استنتاجات الموجز:
عملية هروب الأسرى الستة تُمثل انتكاسة كبيرة لأجهزة أمن الاحتلال في ظل تخوف كبير من تبعاتها الميدانية والأمنية
بوادر إيجابية لناحية تراجع الاحتلال عن سياساته التي حاول فرضها عقب معركة "سيف القدس" لا سيما في ملفي "المنحة القطرية" و"إعادة الإعمار"
في حدث لافت انعكست تداعياته على كل المستويات الفلسطينية و"الإسرائيلية"، جاء هروب الأسرى الستة؛ الشقيقان محمود ومحمد العارضة ويعقوب القادري وأيهم كممجي وزكريا زبيدي ومناضل نفيعات، من سجن "جلبوع" تعبيرًا واضحًا عن "فشل ذريع للمنظومة الأمنية وليس فقط لمصلحة السجون“. من جهته، رأى المسؤول الكبير في مصلحة السجون سابقًا، رمي عوفديا، أن نجاح الأسرى "فشلٌ لمصلحة السجون، مشابهٌ لفشل وخسارة إسرائيل في حرب يوم الغفران (حرب 73)".
في التفاصيل، أعلنت سلطة السّجون قبل عدة أيام نجاحَ ستة أسرى فلسطينيين في الفرار من سجن شطة الذي يقع في منطقة بيسان. ونشرت صورة للأسرى الستة إضافة إلى صورة للنفق الذي يُشتبه بأنهم هربوا من خلاله. في غضون ذلك، شرعت قوات العدو بعمليات بحث وتمشيط واسعة في المنطقة، بحثًا عن الأسرى، باستخدام مروحيات وطائرات خفيفة دون طيار، وبمشاركة مئات من عناصر الأجهزة الأمنية. وأقام جيش الاحتلال نقاط تفتيش في الضفة الغربية، في محاولة لمنعهم من الهروب إلى الأردن، وسط رفع حالة التأهب القصوى في جميع أنحاء فلسطين المحتلة، تخوّفًا من قيام الأسرى بعمليات فدائية.
وفي ظل الشعور بالإحباط واستمرار الروايات المتضاربة لدى الاحتلال، قررت الرقابة العسكرية "الإسرائيلية" فرض تعتيم شامل على الحدث، واستصدرت قراراً من المحكمة يمنع نشر معلومات عن الحادثة. وتم إلغاء جميع الإجازات في الشرطة والجيش وقوات حرس الحدود والمخابرات، وانشغل الجميع بالتفتيش عن الأسرى، بينما اعتقلت الشرطة عشرات الفلسطينيين من الداخل في القرى المحيطة بالسجن، للاشتباه في التقاء الأسرى ومساعدتهم على الهرب.
ومع عمليات التفتيش غير المسبوقة، كشفت مصادر في تل أبيب أن وزير الأمن، بيني غانتس، توجه إلى السلطة الفلسطينية طالبًا المساعدة العاجلة لإيجاد الأسرى الستة الفارين، وهدد بإجراءات قاسية إذا لم تستجب لطلبه. كما انضمت جهات في قيادة الأجهزة الأمنية "الإسرائيلية" إلى التحذيرات التي أطلقها ”الجهاد الإسلامي" وغيره من التنظيمات الفلسطينية، أنه في حال الاهتداء إلى مكان اختباء الأسرى الستة الفارين من السجن "الإسرائيلي"، يجب الحذر والانتباه إلى إبقائهم أحياء، فقتلهم سيشعل الضفة الغربية وربما قطاع غزة، في انتفاضة ثالثة تكون أقسى من الأولى والثانية.
بدوره، أجرى رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، جلسة لقادة الأجهزة الأمنية لتقييم الوضع، وقرّر تشديد الحصار والإغلاق على الضفة الغربية وتعزيز قوات جيش الاحتلال فيها. وقال "بنيت" إن الأحداث يمكن أن تتدهور إلى اشتعال صدامات تشارك فيها كل أجهزة الأمن "الإسرائيلية"، مشددًا على أن "إسرائيل مستعدة لأي سيناريو“، فيما فُسّر تصريحه هذا على أنه إشارة إلى خطر وقوع حرب أو عمليات حربية واسعة.
من ناحيتها، قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن إدارة مصلحة السجون حوّلت السجون إلى زنازين، وأكدت الهيئة أن عمليات القمع والتنكيل بحق الأسرى تواصلت من وحدات إدارة السجون، ترافقها قوات ”حرس الحدود“ في غالبية المعتقلات. وشمل ذلك ”النقل والعزل والاستفزاز والاعتداء بالضرب والتنكيل". ونقلت إدارة السجون أكثر من 400 أسير خلال الأيام الثلاث الماضية، وعمدت إلى تحويل السجون إلى زنازين، وأغلقت المغاسل والكانتينا (المقصف)، وأوقفت الزيارات في السجون كافة حتى نهاية الشهر الجاري وعزلت عشرات المعتقلين.
وأوضحت الهيئة أن استمرار الوضع ووتيرة القمع بحق المعتقلين سيؤدي لتفجير الأوضاع، وأن الأسرى من جميع الفصائل سيتخذون خطوات تصعيدية وحالة من العصيان والتمرد خلال الأيام المقبلة، إن استمر الوضع بهذه الطريقة. وواجه الأسرى السجانين المدججين بالسلاح والهراوات وقنابل الغاز، بالنار، وأشعلوا الغرف في أقسام متعددة احتجاجًا على عمليات نقلهم.
بالمقابل، لم تكتف الأذرع العسكرية المسلحة في قطاع غزة بإيصال رسائل للاحتلال من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد في مدينة غزة، حيث بعثت رسالة شديدة اللهجة عبر الوسطاء، أكدت فيها أن إقدام "إسرائيل" على “تصفية” الأسرى انتقامًا من عملية هروبهم حال وجدتهم، سيقلب الأوضاع رأسًا على عقب. كما حملت الرسالة تحذيرات لسلطات السجون من مغبة الاستمرار في حملات التنكيل التي يتعرض لها الأسرى، وقالت إن استمرار ذلك سيمثل “صاعق تفجير” آخر، وطالبت الوسطاء بإيصال الرسائل، والتدخل لوقف سياسات الاحتلال القمعية.
على الصعيد السياسي، وبعد ساعات من الكشف عن تلقيه مكالمة مهمة من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وإجرائه لقاءً سريًا في عمّان مع العاهل الأردني، عبد الله الثاني، دعا الرئيس "الإسرائيلي"، يتسحاق هيرتسوغ، إلى إعادة العلاقات مع السلطة الفلسطينية، واستئناف عملية السلام، معتبرًا الأمر ”ضرورة ملحة لأمن إسرائيل ومستقبلها".
ومع أن هذه التصريحات دُفعت إلى هامش الأخبار بعد غرق ”إسرائيل“ في قصة هروب الأسرى، إلا أنها اعتبرت ”مفاجئة“، خصوصًا أنها جاءت بعد الاتصال المباشر مع القاهرة وعمّان، وبعد كشف قناة ”كان“ عن ”مبادرة سلام مصرية جديدة“، بالتنسيق مع مسؤولين عرب وأوروبيين، لإطلاق عملية سياسية بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية.
في ملف الحرم القدسي، دعت فصائل وفعاليات فلسطينية إلى النفير للمسجد الأقصى طيلة فترة الأعياد اليهودية، بعد دعوات جماعات يهودية لاقتحامات واسعة للمسجد. وكانت دعوات استيطانية صدرت لاقتحام المسجد الأقصى خلال ما يسمى “أيام التوبة“، وهي الأيام العشرة الممتدة من رأس السنة العبرية حتى يوم الغفران. وتسعى ”جماعات المعبد“ خلال هذه الأيام إلى فرض اقتحامات بأعداد كبيرة، والنفخ بالبوق داخل الأقصى، وأداء صلوات جماعية علنية فيه، وتعول كثيرًا على شراكة شرطة الاحتلال لتحقيق ذلك.
في قطاع غزة، أكدت مصادر فلسطينية أن الاجتماع الأخير الذي عقدته الفصائل لمناقشة استمرار عملية التهدئة، جرى خلاله طرح “الوعودات القوية” من قبل الوسطاء لبدء عملية إعمار ما دمره الاحتلال في الحرب الأخيرة خلال الوقت القريب، بما في ذلك تسهيل مرور مواد البناء إلى القطاع دون عراقيل. وإلى جانب شروع قطر، بحسب ما كُشف عنه، بتمويل عمليات بناء المنازل المدمرة خلال الفترة القريبة، يُنتظر أن تقوم مصر بإدخال معدات بناء ثقيلة إلى غزة للبدء في المرحلة الجديدة، والتي تشمل بناء المدينة السكنية الممولة من القاهرة ضمن منحة الإعمار.
إلى ذلك، بدأت وزارة الأشغال في غزة إرسال رسائل لأصحاب المنازل المدمرة بشكل كامل، تمهيدًا لبدء إعمارها ضمن المنحة القطرية. جاء ذلك بعد أيام من إعلان الرئاسة المصرية وكذلك المبعوث القطري، محمد العمادي، للمنطقة بأن عمليات الإعمار ستبدأ في القطاع. وقالت مصادر إن المصريين والقطريين سيمولون مشاريع بناء كل على حدة، وأضافت أنه ”تم إبلاغ الفصائل بذلك رسميًا“. كما قال رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين في غزة، علاء الدين الأعرج، إن دولة الكويت ستمول بناء عمارات سكنية، وستنفذ ذلك عبر شركات المقاولات والقطاع الخاص. ويفترض أن تبدأ مواد الإعمار، مثل حديد البناء ومواد خام أخرى، بالدخول إلى غزة الأسبوع المقبل دون قيود، كما كان معمولًا به في السابق.
في شأن متصل، أعلن السفير القطري، محمد العمادي، عن اتفاق جديد جرى التوصل إليه بين الفصائل الفلسطينية و“إسرائيل“ بشأن التهدئة في غزة. وقال "العمادي" إن الاتفاق ينص على إعادة فتح المعابر بشكل كامل أمام احتياجات القطاع الرئيسية، مع تقديم التسهيلات المختلفة التي من شأنها أن تساعد جميع الأطراف في الخروج من الوضع المتأزم، وتخفيف حدة الاحتقان والتوتر في المنطقة.
كما لفت "السفير" إلى أنه سيتم صرف منحة موظفي غزة التابعين لحركة ”حماس"، بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، خلال الأيام المقبلة وبالتوافق مع مختلف الأطراف. وجاء إعلان "العمادي" عن الاتفاق الجديد بعد جولة قام بها بين الاحتلال وغزة، بسبب الخلاف حول الأسماء المستفيدة من المنحة القطرية.
من جانبها، لم تكشف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” حتى الآن عن تفاصيل “اتفاق الإطار”، الذي وقعته سابقًا مع الإدارة الأمريكية، والتي بدورها استأنفت تقديم الدعم المالي لهذه المنظمة الدولية، في الوقت الذي كشفت فيه مصادر مطلعة أن الاتفاق يشمل حرمان قطاعات كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين، بينهم أسر فقيرة، من الحصول على المساعدات الغذائية، فيما بدأت الفصائل الفلسطينية حركة نضال شعبي لإسقاط الاتفاق.
صحيًا، سجلت أعداد المصابين بفيروس "كورونا" ارتفاعًا جديدًا بين الفلسطينيين في الضفة وغزة، وسط تحذيرات من دخول الأراضي الفلسطينية موجة رابعة من انتشار الفيروس. وقال رئيس الحكومة، محمد اشتية، إن ”أرقام الإصابات بفيروس كورونا في تصاعد، وعليه أمام مجلس الوزراء نقاش بعد الإجراءات المتعلقة بالتباعد ومنع الأعراس وبيوت العزاء، وأي جمهرة أو تجمعات أخرى إلى حين الخروج من هذه الموجة المخيفة التي تتسارع بشكل كبير."
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا