استنتاجات الموجز:
الكوارث الطبيعية الأخيرة تثقل كاهل الحكومة التركية وتزيد الضغوط على الاقتصاد الذي ما زال يحاول التعافي من آثار "كورونا"
زيارة "البرهان" إلى أنقرة تزيل مخاوفها حول مسار العلاقات عقب التحولات التي شهدها السودان
ما كادت تهدأ ألسنة اللهب التي أتت على مئات الهكتارات في الغابات جنوب وغرب تركيا طوال الأسبوعين الماضيين، في كارثة حرائق هي الأصعب في تاريخ الجمهورية التركية، حتى عادت السيول لتضرب مجددًا ولايات شمال تركيا (سينوب وبارتين وقسطمونو)، مخلفةً دمارًا هائلًا في الأرواح والممتلكات، وهو ما تسبب في إرهاق كبير للجهات الرسمية وفرق الإنقاذ والهيئات الإغاثية، التي بدأت على الفور تركيز جهودها من أقصى جنوب البلاد إلى شمالها.
كما أدى ترافق الأزمات إلى زيادة الضغوط الاقتصادية على الحكومة التركية، حيث تعهد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بتعويض كافة المواطنين المتضررين من السيول شمال البلاد، بعد أيام فقط من تعهده بتعويض كافة المواطنين المتضررين من الحرائق جنوبها وما يشمل ذلك من دفع تعويضات ومساعدات والبدء في مشاريع لإعادة بناء آلاف الوحدات السكنية، في فاتورة اقتصادية باهظة تأتي في وقت كانت تحاول فيه البلاد التعافي من الآثار الاقتصادية الصعبة لانتشار فيروس "كورونا".
بدورها، تواصل فرق الإنقاذ التي قَدمت من ولايات مجاورة للولايات التي ضربتها السيول، عملها في البحث عن المفقودين، وإزالة ما خلفته السيول من دمار كبير في البيوت والبنى التحتية والمحلات التجارية. وتدخلت قوات من الجيش لإنقاذ وإجلاء العديد من المواطنين جوًا بواسطة مروحيات تابعة للجيش، في حين سحبت السيول العديد من الجثث إلى البحر حيث ارتفعت حصيلة القتلى المؤكدة إلى 59 شخصًا، وسط تخوفات من وجود عشرات المفقودين يمكن أن يكونوا في عداد القتلى، فيما وصل منسوب المياه إلى ثلاثة وأربعة أمتار في بعض المناطق.
وكعادتها، لم تفوت المعارضة التركية كارثة السيول لتوجيه انتقادات للحكومة، حيث هاجمتها لإعلانها عن حملة جمع تبرعات ونشر حسابات بنكية للتبرع لصالح المتضررين، وقامت بحملة على مواقع التواصل الاجتماعي بنشر بعض أنواع السيارات الفارهة لمسؤولين للحكومة تزامنًا مع الإعلان عن حملة التبرعات.
إلى ذلك، لقي ثمانية أشخاص مصرعهم بينهم خمسة عسكريين روس وثلاثة أتراك، جراء تحطم طائرة إطفاء روسية في ولاية كهرمان مرعش كانت استأجرتها المديرية العامة للغابات التركية للمشاركة في إخماد الحرائق.
من جهة أخرى، أدت الخطابات السياسية العنصرية من قبل المعارضة التركية ضد اللاجئين السوريين، إلى تصاعد حالة العنف في عدد من المدن التركية والتي كان آخرها في أنقرة؛ حيث قُتل مواطن تركي على يد مواطن سوري، ما آثار حالة من الغضب في صفوف الشارع التركي، وجرى تنظيم مظاهرات ضد اللاجئين في أنقرة تخللها عمليات تخريب لممتلكات السوريين وبيوتهم.
وتزامنًا مع هذه المظاهرات، جدّد زعيم "حزب الشعب الجمهوري"، كمال كلجدار أوغلو، في تصريحات جديدة له، تعهده بإعادة السوريين إلى بلادهم حال توليه السلطة، مؤكدًا أنّ "إرسالهم لن يكون إلى الصحارى بل عبر تأسيس ظروف عودتهم"، منتقدًا سياسة الحكومة، ومعتبرًا أنّ "الهجرة غير الشرعية هي أكبر مشاكل تركيا".
وعلى خلفية هذه المظاهرات، أوقفت الأجهزة الأمنية في أنقرة 76 مشتبهًا به في أعمال الشغب التي حصلت أثناء تظاهرات في منطقة ألتن داغ بأنقرة، والتي استهدفت تخريب ممتلكات السوريين، وتبيّن أنّ 38 من بين المعتقلين لديهم سجلات أمنية ومتورّطون بأحداث إجرامية مثل السرقة والاعتداء على الآخرين والنهب، وتعاطي المخدرات وغيرها. ونقلت وسائل إعلام تركية اتخاذ قوى الأمن إجراءات أمنية مشدّدة في المنطقة، ونشر عناصر أمنية وتسيير دوريات، كما أظهرت مشاهد أضرارًا لحقت بمتاجر السوريين تحمل كتابات باللغة العربية، فيما أغلقت المحلات أبوابها في مساع لترسيخ الهدوء في المنطقة.
في السياق ذاته، رحّلت تركيا خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري 37 ألف مهاجر غير نظامي، دخلوا البلاد بصورة غير قانونية، وكانوا موزعين على مراكز ترحيل موجودة في 22 ولاية، وبينهم 12 ألفًا و893 أفغانيًا وخمسة آلاف و840 باكستانيًا، فيما يحمل الآخرون جنسيات دول أخرى.
خارجيًا، أزالت زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، التي أجراها إلى تركيا الكثير من مخاوف أنقرة، حول مسار علاقات الخرطوم الجديدة بعد تلك التحولات. وبقدر الأهمية التي صاحبت الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها بين الجانبين، إلا أن الشىء الأهم في تلك التعاقدات بالنسبة لتركيا هو أن السودان ماض في التعاقدات والاتفاقيات التي وُقّعت في السابق، ويجرى عليها بعض التحديث في المرحلة الحالية.
بالمقابل، لا زال الغموض يكتنف مصير اتفاقية جزيرة سواكن التي جرى توقيعها في عهد الرئيس السابق، عمر البشير، لكن الأجواء تشير إلى تفاهمات كبرى وعلاقات استراتيجية، حيث يقوم السودان بتخصيص 100 ألف هكتار (مليون فدان) من الأراضي الزراعية لتشغيلها من قبل تركيا. كما أن مشروع إنشاء مطار الخرطوم من قبل الشركات التركية مستمر أيضًا، علاوةً على أن التنسيق العسكري وتزويد السودان بالسلاح باق كما هو.
خارجيًا أيضًا، تأتي زيارة وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، إلى الجزائر بدعوة من نظيره، رمطان لعمامرة، بعد أسبوعين من اتصال بين الرئيس التركي، ونظيره الجزائري، عبد المجيد تبون، لإكمال المشاورات السياسية المنتظمة بين البلدين، ولإجراء بحث مفصل لوضع العلاقات الثنائية التي تطبعها ديناميكية إيجابية، والتي تجسدت من خلال حوار سياسي رفيع المستوى والتقدم الهام الذي تم إحرازه في مجال التعاون الاقتصادي بين البلدين. وتبادل الطرفان وجهات النظر حول أهم القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بهدف تكريس تقليد التشاور والتنسيق خاصةً الوضع في ليبيا والحلول المطروحة لحلحة الأزمة.
في سياق منفصل، قدمت تركيا تعازيها إلى لبنان في ضحايا انفجار خزان وقود في قضاء عكار، راح ضحيته 28 شخصًا، وأعربت عن استعدادها لاستقبال الجرحى، وإرسال فريق طبي للمساهمة تضميد جراح المصابين.
أمنيًا، قتلت الشرطة التركية مسلحًا يحمل حزامًا ناسفًا، حاول تفجير نفسه أمام عناصر الشرطة في مدينة نصيبين الحدودية مع سوريا التابعة لولاية ماردين، حيث اشتبهت الشرطة بالمسلح كما اشتبهت بدخوله من سوريا، فأمرته بالتوقف بعد مراقبته، إلا أنه استمر بالمسير باتجاه عناصر الشرطة محاولًا تفجير الحزام الناسف. ومع رفض المسلح التوقف تم إطلاق النار بدايةً في الهواء لكنه لم يمتثل، ليتم إطلاق النار عليه بشكل مباشر وقتله، ليتبين أنه يحمل متفجرات تزن 2.5 كلجم، وأنه يحمل الجنسية السورية، ليجرى إطلاق عملية أمنية واسعة واتخاذ تدابير أمنية عقب الحادث.
عسكريًا، تسلم الفريق "موسى أف سيفر"، قيادة القوات البرية التركية من سلفه، أوميت دوندار، بعد إحالة الأخير إلى التقاعد لبلوغه السن القانوني. وجرت مراسم التسليم في قيادة القوات البرية بأنقرة، بحضور وزير الدفاع، خلوصي أكار، وقائد الأركان، يشار غولِر، وقائدي القوات البحرية، عدنان أوزبال، والجوية، حسن كوتشوك أق يوز.
من ناحيته، أعلن وزير الدفاع تحييد 22 إرهابيًا في الساعات الأخيرة شمال سوريا والعراق، مبينًا أنه تم تحييد 14 إرهابيًا أثناء محاولتهم التسلل إلى منطقة عملية "نبع السلام" شمال سوريا، وستة آخرين في منطقة غارا، واثنين في منطقة هاكورك شمال العراق.
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا