استنتاجات الموجز:
لقاء "عباس – غانتس" يكرس تخفيض سقف السلطة إلى مستوى أمني اقتصادي يهدف لتحسين شروط الحياة تحت الاحتلال والحصار
تعويل مصري على نتائج لقاء مرتقب بين "السيسي" و"بينت" لتحقيق اختراق في ملف الوساطة بين المقاومة والاحتلال في غزة
خسارة "فتح" منصب نقيب المهندسين تؤكد حجم التراجع الحاد في شعبية الحركة ورفض الشارع لتعديات مرحلة ما بعد الحرب الأخيرة
اتجهت الأنظار خلال الأيام الماضية إلى القمة الثلاثية التي عُقدت في القاهرة، عشية لقاء مُرتقب يجمع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء "الإسرائيلي"، نفتالي بنيت، قريبًا في منتجع "شرم الشيخ“. ووفقًا للبيان الختامي للقمة، التي عُقدت بين كل من "السيسي" والعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، فقد اتفق الزعماء الثلاثة على عقد قمة مقبلة في الأردن تُحدد لاحقًا.
في السياق، كشف مسؤولون فلسطينيون أن هذه القمة "جاءت بطلب فلسطيني"، لبحث تفعيل الدعم الدولي والإقليمي لحل الدولتين. وقال مسؤول آخر إن السلطة تريد بحث عمل ثلاثي مشترك على ثلاثة مستويات؛ أمريكية و"إسرائيلية" وعربية، على اعتبار أن الجهود الأمريكية لم تحقق تقدمًا في المسار السياسي، وهناك حاجة لتوجه عربي جماعي إلى إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، للمطالبة بدور أكبر في الضغط على ”إسرائيل“، للقيام بخطوات سياسية ذات معنى، مثل وقف الاستيطان.
يذكر أن الدور الأمريكي لم يتجاوز بعد القضايا الاقتصادية والحياتية في الملف الفلسطيني-"الإسرائيلي". كما أن "بايدن" التقى زعماء المنطقة، خصوصًا "بينيت"، دون أن يوجه دعوة مماثلة إلى ”عباس“. وتريد السلطة من هذه القمة الثلاثية تعزيز مكانتها، خصوصًا في قطاع غزة، وذلك على ضوء التفاهمات المنفصلة مع الاحتلال التي تجرى من خلال مصر وقطر.
وبعد وقت قصير من لقاء "بينت" مع "بايدن" في واشنطن، التقى وزير أمن الاحتلال، بيني غانتس، مع "عباس" في رام الله، تدشينًا لسلسلة لقاءات مزمع عقدها بين الطرفين، في سياق تحسين وضع السلطة الاقتصادي والأمني. وبينما نفت مصادر مقرّبة من "بينت" وجود عملية سياسية من وراء هذا التطوّر، أشارت مصادر السلطة إلى أن الاجتماع ناقش الوضع الاقتصادي للأخيرة بعد العقوبات "الإسرائيلية"، وضرورة إعادة إطلاق "عملية السلام". هذا، إضافةً إلى جهود رام الله في تهدئة الوضع في الضفة ومنع اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة هناك، فضلًا عن سبل إضعاف حركة "حماس" في الضفة وغزة.
كما كشفت المصادر أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستسعى، خلال الفترة المقبلة، إلى طرح مذكّرة تفاهم بين دولة الاحتلال والسلطة، تستهدف إرساء حلول جزئية عبر تحسين الوضع الاقتصادي في الضفة، والتراجع عن العقوبات الاقتصادية "الإسرائيلية"، وتمكين "عباس" من استعادة شعبيته.
من جهة أخرى، قال مصدرٌ "إسرائيليٌّ" مُطلِّعُ على ما جرى إنّ اللاعبين الأساسيين الثلاثة: الإدارة الأمريكيّة والسلطة الفلسطينيّة وحكومة "بينيت-لبيد"، على اقتناعٍ تامٍّ بأنّه في الظروف الراهنة لا يُمكِن الشروع في مسارٍ سياسيٍ علني، لافِتًا إلى أنّ عددًا من الأفكار بين الجهات الثلاث تم تبادله بشكل سري. كما أكد المصدر أنّ "الاقتراحات التي تتّم دراستها في هذا الوقت بالذات، ستعود إيجابًا على الحياة اليوميّة للفلسطينيين في الضفّة".
من جانبه، منح الاحتلال السلطة الفلسطينية تسهيلات اقتصادية فورية بعد اللقاء بين الطرفين، لكنه تجاهل مطالب فلسطينية سياسية أو أمنية أخرى. وفي هذا الإطار، أعلن "حسين الشيخ" أن خدمة G4 ستتوفر قريباً في فلسطين، وذلك بعد موافقة الحكومة "الإسرائيلية" على منح خمسة آلاف فلسطيني جمع شمل، والاتفاق بين فلسطين وقطر على المنحة لقطاع غزة، إضافةً إلى حصول السلطة على قرض "إسرائيلي" بقيمة 500 مليون شيكل، والسماح بدخول 15 ألف عامل آخر إلى ”إسرائيل“، وكذلك تحويل الشركات الفلسطينية التي تعمل مع ”إسرائيل“ إلى نظام حوسبة رقمي، بطريقة تضمن عائدات ضريبية للسلطة تصل إلى 10 ملايين شيكل سنويًا.
من جهتها، رفضت "حماس" ما وصفته بـ“اشتراطات" "عباس" لتحقيق الوحدة الوطنية وتشكيل حكومة توافق، مؤكدةً أنها ارتهان للشروط "الإسرائيلية"؛ حيث رد "عباس" على وثيقة تقدم بها مؤسس ”هيئة النوايا الحسنة"، منيب المصري، شرح خلالها نتائج اجتماعه مع قادة "حماس" لإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة الوطنية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، بأنه يجب على الحركة الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية. وكتب "عباس" معلقًا في ذيل الوثيقة: ”الأخ منيب، المطلوب من حركة حماس حتى تكون شريكة، أن تعترف بشكل رسمي وبتوقيع إسماعيل هنية بقرارات الشرعية الدولية ومن دون ذلك فلا حوار معهم."
في سياقٍ متّصل، قالت مصادر عبرية إنّ اللقاء المرتقب بين "السيسيط و"بينيت" سيُعقد قريبًا في مدينة شرم الشيخ المصرية. وجرى الاتفاق بين الجانبين ”على عقد الاجتماع علنًا وليس سرًا“، فيما تتواصل الاتصالات لترتيب أجندة اللّقاء، ويتصدّر الملفّ الفلسطيني المحادثات المتوقّعة بين الطرفين، وفي مقدمة ذلك صفقة تبادل الأسرى مع”حماس“، التي تقود القاهرة وساطتها والتي تُعدّ ركيزة مفاوضات التهدئة في غزة.
في السياق ذاته، شهدت الأيام الأخيرة سلسلة من التسهيلات "الإسرائيلية" المفاجئة والمتسارعة لصالح القطاع، تُوجت بإعلان فتح معبر كرم أبو سالم كما كان يعمل قبل العدوان "الإسرائيلي" الأخير. وهي خطوة اعتبرتها "حماس" غير كافية، حيث تسعى بدورها لكسر الحصار عن القطاع بشكل كامل، وبتسريع عملية إعادة الإعمار. وقد أثارت تلك التسهيلات الكثير من الشكوك والتساؤلات حول القرارات السريعة المتخذة بشأنها، والتي شكلت مفاجأة للمتابعين والمراقبين وحتى بعض الأطراف ومنها الفصائل، التي كثيرًا ما كانت تتلقى وعودًا من الوسطاء بهذه التسهيلات دون أن يتم تنفيذها.
في تفسير ذلك، ربطت بعض المصادر هذه التسهيلات بالتصعيد الذي تقوده المقاومة، إضافةً لضغوط مصرية وجهات أخرى من الوسطاء على الاحتلال، لتشكل خطوة أولى باتجاه بناء الثقة للمضي نحو تهدئة شاملة، تتضمن صفقة تبادل أسرى قد تشهد خطوات ملموسة قريبًا ضمن مرحلة أولى لم تتضح معالمها بعد.
وقالت المصادر إن "السيسي" يتابع شخصيًا مع رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، عباس كامل، وكبار المسؤولين بالقاهرة للمضي قدمًا في هذا الملف المعقد، الذي يمكن أن يفتح آفاقًا أكبر للتوصل لاتفاق تهدئة طويلة الأمد، يساهم في إنجاز الكثير من القضايا المتعلقة بالصراع الفلسطيني-"الإسرائيلي".
بالتوازي مع ذلك، أكدت فصائل المقاومة استشهاد عمال فلسطينيين داخل أحد الأنفاق التجارية على الحدود الفلسطينية المصرية. وأدانت الفصائل قيام السلطات المصرية بقتل العمال الفلسطينيين داخل النفق، بعد رش غازات سامة داخل النفق.
على الجانب الآخر، استمرّت فعالیات الإرباك الليلي في غزة قرب السياج الفاصل، رفضًا للاحتلال ومواصلة حصار القطاع. وشرعت قوات العدو المتمركزة على طول الشريط الحدودي بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والمطاطي، وإطلاق قنابل الإنارة تزامنًا مع بدء الفعاليات. هذا، فيما قتل الشاب أحمد صالح (26 عامًا)، وأصيب آخرون بعضهم في حالة خطيرة، جراء قمع قوات الاحتلال لفعاليات “الإرباك الليلي". هذا، بينما لا تزال قضية مقتل القناص في جيش الاحتلال على الجدار الفاصل تشغل الرأي العام "الإسرائيلي"، وذلك بالتوازي مع ازدياد الاحتجاجات على مقتله وسط اتهامات بإهمال الجيش لجنوده.
في سياق متصل، وصل رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، السفير محمد العمادي، إلى القطاع في زيارة هي الأولى بعد توقيع مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة لصرف المنحة القطرية للأسر المتعففة في القطاع. ومن المقرر أنّ يلتقي "العمادي" برئيس "حماس" في غزة، يحيى السنوار، حيث سيناقش معه الآلية الجديدة للمنحة التي نتجت بعد مفاوضات شاقة، قادها "العمادي" على مدار الأشهر الثلاثة التي أعقبت العدوان على غزة.
في الضفة المحتلة، جرت أول انتخابات نقابية منذ أربعة أعوام، حقّقت خلالها "كتلة العزم المهنية"، وهي تحالف بين "حماس" والجبهتين "الشعبية" و"الديمقراطية"، فوزًا صريحًا في انتخابات نقابة المهندسين الفلسطينيين في الضفة، حيث تفوّقت مرشحة الكتلة، ناديا حبش، وهي من أعلام اليسار الفلسطيني، على منافسها، سامي حجاوي، مرشح حركة "فتح"، الأمر الذي اعتبره محلّلون ونشطاء رسالة احتجاج واضحة تجاه السلطة و"فتح".
إلى ذلك، قرّرت محكمة عوفر العسكرية "الإسرائيلية" الإفراج عن الأسيرة الحامل، أنهار الديك، (26 عامًا) بكفالة مالية مدفوعة قيمتها 40 ألف شيكل، مع إقامة جبرية في منزل عائلتها في بلدة كفر نعمة. وكانت "الديك" اعتُقلت في الثامن من آذار/ مارس الماضي، وكانت حاملًا في الشهر الثالث، ورغم ذلك وُضعت في السجن دون مراعاة لحالتها الصحية.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا