استنتاجات الموجز:
تشابك المصالح الروسية الإيرانية يعمّق أزمة الجنوب السوري إثر رفض النظام وإيران تقديم أي تنازلات وإصرارهما على اقتحام وإخضاع محافظة درعا
تنسيق النظام و"قسد" لزعزعة الاستقرار بمناطق النفوذ التركي هدفه خلط الأوراق وإحداث تغيير بالمعادلات شمال سوريا بعد توصل تركيا وروسيا لاتفاق على استمرار الهدوء
ما زالت أحداث وتطورات درعا بالجنوب السوري، العسكرية والأمنية، تُهيمن على ما عداها من أحداث في سوريا؛ حيث لم تتغير الأوضاع من جهة محاولات النظام إخضاع الأهالي وفرض سيطرته وسطوته بالقوة على "مناطق المصالحات"، في ظل تحذيرات من ازدياد مساحة النفوذ الإيراني في الجنوب، إذا لم يستطع الروس كبح جماح المجموعات الموالية لطهران، التي يبدو أنها تتحفز لبدء عمل عسكري واسع النطاق.
وتزداد الأزمة تعقيدًا بسبب تشابك المصالح بين الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة جنوب سوريا، ورفض النظام تقديم أي تنازلات. ورغم أن أهالي درعا قدموا تنازلات لتجنّب الحرب، واقترحوا على الروس تأمين ممر آمن لمن يرغب بالنزوح، إما باتجاه الأردن أو الشمال السوري، ليدخل النظام بقواته إلى أحياء خالية من سكانها، لم تفلح الجهود الروسية بالتوصّل إلى حل للأزمة، إذ لا يزال النظام يصرّ على إخضاع أحياء منطقة درعا البلد، سلمًا باتفاق وفق شروطه، أو حربًا من خلال اقتحام هذه الأحياء، ما يعرّض آلاف المدنيين لعمليات انتقامية واسعة النطاق، والذين تتفاقم أوضاعهم الإنسانية.
وبانتظار خطوة روسية جديدة لفرض اتفاق يُجنّب المنطقة عملًا عسكريًا ومصيرًا مجهولًا لآلاف المدنيين، في حال قرر النظام والمجموعات الإيرانية تنفيذ تهديداتهم باقتحام المدينة، يعمّ إضراب شبه كامل عموم محافظة درعا، للضغط عل الجانب الروسي للجم قوات النظام. وتزامنًا مع ذلك، تحاول مجموعات تضمّ مقاتلين محليين تخفيف الضغط عن أحياء درعا البلد، باستهداف مراكز وحواجز عسكرية للنظام، حيث استهدفت إحداها بالرصاص حاجزًا لجهاز المخابرات الجوية بريف درعا الأوسط، فيما استهدفت مجموعة أخرى بالأسلحة الرشاشة الحاجز العسكري بريف درعا الغربي، في حين شهدت بلدة جاسم في ريف درعا الشمالي اشتباكات "عنيفة" حول المركز الأمني في البلدة.
إلى ذلك، واصلت قوات النظام الضغط العسكري على الأهالي بدرعا، بعد محاولات عديدة لاقتحام المنطقة، حيث قصفت بالمدفعية الثقيلة والصواريخ المساجد في درعا البلد، إضافةً لاستهداف عدة بلدات وقرى بريف درعا الغربي والشرقي، من مواقع تمركزها في كتيبة المدفعية 285 و"اللواء 12" بمدينة إزرع. كما استقدمت "الفرقة الرابعة" مزيدًا من قواتها العسكرية إلى درعا، لتعزيز تواجدها على أطراف درعا البلد وبريف درعا الأوسط.
بموازاة ذلك، عاد القصف ليستهدف مناطق النفوذ التركي شمال سوريا، حيث شهدت مناطق متفرقة تصعيدًا متواصلًا من قبل قوات النظام و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد). وغم التضارب حول من يقف وراء القصف الذي استهدف مدينة الباب شمال شرق حلب، بين كل من قوات النظام من جهة و"قسد" من جهة أخرى، فإن تجدد الاستهداف بحد ذاته يفتح المجال أمام سيناريوهات واحتمالات تفجّر الوضع في مناطق النفوذ التركي أو محيطها. ويعود السبب إلى تزايد المناوشات بين "الجيش الوطني السوري" المعارض والقوات التركية من جهة، و"قسد" من جهة أخرى.
وكانت عدة غارات قد استهدفت مدينة الباب من مناطق عديدة تُسيطر عليها "قسد" ومناطق أخرى تُسيطر عليها قوات النظام، ما أوقع قتلى وجرحى بصفوف المدنيين. وردًا على هجوم مدينة الباب، استهدف الجيش التركي مواقع لـ"قسد" بمنطقة "درع الفرات"، حيث قتلى 6 عناصر من "قسد".
إلى ذلك، واصلت قوات النظام والطيران الحربي الروسي تصعيدهما استهدفها لمناطق بشمال غرب البلاد، حيث استهدفت قوات النظام والطيران الروسي مناطق بجبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي ومناطق بريف إدلب الغربي، ما أدّى لمقتل مدنيين وإصابة آخرين، تزامنًا مع تصعيد القصف على مناطق بريف حلب. كما استهدفت قوات النظام قرى وبلدات بريف حماة الغربي، أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بصفوف المدنيين. بالمقابل، شنّ مسلحون تابعون لغرفة عمليات "الفتح المبين" هجومًا على مواقع قوات النظام جنوب إدلب، ما أدلى لقتل وجرح ما لا يقل عن 10 عناصر لقوات النظام.
في غضون ذلك، شهدت مدينة حلب إضرابًا شبه عام، احتجاجًا على ابتزاز عناصر الحواجز الأمنية لأصحاب المحال التجارية، وزيادة "التشليح" ومساومة رجال الأعمال وناقلي البضائع عند الحواجز داخل المدينة. وتوسعت رقعة الإضراب بعد الدعوات المتكررة من نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها "صفحة ثورة جياع حلب"، وتأييد من التجار وأصحاب المحال نتيجة انتشار القوى الأمنية بالأسواق خلال الفترة الأخيرة. وكانت دوريات النظام كتبت مخالفات غيابية بحق المحال المغلقة، لكن ذلك لم يثن التجار، بل استمر الإضراب حتى تحقيق المطالب وفي مقدمتها الرجوع عن قرار إغلاق المحال مساء وسحب القوى الأمنية من الأسواق، وعدم تعرض عناصر الحواجز الأمنية لسيارات رجال الأعمال أو التي تنقل السلع والبضائع.
في شأنٍ منفصل، اتهم إعلام النظام القوات الأمريكية في محافظة الحسكة بالعمل على تجنيد أبناء العشائر، في مجموعات مسلحة جديدة تعمل بأوامر واشنطن. ونقلت صحيفة "الوطن" عن "شيوخ ووجهاء من العشائر العربية" في القامشلي والحسكة أن دوريات تابعة لواشنطن تقوم بجولات في المنطقة، بهدف إقناع أبناء العشائر العربية بالانتساب إلى المجموعات، زاعمةً أنّ واشنطن "تعمل على تقديم مغريات مالية سعيًا وراء الدفع بشبان تلك المناطق للانتساب لهذه المجموعات. من جانبه، نفى المتحدث العسكري باسم عملية "العزم الصلب" التابع للتحالف الدولي، واين ماروتو، تلك الاتهامات، وقال إن تمتين العلاقة مع المجتمعات المحلية في سوريا مهم في التصدي لـ"داعش"، وضمان استقرار شمال شرق سوريا.
في الأثناء، شهدت الجهة الجنوبية لمدينة الحسكة استنفارًا مكثفًا لـ"قسد" بدعم جوي من قبل قوات التحالف الدولي، حيث أغلقت عدة طرق وأقامت حواجز أمنيّة، وسط توارد أنباء من المنطقة عن عصيان لأفراد تنظيم "داعش" المعتقلين داخل سجن "الصناعة" وسط الحي. كما عمدت الشرطة العسكرية إلى إقامة حواجز عسكرية في عدة مناطق بهدف سوق الشبان إلى التجنيد الإجباري.
في الشأن السياسي، أصدر رئيس النظام، بشار الأسد، "المرسوم رقم 208 للعام 2021" القاضي بتشكيل حكومة جديدة برئاسة، حسين عرنوس، وذلك بعد قرابة أسبوع من تكليف الأخير بتشكيل الحكومة. ولم يطرأ أي تغيير على أبرز الوزارات في الحكومة الجديدة، ولا سيما وزارتي الداخلية والدفاع، إذ بقي "علي أيوب" وزيرًا للدفاع ونائبًا لرئيس الحكومة، في حين بقي "محمد الرحمون" وزيرًا للداخلية، كما بقي "محمد السيد" في وزارة الأوقاف، بينما تضمنت التشكيلة الحكومية "فيصل المقداد" وزيرًا للخارجية والمغتربين.
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا