استنتاجات الموجز:
مخاوف من استمرار الفراغ الحكومي بتونس وبذور انتفاضة سياسية وشعبية بوجه "سعيّد" لإنهاء الوضع الاستثنائي
حراكٌ إقليمي للجزائر لمساندة دول الجوار وتطبيق المسارات الأممية لن يُخفي تعثرها الدبلوماسي خارجيًا والسياسي داخليًا
تصاعد استخدام "المال الانتخابي" في المغرب وتتسلل أعمال العنف ما ينذر بأجواء انتخابية متوترة
بعد مرور أسبوع على تصريحات الرئيس التونسي، قيس سعيّد، بأنه سيعلن عن الحكومة في الأيام القليلة، تظهر هشاشة الوعود رغم حجم الانتظار على المستويين الاجتماعي والاقتصادي والتحديات أمام البلاد، خاصةً مع تصاعد دعوات لحراك شعبي يُنهي الوضح الاستثنائي والخروقات الدستورية المستمرة في ممارسات الرئاسة، وإصرارها على اخضاع السلطات بالقوة وفرض شروطها.
وبينما تواجه البلاد، بلا حكومة، تحديات كبيرة أمام خزينة فارغة ومعادلات بطالة مرتفعة واحتقان شعبي، يصرّ "سعيّد" على أن مرافق الدولة تسير بشكل طبيعي، وذلك خلال لقائه بنائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج، حيث تطرّق اللقاء إلى الوضع الاقتصادي والالتزامات المالية، فضلًا عن بحث آليات التعاون مع البنك وصندوق النقد الدولي
كما وجّه "سعيّد" رسائل إلى المؤسسات المالية الدولية، تتضمن تبريرات لقراراته وعزمه مقاومة الفساد، وتمسكه بالحريات والقانون، معلنًا أن "الدولة على وشك انهيار بتآمر بلدان أجنبية"، كما اتهم أطرافًا في الداخل،لم يحددها، بشراء مرتزقة لتقويض حكمه.
وتتزامن تلك التطورات مع خروج الأوساط السياسية والشعبية عن صمتها؛ حيث تصاعدت دعوات لخلق حراك وطني يدافع عن الديمقراطية ويخرج البلد من تردي التعاطي السياسي والاجتماعي. فقد أعلن المتحدث الرسمي باسم اتحاد الشغل، سامي الطاهري، عن أهمية الإسراع في تقديم خارطة الطريق وتعيين رئيس للحكومة، موضحًا أن "غياب مخاطب حكومي رسمي يؤجّل التحركات النقابية والمطالب التي يقدمها الاتحاد، لتحسين الظروف الاجتماعية للمواطنين وإنقاذ الوضع الاقتصادي". في هذا الاتجاه أيضًا، أثار النائب المستقيل من حزب “قلب تونس”، جوهر المغيربي، جدلًا كبيرًا بتصريحه بأن تكليف رئيس حكومة جديد هو من اختصاص "حركة النهضة" كـ"حزب أغلبية"، على اعتبار أن "سعيّد" فَقَد المبادرة بعد إعفائه رئيس الحكومة، حيث اعتبر حزب "الاتحاد الوطني الحر" أن "المغيربي" يوجه المشهد السياسي بإيعاز من الحركة.
في سياقٍ منفصل، استنكرت "حركة النهضة" اتهام جريدة “الأنوار” لرئيسها، راشد الغنوشي، بـ”التخطيط” لاغتيال "سعيّد" بالتعاون مع تركيا و"إسرائيل"، بعدما تم ”تفكيك الحاسوب الشخصي لـ"الغنوشي" وكشف المعطيات المتعلقة بمنظومة الأمن القومي، بما فيها اتصاله بثلاثة أطراف سياسية، هي الرئاسة التركية، وزعيم جماعة "الإخوان المسلمين"، إبراهيم منير، والموساد "الإسرائيلي”، مشيرةً إلى وجود “قاعة عمليات في تركيا لتنفيذ المخطط، وشبكة من عناصر موساد دخلوا البلاد”. وقد رفعت "الحركة" دعوى قضائية ضد الصحيفة، كما تبرأت من دعوة النائب، بشر الشابي، القضائية ضد "سعيّد".
دبلوماسيًا، شهدت العلاقات التونسية-الليبية توترًا عقب تصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، بأن تونس صدّرت الإرهاب إلى ليبيا، مضيفًا أنه إذا كانت تريد بناء علاقات حقيقية فلا بد من احترام دول الجوار. من جانبه، رفض وزير الخارجية، عثمان الجرندي، اتهامات "الدبيبة"، معتبرًا أن مكافحة الإرهاب مهمة مشتركة بين البلدين. هذا، بينما وصل إلى تونس كل من وزيرة الخارجية والتعاون الدولي الليبية، نجلاء المنقوش، ووزير الداخلية الليبي، خالد مازن، لبحث إعادة فتح الحدود.
أمنيًا، أوقفت السلطات القضائية الجزائرية رئيس حزب "قلب تونس"، نبيل القروي، وشقيقه النائب، المجمد القروي، حيث كشفت مصادر تونسية أمنية عن وجود اتفاق سياسي بين البلدين فيما يتعلق بإيقافهم، مقابل تسليم تونس الناشط في حركة “ماك” الانفصالية، سليمان أبو حفص، إلى الجزائر.
في الشأن الجزائري، حدد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، تاريخ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر القادم موعدًا لتنظيم انتخابات مبكرة لتجديد المجالس البلدية، بسبب حالة الانسداد في إدارة بعض البلديات، بلغ عددها 600 من مجموع 1541 بلدية. كما تم إجراء المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية، بعدما صادق مجلس الوزراء على مشروع تعديل جزئي لقانون "خفض عدد التوقيعات المطلوبة لقوائم الأحزاب السياسية والقوائم المستقلة، في المناطق ذات الكثافة السكانية الضئيلة".
في السياق، تتجه الأنظار إلى الأحزاب التي تتمركز في منطقة القبائل، والتي تدير غالبية المجالس المحلية، مثل "جبهة القوى الاشتراكية" و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، لحسم مشاركتها في الانتخابات، بعدما قاطعت المسار الانتخابي كاملًا.
في سياقٍ متفصل، أنهى "تبون" مهام ستة ولاة وعَيَّنَ ولاة جددًا لـ13 ولاية من أصل 58 ولاية في منطقة القبائل وبعض الولايات على الحدود مع النيجر، ولم يتضمن القرار سببًا لهذه التغييرات.
على الصعيد الدبلوماسي، استضافت الجزائر الاجتماع الوزاري التشاوري لدول الجوار الليبي، وذلك لوضع خريطة طريق لتنظيم الانتخابات في موعدها، حيث تقرر إرسال “وفد وزاري” إلى ليبيا بهدف تقييم مسار العملية السياسية و“تنسيق جهودهم لوضع حد للأزمة وفقًا للمسار الأممي".
دبلوماسيًا أيضًا، أعلن وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، انعقاد القمة العربية في موعدها، معلنًا استعداد الجزائر لاستضافتها ولبذل الجهد لإنجاحها وإحياء التضامن العربي. كما أجرى "لعمامرة" مكالمات هاتفية مع عدة دول عربية على خلفية قطع العلاقات مع الرباط، أبرزها مصر والسعودية ووموريتانيا التي أكدت أنها قطعت الخطوة الأولى للوساطة بين البلدين.
أمنيًا، كشف مجلس القضاء المختص بقضايا مكافحة الإرهاب عن إصدار مذكرات توقيف دولية، ضد رئيس حركة استقلال منطقة القبائل “الماك” الانفصالية، فرحات مهني، ومدبري جريمة مقتل "جمال بن إسماعيل". كما أعلن المجلس عن اعتقال 83 شخصًا متورطين في القضية، مشيرًا إلى وجود قاصر وثلاث نساء و24 عنصًرا ينتمون إلى حركة “الماك".
مغربيًا، أبدى "حزب العدالة والتنمية" قلقه من "استعمال المال" في الحملات الانتخابية، داعيًا إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة وتحديد سقوف مصاريف الحملات، ومتسائلًا عن الجهات الممولة. وقد أثارت تصريحات الحزب جدلًا؛ حيث اعتبرت الأوساط السياسية أن حديث "العدالة والتنمية" عن "استعمال المال" يدينه هو، لأنه قاد الحكومة لولايتين ولم يضمن مرور الانتخابات في جوٍ نزيه، كما رأت الأوساط السياسية أن ذلك خطوة استباقية للضغط على الدولة وتبرير الهزيمة الانتخابية.
في الأثناء، أعاد بث شريط يُظهر تعرض مرشحي حزب "الأصالة والمعاصرة" للرشق بالحجارة، قضية أعمال العنف الانتخابية للواجهة. في التفاصيل، تعرض مرشحو حزب "الأصالة والمعاصرة" للرشق بالحجارة من قبل "حزب التجمع الوطني للأحرار"، الساعي إلى الإطاحة بالإسلاميين وقيادة الحكومة المقبلة، ما أثار ردود فعل رافضة ومطالبة بفتح تحقيق.
في شأن دبلوماسي، وعلى خلفية قطع العلاقات الجزائرية-المغربية، أعلنت الرباط غلق سفارتها في الجزائر وعودة الطاقم الدبلوماسي كاملًا إلى البلاد. جاء ذلك بعدما صرح سفير المغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أن هناك أوجه شبه بين النزاعات الدائرة في الأراضي الخاضعة لسيطرة المغرب في الصحراء الغربية، وتلك الواقعة في منطقة القبائل الجزائرية.
في خبر دبلوماسي ذي صلة، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تعيين "ألكسندر إيفانكو" ممثلًا خاصًا في الصحراء الغربية، ورئيسًا لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الأقاليم الغربية.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا