استنتاجات الموجز:
السلطة تحاول الالتفاف على الغضب الشعبي والدولي ضدها من خلال طرح اسم "سلام فياض" لمنصب رئاسة الوزراء
رغم تضارب المعلومات حول مفاوضات "تبادل الأسرى" في القاهرة إلا أن الجولة الأخيرة تحمل زخمًا أكبر من سابقاتها
تعيش قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله حالة من الانسداد والارتباك السياسي، ظهرت مفاعيلها في تراجع حضور حركة "فتح" الجماهيري ونقمة الشارع الكبيرة على رئيس السلطة، محمود عباس، الذي أظهرت استطلاعات الرأي تدني حاد في شعبيته. في الوقت ذاته، تعّول السلطة على إحداث تغيير في الموقف الأمريكي، حيث توجه "عباس" إلى الأردن لإيصال رسائل للإدارة الأمريكية، من خلال العاهل الأردني الذي سيزور الولايات المتحدة الأمريكية، حيث سيكون على الأرجح أول زعيم عربي يلتقيه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في منتصف تموز/ يوليو الجاري.
في السياق، أجرى ملك الأردن خلال الأيام الأخيرة مشاورات مكثفة مع عدد من الزعماء العرب، في إطار التمهيد لزيارته المقبلة بخصوص دعم المسار السياسي والتفاوضي في القضية الفلسطينية، وفقًا للمستجدات الأخيرة، والتنسيق لإعادة إعمار قطاع غزة.
على الجانب الآخر، يقوم رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، سلام فياض، منذ أيام بحراك داخل المشهد السياسي الفلسطيني، فيما تؤكد مصادر مطلعة أنه التقى بشكل غير علني مع "عباس" ومسؤولين في دائرة قراره الضيقة، فضلًا عن زيارته قطاع غزة في الأيام الماضية، لتثار التساؤلات عن إمكانية عودته مجددًا بعد نحو تسع سنوات على استقالته من الحكومة الفلسطينية.
وحسب ما يشاع، فإن كتاب التكليف لـ"فياض" يتم تجهيزه من قبل رئاسة السلطة، والتي قامت بالفعل بالتشاور معه، وتقوم حاليًا بالتشاور مع بعض دول الإقليم حول الأمر. ويبدو أن مهمة "فياض" التي لم يتم الكشف عن نجاحها أو عدمه في قطاع غزة، هدفت وفق المصادر، إلى جسّ نبض حركة "حماس" إن كانت ستوافق على المشاركة في حكومة فصائلية أم لا، سواءً حكومة وحدة وطنية تشارك فيها الحركة بشكل مباشر، أو توافق وطني بأن تعطي موافقتها عليها دون مشاركة مباشرة.
كما تواجه قيادة السلطة أزمة سياسية تتعمق كل يوم بعد فشل الحوار بين "فتح" و"حماس" حول الإعمار، ووصول النظام السياسي إلى طريق مسدود، وما عمّق هذه الأزمة هو اغتيال المعارض السياسي ومرشح قائمة "الحرية والكرامة"، نزار بنات، أثناء اعتقاله.
في السياق أيضًا، يدور الحديث في أروقة حكومة "اشتية" عن وجود أزمة مالية، قد تدفع الحكومة الى عدم قدرتها على صرف رواتب الموظفين العموميين كاملة عن شهر حزيران/ يونيو الماضي. وتحاول الحكومة توفير السيولة النقدية من مصادر مختلفة. وقالت مصادر إن الحكومة تقدمت بطلب قرض لعدة بنوك لكنها رُفضت بسبب وصولها إلى السقف الأعلى من الإقراض للحكومة، بينما وافق أحد البنوك على منح الحكومة قرضًا لمساعدتها على الإيفاء بالتزامها بصرف رواتب حزيران / يونيو. ولفتت المصادر إلى أن سبب ذلك العجز يعود لانخفاض الدعم الخارجي للسلطة، موضحةً أنه لم يرد إلى خزينة السلطة منذ بداية العام وحتى حزيران/ يونيو أي دعم خارجي، لا عربي ولا أوروبي ولا دولي.
بدوره، قدم وفد دبلوماسي أوروبي التعازي لعائلة الناشط والمعارض الفلسطيني، نزار بنات، مطالبًا بإجراء بتحقيق “مستقل” في وفاته. وقال بيان صادر عن بعثة الاتحاد الأوروبي في فلسطين: “قدم دبلوماسيون أوروبيون من بلجيكا وإيطاليا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وهولندا والنرويج وسويسرا، تعازيهم لأسرة نزار بنات في منزلهم في (بلدة) دورا - الخليل”. ودعت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، السلطة الفلسطينية إلى ضمان أمن المتظاهرين خلال تجمعات جديدة مرتقبة، السبت، بعد القمع العنيف الذي مارسته قوات الأمن الفلسطينية نهاية الأسبوع الماضي.
يُذكر أن تداعيات جريمة اغتيال "بنات" لا تزال تتفاعل؛ حيث شهدت محافظات في الضفة، مثل بيت لحم، تحرّكات طالبت بمحاسبة القَتَلة والكشف عن هوياتهم. إزاء ذلك، لا تزال”فتح" تقود تظاهرات مضادّة في مختلف محافظات الضفة، تحت شعارات: ”دعم الشرعية وأبو مازن؛ التضامن مع الأسير المُضرب الغضنفر أبو عطوان“، في محاولة لحرْف وجهة الأحداث، وتمييع القضية الأساسية المتمثّلة في وجود مزاج متوسّع رافض لـ“سياسات السلطة" وممارساتها.
ومن ارتدادات قضية اغتيال "بنات" أيضًا، إعلان "حازم الأشهب"، طبيب عائلة المتوفى، انسحابه من لجنة التحقيق الرسمية في الحادثة، ليلتحق بـ”الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان” التي اعتذرت عن المشاركة من البداية، فيما أعلنت نقابة المحامين الفلسطينيين اعتذارها عن المشاركة أيضًا. ووصلت ارتدادات الحادثة إلى الحكومة، حيث أعلن حزب الشعب الفلسطيني ذو التوجهات اليسارية، استقالة ممثله وزير العمل نصري أبو جيش.
بالمقابل، تقدمت السلطة الفلسطينية بطلب عاجل إلى "إسرائيل" للسماح بتزويدها بوسائل لقمع التظاهرات. وذكرت صحيفة عبرية أن سبب هذا الطلب العاجل هو اقتراب نفاد مخزون قنابل الغاز والقنابل الصوتية من مخازن الأجهزة الأمنية، بعد استخدامها ضد التظاهرات الأخيرة التي أعقبت اغتيال " بنات".
في سياق آخر، وافق مستوطنو بؤرة “أفيتار”، على صيغة مشروع الحل الوسط مع الحكومة، الذي يتوافق مع طموحاتهم. في إطار هذا المشروع، تنازل المستوطنون عن الطلب الذي طرحوه أثناء المفاوضات (إقامة مدرسة دينية في هذه البؤرة بداية آب/ أغسطس). وتم الاتفاق الآن على أن المدرسة الدينية التي استهدفت، حسب رأي المستوطنين، الحفاظ على الطابع المدني للمكان حتى بعد الإخلاء، ستقام بعد بضعة أشهر فقط، بعد استكمال فحص مكانة الأرض القانونية. هذا، فيما لا تزال فعاليات "الإرباك الليلي“ تتواصل كل ليلة، في بلدة بيتا جنوب مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة، رفضاً لإقامة هذه المستعمرة.
في ملف مفاوضات تبادل الأسرى، تضاربت الأنباء حول نتائج الجولة الأخيرة بين وفد من "حماس" وآخر "إسرائيلي" برعاية مصرية، والتي عقدت لأول مرة في ظل الحكومة الجديدة بقيادة "نفتالي بينيت". غير أن معلومات أوردتها مصادر مطلعة، وصفت الجولة بـ”الاستكشافية”، جرى خلالها تبادل وجهات النظر بين الطرفين عبر الوسيط المصري.
هذا، بينما كان التحول الجديد الذي شهدته هذه الجولة، التي عقدت في مبنى المخابرات العامة المصرية على مدار عدة ساعات واستمرت حتى مساء الأربعاء، أنهاى شابهت تلك الجولات التي عقدت قبل عدة سنوات في القاهرة أيضًا، قبل أن يتم الاتفاق على إبرام صفقة شاليط.
وكان اللافت أن وفد الاحتلال أتمّ، الأربعاء، الزيارة الثانية له إلى لقاهرة لبحث الملف ذاته خلال الأيام العشرة الأخيرة، وهنا يتردد أن الوسيط المصري وضع خطة للتفاوض بهدف إنجاح المهمة. وتقول مصادر مطلعة إن ذلك يشمل دفع الطرفين لتقديم مبادرات ملموسة تسهل إنجاز الملف، وذلك بعد أن قدمت القاهرة سابقًا “خارطة طريق” لا تربط بين التهدئة والإعمار وتبادل الأسرى، كما كان يطلب الاحتلال.
في سياق مازٍ، نقل موقع "واللا" العبري عن مصادر في جيش الاحتلال قولها إنه تتم بلورة تسوية واتفاق قطري ”إسرائيلي“، لتحويل المنحة القطرية لقطاع غزة عبر ممثلي الأمم المتحدة، بعد أن رفض الاحتلال نقل المال بشكل مباشر إلى "حماس"، واقترح تحويله عبر السلطة الفلسطينية، إلا أن قطر و"حماس" عارضتا ذلك. كما بدأت عملية ضخ الوقود الممول قطريًا لصالح محطة كهرباء غزة الوحيدة، والتي تعمل بشكل جزئي منذ العدوان بسبب امتناع الاحتلال عن إدخال الوقود لها، وتمت عملية دخول الشاحنات التي تحمل الوقود بمراقبة من الأمم المتحدة.
من جانبه، حذر مسؤول فلسطيني من استشهاد معتقليْن فلسطينيين لدى كيان الاحتلال بعد “تدهور خطير” في وضعهما الصحي. جاء ذلك على لسان "قدري أبو بكر"، خلال زيارته لعائلة الأسيرين، الغضنفر أبو عطوان و إياد حريبات، ببلدة دوار جنوبي الضفة الغربية.
كما حذر الأسرى في سجون الاحتلال من المساس بالأسير القيادي في "حماس"، الشيخ جمال الطويل، المضرب عن الطعام منذ أكثر من 27 يومًا، وحمّل الأسرى سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تدهور حالة القيادي الطويل الصحية.
إلى ذلك، واصل رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، إسماعيل هنية، عقد سلسلة من اللقاءات مع شخصيات ومسؤولين وجهات حزبية لبنانية، خلال زيارته المستمرة منذ الأحد الماضي. وزار "هنية" رئيس الجمهورية اللبنانية، ميشيل عون، في قصر الرئاسة، فيما أعلن "حزب الله" عن لقاء جمع "هنية" والوفد القيادي المرافق له، مع أمين عام الحزب، حسن نصر الله.