلسطينية ضمنية على إخراج المدينة من حدود الدولة الفلسطينية المنشودة.
من جانبها بدأت القوائم والفصائل المترشحة بالتحضير بـ “الحد الأدنى” للدعاية الانتخابية، حيث يجري تجهيز المطبوعات الخاصة بالعديد من القوائم المترشحة، وتجهيز مواد دعائية مصورة، ليتم بثها عبر التلفزيونات ومواقع التواصل الاجتماعي، التي يعتقد أنها ستكون ركيزة أساسية لدى الكتل، لاستخدامها الواسع، إضافةً للمواد الدعائية التي ستبث عبر أثير الإذاعات. بدوره، أعلن القيادي المفصول من "فتح"، ناصر القدوة، أن "مروان البرغوثي" سيكون مرشح قائمة “الحرية” لخوض الانتخابات الرئاسية، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقده "القدوة" لدى وصوله قطاع غزة، قادمًا من مصر، في زيارة استمرت عدة أيام.
على الجانب الآخر، كشفت المعلومات أن هناك تحركات تشرف عليها "فتح" للذهاب إلى محكمة قضايا الانتخابات لـ“الطعن“ على بعض القوائم لإسقاط القائمة بأكملها، علاوةً على تفعيل الاعتراضات على قرارات لجنة الانتخابات، التي رفعت ضد مرشحين أمام تلك المحكمة أيضًا. وأثار إطلاق نار على منزل في الضفة، يعود لأحد المرشحين على قائمة ”المستقبل" التابعة لـ"دحلان"، مخاوف من "فلتان أمني“ يترافق مع العملية الانتخابية، ما يهدد عملية الاقتراع برمتها.
كما تعرض مرشحون في الأيام الماضية لهجمات مباشرة وغير مباشرة تهدف لتخويفهم، لسحب القوائم الانتخابية، كان من أبرزهم مرشحون عن الحراك العمالي في قائمة "الفجر الجديد"، وآخرون في قوائم متعددة. وتمحورت التهديدات ومحاولات الابتزاز حول اختلاق إشاعات والتهديد بنشرها، وفبركة اتصالات صوتية، ما يؤكد صحة الخبر المنتشر سابقًا حول تشكيل وحدة أمنية رسمية، هدفها فبركة الاتصالات والمواد الطاعنة في المرشحين.
في الوقت ذاته، أكدت مصادر متطابقة أن المادة الإعلامية التي روجتها قناة "العربية" ضد قيادة "حماس" حول التعامل مع الأسير المحرر "الشحاتيت" كانت بتسريب من جهاز أمني في السلطة، بينما رفضت عائلة "الشحاتيت" الرواية والاستغلال الرخيص لمعاناة ابنها. وأصيب الأسرى بصدمة كبيرة من الرواية الكاذبة التي روجتها قناة "العربية" حول محاولة إلصاق سبب المرض النفسي لـ"الشحاتيت" بإشكال مزعوم بينه وبين أسرى حماس في السجون.
من جهة أخرى، ارتفع التوتر في المسجد الأقصى في أعقاب اقتحام مستوطنين المسجد في ثاني أيام رمضان، وبعد ساعات من اقتحام جيش الاحتلال المسجد وتعطيله المآذن الخارجية. كما أعادت عملية تسريب ثلاث بنايات سكنية وقطعة أرض في الحارة الوسطى ببلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى، لجمعية "عطيريت كوهانيم" الاستيطانية، القضية الشائكة والحساسة إلى الواجهة من جديد، وسط اتهامات للسلطة الفلسطينية بالتقصير في مواجهة جريمة التسريب وردع المتورطين ومحاسبتهم.
في سياق منفصل، أعلنت "حماس" انتخاب "خالد مشعل" رئيسًا للحركة في الخارج، والقيادي "موسى أبو مرزوق" نائبًا له. وقالت الحركة إنه في إطار الانتخابات الدورية الداخلية التي تجريها في مناطقها المختلفة، تمكّنت في الخارج على مدى أكثر من شهر، من إجراء العملية الانتخابيّة الداخليّة، في جميع أماكن وجودها وحضورها، والتي أفرزت مجلس شوراها الجديد، موضحةً أن مجلسها الجديد قد التأم بحضور مختلف أعضائه.