استنتاجات الموجز:
اتصال "أردوغان" بـ"قيس سعيد" يظهر توجه تركيا لترجيح الخطوات الدبلوماسية على التصعيدية التي انتهجتها في انقلابات الدول الأخرى
المعارضة التركية تصعد من حملاتها ضد اللاجئين تزامنًا مع حملتها على حكومة "أردوغان" بسبب استمرار حرائق الغابات
بعد أن تصدرت تركيا المواقف الدولية الرافضة لقرارات الرئيس التونسي، قيس سعيد، بإقالة الحكومة وتجميد عمل البرلمان والتي اعتبرت بمثابة "انقلاب دستوري"، يبدو أن الخطوات الأخيرة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تظهر استبدال لغته التقليدية المتمثلة بـ"الخطابات النارية" باللجوء هذه المرة إلى الاتصالات الدبلوماسية، في محاولة للخروج بأقل خسائر ممكنة من هذه الأزمة التي فرضت نفسها على أنقرة، في الوقت الذي كانت تسعى فيه لتحسين علاقاتها الدبلوماسية لا الدخول في أزمة مع دولة جديدة.
وبالنظر للخطوات والاتصالات الأخيرة التي قام بها "أردوغان" في الملف التونسي، وصولًا للاتصال المباشر مع "سعيد" وما سبقه مع اتصالات مع رئيس جارتها الجزائر، فإن سياسة جديدة مختلفة تمامًا تظهرها تركيا حاولت من خلالها التأكيد على ما تعتبره موقفًا مبدئيًا رافضًا للانقلابات بكافة أشكالها وتحت أي ظروف، وبين رغبتها في عدم الدخول في صدام قد يفتح الباب أمام أزمات كبيرة مع دول جديدة، وهو ما يتعارض مع توجهها الجديد بإعادة رسم السياسة الخارجية وتحسين العلاقات مع دول المنطقة بشكل عام.
وقبيل ذلك، بحث "أردوغان" مع نظيره الجزائري، عبد المجيد تبون، في اتصال هاتفي التطورات الأخيرة في تونس، فيما وردت بعض التسريبات العربية عن جهود تركية لعقد قمة ثلاثية قريبة، تجمع رؤساء كل من تركيا والجزائر وتونس لبحث التطورات الأخيرة، سعيًا من تركيا والجزائر لاحتضان تونس ومنع انزلاقها للمعسكر الإماراتي السعودي أو الحفاظ على موقف متوازن منها، حتى لا تتحول إلى تجربة مصرية جديدة، لكن التكهنات حول القمة لم يتم تأكيدها من الجهات التركية الرسمية بعد.
على الصعيد الإقليمي أيضًا، التقى "أردوغان" رئيس الوزراء الليبي، عبد الحميد الدبيبة، في إسطنبول بعد لقاءات ثنائية بين الجانبين، ثم مشاركة وفدي البلدين في الاجتماع. وعلى الصعيد الدولي، بحث متحدث الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، ومستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، في اتصال هاتفي، العلاقات الثنائية وعددًا من القضايا الإقليمية، على رأسها تونس وأفغانستان وأذربيجان، وتناولا سبل التركيز على أجندة إيجابية بين البلدين، والخطوات الواجب اتخاذها لتعزيز التعاون الثنائي، وشدّدا على ضرورة تحفيز إعادة إرساء النظام الديمقراطي في تونس مجددًا. هذا، بينما توجه "أردوغان" بالشكر إلى زعماء كل من روسيا وأذربيجان وإيران وإسبانيا وكرواتيا وأوكرانيا وقطر، على دعمهم عمليًا ولوجستيًا لتركيا في عمليات إخماد حرائق الغابات.
على صعيد خارجي آخر، شارك رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، في مراسم أداء الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، لليمين الدستورية والتقى نظيره الإيراني، محمد باقر قاليباف، و"رئيسي" قبل المشاركة في مراسم أداء لليمين الدستورية، وجرى مناقشة سبل تعزيز العلاقات، وسبل منع توافد اللاجئين الأفغان عبر الحدود الإيرانية إلى تركيا.
داخليًا، دعا مجلس الأمن القومي التركي أرمينيا للتخلي عن خطاباتها وتصرفاتها العدائية، والالتزام بتعهداتها وتطوير علاقات التعاون مع دول المنطقة، مشدّدًا على ضرورة اغتنامها فرصة السلام والاستقرار التي ظهرت بعد فترة طويلة في منطقة جنوب القوقاز. كما دعا المجلس الأطراف المعنية بالقضية القبرصية لتكون جزءًا من الحل، بدلًا من الإصرار على مواقفها الرافضة للتوافق، وأن تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية تعتبران أن حل الدولتين في الجزيرة، سيوفر الأمن والاستقرار والرخاء لكلا المجتمعين التركي والرومي.
داخليًا أيضًا، شكّلت الحرائق مسرحًا للاتهامات المتبادلة بين أحزاب المعارضة والحكومة؛ فرغم وجود عدد من الوزراء في منطقة الحرائق والإشراف عليها في غرف عمليات، إلا أنّ المعارضة وجدت الأمر مسار جدل جديد، تفاعل معه الإعلام وكتاب ومفكرين بحسب اتجاهات وميولهم، فضلًا عن تفاعل رواد منصات التواصل الاجتماعي بكثافة معها.
بدورها، نجحت فرق الإطفاء التركية في السيطرة على 209 حرائق اندلعت في 47 ولاية منذ الـ28 تموز/ يوليو الماضي، وأسفرت عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة 916 شخصًا بجروح في ولايتي أنطاليا وموغلا فقط، ولا يزال 47 شخصًا منهم يتلقون العلاج.
في السياق، بدا موضوع طائرات الإطفاء القديمة غير المحدثة الموجودة لدى هيئة الطيران التركية إحدى أبرز نقاط الخلاف بين الجانبين؛ حيث تركز المعارضة على تعمد إهمال الحكومة لمؤسسة الطيران، على اعتبار أنّ إدارييها محسوبون على المعارضة، وعدم العمل على تطوير الطائرات، وتعيين قائم وصي عليها بعد اتهامات بالفساد طالت مديرها السابق، عثمان يلدريم. كما شكّل موضوع الدعم الخارجي والمطالبات بـ"مساعدة تركيا" التي صدرت من قبل مشاهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي ميدانًا للسجال أيضًا؛ إذ اعتبرت المعارضة أنّ الحكومة عاجزة عن السيطرة على الحرائق، فيما رفض الموالون للحكومة هذا التقدير باعتبار أنّ الحكومة قادرة على السيطرة على الموقف دون الحاجة للدعم الخارجي.
في سياق منفصل، غادر "ضياء سلجوق" منصبه كوزير للتعليم ليحل محله "محمود أوزر"، وذلك بعد نُشر القرار في الجريدة الرسمية بتوقيع الرئيس "أردوغان"، حيث تم تعيين كل من "أحمد إيمري بيلغيلي" و"بيتيك أكشار" و"صدري شنسوي" نوابًا لوزير التعليم، دون الكشف عن الأسباب الحقيقة لتغيير الوزير، بينما ترجح مصادر صحفية أنها بسبب إخفاق الوزير في إدارة المسيرة التعليمية خلال جائحة "كورونا".
إلى ذلك، تصاعدت حملة المعارضة التركية على اللاجئين السوريين تزامنًا مع زيادة توافد أعداد اللاجئين الأفغان، الذين دخلوا عبر الأراضي الإيرانية إلى الولايات التركية المختلفة. ووعد زعيم "حزب الشعب الجمهوري"، كمال كيلجدار أوغلو، بتغيير السياسة الخارجية لبلاده التي جاءت بثلاث ملايين وستمائة ألف لاجيء سوري لتركيا، والتي بدأت تضر تركيا وتضر المنطقة وتضر أوروبا، مؤكدًا أنه سيشكل منظمة السلام والتعاون لدول الشرق الأوسط، بالتعاون بين تركيا إيران العراق سوريا، وبانضمام دولة الاحتلال ومصر، وأنه سيعيد السوريين مع الطبل والمزمار.
تزامنًا مع ذلك، وافق مجلس بلدية بولو الذي يسيطر عليه "حزب الشعب الجمهوري" على مقترح تقدم به رئيس البلدية، تانجو أوزجان، ويقضي برفع أسعار بعض خدمات البلدية ومنها فاتورة المياه وخدمات النظافة للأجانب إلى عشرة أضعاف. وعقب الموافقة على القرار من قبل المجلس العام للبلدية، نُقل إلى لجنة خاصة (لجنة الميزانية) للبدء بتحويله إلى قانون ليدخل عقب ذلك حيز التنفيذ. ويهدف القرار لإجبار اللاجئين السوريين على مغادرة المحافظة عقب فشل سلسلة الضغوط التي اتخذها سابقًا في إجبارهم على ذلك.
أمنيًا، فرضت السلطات التركية حظر تجول في أربعة أحياء بمنطقة نصيبين التابعة لولاية ماردين، مع إطلاق عمليات عسكرية وأمنية ضد مسلحي "حزب العمال الكردستاني"، بهدف تأمين المنطقة والممتلكات فيها، وذلك بعد تلقيها معلومات أمنية تفيد بتواجد عناصر وقياديين في الحزب بها، فضلًا عن وجود مخابئ وأقبية ومستودعات للحزب. وتهدف العمليات للقضاء على هذه العناصر وإلقاء القبض عليها، وتدمير المخابئ والمستودعات، فيما سلّم عنصر من تنظيم "بي كى كى" نفسه إلى الجيش التركي بإحدى القرى الحدودية، بعد أن فر من أحد معسكرات التنظيم، بينما تم تحيد مدرجة على القائمة البرتقالية للمطلوبين، كانت أحد عنصرين تم تحييدهما بريف ولاية هكاري في إطار عمليات "أرن 14".
عسكريًا، صادق الرئيس "أردوغان" على قرارات مجلس الشورى العسكري الأعلى، والتي بمقتضاها تم إحالة قائد القوات البرية، أوميت دوندار، للتقاعد بسبب بلوغه السن القانوني، وتم تعيين الجنرال، موسى أفسور، بدلًا منه. وقرر المجلس تمديد مهمة قادة القوات الجوية، حسن كوتشوك أكيوز، والبحرية، عدنان أوزدال، لمدة عام إضافي، فيما تقرر خلال الاجتماع ترفيع 17 جنرالًا وأميرالًا إلى رتب أعلى، إلى جانب ترفيع 56 عقيدًا إلى رتبة جنرال وأميرال، وتمديد مهمة 44 جنرالًا وأميرالًا لمدة عام، و320 عقيدًا لمدة عامين إضافيين.
بدوره، شارك وزير الدفاع الوطني التركي، خلوصي آكار، في الحفل الختامي للدورة المتخصصة للقوات الخاصة "قوات بوردو بيرلي"، والتي استمرت لمدة 47 أسبوعًا خضع خلالها 173 عنصرًا لتدريبات قاسية وخاصة.
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا