استنتاجات الموجز:
- الجيش "الإسرائيلي" يستعد للأسوأ في القدس مقابل تحضيرات "إسرائيلية" لصفقة تبادل أسرى مع "حماس"
- استعدادات "إسرائيلية" لتأجيل الانتخابات الفلسطينية ومناورات جوية "إسرائيلية" في اليونان بمشاركة غربية وإماراتية
شهد المشهد "الإسرائيلي" الأسبوع المنصرم جملة تطورات مرتبطة بالشأن الفلسطيني؛ أهمها الاشتباكات التي حصلت في باب العامود بمدينة القدس، وما تخلله من تصعيد متزايد في الضفة والقطاع، وصولًا للتجهيزات "الإسرائيلية" لخيار الانتخابات الفلسطينية، وإمكانية اندلاع توترات أمنية في الأراضي الفلسطينية، مرورًا بزيادة الحديث "الإسرائيلي" عن قرب إبرام صفقة تبادل أسرى مع "حماس"، وانتهاءً بالمناورات العسكرية الكبيرة بين "إسرائيل" واليونان، وتبعاتها على العلاقة مع تركيا وإيران.
في التفاصيل، ظهر واضحًا مع بداية الأسبوع أن المؤسسة العسكرية "الإسرائيلية" تسعى لضخ أكبر عدد ممكن من القوات، لمنع المزيد من التصعيد في قطاع غزة الأكثر تفجيرًا، لأن الهدف "الإسرائيلي" يكمن في عدم اندلاع "الانتفاضة الموقوتة". لذلك فإن الجيش يصعد قواته في الضفة الغربية والقطاع أيضًا، لكن التقدير أن جميع الأطراف لا تريد تصعيدًا في الوقت الحالي، وهي مهتمة بالتهدئة مرة أخرى، رغم ما شهدته الليالي الماضية من إطلاق القليل من الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة، نتيجة الحماسة الدينية بعد الاشتباكات في القدس.
كما إن أحداث القدس تركت أصداءها ليس فقط في غزة، لكن في الدول العربية أيضًا؛ فكل حدث غير عادي في المدينة المقدسة، خاصةً إن كانت أحداثًا ذات طبيعة عنيفة كما في الأيام الأخيرة، تكتسب على الفور أهمية دينية، وتساهم في تفجير العاطفة الدينية التي تتزايد قوتها بسبب شهر رمضان. وتشهد القدس أيامًا حساسة، ما يتطلب من الجيش "الإسرائيلي" وأجهزته الأمنية بذل الجهد الرئيسي لتهدئة العاصفة في القدس.
والتقدير السائد في نظر مجتمع المخابرات "الإسرائيلي" يسعى للتعرف على السبب الرئيسي لهذه الصدامات والاشتباكات في القدس، حيث لم يطرأ أي تغيير على الوضع الراهن في الحرم القدسي الشريف، ولم يتم إجراء أي تغييرات في السنوات السابقة لمنع الحشود غير المرغوب فيها، لكن يمكن تقدير أن الاشتباكات نجمت عن ضجة افتعلها المتطرفون اليهود من منظمة "لاهافا".
في الوقت ذاته، فإن العمل "الإسرائيلي" بات منصبًا على سلوك حركة "حماس" في طريقها لإبرام صفقة تبادل الأسرى، رغم أنها عقدت العديد من صفقات تبادل الأسرى مع الدول العربية خلال كل الحروب. لكن الوضع الحالي الذي وصلت إليه "إسرائيل" لإبرام صفقات تبادل الأسرى مع المنظمات المسلحة، بات مثيرًا للجدل إلى حد كبير بين الجمهور "الإسرائيلي" وبين قيادته السياسية وكبار مسؤوليه الأمنيين. وهذا الجدل متوتر للغاية، في ظل تآكل القدرة التفاوضية للدولة من صفقة لأخرى، ما يؤدي لتآكل مكانة "إسرائيل" الأمنية الاستراتيجية، ووضعها في الساحة الدولية.
