استنتاجات الموجز:
قلقٌ أمريكي وتفاؤل إيراني في نهاية الجولة الخامسة من مباحثات فيينا
ارتفاع التضخم وانتشار الفقر يؤججان غضب الشارع الإيراني
في تطور لافت على صعيد مباحثات فيينا حول الاتفاق النووي، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده: "إذا تم حل المشكلات الرئيسية المتبقية، فقد تكون الجولة الحالية في فيينا الجولة الأخيرة"، مشيرًا إلى أنه "إذا لم يتم التوصل إلى حل القضايا العالقة، فسوف تستمر المباحثات". وتابع " خطيب زاده": "يجب رفع جميع العقوبات الأمريكية، وسيتم التحقق من ذلك وفق الصيغ التي تمت مناقشتها في فيينا"، مضيفًا أنه "بعد ذلك، ستقوم إيران بإلغاء تقليص التزاماتها".
في الشأن ذاته، شددت الخارجية الإيرانية على أنه "ينبغي تطبيق الاتفاق النووي بحذافيره، دون زيادة أو نقصان"، معتبرةً أنه "لا يوجد أي طريق مسدود في مباحثات فيينا، وقد وصلت إلى بحث القضايا الأساسية، وأنه ينبغي اتخاذ القرار بشأنها، وهذا بحاجة إلى المزيد من الوقت والدقة". كما نوّه " خطيب زاده" إلى أن موقف بلاده في المباحثات مع واشنطن واضح، مؤكدًا على "ضرورة رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على بلادنا"، وعلى أن "إيران لن تسمح بمباحثات استنزافية، وليست على عجلة من أمرها."
من جهتها، تحدثت الولايات المتحدة عن تقدم معين في المباحثات، رغم أن وزير خارجيتها، أنتوني بلينكن، أشار إلى تشككه في إيفاء طهران بالمتطلبات اللازمة لرفع العقوبات عنها. ويترقب الجميع باهتمام بالغ ما ستسفر عنه الجولة السادسة المقبلة من مباحثات الملف النووي غير المباشرة بين واشنطن وطهران، المقررة الخميس المقبل، وسط حديث عن عقبات بعينها تشكل عقدة الخلاف، رغم تسجيل "تفاؤل" إيراني بالسياق العام.
في شأن متصل، أعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، عن "قلقه" حيال عدم إعطاء إيران توضيحات بشأن مواقع يشتبه بأنها قد تكون شهدت أنشطة نووية سابقة غير معلنة، فيما تواصل طهران مراكمة مخزونها من اليورانيوم المخصب. وأوضحت الوكالة أنها "تجهل أماكن وجود (هذه المواقع)"، مشيرةً إلى أنها ثلاثة مواقع، وإلى موقع رابع "لم تردّ إيران على أسئلة الوكالة" بشأنه. من جانبه، أعلن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان، مجتبى ذو النور، رفض مقترح أوروبي بالتخلي عن فائض اليورانيوم وأجهزة الطرد المركزي.
على صعيد ذي صلة، قال رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إنه سيختار "الاحتكاك" مع إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إذا اضطر لذلك، بشأن البرنامج النووي الإيراني، مضيفًا: "إذا اضطررنا إلى الاختيار، بين الاحتكاك مع صديقتنا الكبيرة، الولايات المتحدة، وبين إزالة التهديد الوجودي من إيران، فإن إزالة التهديد الوجودي تتغلب". بالمقابل، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف إن "نتنياهو " انضم إلى "مزبلة التاريخ" مع الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، ووزير خارجيته، مايك بومبيو.
في سياق خارجي آخر، أشار " خطيب زاده" إلى إن المحادثات بين طهران والرياض "مستمرة" وتتم في أجواء مناسبة، مضيفًا: "نأمل أن تنتهي المحادثات بين إيران والسعودية بنجاح"، لافتًا إلى أن البلدين توصلا إلى اتفاق "أولي" بشأن موسم الحج المقبل. وتابع "خطيب زاده": "المحادثات استمرت في جو جيد، ونأمل أن تتوصل هذه المحادثات إلى تفاهم مشترك بين إيران والسعودية". يذكر أن استئناف المحادثات بين الرياض وطهران جاء في نيسان/ أبريل الماضي بوساطة عراقية، ورحبت إيران بما أسمته "تغيير لهجة" السعودية بعد تصريحات لولي العهد، محمد بن سلمان، اعتبرتها طهران "تصالحية".
اقتصاديًا، يعيش أكثر من 80% من الإيرانيين تحت خط الفقر، ويعانون أوضاعًا معيشية صعبة جراء الفساد الذي ينخر مفاصل النظام. ووفقًا لمركز الإحصاء الإيراني، وصل معدل التضخم إلى أكثر من 48%، وهو أعلى بحوالي 11 مرة من معدلات التضخم في كل من العراق وأفغانستان، بينما لم تتجاوز الزيادة في الرواتب للعام المقبل 26%. بدوره، أكد رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، أن تكلفة الإيجارات وصلت إلى مستويات قصوى، ودفعت 35% من سكان المدن الإيرانية للانتقال إلى الضواحي، بسبب عدم قدرتهم على دفع الإيجار.
وفي تداعيات أمنية للوضع الاقتصادي المتردي، قتلت سيدة إيرانية قبل أيام طفليها الذي يبلغ أحدهما ثمان سنوات والآخر شهرين ثم انتحرت، فيما أضرم شاب النار في جسده في مكان عام. كما يعتبر 8% من الإيرانيين الذين تزيد أعمارهم عن 15 عامًا (حوالي 4.4 مليون شخص) مدمني مخدرات. بدوره، واجه النظام محاولات الشعب المشروعة لـ"تغيير النظام"، بتصعيد الممارسات القمعية لإجبار الإيرانيين على قبول الوضع الراهن. وفي ظل هذه الأوضاع، أصبحت فئة كبيرة من الشعب الإيراني تشعر بالإحباط، ما أدى لارتفاع نسب الانتحار.
أمنيًا، أعلن مدير العلاقات العامة بمصفاة طهران، شاكر خفائي، عن السيطرة على النيران التي اندلعت في مستودع السولار في المصفاة، فيما أشار رئيس مركز الطوارئ في طهران إلى أن الحادث أسفر عن إصابات طفيفة عولجت ميدانيًا. يذكر أن شركة تكرير النفط بطهران تبلغ طاقتها 250 ألف برميل يوميًا، ما يعادل 17% إلى 20% من طاقة البلاد الإنتاجية، ويعود تأسيسها إلى عام 1968، وتضم مصفيين: جنوبيًا وشماليًا. وقبل ساعات من حريق المصفاة، أعلنت البحرية الإيرانية أن سفينة الإمداد "خرج" غرقت في خليج عمان، بعد ساعات من مكافحة حريق اندلع على متنها، وتم إجلاء طاقم السفينة قبل غرقها قبالة ميناء جاسك في جنوب إيران.
أمنيًا أيضًا، قُتل اثنان من الحرس الثوري الإيراني في كمين نصبه عناصر من "تنظيم الدولة" في سوريا، بحسب وسائل إعلام إيرانية. يشار إلى أن الحرس الثوري ومستشارين وعناصر إيرانيين يساعدون النظام السوري في سوريا، وينتشرون في أماكن عدة في البلاد، بينما لا تنشر إيران حصيلة رسمية لأعداد قتلى عناصرها في سوريا منذ بداية تدخلها لصالح الأسد هناك.
على صعيد السباق الرئاسي، أدت تصريحات للمرشد الإيراني، علي خامنئي، التي أقر فيها بوجود ظلم بما يخص قبول ورفض بعض المرشحين إلى تراجع مجلس صيانة الدستور، حيث قال المتحدث باسم المجلس، عباس علي كدخدائي: "إننا سنعلن الرأي النهائي بخصوص أهلية المرشحين قريبًا"، مشيرًا إلى أن المجلس "ليس مصونًا عن الخطأ". وفي السياق، بدأت مناظرات بين مرشحي الرئاسة بعد تحديد مواقعهم وتعريفهم بقوانين المناظرة، والوقت الممنوح لكل مرشح وسائر خططهم للرئاسة.
على الصعيد ذاته، قال الرئيس الإيراني السابق، أحمدي نجاد، إنه سينشر معلومات عن "عصابة فاسدة" تسللت إلى المؤسسات الأمنية في بلاده. ولم يخض "نجاد" في التفاصيل؛ حيث اكتفى بالقول إن هذه المعلومات تأتي في إطار تصريحاته السابقة. وسبق أن حذر من انهيار وتفكك البلاد، مشددًا على أن الأوضاع في إيران سيئة، وأنه لا يريد أن يكون شريكًا في هذا الانهيار.