استنتاجات الموجز:
- اعتراف "بايدن" بـ"مذابح الأرمن" وإخراج تركيا من برنامج "إف-35" يشكل أخطر تحدي للعلاقات التركية الأمريكية
- مؤشرات متزايدة على تقدم كبير في ملف تطبيع العلاقات التركية مع مصر والإمارات
- أحزاب المعارضة تتوحد في أضخم حملة ضد "أردوغان" للمطالبة بالكشف عن مصير 128 مليار دولار
تشكل خطوة اعتراف الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بما يعرف بـ"مذابح الأرمن" عقب الاتصال الأول مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، في خطوة تجنبها كافة الرؤساء الأمريكيين السابقين، إضافةً لإخراج وزارة الدفاع الأمريكية تركيا من برنامج طائرات "إف-35" بشكل نهائي، أخطر تحدي للعلاقات التركية الأمريكية المتوترة أصلًا في السنوات الأخيرة. من جانبهم، عبر أركان الدولة التركية عن رفضهم لقرار "بايدن"، الذي يسعى من خلاله لتسييس الوقائع التاريخية بهدف تحقيق مكاسب سياسية، من خلال وصف أحداث 1915 بـ"الإبادة"، وأن الإدارة الأمريكية رضخت لضغوط اللوبي الأرمني في الخارج، وادعاء "الإبادة" يفتقر لأي أسس تاريخية وقانونية.
من جهتها، استدعت الخارجية التركية السفير الأمريكي لدى أنقرة، ديفيد ساترفيلد، لإبلاغه رفض أنقرة الشديد لتصريحات "بايدن" حيث أبلغه نائب وزير الخارجية التركي، سادات أونال، أن بيان "بايدن" خالٍ من الأسس التاريخية والقانونية ومرفوض تمامًا ومدان بأشد الأشكال، وأنه باطل من حيث القانون الدولي، وأنه أضر بالشعب التركي وتسبب في جرح في العلاقات يصعب علاجه.
على صعيد خارجي آخر، يستعد وفد من كبار مستشاري وزارة الخارجية التركية لزيارة القاهرة، لبحث إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين وتبادل تعيين السفراء عقب لقاء متوقع بين وزيري خارجية البلدين. هذا، بينما جرى اتصال هاتفي بين وزير الخارجية التركي، مولود جاوش أوغلو، ونظيره الإماراتي، عبد الله بن زايد، تبادلا التهنئة بحلول شهر رمضان المبارك، وهو الاتصال الأول منذ خمس سنوات، في مؤشر جديد على حصول تقدم لافت في ملف إعادة تطبيع العلاقات بين أنقرة وأبوظبي.
وفي ضوء هذه التصريحات، أقدم الجانبان على عدد من الخطوات، منها تخفيف الإمارات بعض القيود التي فرضت على التجار ورجال الأعمال الأتراك، واستئناف الرحلات الجوية بين البلدين وتخفيف قيود منح التأشيرة من قبل الإمارات، إلى جانب تسمية أنقرة سفيرًا جديدًا لأبوظبي وقبوله من قبل الأخيرة، وتخفيف حدة التصعيد الإعلامي من قبل وسائل الإعلام الرسمية بين البلدين، وإن استمرت الحملات عبر وسائل إعلام غير محسوبة بشكل مباشر على الحكومات، خاصةً الإمارات.
وتشير كافة التطورات إلى أن العلاقات التركية المصرية تجاوزت الحواجز الرئيسية وكسرت حاجز الجليد، وفي حين أن ملفي قطر ومصر من أبرز مسببات الخلاف الإماراتي التركي، فإن المصالحة الخليجية وتقدم مساعي التقارب بين أنقرة والقاهرة يتوقع أنها أعطت دفعة قوية لمساعي التقارب التركي الإماراتي، الذي قد يتطور قريبًا إلى لقاء بين وزيري خارجية البلدين وزيارات متبادلة بينهما.
داخليًا، أطلقت المعارضة التركية حملة واسعة بعنوان “أين الـ128 مليار دولار؟”، التي تقول إنها اختفت من البنك المركزي التركي خلال فترة تولي صهر "أردوغان"، بيرات البيرق، وزارة الخزانة والمالية قبل أن يقدم استقالته في ظروف غامضة نهاية العام الماضي، وسط اتهامات كبيرة من المعارضة للوزير بـ”إهداء أموال البنك المركزي عبر اتباع سياسات مالية خاطئة". ونجحت المعارضة طوال الأسابيع الأخيرة في إبقاء حملتها متصدرة للأجندة السياسية في البلاد، من خلال عمل ممنهج وضخم شكلت من خلاله ضغطًا كبيرًا على الحكومة التركية والرئيس "أردوغان"، الذي اضطر للتعقيب على الحملة بشكل تفصيلي لأول مرة.
