استنتاجات الموجز:
إحباطٌ "إسرائيلي" من تراجع الردع أمام "حماس" مقابل إسناد "إسرائيلي" لسياسة "عباس" الأمنية
"إسرائيل" تترقب مآلات الوضع في لبنان وعشرة محددات "إسرائيلية" للمرحلة المقبلة
شهد الأسبوع الأول من آب/ أغسطس تطورات أمنية وعسكرية إسرائيلية" متلاحقة داخليًا وخارجيًا، بدأت بتراجع الردع أمام حركة "حماس" في غزة، وصمت "إسرائيلي" مطبق على قمع السلطة الفلسطينية لمعارضيها، وحذر "إسرائيلي" في التعاطي مع التطورات الأمنية مع لبنان، فضلًا عن وثيقة "إسرائيلية" تحدد عشر خطوات سياسية وأمنية للمرحلة المقبلة.
فمع مرور ثلاثة أشهر على اندلاع حرب غزة الأخيرة، لا يتردد "الإسرائيليون" في الاعتراف بأن ""حماس بنت نفسها عسكريًا من العدم، وأثبتت مكانتها بفضل المقاومة، وحولتها لعملية ناجحة وقاعدة سيادية بثمن باهظ، واشتهرت باختطاف الجنود، وإطلاق سراح أسرى من السجون بصفقات تبادل، وتحولت إلى ظاهرة مقلقة لـ"إسرائيل"، ثم منظمة ذات سيادة وسيطرة على بقعة جغرافية واسعة.
كما خرجت المزيد من النتائج والاستخلاصات "الإسرائيلية" من الحرب الأخيرة، ولعل النتيجة الأكثر وضوحًا أن "حماس" تعلّمت كثيرًا من المواجهات العسكرية السابقة، بدليل ما تشهده حدود غزة اليوم من اختبارات أعصاب حادة من خلال البالونات الحارقة، والتردد "الإسرائيلي" في الرد عليها.
هذا، مع العلم أن "إسرائيل" "تغنّت" بترديد عبارة أن الهدوء الأمني في الجنوب مع غزة استطاع الصمود بسبب ردع "حماس" منذ حرب 2014، وحاول الجيش إقناع "الإسرائيليين" بأن الوضع في القطاع قد تغير، حتى جاءت الحرب الأخيرة لتظهر أن "إسرائيل" وقعت في شرك "معادلة الصمت".
والخلاصة "الإسرائيلية" أن الهدوء الأمني في غزة مضلل من الناحية العملية؛ فقد عززت "حماس" قدراتها، ومع مرور الوقت فإن الجيش الذي بنته سيزداد قوة، وبالتالي سيكون الوضع في الجنوب معها نسخة مكررة من الحروب السابقة، وربما أقسى وأقوى، والدليل على ذلك أن الجيش يخشى أنه حين يرد بقوة على إطلاق الصواريخ أو البالونات من غزة أن يتوتر الوضع مع الحركة، ما يعني أن "إسرائيل" أمام وضع معقد فعلًا.
بالمقابل، تتابع "إسرائيل" عن كثب إجراءات السلطة الفلسطينية، عبر تقييد الحريات وزيادة الاعتقالات السياسية ضد خصومها، لكنها بقيت صامتة دون إعراب عن قلق أو تحفظ أو حتى مطالبة بتشكيل لجنة تحقيق، بسبب مصالحها الأمنية معها. ولعل ذلك ما يدفع السلطة الفلسطينية لتجاهل الانتقادات الدولية القاسية، ومواصلة سياسة "تكميم الأفواه"، ورغم كل ذلك فإن "إسرائيل" ليست مكترثة لهذه المسائل، طالما أن السلطة ذاتها تخدم مصالح "إسرائيل" الأمنية.
في هذا الإطار، تزعم "إسرائيل" أن التزامها الصمت في السلوك الأمني الداخلي للسلطة الفلسطينية تجاه مواطنيها، يأتي بزعم أنها لا تتدخل في شؤونها الداخلية، لكن الحقيقة أنها تخشى انهيار السلطة وصعود "حماس" في الأراضي الفلسطينية. وهكذا تسمح لـ"عباس" بفعل ما يشاء مع خصومه السياسيين، وطالما أنه يشعر بالتجاهل "الإسرائيلي" إزاء ممارساته، فهو يسعى للاستفادة الكاملة منها.
من جهتها، تدرك المنظومة الأمنية "الإسرائيلية" مرامي السلوك السياسي والأمني للسلطة الفلسطينية، خاصةً مع ضعف صحة "عباس" بسبب تقدمه في السن، ما ينذر بنشوب معركة خلافته، وحينها سيكون الأمر بالغ الصعوبة على "إسرائيل" للتدخل فيها، رغم التقدير "الإسرائيلي" السائد بأنها ستكون دامية.
