استنتاجات الموجز:
تركيا وروسيا تنجحان في نزع فتيل التوتر بالشمال السوري الذي تصاعد خلال الأيام الأخيرة وتؤجل الملفات الخلافية إلى مفاوضات أستانة
الشارع التركي يتنفس الصعداء بعد إلغاء الحظر الكلي عن تدابير "كورونا" وسط خشية من عدم استمراره لفترة طويلة مع رصد حالات "دلتا"
نجحت اللقاءات التركية الروسية الأخيرة، في نزع فتيل التوتر بالشمال السوري الذي تصاعد خلال الأسابيع الأخيرة، وكاد أن يتدحرج إلى مواجهة جديدة بين المعارضة والنظام وحليفه الروسي. وجرى "الاتفاق بين تركيا وروسيا على تأسيس منطقة خالية من الوجود العسكري في إدلب"، بينما لم يوضح الجانبان المقصود بـ"المنطقة الخالية من الوجود العسكري" وإذا كانت ذاتها "الممر الآمن" على جانبي الطريق الدولي "M-4"، والذي تم الاتفاق عليه في اجتماع موسكو في الخامس من آذار/ مارس 2020. كما جرى الاتفاق على ترحيل باقي الملفات العالقة إلى الجولة المقبلة من محادثات أستانة في العاصمة الكازاخية "نور سلطان" الشهر القادم.
وتزامنًا مع استمرار انتهاكات قوات النظام والقوات الروسية شمال سوريا، جرت عملية تبادل أسرى بين “الجيش الوطني السوري” المعارض والنظام بضمانة تركية روسية، وذلك في مدينة الباب في حلب شمالي سوريا، وتم الإفراج عن بعض المعتقلين بشكل متزامن ومتبادل في العملية التي تعد الخامسة من نوعها التي تتم بوساطة تركية روسية.
في سياق منفصل، تلقت روسيا تطمينات تركية بأن إنشاء قناة إسطنبول المائية لتسهيل حركة الملاحة على البوسفور، لن يؤدي إلى تواجد أكبر لقوات بحرية تابعة لحلف شمال الأطلسي "الناتو" في البحر الأسود، وذلك تزامنًا مع التوترات بين روسيا والغرب بسبب دخول سفن حربية غربية مناطق بالبحر الأسود. بالمقابل، لم يؤكد وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، التزام بلاده بعدم السماح للحلف الأطلسي بإرسال سفن حربية إضافية إلى البحر الأسود، مكتفيًا بالقول إن قناة إسطنبول لن يكون لها "تأثير مباشر" على اتفاقية "مونترو"، التي تعود لعام 1936 وتنظم الملاحة عبر مضيقي البوسفور والدردنيل.
من جهة أخرى، وبعد موافقة البرلمان الألباني على صفقة شراء المسيرات التركية، تكون ألبانيا ثالث دولة في حلف "الناتو" تقرر شراء المسيرات التركية القتالية من طراز “بيرقدار”، وذلك بعد لاتفيا وبولندا العضوان في الاتحاد الأوروبي أيضًا، لتضاف إلى قطر وليبيا وأذربيجان وأوكرانيا، وسط تقارير عن اهتمام العديد من الدول الأخرى باقتناء المسيرات التركية، ومنها المغرب والمجر وبيلاروسيا وحتى بريطانيا، لتحقق بذلك المسيرات التركية التي أثبتت جدارتها في العديد من ساحات القتال مؤخرًا، مبيعات قياسية أثارت احتقان الكثير من الدول والشركات الدفاعية التي تصدرت تقليديًا صادرات السلاح.
داخليًا، تنفس الشارع التركي الصعداء بإلغاء الحظر والعودة إلى الحياة الطبيعية، بعد تلقي حوالي 45 مليون شخص جرعة من اللقاح، وانخفاض أعداد الإصابات إلى أقل من ستة آلاف إصابة يوميًا. وتهدف الحكومة التركية إلى استثمار موسم السياحة في استقطاب العملة الصعبة إلى الاقتصاد المنهك، ولتفادي الخسائر التي تعرض لها القطاع خلال السنوات الماضية.
بالمقابل، تسود خشية من عدم استمرار إلغاء الحظر لفترة طويلة، خاصةً بعد تسجيل عدد من الإصابات بفيروس "دلتا" المتحور، لذلك سارعت الحكومة إلى إعطاء الكادر الطبي وكبار السن جرعة ثالثة من اللقاح لمواجهة أي موجة جديد، خشية تعرض القطاع الصحي للانهيار كما حصل في بعض الدول. كما بدأت تركيا برنامج التجارب البشرية على اللقاح المحلي، بحضور المتطوعين في المدينة الطبية بأنقرة ومشاركة الرئيس "أردوغان"، الذي أعلن أن اسم اللقاح المحلي المضاد لـ"كورونا" هو "توركوفاك (TURKOVAC).
بدوه، يواصل الرئيس التركي محاربة زعيم "حزب الشعب الجمهوري"، كمال كيلجدار أوغلو، عبر القضاء، حيث رفع ضده دعوى قضائية بسبب انتهاكه للحقوق الشخصية خلال كلمته باجتماع الكتلة النيابية لحزبه. وجاء في عريضة الدعوى التي رفعها محامي الرئيس، حسين آيدن، أن "كيلجدار أوغلو" وجّه إهانات شديدة إلى الرئيس، انتهك واعتدى فيها على حقوقه الشخصية، وطالبت العريضة بتغريم زعيم المعارضة بدفع تعويض قدره 500 ألف ليرة تركية (نحو 57 ألف و500 دولار).
في شأن منفصل، ورغم مرور أشهر على انسحاب تركيا من "اتفاقية إسطنبول" والذي أثارت انتقادات من منظمات حقوقية ودولية غربية، إلا أن المظاهرات المنددة بالانسحاب منها والمطالبة بالعودة إليها ما زالت مستمرة؛ حيث تظاهر آلاف الأشخاص (كثير منهم نساء) في إسطنبول وغيرها من المدن التركية، فيما رد الحزب الحاكم على المطالبات بالعودة إلى اتفاقية إسطنبول، بأن حكومتهم تدافع عن حقوق المرأة قبل توقيع الاتفاقية وبعد الانسحاب منها.
اقتصاديًا، ورغم وصول الصادرات التركية في النصف الأول من العام الجاري لأعلى مستوى تاريخي لها على الإطلاق، إلا أن عجز الميزان التجاري سجل مجددًا اتساعًا بسبب المعضلة التاريخية للاقتصاد التركي والمتمثلة في القيمة الباهظة لفاتورة الطاقة، التي تبلغ قرابة 40 مليار دولار سنويًا، إضافةً إلى استيراد الكثير من المواد الخام المستخدمة في الصناعة من الخارج، وهو ما يُبقي الاقتصاد التركي تحت الضغط الدائم رغم النمو والتوسع المتواصل.
في هذا الإطار، اتسع العجز التجاري إلى 1.04% على أساس سنوي لـ2.89 مليار دولار في حزيران/ يونيو وفقًا لنظام التجارة العام، بينما انخفض 11.4% إلى 21.16 مليار دولار في النصف الأول، ما يعني أن العجز السنوي العام سيكون في حدود 40 مليار دولار وهي القيمة التقديرية لفاتورة استيراد الطاقة، وهو ما يظهر أصل المشكلة التي يعاني منها الاقتصاد التركي، الذي لو نجح في التخلص مع أعباء فاتورة الطاقة سيمكنه من قلب الميزان التجاري لصالحه بسهولة، وهو أمر لا يبدو متاحًا في الأفق المنظور.
وإلى جانب معضلة الطاقة، تظهر معضلة أخرى تتعلق باستيراد مواد خام أساسية لازمة للعديد من الصناعات من الخارج، وهو ما يدفع لوجود ارتفاع في الواردات مع كل ارتفاع جديد في الصادرات؛ فبينما ارتفعت الصادرات في حزيران/ يونيو 46.9% إلى 19.77 مليار دولار، ارتفعت الواردات أيضًا 38.9% على أساس سنوي إلى 22.66 مليار دولار في حزيران/ يونيو.
أمنيًا، أوقفت السلطات الأمنية المدعو "محمد نادر" من فلسطيني الداخل المحتل بعد نشره فيديو على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي، يظهره فيه وهو يمسح أنفه بالعملة الورقية التركية، قبل دفعه فاتورة الطعام بإحدى مطاعم إسطنبول، وبعد إتمام الإجراءات القانونية، ستسلم الشرطة المدعو لإدارة الهجرة، لإتمام عملية ترحيله من البلاد.
قضائيًا، أمرت محكمة في ولاية شانلي أورفة جنوبي تركيا بحبس أربعة من أصل سبعة أشخاص تم توقيفهم سابقًا، في إطار مكافحة تنظيم "داعش". وعقب إتمام الإجراءات القانونية في مقر مديرية الأمن، تم إحالة الأشخاص السبعة إلى القضاء الذي أمر بحبس أربعة منهم وإخلاء سبيل الثلاثة الآخرين بشرط المراقبة القضائية.
عسكريًا، تواصل القوات المسلحة التركية والأذربيجانية مناوراتها العسكرية المشتركة "مصطفى كمال أتاتورك 2021" في أذربيجان، وذلك بهدف تعزيز التفاعل بين جيشي البلدين أثناء العمليات القتالية، وتحسين مهارات اتخاذ القرار والإدارة للقادة، وذلك بمشاركة 600 جندي ونحو 40 دبابة ومدرعة وحوالي 20 مدفعًا وسبع مروحيات و50 مركبة عسكرية.