استنتاجات الموجز:
- تصاعد الخلافات التركية الروسية على نار هادئة حول ملفات عديدة ينذر بتصعيد عسكري روسي في ليبيا أو إدلب
- استمرار "بيكار" في نشر فيديوهات من دبي تستهدف وزير الداخلية ومسؤولين آخرين يثير ضجة كبيرة وردود فعل واسعة
- "أردوغان" ينجح فيما أخفق فيه سابقون ويحقق وعدًا منذ 27 عامًا بافتتاح "مسجد تقسيم"
شهدت الأسابيع الأخيرة خلافات تركية روسية تصاعدت على "نار هادئة" حول ملفات عديدة، منها القرم والتعاون العسكري مع أوكرانيا ولاحقًا بولندا وتهديد موسكو بإثارة "الأقليات الدينية والقومية" في تركيا، وهو ما ولّد خشية من تفجر الخلافات على نطاق أوسع واحتمال اتجاه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للتصعيد عسكريًا ضد تركيا سواء في ليبيا أو في إدلب شمال سوريا، وهو السيناريو الذي شهدته العلاقات بين البلدين في مرات سابقة.
في السياق، وفيما فُسر على أنه رد روسي على الموقف التركي من القرم وأوكرانيا، أصدرت الحكومة الروسية قرارًا بوقف الرحلات السياحية إلى تركيا بسبب "انتشار فيروس كورونا"، قبل أن تعلن شركات سياحة وطيران كبرى إلغاء الرحلات هذا الصيف في خطوة تهدد بحرمان تركيا من ملايين السياح الروس، الذين يشكلون أكبر نسبة من السياح الذين يعتمد عليهم القطاع السياحي في تركيا، وبالتالي فإنها من أبرز أوراق الضغط الروسية على تركيا.
خارجيًا أيضًا، شكّلت زيارة النائب الأول لرئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، على رأس وفد كبير إلى أنقرة بعد تراجع العلاقات إثر الانقلاب على الرئيس السابق، عمر البشير، بدعوة من القيادة التركية خطوة لكسر الجمود في العلاقات الثنائية. وعقد الوفد جلسة مباحثات رسمية مع نائب الرئيس، فؤاد أوقطاي، وتطرّقت المباحثات لقضايا ترقية العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون المشترك في مُختلف المجالات، بجانب التنسيق والتعاون فيما يلي القضايا الإقليمية والدولية. كما بحث الجانبان تطوير العلاقات في مجالات الطاقة والنفط والزراعة والثروة الحيوانية والبنى التحتية والطرق والجسور والنقل والمواصلات. وخلال الزيارة، شارك "حميدتي" كضيف شرف للرئيس "أردوغان" في افتتاح "مسجد تقسيم" بإسطنبول، في مُؤشِّرٌ لدخول علاقات البلدين مرحلة جديدة بعد جفوة امتدّت حوالي عامين.
في سياق خارجي منفصل، تتواصل الجهود التركية الأمريكية، من خلال لقاءات تعقدها نائبة وزير الخارجية الأمريكي، ويندي شيرمان، مع المسؤولين الأتراك في أنقرة، لوقف التراجع في العلاقات الثنائية بين البلدين، والتركيز على المصالح المشتركة، والابتعاد عن النقاط الخلافية. وتتركز الجهود على التوصل لصيغة تفاهم في العلاقات قبيل موعد لقاء "أردووغان" مع نظيره "بايدن"، على هامش قمة "الناتو" في بروكسل منتصف حزيران/ يونيو.
داخليًا، يواصل "سادات بيكار"، أحد أبرز زعماء المافيا التركية، نشر فيديوهات مطولة عبر منصة "يوتيوب" من مقر إقامته الذي تؤكد مصادر تركية مختلفة أنه دبي بالإمارات؛ والتي باتت حديث كافة السياسيين وزعماء الأحزاب السياسية، حيث نشر حتى الآن مقاطع فيديو مطولة على ثمان حلقات شاهدها ملايين. وتصدر النقاش حول كل مقطع منها منصات التواصل ووسائل الإعلام وحديث الشارع، كما لم تتصدر أي قضية أخرى في السنوات الأخيرة، واستغلت المعارضة الفيديوهات وطالبت وزير الداخلية، سليمان صويلو، بالاستقالة والمثول أمام القضاء.
وبعد حالة الجدل في الشارع التركي على إثر فيديوهات "بيكار"، شارك "صويلو" في لقاء تلفزيوني استمر لأكثر من ثلاث ساعات مع أربعة من كبار الصحفيين في البلاد، بينهم معارضون كبار، ورد على كافة الاتهامات التي وجهت له، نافيًا بشكل مطلق وجود أي صلات تربطه بـ”بيكار”، واعتبر أن ما يجري عملية مدبرة تستهدف تركيا والرئيس "أردوغان" و"حزب العدالة والتنمية"، ولا تستهدفه هو شخصيًا فقط، وقال مرارًا إنه مستعد للمحاكمة والإعدام إذا ثبت بحقه أي من التهم الموجهة.
داخليًا أيضًا، وبعد 27 عامًا على وعد قطعه على نفسه ببناء مسجد في ميدان تقسيم، أحد أبرز الأماكن السياحية في إسطبنول، افتتح "أردوغان" مسجد تقسيم المثيرة للجدل، معتبرًا أن المسجد “هدية لإسطنبول في ذكرى فتحها”، وأن افتتاحه سوف يزعج “الإمبرياليين الطامعين بتركيا”. وذكّر "أردوغان" بالعراقيل التي حالت دون بناء المسجد، منها عرقلت البلدية التي كانت بيد "حزب الشعب الجمهوري" عام 1965 بعد قرار رئيس الوزراء آنذاك، سليمان دميرل، بتخصيص أرض لمديرية الأوقاف لبناء المسجد، وذلك عبر إحالة الموضوع للقضاء واستصدار قرار ضد التخصيص. كما لفت الرئيس إلى إلغاء الانقلابيين الذين قاموا بانقلاب أيلول/ سبتمبر 1980 قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1979 بخصوص بناء المسجد.
من جانبهم، يرى أنصار "حزب العدالة والتنمية" الحاكم والعديد من أتباع الأحزاب المحافظة والجماعات الدينية في تركيا، أن بناء المسجد في تقسيم يُعتبر بمثابة “انتصار” يحمل رمزية كبيرة، فيما ينظر كثيرون لنجاح "أردوغان" في بناء المسجد رغم التحديات الضخمة التي واجهته في هذا المشروع، على أنه “تعبير عن حجم الإرادة السياسية التي يتمتع بها أردوغان، وإيمانه بمشروعه السياسي."
حول تطورات "كورونا"، سجلت تركيا 164 وفاة وسبعة آلاف و773 إصابة خلال 24 ساعة مؤخرًا، لترتفع حصيلة الوفيات إلى 47 ألفًا و134، فيما بلغ إجمالي الإصابات 5 ملايين و228 ألفا و322، كما ارتفع إجمالي المتعافين إلى 5 ملايين و83 ألفًا و99، إثر شفاء 12 ألفًا و284 مصابًا.
قضائيًا، قبلت المحكمة الجنائية الثانية في ولاية سكاريا مذكرة الادعاء العام في الولاية، بحق الجاسوس الإماراتي المعتقل في تركيا، أحمد الأسطل، وتحديد 17 حزيران/ يونيو موعدًا لبدء محاكمته. وأعد الادعاء العام مذكرة مؤلفة من 159 صفحة أُرسلت إلى المحكمة الجنائية الثانية في الولاية، موجِّهًا إليه تهمًا عديدة وطالب بالحكم عليه بالسجن المؤبد وبأحكام سجن تصل إلى 20 عامًا.
اقتصاديًا، تراجعت الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، وهي الأسوأ أداءًا في الأسواق الناشئة هذا العام، حيث هبطت إلى 8.6 مقابل الدولار، لتخترق أدنى مستوياتها على الإطلاق المسجل عند 8.58 في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، متأثرةً بمخاوف من ارتفاع التضخم على مستوى العالم، والتوقعات على المستوى المحلي بأن البنك المركزي سيخفض أسعار الفائدة قريبًا. بدورهم، يعكف خبراء من البنك المركزي وهيئة البحوث العلمية والتكنولوجية التركية "توبيتاك" على إطلاق عملة رقمية رسمية، تستند في قيمتها إلى عملة البلاد، وذلك في خطوة لتطوير الاقتصاد الرقمي التركي.
عسكريًا، كشفت وزارة الدفاع عن حصيلة عمليتي "مخلب الصاعقة" و"مخلب البرق" شمال العراق، مبينةً أن قواتها تمكنت من تحييد 142 عنصرًا من تنظيم "حزب العمال الكردستاني" (بي كي كي)، وتدمير 57 مغارة و110 مخبئًا. وأشارت الوزارة إلى أن القوات المسلحة نفذت منذ مطلع العام الحالي، 181 عملية ضد الإرهابيين، وتمكنت من تحييد ألف و162 عنصرًا خلالها، وأنها استهدفت 7 آلاف و584 نقطة تعود للتنظيم.