استنتاجات الموجز:
جهود مصر لتثبيت "التهدئة" تواجه تحديات كبيرة لعدة أسباب أبرزها أزمة تشكيل الحكومة لدى الاحتلال
السلطات المصرية تحاول تعزيز حضورها بشكل واسع داخل قطاع غزة وهو ما كشفت عنه زيارة "عباس كامل" الأخيرة
عززت القاهرة مساعيها الرامية لإطلاق مفاوضات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، وسرّعت الحشد الدولي الداعم للمسار نفسه عبر مشاورات مع وزراء خارجية الأردن وكندا وماليزيا، والتي تطرقت لمناقشة "وجود أفق سياسي يسمح باستئناف المسار التفاوضي على أساس حل الدولتين". كما تسعى مصر في الوقت ذاته عبر مسارات أمنية وسياسية إلى "تثبيت الهدنة“، حيث أوفدت مسؤولين بارزين على رأسهم رئيس المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، إلى كل من رام الله وغزة وتل أبيب. وتضمنت المباحثات "عملية إعادة إعمار غزة"، وبحث إمكانية "تنفيذ صفقة تبادل للأسرى"، فضلًا عن المضي بمسار "المصالحة الوطنية الفلسطينية".
وفي ظلّ عدم التوصّل، إلى الآن، لاتفاق تهدئة بين المقاومة والاحتلال، أَبلغ الوسيط القطري حركة ”حماس“ بمنع "إسرائيل" إدخال المنحة القطرية إلى القطاع، تزامنًا مع الاستمرار في إغلاق معابر القطاع جزئيًا منذ بداية العدوان الأخير، ما دفع المقاومة لإرسال رسالة شديدة اللجهة عبر المصريين بنيّتها العودة إلى التصعيد على الحدود.
وقبل أيام استقبل وزير الخارجية المصري، سامح شكري، نظيره "الإسرائيلي"، غابي أشكنازي، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ سنوات، ودعا إلى ”إطلاق مفاوضات جادة وبناءة (بين الفلسطينيين والإسرائيليين) بشكل عاجل، مع الامتناع عن أي إجراءات تعرقل الجهود المبذولة في هذا الصدد. كما أفادت أنباء بأن "عباس كامل" شدد خلال زيارته إلى غزة على المصالحة والإعمار، فيما قالت مصادر مطلعة في غزة، إن قيادة”حماس“ أكدت له استعدادها لدفع اتفاق لصفقة تبادل مع ”إسرائيل“ للأمام وإنجازها أيضًا في وقت سريع، إذا كانت الأخيرة جاهزة فعلًا، لكن بشرط ألا يكون ذلك مرتبطًا بأي ملف آخر بما في ذلك ملف الإعمار.
يذكر أن "كامل" اجتمع مع رئيس الحركة في غزة، يحيى السنوار، وقياداتها، ثم عقد اجتماعًا موسعًا ضم ممثلي الفصائل الفلسطينية، وعرض حلولًا للأزمة في القطاع. وتبع ذلك وصول فريق هندسي مصري إلى القطاع، لبحث بدء مشاريع إعادة الإعمار، فيما ذكرت مصادر فلسطينية أن الفريق، الذي يضم ستة مهندسين مصريين، دخل إلى غزة عبر معبر رفح البري لتفقد الأماكن المدمَّرة تمهيدًا لإدخال معدات ثقيلة لإزالة الركام.
كما تفقد "كامل" المواقع المقترحة للبدء في إعادة الإعمار، التي تأتي في إطار مبادرة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بتخصيص 500 مليون دولار دعمًا لإعادة الإعمار. كما دعت الحكومة المصرية الفصائل الفلسطينية للاجتماع في القاهرة، بهدف ”الاتفاق على رؤية موحدة للتحرك الوطني وخطوات إنهاء الانقسام“. وقالت مصادر رسمية إنه تمت دعوة الأمناء العموم للفصائل للاجتماع الأسبوع المقبل بالقاهرة. بالمقابل، قالت وسائل إعلام عبرية إن مصر تدرس تأجيل الزيارة المخططة لها الأسبوع المقبل في القاهرة لوفد "إسرائيلي” وآخر من "حماس" بشأن صفقة تبادل الأسرى، مشيرةً أن إلغاء اللقاء القريب، قد يعود لأسباب تتعلق بالتطورات السياسية في ”إسرائيل“ المتعلقة بإمكانية تشكيل حكومة جديدة. ولم يخف مسؤولون "إسرائيليون" قلقهم من تأجيل محادثات التهدئة برمتها في مصر، بسبب الأزمة السياسية، باعتبار أن موافقة ”إسرائيل“ على بحث إعادة الإعمار مشروطة بمناقشة قضية الجنود الأسرى.
في سياق متصل، وصل المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر، روبير مارديني، إلى غزة، لتقييم الوضع الإنساني وزيارة المتضررين، حيث دعا لتسريع وتيرة إعادة إعمار القطاع ودعم المتضررين من سكانه، بما في ذلك عمليات الإغاثة الإنسانية. منجهة أخرى، أعلنت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية في غزة، مغادرة مدير عمليات ”الأونروا“، ماتياس شمالي، ونائبه، ديفيد ديبول، بعد إعلانهما ”شخصين غير مرغوب بهما“ في القطاع. يذكر أن "شمالي" واجه انتقادات فلسطينية شديدة بعد تصريحه لقناة عبرية بأنه ”لا يشكّ في مدى دقة القصف الذي نفّذه الجيش الإسرائيلي على غزة“. واستبعدت مصادر مطلعة أن يعود "شمالي" إلى عمله في القطاع مجددًا، وتوقعت أن يتم استبداله بعد انتهاء فترة إجازته، بسبب الاحتجاجات الكبيرة والاعتراض على وجوده في غزة. هذا، فيما التقى "السنوار" في مكتبه بنائبة المفوض العام للأونروا، ليني ستينسيث، وبحث معها التداعيات السلبية التي ترتبت على تصريحات "شمالي".
في السياق، أجرى وفد من الاتحاد الأوروبي جولة تفقدية في غزة، واجتمع مع ممثلي منظمات أهلية فلسطينية ومسؤولين في وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، وتفقد مناطق سكنية دمرت بفعل هجمات الاحتلال. من جهته، قرر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة، بشأن العمليات العسكرية الأخيرة في غزة، إضافةً للانتهاكات للقوانين الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ميدانيًا، قتلت قوات الاحتلال مدنيًّا فلسطينيًّا خلال قمع تظاهرة سلمية في نابلس، فيما استشهد مواطنان أحدهما في رام الله متأثرًا بإصابته خلال مواجهات على مدخل مدينة البيرة، والآخر وسط قطاع غزة متأثرًا بإصابته خلال العدوان "الإسرائيلي" على القطاع. كما استشهد فلسطينيان آخران جراء انفجار “جسم مشبوه” من مخلفات جيش الاحتلال وسط القطاع، فيمات أصيب 16 مواطنًا بجروح، بينهم أربعة أطفال ومسنة، إثر استخدام قوات الاحتلال القوة المفرطة خلال قمع تظاهرات واقتحام مدن الضفة الغربية. وأصيب طفل بجروح ورضوض قبل اعتقاله، بعد تعرضه للدهس المتعمد من الشرطة "الإسرائيلية" خلال ملاحقته على دراجته الهوائية التي كان يرفع عليها علم فلسطين في القدس. وفي غزة أطلقت قوات الاحتلال النار مرة تجاه قوارب الصيادين شمال القطاع، وتجاه الأراضي الزراعية شرق رفح.
في هذا الإطار أيضًا، فذت قوات الاحتلال 171 عملية توغل في الضفة والقدس، أسفرت عن اعتقال 125 مواطنًا، بينهم صحفي و12 طفلًا وامرأتان إحداهما صحفية، إضافةً للقيادي في “حماس”، جمال الطويل. وقالت شرطة الاحتلال إنها اعتقلت 2142 مواطنًا خلال حملة الاعتقالات، التي نفذتها في أوساط المواطنين بالداخل الفلسطيني، بعد احتجاجات على الاعتداءات "الإسرائيلية" بالقدس والعدوان على غزة. وأضافت الشرطة أنها قدمت لوائح اتهام ضد 285 من المعتقلين، كما أعلنت مصادقتها على بناء 560 وحدة استيطانية جديدة جنوبي الضفة.
بالمقابل، أطلق أفراد من المقاومة، في ساعة متأخرة من ليل الخميس وفجر اليوم الجمعة، النار بشكل مكثفتجاه طائرات "إسرائيلية" مُسيّرة، حلّقت على علوٍ منخفض في أجواء مدينة غزة وشمال القطاع. وقال مصدر أمني إن أكثر من عشر طائرات "إسرائيلية" مُسيرّة حلّقت بشكل غير اعتيادي على علو منخفض، خاصةً في أجواء حي الشجاعية شرقي المدينة، وتم إطلاق النار نحوها في محاولة إسقاطها.