إقليميًا، تشهد المؤسسة الأمنية "الإسرائيلية" تداول روايات متكررة حول إطلاق الصواريخ من لبنان، وهي المرة الخامسة في الآونة الأخيرة، رغم التقييم الأولي بأن ذلك يعتبر بالنسبة لـ"حزب الله" حلًا مناسبًا لأزمته الداخلية، لكن مع مرور الوقت فإن إعادة إطلاق الصواريخ من "إسرائيل" ستتطلب أن تدرس بعمق إذا كان هناك تغيير جوهري وعميق في المنطقة.
في السياق ذاته، دفع إطلاق الصواريخ الأخير من لبنان باتجاه شمال فلسطين المحتلة بالأوساط "الإسرائيلية"، لاستعادة ما شهدته حرب غزة الأخيرة من صواريخ من لبنان ربطته بمنظمات فلسطينية على صلة بـ"حماس"، رغم أنه لمدة 15 عامًا منذ حرب لبنان الثانية، وباستثناء الأحداث الاستثنائية التي رد فيها "حزب الله" على العمليات "الإسرائيلية"، لم يكن هناك مثل هذا التسلسل للأحداث التي يبدو أنه ليس له سبب واضح، رغم أن لدى الطرفين الكثير ليخسراه من نشوب أي صراع في المنطقة. لذلك تصرفت "إسرائيل" و"حزب الله" للحفاظ على الهدوء على الحدود الشمالية، بشكل مختلف تمامًا عن خط الصراع العنيف في الجنوب مع غزة.
الخلاصة أن هذه الصورة تتغير بسرعة في الأسابيع الأخيرة أمام أعين "الإسرائيليين"، ويبدو أن مصلحة من يطلق الصواريخ من لبنان، تزامنًا مع وتيرة الأحداث وإلحاحها، تشير إلى أن هناك من يريد عدم استمرار هدوء الحدود الشمالية، وعلى أقل تقدير لو أزعج هذا السلوك "حزب الله"، ربما لتصرف بشكل عدواني للغاية ضد من نفذ إطلاق الصواريخ. وإذا لم يحدث هذا الآن، فمن المحتمل أن يكون الحزب غيّر شيئًا جوهريًا في الوضع، وهو ما تجسد فعليًا في إعلانه عن مسئوليته بإطلاق الصواريخ لاحقًا.
من جهة أخرى، أصدر معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب وثيقة رصدت عشر استراتيجيات "إسرائيلية"؛ أولها الحفاظ على التماسك الوطني، لأنه شرط ضروري لمرونة "إسرائيل" في الاختبارات الأمنية الصعبة التي تواجهها، واستعدادًا لتحركات حرب محتملة. والثانية وقف إيران عن برنامجها النووي، بمواصلة "المعركة بين الحروب" لمحاصرة "دائرة النار" التي تحيط بـ"إسرائيل". والثالثة الاستعداد لمجموعة متنوعة من السيناريوهات القتالية، خاصةً الحرب الصاروخية متعددة الساحات، وبناء قوة برية قادرة على المناور، ونقل القتال لأرض العدو.
هذا، بينما يتمثل المحدد الرابع في الحفاظ على دعم الولايات المتحدة لـ"إسرائيل" كمسألة مشتركة بين الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، فليس من بديل "إسرائيلي" عن الدعم الأمريكي. والاستراتيجية الخامسة هي وضع القدس المحتلة على رأس قائمة الأولويات الحكومية، لأن حرب غزة الأخيرة أكدت المحاولات الفلسطينية لتحدي سيطرة "إسرائيل" على المدينة المقدسة. والسادسة هي إدارة الصراع مع الفلسطينيين على أساس الاعتراف بأن التسوية الدائمة مع الفلسطينيين ليست على عتبة الباب.
أما المحدد السابع فهو منع "حماس" من السيطرة على السلطة الفلسطينية بعد "عباس"، والحفاظ على التعاون الأمني والاستمرار في سياسة "جز العشب"، بتوجيه ضربات قوية لـ"حماس". والمحدد الثامن هو الجمع بين التطبيق المتزايد والتعامل مع محنة فلسطينيي48، فيما يعتبر المحدد التاسع إعطاء الأولوية لمصر والأردن، مع توسيع اتفاقات التطبيع. هذا، بينما كان المحدد العاشر هو تنمية العلاقات الاستراتيجية مع الهند، وتجنب القطيعة مع الصين، والسعي لإقامة علاقات مفتوحة مع إندونيسيا وبنغلادش.
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا