استنتاجات الموجز:
الحراك الدولي تجاه لبنان وتسكين أزمة المحروقات ثلاثة أشهر حفاظٌ على استقرار الأوضاع وشراء وقت ريثما تتضح الصورة الإقليمية
توافق فرنسا وأمريكا على دعم الجيش والتحضير للانتخابات يوحي باستمرار سياسة الضغط على الطبقة السياسية بين سندان الإصلاحات ومطرقة العقوبات
احتجاجات طرابلس مؤشر خطر على المدى الذي يمكن أن تصل إليه الأمور مع تصاعد الأزمات المعيشية
فجّر انقطاع الكهرباء واشتراكات المولدات وفقدان البنزين من المحطات غضبًا شعبيًا عارمًا، امتدت شظاياه إلى كل المناطق التي انبرى فيها المواطنون الغاضبون إلى الاحتجاج والاعتصام وقطع الطرق، لتبلغ مدى وبعدًا جديدًا في عاصمة الشمال طرابلس التي عاشت أيامًا مشهودة، سقط في محصلتها قتيل وأكثر من 18 جريحًا بينهم عشرة عسكريين، حيث عادت المظاهر المسلحة وإطلاق النار في المدينة التي باتت تتلظى بنار الفوضى. كما امتدت الأحداث نحو الاعتداء على المحال تجارية والسيارات واقتحام فرع مصرف لبنان وشركة كهرباء "قاديشا"، فيما لم تكن مدينة صيدا بعيدة عن أحداث مماثلة حيث سقط ثمانية جرحى واقتحم محتجون شركتي الماء والكهرباء وفرع مصرف لبنان.
في الوقت ذاته، حذرت تقارير أمنية من تفجّر الأمن المجتمعي وارتفاع نسبة الحوادث كالسرقات والجرائم، وصدرت تعليمات صارمة لوحدات الجيش والأجهزة الأمنية إثر اجتماع عاجل للمجلس الأعلى للدفاع، بمنع التعدي على الأملاك العامة والخاصة، أو إقفال الطرق كليًا لوقت طويل، وتأمين مسارب مفتوحة خاصة على الطرق الرئيسية.
بموازاة إيقاع الشارع، وتصاعد سعر صرف الدولار ليبلغ عتبة 18000 ليرة، مقابل انهيار ما تبقى من قيمة للرواتب التي فقدت 95%، تتسارع عجلة الانهيار الذي نَخَر مؤسسات الدولة، حيث أعلنت رابطة موظفي الإدارة العامة الإضراب، بدءًا من 30-06 حتى 09-07-2021 احتجاجًا على تلاشي رواتبهم، فيما توقفت جمارك المطار عن تحصيل الرسوم بسبب نقص في القرطاسية، وتوقفت لانقطاع الكهرباء المعاملات في "الأمن العام" بسبب انقطاع الكهرباء، وأنظمة الكمبيوتر التابعة لوزارة المال في قصر عدل بيروت.
بالمقابل، أعطى رئيس الحكومة، حسان دياب، الموافقة الاستثنائية على تأمين تمويل استيراد المحروقات على أساس تسعيرة 3900 ليرة لبنانية، بدلًا من 1500 ليرة للدولار الواحد لمدة ثلاثة أشهر، بعد إصرار حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، على تغطيته قانونيًا لاستمرار التمويل من الاحتياطي الإلزامي، وهو ما اعتبر رفعًا جزئيًا عن الدعم إذ سعرت صفيحة البنزين بـ70 ألف ليرة، والمازوت 50بـ ألف ليرة، وارتفع سعر ربطة الخبز إلى 5000 ليرة. بدوره، كشف وزير الصحة، حمد حسن، أن تركيا ستزوّد لبنان بهبات من الأدوية للأمراض المزمنة والمستعصية، وذلك بالتوازي مع الاتفاقف مع مصرف لبنان على الاستمرار في سياسة دعم الدواء والمستلزمات والمغروسات الطبيّة، ضمن آلية تطبيقية تلحظ الأولويات المحدّدة من الوزارة.
في غضون ذلك، أقّر مجلس النواب قانون البطاقة التمويلية، وسط حلحلة على صعيد تخصيص صندوق النقد الدولي حقوق السحب الخاصة للدول الأعضاء، ما يمنح لبنان نحو 900 مليون دولار يستطيع الاستفادة منها، في حين أبدى وفد من شركات استثمارية روسية يزور لبنان استعداده للقيام بعدة مشاريع حيوية، كبناء مصفاة محلية لتكرير النفط في الزهراني، وبناء مصفاة إقليمية في البداوي بطرابلس، وإنشاء معملي كهرباء وتوسيع مرفأ طرابلس، وإعادة إعمار مرفأ بيروت.
على الصعيد السياسي، حضر لبنان على طاولة البحث الدولية عبر عدة محاور بدءًا من "الفاتيكان"، الذي نظّم "يومًا خاصًا بالتأمل والصلاة من أجل لبنان" حضره قادة الكنائس في لبنان، مرورًا بالاتفاق على العمل المشترك بين وزير الخارجية الفرنسيي، جان لودريان، ونظيره الأمريكي، أنتوني بلينكن، لدعم الشعب اللبناني، وتحميل المسؤوليات للشخصيات السياسية المسؤولة عن التعطيل. هذا، إضافةً إلى اللقاء الثلاثي الذي جمع "لودريان" و"بلينكن" مع وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، في روما ولقاء السفيرين السعودي والأمريكي في بيروت، وهو ما قد يشير ربما إلى عودة اهتمام السعودية بلبنان.
في السياق، بدا لافتًا من خلال تصريحات الطرفين الفرنسي والأميركي اتفاقهما على الدعم المطلق للجيش للبناني، وإجراء الانتخابات النيابية بموعدها والتي تقاطعت حولها عدة معطيات على الأررض، تتمثل بالحماسة الدولية لإجراء هذه الانتخابات بعد النتائج التي أفرزتها انتخابات نقابة المهندسين في بيروت، من خسارة الأحزاب لصالح المستقلين، وإبداء منظمات دولية استعدادها لمساعدة وزارة الداخلية في تحمل جزء من النفقات الانتخابية، إضافةً للتحضيرات في أوساط مجموعات الحراك المدني والثورة، استعدادًا للانتخابات تزامنًا مع بدء الأحزاب والقوى السياسية التحضير كذلك عبر العمل على تنقيح لوائح الشطب، والتواصل مع المفاتيح الانتخابية في مناطق نفوذها.
من جانب آخر، توافق قادة الأحزاب الدرزية الثلاث، الاشتراكي والديموقراطي والتوحيد العربي، عقب اجتماعهم في "خلدة" على الانتخابات المقبلة لمشيخة عقل الطائفة الدرزية، وضبط الوضع الأمني في الجبل وتسليم كل المطلوبين من كافة الأطراف في حادثتَي "الشويفات" و"قبرشمون"، ومساعدة أبناء الطائفة لمواجهة الأزمة الاقتصادية.
في الأنشطة خارجية، شاركت وزيرة الدفاع، زينة عكر، في روما في الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد "داعش"، فيما بحثت خلال زيارتها لألمانيا تدعيم العلاقات الثنائية بين البلدين. كما اختتم مدير عام الأمن العام، عباس إبراهيم، زيارته إلى موسكو باحثًا جملة ملفات أبرزها مكافحة "الإرهاب" ودعم الجيش والأجهزة الأمنية وملف اللاجئين السوريين، وتسهيل دخول اللبنانيين إلى روسيا دون تأشيرة مُسبقة. من جهتها، قلّدت السفيرة الفرنسية مدير عام الأمن الداخلي، عماد عثمان، وسامًا رفيعًا لجهوده في مكافحة "الإرهاب".
وفي أحداث أمنية متفرقة، أحبطت القوى الأمنية تهريب حبوب "كبتاغون" مخبأة داخل آلات تعقيم أدوات طبية، في استمرار لمسلسل ضبط عمليات تهريب المخدرات إلى السعودية، فيما لم تتكشف بعد دلالات الانفجار الذي وقع بمكتب المحامي "صخر الهاشم"، الذي يتوكل عن موقوفين ومدعى عليهم في ملف انفجار المرفأ.
في مستجدات إجراءت مكافحة "كورونا"، حظرت سلطات المطار على غير المسافرين والموظفين التواجد داخل قاعات الوصول أو المغادرة، فيما يجري العمل على تسريع وتسهيل عملية إجراء فحوص PCR للمسافرين الوافدين.