استنتاجات الموجز:
- زيارة "معين عبدالملك" لمأرب مؤشر على تحول الموقف الدولي تجاه المحافظة التي طالما صنفت بالإسلامية
- الالتفاف الوطني والشعبي حول الشرعية خاصةً عقب إعلان النفير في مأرب والجوف يعكس حجم الرفض الشعبي للمشروع الحوثي المدعوم من إيران
سيطر على أخبار المشهد اليمني خلال الأيام الماضية الموقف الدولي من تعنت جماعة الحوثي وتصعيدها العسكري على محافظة مأرب. بدورها، قالت وزارة الخارجية الأمريكية على "تويتر"، إن المبعوث الأمريكي الخاص لليمن، تيم ليندركينغ، والسفير الأمريكي في اليمن، كريستوفر هنزل، يؤكدان على ضرورة توافق الآراء لإنهاء هجوم الحوثيين على مأرب، ووقف إطلاق النار بشكل شامل على مستوى البلاد، مؤكدةً أن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن تعتزم إنهاء النزاع في اليمن. جاء ذلك عقب إعلان فشل مفاوضات مسقط التي أجراها "ليندركينغ" والمبعوث الأممي، مارتن غريفيث، مع وفد الجماعة بغرض إنهاء الحرب والعودة إلى طاولة الحوار مجددًا.
كما انتقد السفير الفرنسي لدى اليمن، جان ماري صفا، الحوثيين بشدة واصفًا خطابهم عن السلام بـ"العبارات الجوفاء"، ومعتبرًا أن الهجوم على مأرب "أسقط كل الأقنعة". وطالب السفير الحوثيين بقبول المبادرة السعودية للسلام بالكامل، معتبرًا أنها تتماشى مع خطّة الأمم المتحدة للسلام.
وكانت تقارير صحفية أكدت أن المجتمع الدولي يدرس اتخاذ عدد من الخطوات الحاسمة، التي من شأنها إجبار الحوثيين على الإصغاء الجاد لدعوات السلام، من خلال الترتيب لعقد جلسة خاصة في مجلس الأمن، لمناقشة التطورات في مأرب منتصف الشهر الجاري. وأكدت التقارير أن جلسة مجلس الأمن سيصدر عنها "قرار مُلزم للحوثيين بوقف الهجوم البري العدائي، أسوةً بتدخل سابق، قادته بريطانيا أواخر 2018 وأدى لإحباط هجوم القوات الحكومية على مدينة الحديدة غرب البلاد وتوقيع اتفاق استوكهولم الهش".
على صعيد آخر، وصل رئيس مجلس الوزراء، معين عبد الملك، لأول مرو منذ تشكيل الحكومة الجديدة إلى محافظة مأرب. وتأتي هذه الزيارة وسط تصاعد خطير في وتيرة العمليات القتالية، وتزامنًا مع تكثيف الحوثيين لهجماتهم الصاروخية على المدينة المكتظة بالسكان. ومن المقرر أن يلتقي "عبد الملك" بالقيادة المحلية والزعامات القبلية في المحافظة، للإطلاع ميدانيًا على الأوضاع العسكرية والأمنية والإنسانية والخدمية والتنموية في المحافظة.
في سياق منفصل، عقدت قبائل دهم وأبناء محافظة الجوف اجتماعًا موسعًا، ضم عددًا من القيادات السياسية والقبلية والشخصيات الاجتماعية، استجابةً لدعوة النفير العام التي أطلقها محافظ مأرب، اللواء سلطان العراده، ومحافظ الجوف، اللواء أمين العكيمي، مؤكدين جاهزيتهم لرفد الجبهات والاستمرار في الدفاع عن أراضي البلاد، وبذل الجهود لاستعادة محافظة الجوف وتطهيرها من قوات الحوثي المدعومة من إيران.
كما دشن محافظ محافظة البيضاء، اللواء ناصر الخضر السوادي، حملة تعبئة وإسناد للجيش الوطني، تلبيةً للدعوة التي أطلقها محافظ مأرب. وخلال ترأسه اجتماعًا موسعًا لتدشين مرحلة جديدة من التعبئة والإسناد لرفد ودعم الجبهات، وجّه "السوادي" بتشكيل لجنة فرعية في المحافظة لحملة التعبئة العامة والإسناد للجيش الوطني، في المعركة الوطنية ضد جماعة الحوثي.
في الأثناء، لقي أربعة أشخاص مصرعهم، وتضررت منازل 167 أسرة إما جزئيًا أو كليًا، جرّاء سيول ناجمة عن أمطار غزيرة هطلت على مدينة تريم التاريخية في محافظة حضرموت وسط اليمن. وأظهرت مقاطع مصورة تناقلتها وسائل الأعلام سيولًا تجتاح شوارع المدينة الأثرية، وقد تسببت في تدمير منازل وأحدثت تشققات في عدد من المباني الطينية الأخرى، وغمرت سيارات ودراجات نارية وأدوات منزلية.
من جهتها، وجهت الحكومة باعتماد ملياري ريال (حوالي 2 مليون و800 ألف دولار) بشكل عاجل ومبدئي، لمواجهة أضرار كارثة السيول بالمدينة، لتعويض المتضررين وإصلاح البنى التحتية والممتلكات الخاصة.
في سياق إنساني آخر، حذرت الأمم المتحدة من استمرار الهجوم الحوثي على محافظة مأرب، مؤكدةً أن الوضع الإنساني في البلاد سقط من حافة الهاوية. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحفي إن الهجمات الحوثية على مأرب أدت حتى الآن لنزوح حوالي 20 ألف شخص، وباتت تهدد سلامة الملايين. وأضاف "دوجاريك" أن موسم الأمطار الذي بدأ وتسبب بحدوث فيضانات في الأيام الأخيرة أثّر على أكثر من 22 ألف شخص، معظمهم كانوا نازحين يعيشون في ملاجئ غير ملائمة. وقال المتحدث الأممي أيضًا إن الوضع الإنساني "يسقط من حافة هاوية" مع أكثر من 20 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدة إنسانية. وأكد "دوجاريك" أن تفشي مرض "كـوفيد-"19 في ارتفاع، مضيفًا أنه، بحسب التقارير، ترفض المستشفيات والمرافق الصحية استقبال المرضى بسبب قلة الموارد المتاحة لعلاجهم.
عسكريًا، لقي 23 عنصرًا حوثيًا مصرعهم وجرح آخرون بنيران قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، في جبهة المشجح غرب محافظة مأرب. وقال مصدر عسكري إن قوات الجيش استدرجوا 30 حوثيًا إلى كمين محكم في جبهة المشجح، قبل أن يباشروهم بالنيران ويوقعوا منهم 23 قتيلًا فيما فرّ البقية بعد إصابتهم بجروح مختلفة تاركين ورائهم أسلحتهم وجثث زملائهم. وأضاف المصدر أن مدفعية الجيش قصفت تجمعات ومواقع الحوثيين في جبهتي المشجح والكسارة، وكبّدتها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، منها تدمير طاقمين ومصرع من كانوا على متنهما. كما دمّر طيران التحالف تعزيزات وتجمعات للجماعة في مواقع متفرقة غربي مأرب، وألحق بها خسائر فادحة في العتاد والأرواح.
ميدانيًا أيضًا، كسرت قوات الجيش والمقاومة الشعبية هجومًا لقوات الحوثي في جبهة "الجدافر"، جنوب شرق محافظة الجوف، تكبّدت فيه عناصر الحوثي خسائر في العتاد والأرواح ولاذت القوات المتبقة بالفرار، مخلفةً ورائها معدات عسكرية وأسلحة متوسطة وخفيفة وكميات من الذخائر المتنوعة.
وفي محافظة البيضاء شنت قوات الجيش هجومًا واسعًا تمكنت خلاله من تحرير مناطق شاسعة، عقب معارك عنيفة مع الحوثيين شمال المحافظة. وأكدت مصادر عسكرية أن المعارك لاتزال مستمرة، تزامنًا مع استمرار تقدم القوات المشتركة. هذا، فيما قتل وجرح عدد من عناصر الجماعة بقصف مدفعي شنته قوات الجيش الوطني غربي محافظة تعز؛ حيث استهدفت مدفعية الجيش تجمعًا لعناصر الحوثي في محيط جبل "هان". وأسفر القصف بحسب عن مصرع أربعة من عناصر الجماعة وجرح آخرين، وتدمير عربات تابعة لها.
أمنيًا، وفي حادث متكرر، اغتال مسلحون مجهولون مدير أمن مديرية مودية بمحافظة أبين، ناظم فضل الصالحي، ومرافقه. وأوضحت مصادر أمنية أنه تم اغتيال "الصالحي" في مزرعة تابعة له في ضواحي مدينة مودية بالمحافظة. وفي حين لم تتبن العملية أي جهة، لا تزال التحقيقات جارية لمعرفة الجناة.