ومع أن العقود السبعة الأخيرة من عمر "إسرائيل" شهدت إبرام عدد من صفقات التبادل مع مصر وسوريا والأردن ولبنان، وبموجبها أطلقت "إسرائيل" في إطارها سراح آلاف الأسرى الذين تم أسرهم في سجونها. ويعود ذلك إلى أنه خلال الحروب العربية "الإسرائيلية" أسرت "إسرائيل" عددًا أكبر بكثير من الأسرى من جنود الجيش الذين تم أسرهم، لذلك أطلقت في هذه الصفقات أكثر بكثير مما حصلت عليه من أسراها لدى الفلسطينيين والعرب. وقد بدأ الحديث في "إسرائيل" عن معايير جديدة للتعامل مع قضية الأسرى، ومنذ ذلك الحين لم يحصل نقاش واحد في الحكومة حول استنتاجات جديدة، وظلت محاصرة في أدراج المؤسسة الأمنية والعسكرية تحضيرا لإبرام صفقات إضافية.
على الصعيد الفلسطيني أيضًا، بات مستوى اليقظة الأمنية في القيادة الوسطى للجيش "الإسرائيلي" يرتفع بمرور الوقت، عشية وجود مؤشرات على محاولة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، تأجيل انتخابات المجلس التشريعي، بسبب التقدير بأنه سيخسر أمام "حماس". وقد وافق رئيس هيئة أركان الجيش، أفيف كوخافي، على إجراءات لسيناريوهات متطرفة، وسط مخاوف من تفشي العنف بالضفة الغربية.
هذا، مع العلم أن هناك مناقشات أمنية وعسكرية جرت في المؤسسة "الإسرائيلية"، وتم وضع مؤشرات واضحة على أن "عباس" سيعلن قريبًا تأجيل الانتخابات، حتى إن تصريحاته الأخيرة تم رفعها لرئيس الأركان، وبات الجيش يدرس مسارات عمل وردود على مختلف مستويات التصعيد الأمني والعسكري في الضفة، بما فيها اندلاع مظاهرات من شأنها أن تترجم إلى هجمات مسلحة ضد "إسرائيل". وبحسب معلومات قدمها مسؤولون عسكريون من القيادة الوسطى لهيئة أركان الجيش في تقييماتهم الأخيرة للوضع، فإن تخوف السلطة الفلسطينية يعود إلى أن سببها مرتبط بوجود عدد من القوائم المنقسمة في حركة "فتح"، وإمكانية نشوء تحالفات انتخابية وراء الكواليس وزيادة قوة "حماس".
كما أن المصادر العسكرية "الإسرائيلية" تتحدث أن "عباس" يمكن أن "ينزل من فوق الشجرة"، على خلفية الوضع الاقتصادي الصعب في السلطة الفلسطينية، وانقسام قوائم "فتح"، وانتشار "كورونا". وبدلا من ذلك، هناك قلق من تحرك متطرف من شأنه أن يضع المسؤولية على عاتق "إسرائيل" التي يُزعم أنها تمنع الانتخابات شرق القدس.
خارجيًا، تتوازى مشاركة سلاح الجو "الإسرائيلي" في المناورات الدولية الجارية في اليونان مع الرسائل الموجهة لطهران وأنقرة، بما يعزز الموقف السياسي لـ"إسرائيل"، خاصةً مع مشاركة طيارين من الإمارات، فهذه المناورات تهدف لتعزيز أمن "إسرائيل" ومكانتها السياسية، من خلال "الدبلوماسية العسكرية"، خاصةً عبر سلاح الجو.
وهذه الميزة الحصرية للطيران "الإسرائيلي" تجعله شريكًا مرغوبًا فيه لكل سلاح جوي غربي، مع أن هذه المناورات لا تقتصر فوائدها على الجوانب السياسية والعسكرية فقط، بل تساعد بتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدان المشاركة، خاصةً عقب إبرام صفقة أسلحة "إسرائيلية" لليونان بـ1.6 مليار دولار، لبناء وتشغيل منشأة التدريب الرئيسية لسلاحها الجوي. يذكر أن هذه المناورات بدأتها اليونان كل عام منذ الثمانينيات، بتشجيع نشط من حلف "الناتو"، وهذا العام شاركت في المناورة القوات الجوية من اليونان والولايات المتحدة وكندا وفرنسا وإسبانيا والإمارات وقبرص.
يشار أيضًا إلى أن هذه المناورات تزامنت مع تصعيد تركيا واليونان مؤخرًا لحالة العداء والتوتر، بشأن محاولات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، توسيع المياه الاقتصادية لبلاده، والسيطرة على حوض شرق المتوسط، بسبب إمكانات الغاز والنفط الكامنة في أعماقها. لذلك كانت تركيا "الفيل" الذي لم يتم الحديث عنه صراحة في غرف الاجتماعات، لكنه كان حاضرًا هناك.