استنتاجات الموجز:
اعتذار "الحريري" مقدمة لدخول البلاد مرحلة جديدة من التجاذبات السياسية والمخاطر الأمنية وسط تزايد سرعة الانحدار المعيشي والاقتصادي
حراك دولي وبالأخص فرنسي بتوافق أمريكي على منع تفجر الأوضاع في لبنان عبر سياسة دعم الجيش وقوى الأمن وتقديم المساعدات الإنسانية المباشرة
حالات وفيات الأطفال والمسنين وفقدان الأدوية ينذر بكارثة كبرى في القطاع الطبي والدوائي
أخيرًا، وبعد تسعة أشهر شهدت عشرات الزيارات إلى قصر بعبدا، عاد ملف تشكيل الحكومة إلى المربع الأول بعدما فجر الرئيس المكلف، سعد الحريري، قنبلة الاعتذار في وجه رئاسة الجمهورية، لتدخل البلاد مرحلة جديدة من التجاذبات السياسية والمخاطر الأمنية، على وقع الوصول إلى نهاية الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي، كان أولها موجة عارمة من قطع الطرقات في المناطق السنية وصعود الدولا إلى عتبة 23000 ليرة.
في التفاصيل، ورغم تلقي "الحريري" جرعة دعم روسية عبر بيان من وزارة الخارجية الروسية، وأخرى مصرية خلال زيارته للقاهرة، إلا أن أنه مضى في طريق الاعتذار دون الاتفاق على بديل، وفي ظل رفض رئيسي الحكومة السابقين، تمام سلام ونجيب ميقاتي، أن يكونوا في هذا المنصب في هذه المرحلة الحساسة، ليخرج من قصر بعبدا بعد أن رمى كرة التعطيل في حجر رئيس الجمهورية، بتقديمه تشكيلة من 24 وزيرًا سمّى خلالها جميع أسماء الوزراء في خطوة اعتبرها كثيرون أنها "رفع عتب" ومبررًا "للإحراج فالإخراج".
من جهة أخرى، ترافقت خطوة "الحريري" مع حراك دولي حثيث، لا سيما فرنسي تجاه لبنان، حيث أصدرت لجنة الدفاع في الجمعية الوطنية الفرنسية توصية بتشكيل فريق مدني أو وكالة، لمتابعة تنسيق المساعدات الإنسانية للبنان، في خطوة اعتبرها "حزب الله" نوعًا من الوصاية الدولية على البلاد، في ظل تردد معلومات عن توجه أمريكي – فرنسي لإرسال بوارج حربية إلى المياه اللبنانية، في إطار تحركات لمساعدة الجيش وقوات "اليونيفيل".
بدوره، أعلن الموفد الرئاسي الفرنسي، باتريك دوريل، بعد لقائه المسؤولين اللبنانيين، عن سعي بلاده لتنظيم مؤتمر دعم دولي للبنان مطلع الشهر المقبل، تزامنًا مع مناقشة السفير المكلف تنسيق المساعدات الدولية في لبنان، بيار دوكان، أهمية انعقاد المؤتمر لدعم الشعب اللبناني، وإعلان وزير التجارة الخارجية الفرنسي، فرانك ريستر، من مرفأ بيروت تخصيص باريس 400 مليون يورو لمشروع منطقة الإهراءات في المرفأ.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أنه توافق مع نظيره الأمريكي، أنتوني بلينكن، على اتخاذ تدابير فرنسية وأمريكية لممارسة الضغوط على المسؤولين عن التعطيل، وذلك في أعقاب توصل قادة الاتحاد الأوروبي إلى وضع إطار قانوني قريبًا، لمسار العقوبات على المسؤولين اللبنانيين.
بالمقابل، دعت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان بعد سلسلة زيارات للمسؤولين اللبنانيين، إلى تمكين الإدارة الانتخابية وهيئات الإشراف بالكامل قبل انتخابات لبنان عام 2022، فيما كانت لافتة إطلالة السفير السعودي، وليد البخاري، من مقر حزب "القوات اللبنانية" وإعلانه في مؤتمر مشترك مع رئيس الحزب، سمير جعجع، عن شروط استئناف التصدير إلى السعودية، من خلال توفير الإجراءات الأمنية المناسبة، والإرادة السياسية الجادة لإيجاد الحل، والقضاء النزيه الذي يواكب الإجراءات الأمنية.
في الشأن الاقتصادي، ومع بلوغ الدولار عتبة 23000 ليرة تزامنًا مع اعتذار "الحريري"، تتفاقم أزمة القطاع الصحي في لبنان مع انقطاع المازوت وتأثير ذلك على حياة المرضى في البيوت وفي المشافي؛ حيث شهد لبنان حالة وفاة مواطن في بيروت جراء انقطاع الأوكسجين، وأعلن مستشفيان حكوميان (سبلين والشحار الغربي) التوقف عن تقديم الخدمات الصحية، في حين أدى انقطاع الدواء عن الصيدليات التي باتت شبه فارغة، وتخوض إضرابات أملًا في إيجاد حل بين مصرف لبنان ووزارة الصحة لتأمين دعم الأدوية، إلى وفاة طفلتين جراء نقص أدوية الحمى.
في الأثناء، أكّد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، محمود محي الدين، أن الصندوق سيخصص لبنان بـ 860 مليون دولار من ضمن برنامج قيمته 650 مليار دولار، توزّع على 190 دولة خلال الشهرين المقبلين، فيما أعلنت السفيرة الإيطالية أن أنشطة بلادها ستتركز في طرابلس ومناطق الشمال. وفي الإطار ذاته، جددت تركيا عبر مجلس الأعمال التركي اللبناني، استعدادها لإعادة إعمار مرفأ بيروت.
أمنيًا، تتوالى المخاوف من الوضع الأمني شمال لبنان لا سيما في طرابلس، مع تصاعد حوادث إطلاق النار والسلب المسلح والإشكالات العائلية المسلحة، والتي كان آخرها في مناطق "البداوي" و"باب الحديد" و"باب التبانة" التي سقط فيها قتيل. من جهة أخرى، نفذت السفارة الروسية والجيش وجهاز أمن السفارات بالأمن الداخلي، مناورة أمنية عسكرية حاكت مواجهة اعتداء من "إرهابيين" على السفارة والمصالح الروسية في لبنان، في حين أوقفت مخابرات الجيش لبنانيًا في عكار لارتباطه بتنظيم "داعش" وتهريب أشخاص عبر الحدود. كما أقدم مجهولون على إحراق منزل مدير عام وزارة الإعلام السابق، محمد عبيد، للمرة الثانية، وهو معروف بمواقفه المناوئة لحركة "أمل" التي كان قياديًا سابقًا فيها.
على صعيد أمني آخر، سقط أكثر من 24 جريحًا من القوى الأمنية وأهالي شهداء انفجار مرفأ بيروت خلال مواجهات عنيفة أمام منزل وزير الداخلية، محمد فهمي، الذي شهد مظاهرات واعتصامات من الأهالي إثر رفض الوزير إعطاء الإذن بملاحقة مدير عام الأمن العام، عباس إبراهيم، بناء على طلب المحقّق العدلي في الملف، طارق البيطار. وكان الأهالي قد اعتصموا أمام مداخل مجلس النواب، ومبنى الأمن العام وقصر عدل بيروت ومنزل وزير الداخلية السابق، نهاد المشنوق، وذلك في أعقاب رد مجلس النواب طلب رفع الحصانات عن "المشنوق" والنائبين، غازي زعيتر وعلى حسن خليل، متذرعًا بوجوب تقديم الأدلة والمستندات التي يستند إليها التحقيق للنظر في طلب رفع الحصانة، وهو ما رفضه القاضي "بيطار".
من جهته، وقّع وزير المالية، غازي وزني، مشروع مرسوم متعلق بإعطاء الهيئة العليا للإغاثة سلفة خزينة بقيمة 75 مليار ليرة لبنانية، لاستكمال المرحلة الخامسة من الخطة الاجتماعية الهادفة إلى مساعدة الأسر الفقيرة، كما طلب موافقة الحكومة على زيادة بدل النقل الذي يعطى للعاملين في القطاع العام، ليصبح 24 ألف ليرة بدلًا من ثماية آلاف ليرة.
في آخر تطورات "كورونا"، دخل لبنان المستوى الثاني من "التفشي الوبائي"، بعدما عادت الإصابات لترتفع بشكل كبير، متجاوزةً حاجز 500 إصابة، وذلك مع تزايد أعداد الوافدين من الخارج. بدوره، أعلن رئيس اللجنة الوطنية لمواجهة "كورونا"، عبد الرحمن البزري، أن نحو 60% من الإصابات الجديدة جاءت نتيجة متحور "دلتا".
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا