استنتاجات الموجز:
غموضٌ يكتنف المشهد السياسي بتونس وسط مطالب داخلية وخارجية بسرعة وضع خريطة طريق المرحلة المقبلة وتشكيل حكومة وإعادة عمل البرلمان والمؤسسات
تماشيًا مع دبلوماسية "إطفاء الحرائق" التي تنتجها الخارجية الجزائرية، قوة البلاد تبرز في فرض وزنها الإقليمي في ظروف جيوسياسية معقدّة
"عرض المصالحة" المغربي للجزائر محاولة جديدة لمد اليد للجارة الشرقية لدفن الخلافات وسط توتر الأجواء الدبلوماسية بالرباط
انقضت في تونس ثلث مدة "الإجراءات الاستثنائية" التي أعلنها رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، المحددة بشهر واحد، دون إعلان عن أي تدابير تعقب القرارات، لتدخل البلاد في نفق مظلم وتأويلات عدّة. وفي حين لم يعيّن "سعيّد" خلفًا لرئيس الحكومة، تتداول الأوساط السياسية أسماء وزراء سابقين ورجال أمن يشتركون في الولاء لـ"سعيّد"، وفي الاستقلالية عن الأحزاب المعارضه له، بينما يبقى تكليف شخصية خارج التوقعات مطروحًا بقوة. وقد أفادت المعلومات بأن "سعيّد" عرض على محافظ البنك المركزي، مروان العباسي، تكليفه لرئاسة الحكومة.
على الصعيد ذاته، بدأ "اتحاد العام للشغل" البحث عن بنود خريطة الطريق لإدارة المرحلة المقبلة، فيما صرّح أمين عام الاتحاد، محمد علي البوغديري، أن "الخريطة تركز على الجانب السياسي والاجتماعي في ظل تفاقم البطالة والجانب الاقتصادي"، منتظرًا تشكيل الحكومة لتقديم الخارطة، التي تحتوي على إجراءات عاجلة، ومسائل تتعلق بنظام الحكم والدستور والانتخابات والاستفتاء والأحزاب"، وبتعيين رئيس حكومة إنقاذ مصغّرة لتفادي “الفراغ السياسي".
في الشقين الأمني والقضائي، شهدت البلاد موجة إقالات لمسؤولين في مؤسسات حكومية ومناصب قضائية، أنهت مهام 30 مسؤولًا، ولم ترافق "سلسلة الإقالات" تفاصيل عن أسبابها، وقد تتوسع لتشمل هياكل محلية مثل إقالة ولاة المحافظات، وتجميد المجالس البلدية.
من جهته، صرح المتحدث باسم القضاء المالي والإداري، محسن الدالي، أن عدد الملاحقين قضائيًا من النواب يبلغ نحو 40 نائبًا، حيث يُلاحق عدد منهم بقضايا خيانة وتحايل وتهرب ضريبي وتبييض أموال وتمجيد الإرهاب وعنف مادي ومعنوي، إضافةً إلى ملفات كبرى قد تُثار في الأيام المقبلة. كما يلاحق القضاء العسكري خمسة نواب عن ائتلاف "الكرامة" في قضية "اقتحام المطار" والاعتداء على أمنه. وأثار التحقيقات تساؤولات حول أهدافها، وسط مخاوف لكونها "حملة انتقام سياسي عبر القضاء"، فيما حذرت حركة "النهضة" من "رد حازم" على الملفات الانتقامية.
في الأثناء، طالب حزب "الشعب يريد" بإقالة مديرة ديوان الرئاسي، نادية عكاشة، ومثولها أمام قاضي التحقيق بشأن قضية "الظرف المسموم"، والتي أقر القضاء بأنها متوقفة على مثول "عكاشة" أمام التحقيق، إلى جانب قضايا أُخرى رفعها سفير تونس السابق في الأمم المتحدة، والتي لم تحضرها "عكاشة" أيضًا.
دبلوماسيًا، استقبل "سعيّد" وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، الذي أبلغه رسالة من الرئيس، عبد المجيد تبون، دون الكشف عن تفاصيلها. وصرح مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي، جيك سوليفان، عن دعمه “الديموقراطيّة التونسيّة، والالتزام بسيادة القانون والمؤسسات”، مضيفًا أنه ناقش مع "سعيّد"، في اتصال هاتفي، العودة إلى “المسار الديموقراطي”، "ورسم خطوط المرحلة المقبلة." كما استقبل "سعيّد" وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، حيث أشار إلى أن المملكة “تحترم قرارات سعيّد" وكلّ ما يتعلّق بالشأن الداخلي، مؤكدًا على وقوف بلاده في كل ما يدعم أمن تونس.
في الشأن الجزائري، وجّهت الأحزاب انتقادات للحكومة بشأن فشلها في إدارة الأزمات الاقتصادية والصحية، بعد تفاقم معدلات البطالة وتدهور القدرة الشرائية، إضافةً إلى ارتفاع الإصابات والوفيات بسبب وباء "كورونا"، واتهمت الحكومة بالعجز عن إيجاد الحلول. من ناحيتها، عبرت "جبهة القوى الاشتراكية" عن قلقها إزاء ما تعتبره "عجز الحكومة منذ توليها الحكم، ما يدل عن غياب مخططها إصلاحي ".
خارجيًا، قام وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، بزيارة إلى عديد من الدول الأفريقية وسط تحولات إقليمية وداخلية، بهدف تقريب وجهات النظر بين مختلف الفاعلين في السياسة الأفريقية خاصةً الليبية والتونيسية، وتأتي جولته تزامنًا مع وساطات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون.
في السياق، أعلن "تبون" أنّ بلاده مستعدة لتقديم الدعم “لحلحلة المشاكل الليبية، وذلك خلال زيارة رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، إلى الجزائر. واعتبر "تبون" أن “الحلّ النهائي للأزمة هو تنظيم انتخابات مزدوجه برلمانية ورئاسية، تعطي شرعية للمجلس الوطني. كما قاد "تبون" مبادرة للتوسط في قضية "سد النهضة" تقوم في الأساس على التوفيق بين مصر والسودان وإثيوبيا، لإقناعهم باللجوء إلى المادة العاشرة لإيجاد وساطة ملزمة تُنهي حالة الجمود.
بموازاة ذلك، قادت الجزائر مبادرة سحب "صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي من إسرائيل"، والتي حصلت عليها بقرار منفرد من رئيس مفوضية الاتحاد، موسى فكي محمد وذلك بعد اتصالات رفيعة المستوى، لصياغة القرار. هذا، إضافةً إلى تطوير المبادرة، لتعديل ميثاق الاتحاد يتضمن عدم السماح لأي دولة من خارج القارة، تقوم على أساس احتلال أراضي الغير، بالحصول على صفة داخل الاتحاد.
أمنيًا، قامت السلطات بترحيل 1200 مهاجر إلى النيجر في حملة "طرد المهاجرين غير النظاميين"، وذلك بمساعدة من وزارة الداخلية الإيطالية بتأمين مستلزمات نقل آمنه. ولاقت الحملة انتقادات من المنظمات غير الحكومية، معتبرةً أنها “حملة كيدية". كما أوقف "الإنتربول" المدير العام السابق لشركة “سوناطراك” النفطية، عبد المؤمن ولد قدور، بمطار دبي، وسلمه إلى السلطات الجزائرية لتورطه في قضايا فساد.
مغربيًا، وفي سياق دفاع رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، المستمر عن حكومته، وصف الحكومة بأنها "حكومة الإصلاحات"، التي "تؤثر إيجابًا لاعتمادها على برامج لبناء المستقبل”، مؤكدًا أنها “اجتماعية بامتياز”. كما رحب "العثماني" بترشح الأمين العام السابق رئيس الحكومة سابقًا، عبد الإله بن كيران، للانتخابات المقبلة، بعد أن جرت تزكيته من طرف قواعد الحزب.
بموازاة ذلك، أعلن الأمين العام السابق لحزب "الاستقلال"، حميد شباط، استقالته من الحزب، ليتمكن من الترشح باسم حزب “الحركة الشعبية”، متهمًا "نزار بركة" بما سماه “التآمر”، ردًا على عدم تزكيته. في السياق، اعتبرت النائبة، حنان رحاب، أن نظام المحاصصة “الكوتا” منع الكفاءات النسائية من دخول البرلمان، موضحةً أن سوق الحملات الانتخابية يتميز بسيطرة المال، أو لجوء البعض إلى الإحسان من أجل استمالة الناخبين.
في شأنٍ منفصل، أعاد الملك، محمد السادس، الحياة للعلاقات المغربية - الجزائرية بعد دعوته "تبون، إلى "العمل سويًا، على تطوير العلاقات الأخوية، باعتبار البلدين "توأمان متكاملان"، بعد التوتر إثر تصريحات "لعمامرة" في دعم حق تقرير مصير سكان الصحراء. وقد لاقت الدعوة ترحيبًا من الأحزاب لا سيما "حزب العدالة والتنمية"، الذي طالب بطي الصفحة والتطلع للمصير المشترك.
في شأن منفصل، وعلى خليفة قضية "بيغاسوس"، رفعت الرباط أربع شكاوى قضائية بتهمة التشهير، في فرنسا ضد وسائل الإعلام التي فجرت قضية برنامج التجسس "الإسرائيلي"، وذلك لاتهام المغرب باستخدام الرنامج للتجسس.
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا