استنتاجات الموجز:
السلطة تسعى لتجاوز أزمتها الداخلية من خلال الترويج لتغييرات حكومية وضبط الشارع بالقوة وتصدير الأزمة تجاه غزة إضافةً لتطوير العلاقة مع الاحتلال والإدارة الأمريكية
لاتزال جهود إعادة الإعمار وتحسين الظروف الإنسانية في غزة تواجَه بتشدد من طرف الاحتلال ومحاولة فرض معادلات لن تقود إلا لتجدد المواجهات
تعرّض نشطاء وأسرى محرَّرون ونخب في رام الله لموجة قمع شديدة على يد أمن السلطة الفلسطينية، الذي يستمرّ في محاولاته الهادفة لردع واجتثاث الحراك الشعبي الداعي لمحاسبة المتورّطين في اغتيال الناشط، نزار بنات، والمسؤولين عن استمرار القمع والاعتقالات. ورغم إطلاق سراح غالبية المعتقلين، إلا أن مشاهد التنكيل والاعتقال حفرت عميقًا في ذاكرة الرأي العام، وسط استنكار واسع ومطالبات للسلطة بالتوقّف عن انتهاك التجمّعات السلمية. وبدأت موجة القمع الأخيرة عندما حضرت قوات أمن السلطة إلى محيط دوّار المنارة، وانتشرت قوة كبيرة من الشرطة في المكان المقرَّر تنظيم وقفة شعبية فيه، قبل انطلاقها بنحو نصف ساعة. وانبرت عناصر الأمن للتدقيق في بطاقات هوية المارّة، واعتقال الواردة أسماؤهم على لائحة بحوزتها، في مشهد لم تألفه الضفة الغربية إلّا على الحواجز "الإسرائيلية" وبهذا ضمِنت السلطة تفريق الوقفة قبيل انطلاقها.
ويشير سلوك الأجهزة الأمنية لحجم التخوف والتخبط الذي تعيشه قيادة السلطة في رام الله؛ فبالتوازي مع القمع الأمني يجرى العمل على اتخاذ خطوات سياسية من شأنها تخفيف التوتر السياسي، حيث تتعرض السلطة لضغوط أوروبية ودولية لإجراء الانتخابات بهدف تجديد شرعيتها. لكن السلطة تتذرع حتى الآن بمنع حكومة الاحتلال إجرائها في القدس، وطرحت بديلًا يتمثل في تشكيل حكومة وحدة وطنية "تكتسب شرعية الشارع الفلسطيني"، لكن ومع معارضة الفصائل الانضمام لها، تحاول السلطة إقناع الجهات الدولية بفكرة إجراء تعديل وزاري واسع، فيما أوضحت مصادر أن السلطة طرحت فكرة التعديل الوزاري بما يشمل تغيير 12 وزيرًا في حكومة "اشتية".
من جانب آخر، كشف مصدر أمني تفاصيل خاصة عن زيارة رئيس جهاز المخابرات، ماجد فرج، للولايات المتحدة في حزيران/ يونيو الماضي، مشيرًا إلى أن "فرج" اشتكى للأمريكان من الدور المصري في غزة، واصفًا إياه بأنه "يقوض ويحبط خطط عزل حركة حماس“. بالمقابل، لم يتعاط المسؤولون الأمريكيون مع طرح "فرج"، وطالبوه بالتركيز في القضايا الأمنية وما يجري في الضفة الغربية.
بدورها، لا تزال القاهرة غاضبة من ممارسات وسياسات السلطة الفلسطينية؛ حيث أكدت مصادر أن العلاقة بينهما لازالت تعاني من البرود الشديد، وأن رئيس السلطة، محمود عباس، عندما زار عمّان قبل عدة أيام، طلب من العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، التدخل لدى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لإحداث نوع من التقارب وإزالة مؤشرات الخلاف مع المصريين .
على الجانب الآخر، تتواصل مساعي الاحتلال لتأهيل السلطة من خلال تحسين وضعيتها في الشارع الفلسطيني؛ حيث بادر وزير التعاون الإقليمي في حكومة الاحتلال الجديدة، عيساوي فريج، إلى العمل على تفعيل اللجنة "الإسرائيلية"-الفلسطينية المشتركة للقضايا الاقتصادية، وإزالة الحواجز لتسهيل النشاط الاقتصادي للسلطة الفلسطينية. ومن المتوقع أن يزور عدد من الوزراء الفلسطينيين قريبًا مكاتب نظرائهم "الإسرائيليين"، في محاولة لتعزيز التعاون بين الطرفين في عدة مجالات.
في قطاع غزة، بحث وفد أممي ترأسته نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة، لين هاستينغز، مع مسؤولين حكوميين في القطاع ملف إعادة الإعمار. وكانت "هاستينعز" وصلت إلى غزة عبر بيت حانون ”إيرز“ وأجرت زيارات وجولات ميدانية لكثير من المشروعات الأممية، في ظل ترتيبات تجري من أجل إشراف الأمم المتحدة على تحويل الأموال إلى القطاع.
رغم ذلك، قال مسؤول مطلع على المفاوضات غير المباشرة بين "إسرائيل" وحركة ”حماس“ في القاهرة لموقع ”تايمز أوف إسرائيل“، إن الجانبين ”في طريقهما“ نحو جولة أخرى من القتال، بعد أسابيع فقط من التصعيد الأخير في غزة. وأشار المسؤول إلى الموقف "الإسرائيلي" المتشدد تجاه معبر ”كرم أبو سالم“ للبضائع؛ حيث سُمح بدخول ضروريات إنسانية محدودة فقط، مثل الغذاء والدواء والوقود، وتم منع جميع الصادرات تقريبًا.
وفي ملف ”المنحة القطرية“، قالت وسائل إعلام عبرية إن قطر تريد غطاءً أمريكيًا لآلية تحويل الأموال الجديدة إلى غزة، قبل الانخراط رسميًا في هذه العملية. وقال تقرير إن قطر ”طلبت ترتيب الآلية الجديدة خلال اجتماع رباعي مع الولايات المتحدة وإسرائيل والأمم المتحدة"، بينما لم يحدد موعد لمثل هذا الاجتماع حتى الآن. بدوره، يحاول الاحتلال فرض قواعد اشتباك جديدة على الفصائل الفلسطينية في غزة، عبر معادلة أن إطلاق بالون حارق سيقابله رد بصاروخ، حيث شنّت مقاتلات حربية "إسرائيلية" عدة غارات على مواقع عسكرية وتدريبية لـ"كتائب القسام"، السبت الماضي، بزعم الرد على البالونات الحارقة التي تطلق من القطاع تجاه مستوطنات الغلاف.
في هذا الإطار، يشار إلى أن الضغط الذي يمارسه الاحتلال على القطاع والذي زاد بشكل كبير في الشهرين الأخيرين، هو محاولة لخفض سقف التفاوض حول ملف تبادل الأسرى والذي بدأ يتحرك بشكل أكبر من ذي قبل، وتربط سلطات الاحتلال أي تحرك تجاه حلحلة الأزمات في القطاع بهذا الملف.
من جانب آخر، كشف مسؤولون في تل أبيب أن حكومة "بنيت" توجهت إلى الإدارة الأمريكية بطلب الامتناع عن إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، بدعوى أن مثل هذا الإجراء سيُنشئ في طريقه "مصاعب سياسية“ يمكن أن تعرقل مسار الحكومة الجديدة. من جهتها، وفي خطوة لافتة، أدانت السفارة الأمريكية لدى الاحتلال هدم منزل الأسير، منتصر شلبي، وذلك بسبب الغضب من تجاهل الاحتلال طلبًا أميركيًا خاصًا بعدم هدم منزل "شلبي"، الذي يحمل عدد من أفراد عائلته الجنسية الأمريكية، علمًا بأنها المرة الأولى التي تنتقد فيه السفارة الأمريكية إجراءً إسرائيليًا من هذا النوع.
ميدانيًا، قامت قوات الاحتلال بتنفيذ 107 عملية توغل في الضفة والقدس، أسفرت عن اعتقال 58 مواطنًا، بينهم ثلاثة أطفال وامرأتان، إضافةً إلى المحامي، فريد الأطرش. كما اعتقلت قوات الاحتلال الدكتورة "شذى عودة"، المدير العام لمؤسسة لجان العمل الصحي ورئيسة شبكة المنظمات الأهلية. وقامت تلك القوات أيضًا باقتحام مقر لجان العمل الزراعي في مدينة رام الله، بعد تكسير أبوابه، وقامت العبث بمحتوياته ومصادرة جزء منها وإغلاقه لمدة ستة أشهر.
ميدانيًا أيضًا، تجدّدت المواجهات في بلدة قصرة التي دخلت على خط "الإرباك الليلي“ منذ بضعة أيام، لمنع بؤرة استيطانية يحاول المستوطنون تشييدها جنوب القرية، بالتوازي مع ”إرباكات" بيتا اليومية. وبالتوازي، اقتحمت شرطة العدو بلدة سلوان في القدس المحتلة، واعتدت على المصلين الذين أدّوا صلاة الجمعة في خيمة الاعتصام بالبلدة، رفضًاً لمخططات الاحتلال لهدم منازل في حي البستان، وإخلاء أخرى في حي بطن الهوى.
من جانبه، كشف المحامي المختص في الشأن المقدسي، خالد زبارقة، أن ”تنظيمًا سريًا مكونًا من شخصيات متنفذة يقف خلف عمليات تسريب (بيع) عقارات فلسطينية للإسرائيليين في القدس“، مشددًا على أن ”غياب المرجعية الدينية والسياسية والاجتماعية أسهم في ترهل المجتمع، وأفسح المجال للتنظيم السري لإتمام مزيد من الصفقات“.
في ملف الأسرى، أعلنت عائلة الأسير، الغضنفر أبو عطوان، أنه انتصر في معركة إبطال ”الاعتقال الإداري“ بحقّه، بعد 65 يومًا من إضرابه عن الطعام، فيما أكد محامي الأسير في بيان، أن قرار الاعتقال الإداري سيُبطل خلال ساعات.
إلى ذلك، أعلنت ”حماس“ أن القيادي في الحركة، صالح العاروري، انتُخب رئيسًا في الضفة الغربية، حيث أتمت الحركة في الضفة عملية انتخاب رئيس الإقليم. وفي خطوة لافتة، دعا رئيس الحركة في الخارج، خالد مشعل، السعودية إلى "فتح أبواب العلاقة مع حماس والعودة إلى دورها المعروف في دعم القضية الفلسطينية“، مضيفًا في مقابلة مع قناة ”العربية"، أن حركته "منفتحة على جميع الدول، ولا تحصر انتماءها إلى محور بعينه في المنطقة والإقليم"، كماشدد في الوقت ذاته على "استقلالية قرار الحركة، وأنها لا تخضع لأي تنظيم أو دولة".
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا