استنتاجات الموجز:
ترقب حذر لتنفيذ اتفاق درعا بسبب الغموض حول بنود الاتفاق ومستقبل المحافظة وسط مخاوف من عدم التزام النظام وإيران ببنوده بعد استقدام تعزيزات عسكرية للمنطقة
روسيا وتركيا تتبادلان الرسائل بالوسائل العسكرية بإدلب لكن ذلك لا يمكن أن يتطور إلى مواجهة عسكرية شاملة في الأشهر المقبلة
تشهد محافظة درعا حالة من التوتر والترقب بعد الاتفاق الأخير بين قوات النظام "واللجان المركزية المفاوضة" برعاية روسية، بسبب الغموض حول بنود الاتفاق ومستقبل المحافظة، إثر الاستعدادات التي تقوم بها "الفرقة الرابعة" والمجموعات الإيرانية المساندة لها، من استقدام تعزيزات عسكرية ضخمة وراجمات صواريخ أرض-أرض من نوع "فيل".
وبعد فشل عدة محاولات لاقتحام قوات النظام والمجموعات الإيرانية منطقة درعا البلد، عاد الهدوء الحذر إلى المحافظة، تزامنًا مع بدء تنفيذ بنود الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه، وتطبيق "خريطة حلّ" قدمها الروس للطرفين، دون أن يتضمن كلّ المطالب التي كان النظام وضعها لفك الحصار عن المنطقة، والتراجع عن الحسم العسكري.
ودخل الاتفاق حيّز التنفيذ مع دخول الشرطة الروسية برفقة قياديين من "اللواء الثامن" وضباط من النظام السوري إلى درعا البلد، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار لتنفيذ بنود الاتفاق، حيث شرعت الشرطة الروسية بتنفيذ الاتفاق وتسوية وضع 34 شابًا من أبناء درعا، مع تسليم بعض السلاح الخفيف، بحضور ضباط من قوات النظام في حيّ الأربعين بدرعا البلد.
ويتضمن الاتفاق دخول قوات تابعة للشرطة العسكرية الروسية بمرافقة من "اللواء الثامن"، وإنشاء نقطة عسكرية مؤقتة جنوبي درعا البلد، وتهجير مجموعة من الأشخاص الرافضين لإجراء تسوية ومصالحة مع النظام، مقابل سحب النظام للمجموعات التابعة لـ"الفرقة الرابعة" من محيط درعا. كما ينص الاتفاق على نشر ثلاث نقاط عسكرية بمحيط درعا البلد، تتسلّمها قوات مشتركة بين الأمن العسكري التابع للنظام و"اللواء الثامن" من أبناء محافظة درعا، على أن يجري بعد ذلك سحب عناصر "الفرقة الرابعة" والمجموعات الإيرانية من محيط مدينة درعا، وفتح كافة الحواجز بين درعا البلد ومركز المدينة.
وقبيل الاتفاق، لم تتوقف محاولات قوات النظام والمجموعات الإيرانية لاقتحام درعا عبر تكثيف القصف على أحياء درعا البلد، بصواريخ أرض-أرض من نوع "فيل" و"جولان" وقذائف الهاون، تزامنًا مع تحليق طيران استطلاع فوق المنطقة المحاصرة، ما أدى لسقوط قتلى وجرحى بصفوف المدنيين، ونزوح المئات عن المنطقة خوفًا من التصعيد العسكري.
بموازاة ذلك، تبدو منطقة الشمال السوري متجهة نحو تصعيد عسكري تزداد وتيرته يوميًّا، لا سيما بعد التصعيد الروسي الأخير واستهدافه لمناطق واسعة بجبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، رغم اتجاه منطقة "خفض التصعيد الرابعة" بإدلب نحو تصعيد عسكري، إلّا أنّ التصعيد الحالي لا يمكن أن يتطوّر إلى مواجهة عسكريّة شاملة بين الأطراف الضامنة "روسيا وتركيا" على الأرض. ويأتي التصعيد المتبادل بين الضامنين في إطار توجيه رسائل بوسائل عسكرية، خصوصًا في ما يخص عدم تطبيق الاتفاقات السابقة بين الروس والأتراك حول فتح الطرقات والمعابر ووضع الفصائل الرافضة لأستانة.
في الأثناء، شنت الطائرات الحربية الروسية مزيدًا من الغارات الجوية على جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، فيما يُعتقد أنها محاولات من روسيا وقوات النظام لتهجير من تبقى من سكان في المنطقة ومنع عودة المهجرين، وذلك تزامنًا مع قصف صاروخي من جانب قوات النظام طال مناطق متفرقة من جبل الزاوية.
وردًا على التصعيد الروسي، استهدفت القواعد العسكرية التركية مواقع وثكنات عسكرية تابعة لقوات النظام والمجموعات العسكرية المرتبطة بروسيا. وشمل القصف التركي كلًا من معسكر "الجب الأحمر"، الذي توجد بداخله مجموعات تتبع للفرقة السادسة المدعومة من روسيا، وكتيبة من القوات الخاصة الروسية، إضافةً لقصف مرابض المدفعية التابعة لقوات النظام في معسكر جورين غرب محافظة حماة، ومقرات عسكرية في مدن معرة النعمان وكفرنبل جنوب محافظة إدلب.
إلى ذلك، شنت الطائرات الحربية الروسية غارات على مواقع مفترضة لتنظيم "داعش" في البادية السورية، لمساندة حملات تمشيط تقوم بها قوات النظام والمجموعات الإيرانية في مناطق جب السكر والريهجان وبيوض بريف حماة الشرقي، بعد تعرض قوافلها العسكرية ونقاطها لعدة هجمات من قبل عناصر "داعش"، نتج عنها سقوط عدة قتلى وجرحى بين عناصر "لواء القدس" و"الدفاع الوطني" و"قوات الفرقة 17".
في شأنٍ آخر، شنت طائرات حربية "إسرائيلية" غارات جوية على محيط دمشق وحمص من اتجاه جنوب شرق بيروت، مستهدفةً بعض النقاط العسكرية التابعة للنظام و"الحرس الثوري الإيراني"، فيما أعلنت قوات النظام أنّ الدفاعات الجوية أسقطت معظم الصواريخ "الإسرائيلية" وتسجيل أضرار مادية.
في غضون ذلك، يستعد المشهد بشرق سوريا الملبد بغيوم الخلافات والتعقيد السياسي والعسكري، لمساعٍ جديدة لفتح حوار بين المكوّن الكردي والنظام، وبدأت مؤشرات ذلك مع إعلان "إلهام أحمد" الرئيسة المشتركة لـ"مجلس سورية الديمقراطية" (مسد) الذراع السياسية لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) عن وجود مساع لفتح قنوات حوارية مع النظام، تزامنًا مع الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لدعم "الإدارة الذاتية" في شمال وشرق سوريا.
وأوضحت "أحمد" خلال اجتماع "المجلس التشريعي لإقليم الجزيرة" في شمال وشرق سوريا، أنّ "الاتفاق السوري-السوري هو البديل الوحيد لوقف تدخل قوى ودول أخرى"، داعيةً إلى الاستعداد لكل المتغيرات في المنطقة، لا سيما أن العملية السياسية مجمدة بالكامل نتيجة للاتفاقات الدولية.
في سياقٍ آخر، تظاهر عشرات الأشخاص في مناطق سيطرة "قسد" بريف دير الزور الشرقي، احتجاجًا على الفساد، وطالبوا بإطلاق سراح المعتقلين، في حين واصلت "قسد" حملتها الأمنية واعتقالاتها لشبان بتهمة الانتماء لتنظيم "داعش".
في خضم ذلك، بدأ وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، جولة إقليمية من دمشق وسيزور تركيا ولبنان، لبحث الأوضاع الإنسانية للسوريين. ووصل "غريفيث" إلى سوريا لاجراء محادثات مع مسؤولي النظام حول الأوضاع الإنسانية في سوريا، والتقى في اجتماعٍ مع عدد من المسؤولين أبرزهم وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، ووزير الإدارة المحلية والبيئة رئيس اللجنة العليا للإغاثة، حسين مخلوف، ووزير التربية، دارم طباع، ووزيرا الزراعة والصحة.
وقال "غريفيث" إن اللقاء "يهدف لمناقشة احتياجات قطاعات مختلفة كالصحة والتعليم والخدمات الأساسية وإعادة البناء لامتلاك رؤية واضحة لإمكانيات العمل والتعاون من أجل مستقبل الشعب السوري والتحديات التي تفرضها الظروف الراهنة".
في سياقٍ متصل، دخلت شاحنات محملة بالمواد الغذائية تابعة لبرنامج الغذاء العالمي (WFP)، من مناطق سيطرة النظام في حلب عبر معبر "ميزناز" إلى مناطق سيطرة المعارضة عبر معبر "باب الهوى" شمال محافظة إدلب. وقالت "إدارة المعابر" التابعة لـ"حكومة الإنقاذ"، في بيانٍ لها، إنه "تم دخول 15 شاحنة تقل 12 ألف حصة غذائية ضمن خطة نقل مستودعات تتبع برنامج الغذاء العالمي من حلب إلى إدلب، موضحةً أن "هذا الحدث يعتبر الأول من نوعه منذ انطلاق الثورة السورية، إذ تم فتح معبر خاص للتعاون الإغاثي بين المنطقتين واضعًا الأولوية للإنسان السوري بغض النظر عن مكان وجوده أو توجهاته".
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا