استنتاجات الموجز:
تعقيد ملف محاكمة "قضية الفتنة" يزداد بعد تدخل السعودية والضغط للإفراج عن "عوض الله" والعلاقة مع الرياض تتجه للتأزم ما لم يتراجع الملك عن المسار القضائي
سياسة الاعتقالات والتوقيفات تضرب صورة المشهد مجددًا وسط ترويج لمسارات ونقاشات لجنة الإصلاح الملكية التي تغيب تمامًا عن اهتمامات الأردنيين
تستمر جلسات محاكمة المتهمين بما عرف بملف "قضية الفتنة"، فيما يخطط المحامي الأردني الخبير بقضايا أمن الدولة، محمد العفيف، للوصول إلى نقطة ما تزال غامضة تمثيلًا للدفاع عن موكله، باسم عوض الله. عمليًا، يشكل "العفيف" النافذة الخارجية الوحيدة بالنسبة للرأي العام والإعلام، التي يمكن الإطلال عبرها على ما يحصل داخل محكمة سرية في القضية التي شغلت الأردنيين شعبًا وحكومة، ووضعت الأردن مجددًا على خارطة الإعلام الدولي.
وفي آخر ظهور للعفيف، الأربعاء الماضي، بدا لافتًا أنه أعلن نيته طلب استدعاء عدة أمراء في العائلة المالكة لمنصة الشهادة، بينهم ولي العهد السابق، الأمير حمزة بن الحسين. ويتفق إفصاح المحامي مع إفصاح مماثل قبل عدة أيام لمحامي المتهم الثاني في القضية، الشريف حسن بن زيد، فيما يبدو أنه على الأرجح أنها مناورة قانونية في الاشتباك لها أهدافها تحت عنوان التمثيل المهني لمصالح المتهم.
ويعلم "العفيف" مسبقًا أن المحكمة هي التي تقرر طلب أي شاهد، وأن الشاهد لا يحضر إلى منصة الشهادة إلا إذا قررت المحكمة ذلكن لأن الأمر من صلاحياتها، وهو ما تم رفضه في اليوم التالي حيث رفضت المحكمة حضور ثلاثة أمراء ورئيس الحكومة ووزير الخارجية للإدلاء بشهاداتهم في القضية، مبررةً ذلك "بعدم الإنتاجية".
بالمقابل، قالت صحيفة "إندبندنت" في تقرير لها بعنوان "دراما ملكية حقيقية: معركة الأردن من أجل العرش"، إن "وراء محاكمة بدأت بالأردن بتهم الفتنة ضد حاكم المملكة الهاشمية، شبكة من التنافس داخل العائلة الحاكمة ومؤامرات قصر وأسرار وأكاذيب، اشترك فيها حكام دوليون أقوياء وسياسيون وأجهزة استخبارات". وأضافت الصحيفة أن الاتهامات المتبادلة بشأن محاولة الانقلاب المزعومة ضد الملك جلبت إليها طاقم ممثلين، ضم "محمد بن سلمان" و"جاريد كوشنر" و"بنيامين نتنياهو". ووصفت المحاكمة بأنها "محاكمة العصر في الأردن"، و"لعبة العروش الحقيقية" وستترك أثرها على المنطقة وأبعد منها.
في ملف لجنة الإصلاح الملكية التي ينظر إليها الأردنيون ااهتمام قليل، قال رئيس اللجنة ، سمير الرفاعي (رئيس وزراء سابق)، إن "اللجنة ستضع مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية يضمنان الانتقال إلى الأردن الحديث". بالمقابل، أطاحت وثيقة وقّعها أكثر من تسعة آلاف متقاعد عسكري، بعضوية الكاتب الأردني المعروف، عريب الرنتاوي، من لجنة الحوار والإصلاح الملكية. وقدم "الرنتاوي" استقالته إلى "الرفاعي" بعد حملة شرسة استهدفته إثر نشره مقالًا له علاقة بمعركة الكرامة، حيث اتُّهم بنشر مقال ينكر فيه دور الجيش العربي الأردني في معركة الكرامة، وهو ردّ الكاتب عليه في نص استقالته المرسلة إلى "الرفاعي" بأن الحملة التي أثارها مقاله "خرجت عن أصولها وبدأت تهدد المشترك في الاستقرار الاجتماعي".
محليًا وضمن سياق بدء عودة التصعيد في ملف المعلمين، جدّد معلمو الأردن نشاطهم ودبت دماء تحدي القرارات الحكومية التي يصفونها بالجائرة بحقهم من جديد، في مشهد أعاد للأذهان حالة التحدي التي غلفت علاقة الحكومة السابقة معهم. وفي صباح الأربعاء الماضي بدأ المعلمون المسير على الأقدام للمشاركة في الفعالية الرمزية التي حملت عنوان "تحية النقابة"، نحو مقر النقابة الرئيسي في عمّان، تضامنًا مع نقابتهم واحتجاجًا على قرارات الإحالة والاستيداع والتقاعد.
في سياق محلي آخر، ثار جدل داخلي إثر زيارة مفاجئة للملك إلى مقامات الصحابة في منطقة المزار بمحافظة الكرك، حيث ذهبت أغلب التقديرات إلى أن الملك ولسبب سياسي وجيه، يريد لفت النظر إلى رسالة ما، تتسلل بين تطورات الأحداث. تلك الرسالة يفهم دلالاتها من يعلم يقينًا أن واحدة من أكثر الأزمات صمتًا بين عمّان وبغداد، هي تلك المتعلقة بموقف الأردن الأمني والاجتماعي والسياسي الرافض لبرامج السياحة الدينية الشيعية حصريًا.
في التفاصيل، قرأ العاهل الأردني الفاتحة في تلك المقامات، بينما كانت وزارة السياحة ومعها الإدارة المختصة في الأوقاف في عملية صيانة سريعة لتلك المواقع المقدسة عند الشيعة العرب. ولم تأت زيارة الملك للمقامات صدفة، لكنها استبقت في التوقيت السياسي وقفته المثيرة في بغداد، ولعل الفرضية السياسية والإعلامية هنا تشير بوضوح إلى أن عمّان تقول ضمنيًا إنها في طريقها لإزالة تحفظ قديم بكل معايير الهواجس الأمنية، على أفكار سبق أن طرحت عشرات المرات، أبرزها فتح مقامات الصحابة جنوبي الأردن أمام الزوار الشيعة.
عربيًا، التقى رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مع العاهل الأردني، الأربعاء، في عمّان بحضور وفد غلب عليه الطابع الأمني الصرف. وتلا اللقاء اجتماعات على مستوى رفيعبين مسؤولين أمنيين من الطرفين، في مقدمتهما لقاء رئيس جهاز المخابرات العامة الأردني، اللواء أحمد حسني، ونظيره الفلسطيني، اللواء ماجد فرج.
من جهة أخرى، وفي قمة ثلاثية هي الرابعة خلال عامين بين قادة مصر والأردن والعراق، جمعت بغداد الأحد، رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، وملك الأردن، الملك عبد الله الثاني، والرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، وسط حديث عن تحالف اقتصادي في توقيت هام تواجهه المنطقة العربية. وتأتي القمة ضمن الجولة الرابعة للتعاون بين الدول الثلاث، والتي انطلقت بالقاهرة في آذار/ مارس 2019، بمسمى "الشام الجديد" الذي يشمل مشروعات اقتصادية واستثمارية كبيرة.
"إسرائيليًا"، قالت مستشرقة إن "مسارعة رئيس الوزراء إلى الاتصال بمعظم شركائنا في العالم العربي، مع بقاء الأردن مرة أخرى، متخلفًا عن الركب، يحمل مخاوف من عدم الاستقرار في المنطقة، خاصةً وقد أعلن الأردن قبل أيام رسميًا إلغاء مشروع قناة البحر لربط البحرين الأحمر والميت، من خلال بناء محطة لتحلية المياه لاستخدام الأردنيين، وسكان النقب والعرابا".
في السياق "الإسرائيلي" أيضًا، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن السلطات الأردنية أعادت مؤخرًا أحد "الإسرائيليين"، بعد تسلله عبر الحدود وتجاوزه السياج الفاصل. وذكرت الصحيفة أن "الإسرائيلي" تجاوز السياج الحدودي عند منطقة غور الأردن، ووصل سباحة إلى الضفة الشرقية للنهر، منوهة إلى أنه جرى اعتقاله وتسليمه إلى "الإسرائليين".
في سياق قضائي، أيدت محكمة “التمييز” الأردنية قرارات محكمة أمن الدولة في الحادثة المعروفة بقضية “فتى الزرقاء”، بينها ستة أحكام بالإعدام؛ حيث صدر حكم الإعدام بحق ستة متهمين، أحدهم فار من وجه العدالة. كما قضت المحكمة في حينه بحبس اثنين من المتهمين 10 و15 عامًا، وعامًا واحدًا على اثنين آخرين، فيما برّأت سبعة متهمين.
اقتصاديًا، أعلن صندوق النقد الدولي إتاحة تمويل فوري للأردن بمقدار 206 مليون دولار، ضمن برنامج إقراض ممتد بقيمة 1.3 مليار دولار، مضيفًا أنه بالتمويل الجديد يصل إجمالي مدفوعات صندوق النقد الدولي للأردن إلى 641.51 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 900 مليون دولار)، منذ بداية 2020.