استنتاجات الموجز:
سلطة الاحتلال ستعمل على زيادة الضغوط على أهالي "حي الشيخ جراح" بعد رفضهم لمقترح "التسوية" الذي قدمته المحكمة العليا "الإسرائيلية"
الاحتلال يحاول مغازلة الإدارة الأمريكية والتغطية على سياسة "الاستيطان الزاحف" التي يتبعها من خلال تمرير تسهيلات اقتصادية محدودة الأثر
بعد إعلانهم رفض مقترح التسوية الذي تقدمت به محكمة الاحتلال العليا، وتمسكهم بالحق الشرعي والوطني في منازلهم وأراضيهم، تعود قضية أهالي حي الشيخ جراح إلى واجهة الأحداث مجددًا، على المستويات السياسية والإعلامية والميدانية، وسط تساؤلات عن السيناريوهات المتوقعة في المرحلة المقبلة من جانب دولة الاحتلال، في سياق مخططها لاقتلاع الحي وفتح المجال أمام تمددها الاستيطاني في مدينة القدس المحتلة.
من جهتها، كانت سلطات الاحتلال لجأت مؤخرًا إلى لعب آخر أوراقها في وجه سكان الحي من خلال نظامها القضائي؛ حيث عرضت المحكمة العليا على أربع عائلاتٍ فلسطينية في الحي “تسويةً”، تحاول من خلالها خلط الأوراق ونقل الكرة لملعب سكان الحي الفلسطينيين. وتقضي هذه التسوية بأن يوافق السكان على دفع بدل إيجارٍ عن منازلهم لمنظمة “نحلات شمعون” الاستيطانية التي تدّعي ملكية المنازل، وأن يعتبرهم الاحتلال بموجب ذلك “مستأجرين محميين” من الجيل الأول ولمدة لا تقل عن 15 عامًا أو إلى الجيل الثالث. وإمعانًا من المحكمة في خداعها للرأي العام الفلسطيني وسكان الحي، يؤكد نصّ “التسوية” المقترح حقّ كلّ طرفٍ من الأطراف في “ادعاء ملكية العقارات".
على جانب آخر، أطلقت السلطة الفلسطينية خلال الفترة الماضية حملة دبلوماسية لتعزيز علاقاتها الخارجية، في محاولة لاستئناف الدعم المالي وتحسين صورتها، حيث أنهى رئيس السلطة، محود عباس، زيارته إلى إيطاليا بعد لقاء جمعه مع رئيس الحكومة، ماريو دراغي، بحثا خلاله العلاقات الثنائية. كما التقى "عباس" خلال الزيارة كلًا من بابا الفاتيكان، فرانسيس، في مقر الفاتيكان بروما والرئيس الإيطالي، سيرجيو ماتاريلا، ورئيس وزراء حاضرة الفاتيكان، بيترو بارولين، ووزير الخارجية، رئيس الأساقفة، بول كاليفر، وبحث معهم الوضع السياسي وتعزيز العلاقات بشكل عام، وتعزيزها بشكل خاص مع الفاتيكان على أساس الاتفاقية الشاملة الموقعة بينهم.
بدوره، أعرب رئيس الوزراء، محمد اشتية، عن ارتياحه لنتائج جولته الأوروبية؛ حيث عمل على حشد الدعم السياسي والمالي لحكومته التي تعاني من أزمة مالية كبيرة، كما حاول الإجابة عن تساؤلات حول حقوق الإنسان وحرية التعبير وإجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينية. وخلال الزيارة التي شملت كلًا من بروكسل ولكسمبورغ واسكتلندا، حث "اشتية" الدول الأوروبية على دعم عملية التسوية واستئناف دعم موازنة حكومته.
ومن المرتقب أن يزور "عباس" قريبًا العاصمة الروسية موسكو، فيما قالت الخارجية الروسية إن موسكو ما زالت تطرح فكرة عقد قمة فلسطينية "إسرائيلية" على أراضيها، مؤكدةً أنها تقدمت أيضًا بمبادرة بشأن عقد اجتماع الرباعية الدولية على مستوى الوزراء، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، وبهدف تسوية النزاع الفلسطيني "الإسرائيلي". وكانت السلطة طلبت رسميًا إعادة إحياء هذه اللجنة بكل الطرق، عبر رسائل للجنة وفي اجتماعات مع الدول الأعضاء، وأكدت استعدادها للانخراط في مفاوضات ترعاها الرباعية.
في السياق، كان لافتًا زيارة القيادي المفصول من حركة "فتح"، محمد دحلان، إلى موسكو واجتماعه بوزير الخارجية، سيرغي لافروف، بحضور نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف. وتناول اللقاء تطورات الوضع الفلسطيني من مختلف جوانبه، ويعتبر اللقاء الأول بين قيادة تيار "دحلان" ووزير الخارجية الروسي.
في الوقت ذاته، أثارت زيارة رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية، ماجد فرج، إلى دبي تكهنات بأن الإمارات والسلطة الفلسطينية "ربما تعملان على إعادة إصلاح العلاقات بينهما"، خاصةً وأنها أول زيارة لمسؤول فلسطيني كبير للإمارات منذ توقيع اتفاقية التطبيع مع الاحتلال "الإسرائيلي". وخلال الزيارة، التقى "فرج" مع نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء، محمد بن راشد آل مكتوم، الذي كتب على "تويتر" عن زيارته لجناح فلسطين في معرض "إكسبو دبي 2020" دون التطرق إلى تفاصيل الاجتماع مع "فرج"، الذي وصفته وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام" بـ"المبعوث الخاص للرئيس محمود عباس".
من جانب آخر، كشفت مصادر مصرية خاصة عناوين الملفات الرئيسية التي ستتصدر أجندة زيارة رئيس جهاز المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، إلى تل أبيب في الربع الأخير من الشهر الجاري، مشيرةً إلى أنه من المنتظر حسم بعض النقاط المتعلقة بقطاع غزة خلال الزيارة. هذا، مع العلم أن الزيارة ستكون الثانية له منذ أن تولت حكومة الاحتلال الجديدة مهامها في الـ13 حزيران/ يونيو الماضي. في هذا الإطار، نقل موقع ”أكسيوس" الأمريكي عن "كامل" قوله إن مصر تحاول التوصل لاتفاق طويل الأمد، لوقف إطلاق النار بقطاع غزة بين ”إسرائيل“ وفصائل المقاومة الفلسطينية، وإبرام صفقة تبادل للأسرى. وبحسب الموقع، أكد "كامل" أن مصر تتحدث كل يوم إلى "الإسرائيليين" والفلسطينيين بشأن عدة قضايا، بما في ذلك اتفاق وقف إطلاق نار محتمل طويل الأمد في غزة، والسماح بالإغاثة الإنسانية وإعادة الإعمار، وصفقة تبادل الأسرى بين "إسرائيل" وحركة "حماس"، "التي تعمل مصر من أجلها ليل نهار".
في سياق متصل، قال مسؤولون في "حركة الجهاد الإسلامي" إن مصر ستُدخِل تسهيلات إضافية لقطاع غزة فيما يتعلق بحركة الأفراد والبضائع واحتياجات أخرى، مؤكدين بعد لقاءات جمعت قيادة الحركة بمسؤولين مصريين في القاهرة، أنه لا توجد آفاق واضحة حيال المصالحة الفلسطينية الداخلية. وأوضح قيادي في الحركة أن اجتماعهم مع "عباس كامل" كان إيجابيًا، وأنه تم خلاله طرح مجمل الملفات على الساحة الفلسطينية، وقد تجاوب "كامل" بشكل إيجابي مع كل ما طرحته الحركة من مطالب للتخفيف عن الفلسطينيين في غزة.
يأتي ذلك في وقت تكثّفت جهود الوسطاء الأمميين والدوليين والمصريين لتثبيت الهدوء في غزة، بعد تهديدات نقلتها”حماس“ إلى المعنيّين بأنها قد تذهب في اتجاه التصعيد في مختلف المناطق، وهو ما حمل العدو على الاستجابة لعدد من مطالب الفصائل الفلسطينية، في ما يتعلّق بإعادة الإعمار وإدخال المنحة القطرية وإيجاد حلول لمشكلة الكهرباء. وجاء ذلك توازيًا مع مناورة جيش الاحتلال المفاجئة التي جرت الأسبوع الماضي على حدود القطاع، في ظلّ التوتّر الأمني والجمود في التفاهمات مع ”حماس“، في ملفَّي التهدئة والأسرى والمفقودين، وفق ما أشارت إليه صحيفة ”معاريف“ العبرية. كما لفتت الصحيفة إلى أن المناورة حاكت سيناريوات عدّة، من بينها قيام رجال الحركة بتفجير الجزء العلوي من الجدار الحدودي بواسطة سيارات مفخّخة كبيرة واختراق الحدود.
بدوره، أنهى المنسق الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، زيارته إلى قطاع غزة، التي التقى خلالها قيادة "حماس"، إلى جانب شخصيات من مؤسسات دولية، للاطلاع على الأوضاع في القطاع.
في ملف الاستيطان، وبالتوازي مع الانتقادات الأمريكية شديدة اللهجة التي صدرت تعقيبًا على قرار حكومة الاحتلال ببناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة، وافقت حكومة الاحتلال على بناء أكثر من 1300 وحدة سكنية للفلسطينيين في المنطقة ”ج“. بالمقابل، أمر رئيس الوزراء، بيني غانتس، بتنفيذ مرحلة ثانية من رزمة تسهيلات مقررة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، كجزء من خطة لدعم وتقوية وتعزيز السلطة الفلسطينية. كما أعلن الاتحاد الأوروبي تحويل ”مساهمة" قدرها 15.6 مليون يورو إلى وزارة المالية، لمساعدة السلطة الوطنية الفلسطينية على دفع رواتب ومعاشات تقاعد موظفيها الحكوميين في تشرين الأول/ أكتوبر، و"معظمها في قطاع الصحة والتعليم في الضفة الغربية".
في الشأن الاقتصادي أيضًا، وقّع وزير الصناعة والتجارة الأردني، يوسف الشمالي، ووزيرة اقتصاد الاحتلال أورنا باربيفاي، على اتفاقية من شأنها زيادة حصة المنتجات التي قد يُصدّرها الأردن للسلطة الفلسطينية في المستقبل. وبحث الطرفان خلال لقائهما في الأردن لأول مرة منذ عقد، تعزيز العلاقات الاقتصادية وتحديث اتفاقية التجارة بين البلدين والاعتراف المتبادل بالمعايير وتوسيع السياحة.
في ملف الأسرى، يستمر إضراب سبعة أسرى فلسطينيّين عن الطعام رفضًا للاعتقال الإداري، بالتوازي مع تدهور حالتهم الصحّية وتعنّت سلطات الاحتلال في التجاوب مع مطالبهم، وهو ما دفع حركتي ”حماس" و“الجهاد الإسلامي“ إلى التهديد بتفجير الأوضاع مجدّدًا في حال لم يتمّ إنهاء معاناة هؤلاء الأسرى، خصوصًا في ظلّ معطيات تُشير إلى إمكانية استشهاد أحدهم. وقال "نادي الأسير الفلسطيني" إن سلطات الاحتلال تعتزم إعادة الاعتقال الإداري للأسير المُضرب عن الطعام، مقداد القواسمة، وذلك بعد نحو شهر من تجميده.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا