استنتاجات الموجز:
الإدارة الأمريكية تدير جهودًا دبلوماسية لإطلاق مسار تفاوض ثنائي بين السلطة والاحتلال يقوم على فكرة إعادة ترميم الثقة بين الطرفين
مقاربة الاحتلال للعلاقة مع السلطة الفلسطينية لا تزال قائمة على تعزيز مسار "السلام الاقتصادي"
شهدت الأيام الماضية لقاءات فلسطينية مع مسؤولين أوروبيين وأمريكيين، تناولت في مجملها الأوضاع السياسية الراهنة وبحث إطلاق مسار سياسي، يسبقه جهود لإطلاق حوارات ثنائية بين السلطة والاحتلال لاستعادة حالة الثقة بين الطرفين. وتنطلق الجهود الدولية والأمريكية من رؤية مفادها أن السلطة لم تكن في مثل هذا الوضع السيئ من قبل، وفقًا لتقييم الدبلوماسي الأمريكي، هادي عمرو، الذي اعتبر أنّها تمر بأزمة اقتصادية، إلى جانب غياب الشرعية العامة، التي قد تؤدي إلى الانهيار، قائلًا: "مثل غابة تنتظر أن يشعلها شخص ما".
فإضافةً إلى اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء، محمد اشتية، مع المبعوث الأمريكي، هادي عمرو، في إطار زيارته للمنطقة، عقد الأول لقاءً آخر مع العضو البارز في الحزب الديمقراطي الأمريكي والنائب السابق في الكونغرس، روبرت وكسلر، تناول أفق العملية السياسية والعلاقات الثنائية الفلسطينية الأمريكية. كما عقدت مسؤولة كبيرة في الخارجية الإيطالية لقاءات مع عدد من المسئولين الفلسطينيين، أبرزهم حسين الشيخ، وجبريل الرجوب.
في السياق ذاته، قالت مصادر سياسية فلسطينية إن السلطة ستنخرط في حوار ثنائي مع ”إسرائيل“، استجابةً لطلب أمريكي بهذا الصدد، مضيفةً أنه ”تم نقاش هذا الأمر مع المبعوث الأمريكي، هادي عمرو، الذي أكد أن واشنطن تدعم مثل هذا الحوار وسترعاه من بعيد“. وتابعت المصادر بأن "عمرو" قال إن ”واشنطن لن تطرح مبادرة سياسية الآن، وتريد من الأطراف الانخراط في حوار ثنائي من أجل دفع إجراءات لبناء الثقة، وهذا أفضل من تبادل الرسائل عبر إدارته“.
رغم ذلك، لا يدور الحديث الآن حول مفاوضات سياسية أو ملفات كبيرة، وإنما التركيز على تعزيز السلطة الفلسطينية سياسيًا واقتصاديًا؛ إذ وعد "عمرو" الفلسطينيين بمساعدتهم في الضغط على ”إسرائيل"، لتحقيق ما يمكن تحقيقه من طلبات رام الله إذا انخرطوا في حوار مباشر معها. من جهتها، تريد السلطة من الاحتلال في هذه المرحلة اتخاذ خطوات عملية على الأرض، لتهيئة المناخ للدخول في مفاوضات سياسية. فبدوره، طلب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، من الرئيس "الإسرائيلي"، إسحاق هرتسوغ، في مكالمة جرت قبل أيام، ضرورة القيام بخطوات عملية على الأرض قبل أي شيء، بما يشمل تحقيق التهدئة الشاملة في غزة والضفة والقدس.
في السياق أيضًا، قالت مصادر فلسطينية إن "اشتية" أبلغ "عمرو" بأن عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل انتفاضة الأقصى عام 2000 ضرورة ملحة، لاستمرار وتقوية وتعزيز السلطة لإطلاق مفاوضات سياسية من جديد. كما كشفت مصادر دبلوماسية في تل أبيب عن مساعٍ تُبذل مع رام الله، لعقد لقاء قمة بين "عباس" و"هيرتسوغ" في وقت قريب، حيث يعتبران صديقين مقربين. وفي أعقاب اللقاءات العديدة التي عقداها بين 2013 و2015 (عندما كان هيرتسوغ رئيسًا لحزب العمل)، توصلا إلى مسودة اتفاقية سلام لإنهاء الصراع "الإسرائيلي"- الفلسطيني، قريبة جدًا من التفاهمات التي كان توصل إليها "عباس مع "أولمرت".
من جهة أخرى، قالت مصادر عبرية إن "عباس" هو الذي توسط للمكالمة التي جرت بين "هيرتسوغ" والرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، واستمرت 40 دقيقة. وفي هذا الإطار، يذكر أن "عباس" قام بزيارة إلى تركيا بدعوة من "أردوغان"؛ حيث بحث الرئيسان عدة ملفات سياسية، وتداولا عدة أفكار خلال اللقاء الذي عقد في أنقرة. ووفق مسؤول في حركة "فتح"، فإن "عباس" والوفد المرافق له، والذي ضم مسؤولين دبلوماسيين وأمنيين ودينيين، شعروا براحة ورضى كبيرين بعد لقاء "أردوغان"، الذي تعهد بزيادة الدعم السياسي للقضية الفلسطينية، إلى جانب استمرار الدعم الاقتصادي للفلسطينيين.
بالمقابل، صادق المجلس الوزاري "الإسرائيلي" المصغر "الكابينت" على طلب وزير الجيش، بيني غانتس، خصم أموال من مقاصة السلطة الفلسطينية تعادل الرواتب التي تدفعها السلطة إلى عوائل الشهداء والأسرى. ياتى ذلك بعد تجميد القرار لأكثر من عام إثر إعادة رام الله علاقاتها الأمنية مع دولة الاحتلال، بينما لم تجرؤ السلطة على أيّ اعتراض، مُكتفيةً بالتلويح بأن هذه الخطوة ستُدخل السلطة في أزمة مالية جديدة، علمًا أن مصادر السلطة تؤكد أنها لن تمتنع عن تسلّم الأموال منقوصةً، كما حدث في السابق.
في قطاع غزة، يتنزّل السقف "الإسرائيلي" في المفاوضات مع المقاومة بصورة تدريجية، حيث سجّل تقدّمًا في مباحثات التهدئة تمثل آخر مظاهره في فتح المعابر جزئيًا، تمهيدًا لعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل المعركة الأخيرة، وفق ما وعد به المصريون. هذا، في حين كشفت مصادر صحفية أن السلطة الفلسطينية تعرقل إدخال المنحة القطرية إلى غزة، وتضع شروطًا مقابل ذلك. يذكر أن السفير القطري ورئيس اللجنة القطرية لإعمار غزة، محمد العمادي، اجتمع مع وفد قيادي من حركة "حماس" برئاسة رئيس الحركة في غزة، يحيى السنوار، لبحث تطورات التهدئة، وكذلك المنحة القطرية المقدمة لسكان غزة، بما فيها المنحة المخصصة لإعالة الأسر الفقيرة.
في الوقت ذاته، نفى مصدر مطّلع في حكومة الاحتلال لوسائل إعلام عبرية إقرار تسهيلات اقتصادية لقطاع غزة، فيما أبلغت ”اللجنة الرئاسية لتنسيق إدخال البضائع" شركات القطاع الخاص قرار حكومة الاحتلال، بالبدء في تنفيذ تلك التسهيلات عبر معبر كرم أبو سالم. وبحسب بيان اللجنة، فقد سمحت سلطات العدو بتصدير منتجات إلى الضفة الغربية والداخل المحتلّ. كما سمحت بدخول مختلف الأصناف الأخرى إلى القطاع، خاصةً البضائع المحتجزة في الموانئ "الإسرائيلية"، عدا الأجهزة الكهربائية والإسمنت والوقود، في تراجع عن القيود التي فُرضت عقب المعركة الأخيرة، والتي اقتصر عمل المعبر بسببها على إدخال المواد الغذائية، ونسبة ضئيلة من الوقود لصالح محطّة توليد الكهرباء والمؤسّسات الدولية.
من جانبها، قالت "حماس" إنه لا يوجد تقدم في مفاوضات تبادل الأسرى مع ”إسرائيل“، متهمةً الاحتلال بالمرواغة في هذا الملف. ونفى الناطق باسم الحركة، حازم قاسم، تقارير تتحدث عن تقدم في صفقة تبادل الأسرى، قائلًا إنها تسريبات "إسرائيلية" موجهة للرأي العام "الإسرائيلي" الداخلي.
ميدانيًا، وفي الضفة المحتلة، ذكر قائد وحدة المستعربين أنّ اشتباكًا مسلحًا وقع قبل أيام في جنين "يذكرنا بحرب لبنان“، مضيفًا: "دخلنا جنين لتنفيذ اعتقالات حسب معلومات شاباك، كنا نستعد لنشاط كالمعتاد.. وبعد تنفيذ الاعتقالات وأثناء مغادرتنا، واجهنا إطلاق نار كثيف من مسافة بضعة أمتار، مقارنة بإطلاق نار سابق كان يمكن أن يتم على مدى مئات الأمتار".
هذا، فيما تشير تقارير ومعطيات إلى أن حكومة "بينيت " توافقت مع المستوطنين بشأن المحافظة على الأمر الواقع، الذي كان قائمًا بين رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، وقادة المستوطنين بخصوص المصادقة على البناء الاستيطاني. جاء ذلك في اجتماع ضم وزيرة الأمن الداخلي في الحكومة، آييليت شاكيد، وأعضاء من مجلس مستوطنات الضفة الغربية، واتفق المجتمعون على أن تستمر سياسة الاستيطان على غرار ما كان في الحكومة السابقة، وذلك بأن يجتمع "المجلس الأعلى للتخطيط والبناء" التابع للإدارة المدنية كل ثلاثة أشهر، للمصادقة على المزيد من الوحدات الاستيطانية الجديدة.
من ناحية أخرى، حفّزت الانتصارات التي حقّقها الأسرى الفلسطينيون أخيرًا، ومنهم علاء الريماوي والغضنفر أبو عطوان، الكثير من الأسرى على بدء مشاورات داخلية لإطلاق موجة كبيرة من الإضراب خلال الفترة المقبلة. وكشف "نادي الأسير الفلسطيني" أن الأسرى في سجن عوفر أرجعوا وجبات الطعام الأسبوع الماضي، وأوصلوا رسالة إلى إدارة السجون بأن هذه خطوة أولى سيليها إضراب كبير عن الطعام، رفضًا لسياسة الاعتقال الإداري. من جانبه، أبقى الاحتلال على 33 طالبًا من جامعة بيرزيت رهن الاعتقال في السجون ويعتزم محاكمتهم؛ حيث كان الاحتلال اعتقل أكثر من 40 طالبًا على مدخل بلدة ترمسعيا القريبة من رام الله، بعد زيارة تضامنية قاموا بها لعائلة الأسير، منتصر شلبي.
خارجيًا، هنّأ رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، الرئيس الإيراني المنتخب، إبراهيم رئيسي، بفوزه بالانتخابات، قائلًا: ”نهنئكم بفوزكم ونجدد شكرنا للجمهورية الإسلامية دعمها القضية الفلسطينية“.
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا