استنتاجات الموجز:
استدارة لافتة في الدبلوماسية الأردنية تنبئُ بانفتاح على أنقرة توازيًا مع تقارب أكثر دفئًا وحفاوة مع الدوحة مقابل برود في العلاقة مع السعودية والإمارات
عمّان تقطف ثمار زيارة الملك لواشنطن وما ترتب عليها من تفاهمات وسياسات جديدة، باستعادة المملكة شيئًا من دورها بالإقليم استنادًا للحظوة الأمريكية التي تلقاها الملك من "بايدن" وإدارته
شهدت الدبلوماسية الأردنية استدارة لافتة في علاقاتها الخارجية، تحديدًا مع قطر وتركيا، ضمن تفسير سياسي هو أقرب للأجندة والتحركات والتوجهات الجديدة، التي فرضتها على ما يبدو الزيارة التي قام بها الملك إلى الولايات المتحدة. في التفاصيل، بدا بارزًا أن عمّان بدأت تقليب صفحات خياراتها في العمل الدبلوماسي والسياسي وإعادة تموضع لمنسوب التحالفات في الجوار والإقليم، بدأتها بلقاء للملك مع وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، وتوقيع بروتوكول تجاري تم تعديله بين البلدين بعد أكثر من سنة من الجدل، الذي رافق إلغاء عمّان الفجائي لاتفاقية التجارة الحرة مع أنقرة بقرار فردي قبل عامين.
في السياق، كان لافتًا أن الوزير التركي تفاوض وتحاور مع مركز القرار الأردني بعد ساعات فقط من زيارة مهمة لنائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن، أعقبت لقاءً له دلالات بين السفير القطري في عمّان وولي العهد، الأمير الحسين بن عبد الله. وفي الصورة مشهد لا يمكنه أن يعبر عن صدفة تزامنية فقط بين الزيارة التركية والقطرية؛ بل يعكس رغبة أردنية في إعادة الدفء والاتصالات مع تركيا، في محاولة لاستعادة بناء الثقة مع دول كان مستوى الاتصال معها أبعد في الماضي القريب، وأهمها قطر وتركيا، في ترميز سياسي بارز ورسائل ضمنية يراها السياسيون مرسَلة لكل من أبو ظبي والرياض.
من جهته، قال رئيس الحكومة، بشر الخصاونة، إن علاقات بلاده الآن مع تركيا "إيجابية جدًا"، بل زاد على ذلك بذكر الموقف التركي خلف الميكروفون وأمامه من توضيحات وإسناد في الملف الأردني الأكثر أهمية وحساسية، وهو الوصاية الهاشمية على القدس ودعم الأتراك لها.
في سياق الحراك الدبلوماسي الأردني أيضًا، التقى العاهل الأردني برئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بعمّان في اجتماع هو الثاني خلال فترة أسابيع فقط، وقالت عنه وسائل إعلام "إسرائيلية" إنه "غير مخطط" وحضره وفد سياسي وأمني رفيع من الجانبين. وما رشح من معلومات وقراءات حول اللقاء هو تركيزه على مخرجات لقاء مدير "سي أي إيه"، وليم بيرينز، مع "عباس" بعد لقاء الأول مسؤولين "إسرائليين"، إلى جانب بحث سبل مساعدة السلطة الفلسطينية، التي تواجه حالة خطيرة من الانغلاق السياسي ومأزقًا اقتصاديًا وماليًا غير مسبوق، حيث تدفع رواتب موظفيها على أقساط.
هذا، إلى جانب بحث سبل استعادة الثقة بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين"، واستثمار علاقة الملك الجيدة بالإدارة الأمريكية، فضلًا عن إثارة مسؤولين فلسطينيين ملف تدخلات من بعض الدول كالإمارات في شؤون المدينة المقدسة، ومحاولة إضعاف الحالة الفلسطينية بعد توقيع "اتفاقات إبراهام".
في شأن محلي، اتخذت الدولة قرارًا حازمًا وغير مسبوق بالتحشيد الأمني لإنهاء حالة الانفلات الأمني في منطقة الشونة الجنوبية ذات الصبغة العشائرية، لفرض سلطة وهيبة القانون على رقعة فيها بعض النفوذ العشائري "المتنمر والمتمرد على القانون"؛ حيث أرسلت قوى الأمن ألف عنصر دفعة واحدة في حملة أمنية مع أوامر باستخدام القوة المناسبة في حال عدم الاستسلام .
ويبدو أن الهدف الوطني الأبعد من إعلان حملة بهذه الصيغة هو إخضاع منطقة معروفة أو يُنقل عنها التمرد على القانون، وكانت تعتبر من المناطق العصية على الأمن في الماضي. وأغلب التقدير أن الرسالة هنا مقصودة سياسيًا وإعلاميًا بعد شكاوى منشآت وفنادق سياحية قريبة من تلك المنطقة، من مضايقات تتعرض لها خلافًا لوجود كميات من الأسلحة والذخائر في المنطقة ورواج لتجارة الحشيش.
في سياق الحريات، قضت محكمة بداية مادبا بسجن 17 مشاركًا في فعاليات الـ24 آذار/ مارس الماضي ثلاثة أشهر بتهمة التجمهر غير المشروع، ضمن سلسلة أحكام كشفت حالة التراجع بملف الحريات تجاه حرية التعبير والتجمع. بموازاة ذلك، جددت "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" في بريطانيا استهجانها لتقديم وزير الأوقاف الأردني، محمد الخلايلة، شكاوى بحق منتقدي بعض إجراءاته وسياساته، واصفةً ذلك بأنه "انتهاك لحرية الرأي والتعبير".
وقالت المنظمة إن السلطات الأردنية استدعت مؤخرًا كلًا من الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية، مروان الفاعوري، وأمين سر "حزب جبهة العمل الإسلامي" والناطق باسمه، ثابت عساف، والكاتب الصحفي، وائل البتيري، للتحقيق معهم حول منشورات لهم في صفحاتهم الشخصية على موقع "فيسبوك" انتقدوا فيها وزارة الأوقاف.
بالمقابل، تجددت الدعوات في الأردن لإلغاء قانون الجرائم الإلكترونية بعد اعتقال أحد النشطاء بسبب نشره تغريدة ، حيث اعتقلت قوات الأمن الناشط، مد الله النوارسة، ما أشعل انتقادات جديدة ضد قانون الجرائم الإلكترونية.
في شأن برلماني، قال النائب "صالح العرموطي" إن إجابة الحكومة على سؤاله عن سبب إغلاق مطار ماركا المدني أمام الطيران المنظم مبهمة، وتتعارض مع القانون، مشيرًا إلى أن الحكومة رفضت أيضًا تزويده بملف اتفاقية الأردن مع الشركة الفرنسية المشغلة لمطار الملكة علياء بحجة أنها "سرية"، وأعلن تحويل سؤاله لاستجواب لوزير النقل .
في الشأن "الإسرائيلي"، أعلن الناطق باسم جيش الاحتلال أن المحكمة العسكرية قدمت، مؤخرًا، لوائح اتهام بحق من وصفتهم بـ"مهربي سلاح" من الأردن إلى "إسرائيل" عبر الحدود في غور الأردن، مشيرًا إلى أن من بين المعتقلين أربعة فلسطينيين.
في السياق"الإسرائيلي" أيضًا، أعلنت وزارة الزراعة "الإسرائيلية" أنها وقعت مع الأردن اتفاقًا خاصًا لاستيراد منتجات زراعية أردنية، وذلك خلال اجتماع لوزيري الزراعة في البلديين وسفير الاحتلال في عمّان. ولفتت الوزارة إلى أن السبب في ذلك منع الزراعة هذا العام بسبب "سنة التبوير" في الشريعة اليهودية، والتي يمنع فيها الزراعة مرة كل سبع سنوات.
صحيًا، انخفض عدد إصابات "كورونا" النشطة في الأردن إلى 12 ألفًا و31 حالة حتى الخميس، وفقًا لبيانات وزارة الصحة، بينما توفي 10 آلاف و252 شخصًا في المملكة منذ انتشار الفيروس. وبلغ عدد الإصابات المسجلة في المملكة منذ ظهور الوباء 786 ألفًا و585 حالة، ما يضع الأردن في المرتبة 37 عالميًا في عدد الإصابات التراكمي.
من جهة أخرى، منحت السلطات الأردنية 26 مستثمرًا الجنسية خلال فترة ستة أشهر فقط، فيما قال رئيس هيئة الاستثمار، فريدون حرتوقة، إن مشاريع المستثمرين الأجانب والبالغة 207 مشروعًا وفّرت قرابة ثمانية آلاف فرصة عمل، وإن حجم الاستثمارات بلغ خلال نصف عام نحو 240 مليون دينار أردني، حيث جاء المسثتمرون من جنسيات عربية مثل السورية والعراقية والليبية وأخرى غير عربية.
في السياق الاقتصادي، تراجع الدخل السياحي في الأردن خلال النصف الأول من عام 2021 بنسبة 44% على أساس سنوي، مقارنةً بالفترة بنفسها من عام 2020. وبحسب بيانات البنك المركزي الأردني، بلغ الدخل حتى نهاية حزيران/ يونيو الماضي 441.4 مليون دينار (622.3 مليون دولار)، مقابل 784 مليون دينار (1.1 مليار دولار) على أساس سنوي. يذكر أيضًا أن دخل الأردن من السياحة انخفض العام الماضي إلى مليار دينار (1.4 مليار دولار)، من 4.1 مليارات دينار (5.7 مليارات دولار) عام 2019.
لقراءة وتحميل الموجز/ اضغط هنا