استنتاجات الموجز:
اعتماد مجلس النواب بند المرتبات من الميزانية ورفض باقي البنود دليل على الابتزاز والضغوط التي تمارس على الحكومة
القاعدة الدستوري تثير لغطًا واسعًا خصوصًا مع إهمال البعثة الأممية مشروع الدستور وعدم تضمين برلمان طبرق مخرجات ملتقى الحوار السياسي قانونيًا
مجموعة الأزمات الدولية ترجح عدم اندلاع حرب في ليبيا رغم تصعيد "حفتر" ورصد تحركات لمفارز عسكرية تابعة له
قال المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، عبدالله بليحق، إن عدم توصل المجلس لاعتماد الميزانية لليوم الثاني على التوالي، سببه تواصل المناقشات حول العديد من النقاط خاصةً البند الثالث المتعلق بالتنمية، حيث طالب عدد من النواب بتوضيح المناطق والأرقام الخاصة بكل منها، وبجداول مرفقة لتلك المشاريع التنموية. وأضاف "بليحق" أن هناك تباينًا في وجهات النظر بين النواب حول العديد من النقاط، بينها المطالبة بتخفيض الباب التسييري، والتحفظ على بند الطوارئ الذي اعتبر غير ضروري في الميزانية، إذ يمكن لمجلس النواب إصدار قانون في وقته لمجابهة أي طارئ يحدث، إضافةً لوجود مطالبات بتخصيص ميزانية لما سماها "القوات المسلحة" التي يقودها "حفتر".
في السياق نفسه، قال عضو مجلس النواب، صالح افحيمة، إن سبب عدم اعتماد المجلس لمقترح الميزانية العامة كاملة والاكتفاء بالباب الأول، يرجع لمخالفة الحكومة للملاحظات التي قدمها المجلس، موضحًا أن المجلس اتفق على تشكيل لجنة للنظر في الملاحظات التي قدمها النواب، بشأن الميزانية اختصارًا للوقت وعدم إرجاعها للحكومة، وأشار إلى أن "إقرار قانون الميزانية سيجري عقب تعديل جميع الملاحظات المقدمة". يذكر أن "بليحق" قال في وقت سابق إن المجلس أقر بضرورة حضور وزير المالية بالحكومة في جلسة الثلاثاء، للرد على ملاحظات النواب بعدما قرر اعتماد الباب الأول من مشروع قانون الميزانية العامة للدولة 2021 الخاص بالمرتبات.
وحول الميزانية والقاعدة الدستورية، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إنه ينبغي لمجلس النواب مواصلة مسؤولياته والموافقة على الميزانية واعتماد الأساس الدستوري لانتخابات كانون الأول/ ديسمبر. ودعا "غوتيريش" في تقرير له حكومة الوحدة إلى تقديم الدعم المناسب إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، لإنجاز الانتخابات، مضيفًا أنه حان الوقت لاتحاد اللجنتين اللتين تديران الانتخابات البلدية، في الغرب والشرب وإكمال إجرائها في سائر المدن. وحث "غوتيريش" الحكومة على الوفاء بالتزامها الهام المتعلق بضمان تعيين 30% على الأقل في المناصب التنفيذية العليا. كما طالب الأمين الأممي الدول الأعضاء بمجلس الأمن بتيسير انسحاب المقاتلين الأجانب في ليبيا، ووضع حد لانتهاكات حظر توريد الأسلحة.
في السياق أيضًا، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا انعقاد ملتقى الحوار السياسي الليبي، عبر الاتصال المرئي، الأربعاء والخميس، لبحث القاعدة الدستورية للانتخابات. وقالت البعثة إن الملتقى سيحضره رئيسها، يان كوبيش، وسكون على رأس جدول أعماله مناقشة مقترح القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، الذي أعدته اللجنة القانونية المنبثقة عن الملتقى. وسيبث اللقاء على الهواء مباشرة عبر تلفزيون الأمم المتحدة الرقمي وعلى صفحة البعثة على "فيسبوك"، في إطار "تعزيز مبدأ الشفافية الذي التزمت به البعثة، والذي تم اعتماده منذ انطلاق أعمال الملتقى".
وتعليقًا على ذلك، رفضت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور ما قررته اللجنة القانونية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، بخصوص تكوين لجنة مشتركة مع الهيئة للنظر في الاعتراضات على مشروع الدستور. وقالت الهيئة في بيان لها، إن أعضاء اللجنة المكلفين بالنظر في الاعتراضات والمنبثقين عن ملتقى الحوار السياسي، مجرد مجموعة من المواطنين جمعتهم البعثة الأممية ولا شرعية دستورية ولا قانونية لهم، ولا يحق لهم المساس بحق الليبيين في الاستفتاء على مشروع الدستور الصادر من الهيئة المنتخبة بالاقتراع العام الحر المباشر. وأكدت الهيئة في بيانها، أن "حق قبول مشروع الدستور أو رفضه لا يكون إلا من الشعب، دون أن يكون لمثل هذه اللجنة حق التعقيب على عمل الهيئة الذي تم وفق الإعلان الدستوري."
وكرد فعل واضح، أقر المجلس الأعلى للدولة في جلسته، الإثنين، قانون الاستفتاء على الدستور المعد من قبل مجلس النواب والمحال لمفوضية الانتخابات. وطالب مجلس الدولة المفوضية العليا للانتخابات بمباشرة عملية الاستفتاء على الدستور وفقًا للقانون. يأتي ذلك وسط رفض الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور وعدد من الشخصيات الليبية، لمخرجات اللجنة القانونية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، بخصوص تكوين لجنة مشتركة مع الهيئة للنظر في الاعتراضات على مشروع الدستور.
من جهته، علّق عضو هيئة صياغة الدستور، سالم كشلاف، بأن إقرار قانون الاستفتاء من قبل الأعلى للدولة خطوة غير موفقة من المجلس؛ واصفًا الشروط التي وضعت في القانون بالتعجيزية. وأضاف "كشلاف" أن "قانون الاستفتاء كان قد وضعه أعضاء متشددون من مجلس النواب هدفهم عدم إقرار الدستور." وأشار عضو هيئة الدستور إلى أن نوايا المجلس الأعلى للدولة قد تكون قطع الطريق على ملتقى الحوار السياسي، موضحًا أن إقرار القانون بهذه الشروط هو حكم بـ”لا” لمشروع الدستور، خصوصًا أنه مطعون فيه أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا.
من جهة أخرى، قالت مجموعة الأزمات الدولية إن احتمال العودة إلى الحرب في ليبيا غير مرجحة، إلا أن ثمة تحديات هائلة تواجه إعادة توحيد البلاد والتحضير للانتخابات المزمع إجراؤها في كانون الأول/ ديسمبر القادم. وأكدت المجموعة في تقرير لها بعنوان “ليبيا تقلب الصفحة”، أن هناك تحديّين بارزين: هما غياب إطار قانوني وخطة للانتخابات وغياب الوضوح حيال القيادة الكلية للقوات المسلحة، مشددةً على ضرورة أن تكون معالجة هاتين المشكلتين أولوية لرئيس حكومة الوطنية والمجلس الرئاسي والبرلمان.
في الشأن ذاته، قالت المجموعة إنه يمكن لإجراء استفتاء على مسودة دستور أولًا أن يساعد في تسوية النزاعات، المستمرة منذ عدة سنوات بشأن الإطار الدستوري للحوكمة؛ وأضافت أنه إذا تمت الموافقة عليه، فإنه سيوفر تفويضًا بإجراء انتخابات تليه، بما في ذلك انتخابات رئاسية مباشرة. وأوضحت المجموعة أن "اختيار المضي مباشرة إلى صندوق الاقتراع سيوفر وقتًا، لكن الليبيين ما زالوا منقسمين على إذا كانوا يفضلون نظامًا برلمانيًا أو رئاسيًا في الحكم، رغم أن مسودة الدستور تنص على الخيار الثاني، وسيكون لكلا النظامين مزايا ومساوئ."