ورغم نفي عدد من المسؤولين في الحكومة عبر تصريحات مختلفة وجود أي شيء، يمكن اعتباره “سرقة أو إهداء أو اختفاء” لأموال من البنك المركزي، إلا أن المعارضة وسعت حملتها ورفضت التفسيرات المقدمة، مطالبةً بتوضيحات كاملة ودقيقة حيث انضم لـ"حزب الشعب الجمهوري" في الحملة معظم أحزاب المعارضة وعلى رأسها زعيمة "الحزب الجيد"، ميرال أقشينار، و"حزب الشعوب الديمقراطي" وحزبي "علي باباجان" و"أحمد داود أوغلو"، وغيرها من الأحزاب.
بدوره، قدم "أردوغان" خلال كلمة مطولة أمام الكتلة البرلمانية لـ"حزب العدالة والتنمية" الحاكم، شرحًا مطولًا للرد على الحملة التي اكتفى سابقًا باعتبارها حملة “غير أخلاقية تستهدف النيل منه ومن عائلته بدرجة أساسية”، وذلك من خلال توجيه الاتهامات إلى وزير المالية السابق بصفته صهر الرئيس.
داخليًا أيضًا، حسم "أردوغان" الجدل الدائر منذ قرابة عام حول إجراء تعديلات وزارية، وجرى تعديل حكومي باستحداث وزارة جديدة وتعيين ثلاثة وزراء جدد، وتقسيم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والأسرة، إلى وزارتين هما: وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية، ووزارة العمل والضمان الاجتماعي، ليرتفع عدد الحقائب في الحكومة إلى 17 وزارة. كما تم تعيين القيادي في "حزب العدالة والتنمية"، محمد موش، وزيرًا جديدًا للتجارة، بدلًا من "روهسار بكجان"، فيما عُيّن "ودات بلغين" وزيرًا للعمل والضمان الاجتماعي، و"دريا يانيك" وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية.
أمنيًا، فتح المدعي العام التركي في إسطنبول تحقيقًا في شبهات بوجود عملية احتيال ضخمة من خلال العملات الرقمية، تمكن خلالها شاب صغير يرأس شركة لإدارة التعاملات بالعملات الرقمية من جمع ملياري دولار من قرابة 400 ألف شخص، قبل أن يهرب خارج البلاد، مخلفًا واحدة من أكبر عمليات الاحتيال.
حول تطورات جائحة "كورونا"، سجلت تركيا 339 وفاة و40 ألفًا و596 إصابة جديدة خلال آخر 24 ساعة، لترتفع حصيلة الوفيات إلى 38 ألفًا و11، والإصابات إلى أربعة ملايين و591 ألفا و416، وسجلت شفاء 52 ألفا و297، ليرتفع إجمالي عدد المتعافين إلى 4 ملايين و22 ألفًا و408.
عسكريًا، أطلق الجيش التركي عمليتين عسكريتين شمال العراق تحت مسمى "مخلب البرق، ومخلب الصاعقة"، شن خلالهما هجومًا بريًا وجويًا واسعًا على قواعد لحزب العمال الكردستاني "بي كي كي". وتخلل العملية المتواصلة جوًا وبرًا قصف أكثر من 400 هدف، وتحييد قيادي بارز من الصف الأول للتنظيم، في حين تعهد "أردوغان" بمواصلة العمليات العسكرية لحين القضاء بشكل نهائي على خطر المسلحين من شمال العراق. ويعتقد أن تهدف العملية للسيطرة على تلال استراتيجية للانطلاق منها لتطهير مناطق جديدة، يتحصن بها مسلحي "العمال الكردستاني" في إطار عمليات الجيش التركي المتواصلة هناك.
تزامنًا مع ذلك، وفي عملية مشتركة شمال العراق، أعلنت مصادر تركية عن تمكن جهاز الاستخبارات والقوات المسلحة التركيين من تحييد القيادي بمنظمة “بي كى كى/كي جي كي”، دالوكاي شانلي، وهو عضو “المجلس التنفيذي” للتنظيم، وأحد قيادات الصف الأول.