استنتاجات الموجز:
فوز "بشار الأسد" بولاية رئاسية جديدة يعكس انتهاكه لقرارات الأمم المتحدة وأعمال "اللجنة الدتسورية" وسط عدم اعتراف إقليمي ودولي ورفض المعارضة لهذه الانتخابات
النظام يرفع راية التحدي للمجتمع الدولي بعد تراجع آماله باسترجاع شرعيته التي تصطدم برفض إقليمي ودولي
كما كان متوقعًا، فاز رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بولاية رئاسية جديدة لسبع سنوات بعد حصوله على 13 مليونًا و540 ألفًا و860 صوتًا بنسبة 95.1% من الأصوات، حسبما زعم رئيس مجلس الشعب، حمودة صباغ، وذلك عقب الانتهاء من فرز الأصوات وانتهاء العملية الانتخابية التي كانت محسومةً لصالح "الأسد" قبل أن تبدأ، من خلال تهديد الموظفين وطلاب الجامعات والسكان المحليين في مناطق سيطرته، وإجبارهم على انتخابه عن طريق قبضته الأمنية وسلطته العسكرية، إضافةً للتلاعب والتزوير في عمليات التصويت.
وواجه "الأسد" قد واجه في الانتخابات "مرشحين اثنين" هما: "عبد الله عبد الله"، الذي شغل منصب نائب وزير في السابق، حيث حصل على 213968 صوتًا، أي ما يعادل 1.5% من أصوات المقترعين، و"محمود مرعي"، الذي يرأس حزبًا معارضًا يحظى بموافقة رسمية من النظام، وحصل على أصوات 470276 ناخبًا، ما يعادل 3.3% من أصوات الناخبين.
وبدت سوريا في يوم الانتخابات أمام مشهدين متناقضين، حيث شهدت المناطق التي يُسيطر عليها النظام بالقبضة الأمنية مشاركة في الانتخابات الرئاسية، بعد أن لجأت الأجهزة الأمنية وحزب "البعث" لجميع أدوات الترهيب لإجبار الأهالي على التوجه إلى مكاتب الانتخابات. بالمقابل، شهدت المناطق الخارجة كليًا أو جزئيًا عن سيطرة النظام تظاهرات رافضة للانتخابات، افتتحتها درعا البلد جنوب البلاد، بتجمّع العشرات في ساحة المسجد العمري، رافعين شعار "لا مستقبل للسوريين مع القاتل". كما تجدّدت التظاهرات في عموم شمال غرب سوريا وشرقها، وتجمع المئات من المدنيين وسط مدينة إدلب، حاملين لافتات ومرددين شعارات مناهضة للانتخابات والنظام ورئيسه "الأسد"، مشيرين إلى أن الانتخابات ليست سوى "مسرحية هزلية ضعيفة النص والإخراج".
وفي تحد واستفزاز واضحين للشارع المعارض له، أدلى "الأسد" بصوته في مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية، وادّعى عقب إدلائه بصوته برفقة زوجته، أسماء، بأن نظامه لا يولي أي اهتمام لتصريحات الغرب عن الانتخابات الحالية. ويأتي اختيار مدينة دوما من قبل "الأسد" للمشاركة في محاولة منه للظهور بمظهر "المنتصر". وأثارت عملية التصويت الشكلية بهذه المدينة حفيظة السوريين المعارضين، إذ رأى فيها كثيرون رسائل مختلفة باعتبار أن دوما إحدى أكبر المدن السورية التي واجهت النظام، وذاقت الحصار والقصف بمختلف أنواع الأسلحة، خاصةً السلاح الكيماوي.
ومع تمكّن النظام من تمرير الانتخابات الرئاسية، أظهر تحديًا للمجتمع الدولي الرافض إجمالًا لهذه الانتخابات، معتبرًا أنّ "حلم بعض الدول" في تغييره بعيد المنال، فيما أكدت الولايات المتحدة، في بيانٍ مشترك مع فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، أن الانتخابات الرئاسية السورية "لن تكون حرة ولا نزيهة"، مستنكرةً قرار نظام "الأسد" إجراء انتخابات "خارج الإطار الموصوف في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254".
واستبق المجتمع الدولي تلك الانتخابات بالتأكيد أن نتائجها لن تُكسب "الأسد" الشرعية، ولن تسمح بعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، لأنها جاءت خارج سياق القرار الدولي 2254، ما يعني أن العقوبات المفروضة على النظام والضغط السياسي لن يُرفع قبل أن يلتزم بعملية سياسية ذات جدوى. من جهته، قال المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، إن الانتخابات "ليست جزءًا من العملية السياسية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2254، وإن الأمم المتحدة غير منخرطة فيها، وليس لديها تفويض للقيام بذلك". وأضاف المبعوث أن الأمم المتحدة تواصل التأكيد على أهمية التوصل لحل سياسي في سورية لتنفيذ القرار 2254، الذي يظل "هو السبيل الوحيد المستدام لإنهاء الصراع ومعاناة الشعب السوري".
ورغم الرفض الدولي والإقليمي لنتائج هذه الانتخابات، يحاول النظام طلب ود السعودية، في محاولة لإعادة تأهيله عربيًا في خطوة واسعة لتعويمه مرة أخرى إقليميًا ودوليًا. وفي هذا الصدد، قالت المستشارة السياسية "للأسد"، بثينة شعبان، إن "هناك جهودًا تبذل لعلاقات أفضل بين دمشق والرياض، وقد نشهد في الأيام المقبلة نتائج بهذا الموضوع"، مضيفةً أن "زيارة وزير السياحة للرياض خطوة إيجابية، ولم تكن ممكنة قبل سنوات". يذكر أن وزير السياحة في حكومة النظام، محمد مارتيني، شارك في الاجتماع الـ47 للجنة منظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط، الذي عقد في الرياض.
في غضون ذلك، أقالت حكومة النظام وأوقفت 21 مسؤولًا من رؤساء مديرية الجمارك العامة، بينهم أمناء جمارك ورؤساء أقسام ومراقبون في المعابر الحدودية مع لبنان وتركيا والأردن، إضافةً لاعتقال عددًا من مسؤولي البلديات والقرى، وأحالتهم إلى التحقيق، مع تصفية حقوقهم التقاعدية وفق القوانين والأنظمة النافذة، واسترداد كل ما تقاضوه زيادة عن مستحقاتهم، وذلك على خلفية معلومات تشير إلى تورطهم في قضايا فساد وسوء استغلال للمنصب الوظيفي لغايات وأهداف شخصية، بما يضر بالمصلحة العامة. ويأتي هذا القرار بعد قرار أصدره رئيس حكومة النظام، حسين عرنوس، أعفى بموجبه "فواز أسعد" من إدارة مديرية الجمارك العامة، لـ"دوره السلبي وفشله في محاربة الفساد في هذا القطاع الحيوي"، كما أنه لم يستطع ضبط التهريب، ولم تنجح إجراءاته في تجفيف منابع التهريب.
بموازاة ذلك، وفي سياق ترسيخ نفوذ إيران في الشمال السوري وخاصةً في حلب، افتتحت إيران قنصلية لها في مدينة حلب، وضعتها في سياق رغبة في الحضور الفاعل خلال عملية إعادة إعمار سوريا، بحضور وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، ونظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، وبمشاركة السفير الإيراني في دمشق، مهدي سبحاني. واعتبر "المقداد" أن افتتاح القنصلية "يعكس رغبة البلدين في تعميق العلاقات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ويعطي دفعة جديدة للعلاقات الثنائية"، بينما اعتبر "ظريف" أنّ هذه الخطوة "تمثل الرغبة في الحضور الفاعل في سوريا خلال مرحلة إعادة الإعمار".
في خضم ذلك، فرض النظام تهجير عشرات العائلات من "بلدة أم باطنة" بريف القنيطرة، إلى الشمال السوري، بعدما توصلت الأطراف المتفاوضة لاتفاق مبدئي يقضي بتهجير 30 مطلوبًا لدى النظام مع عائلاتهم من البلدة نحو الشمال السوري، وسط تهديدات من قوات النظام باجتياح البلدة عسكريًا في حال عدم الموافقة على التهجير. وقضى الاتفاق بإطلاق قوات النظام سراح شابين من أبناء "أم باطنة"، استجابةً لطلب المهجرين. ووصلت قافلة مهجري "أم باطنة" إلى مخيمات "دير حسان" بريف إدلب الشمالي، بعدما منعتهم فصائل "الجيش الوطني السوري" في الشمال السوري من دخول مناطق المعارضة السورية، بدعوى عدم وجود تنسيق بين تركيا وروسيا التي رعت هذا التهجير.