استنتاجات الموجز:
الأزمة مع الخليج مرشحة للتصعيد وسط تصلب "قرداحي" ومن خلفه "حزب الله" وعجز الحكومة ورئيس الجمهورية عن المضي بمسار أي حل
تطمينات دولية ببقاء الحكومة مع استمرار تعليق جلساتها وسط تشابك أسباب جمودها بدءًا من أزمة الخليج ووصولًا إلى تحقيقات مرفأ بيروت
قلق كبير من تداعيات الأزمة مع الخليج وعواقبها على الاقتصاد اللبناني المنهك أصلًا
دخلت البلاد في أتون أزمة دبلوماسية وسياسية واقتصادية من غير الواضح حتى الآن متى من الممكن أن تسلك سبيلها نحو الحلحلة، وذلك في ظل تصعيد خليجي تقوده الرياض مقابل عجز حكومي واضح في معالجة الأزمة منذ بدايتها.
في التفاصيل، وبعد تلقيه جرعة دعم دولية، وبالأخص أمريكية وفرنسية، حثّته على الحفاظ على الحكومة، ولقاءات أجراها في قمة المناخ في "غلاسكو"، وشملت الرئيسين الفرنسي والمصري ووزير الخارجية الأمريكي والمستشارة الألمانية وأمير قطر، أعلن رئيس مجلس الوزراء، نجيب ميقاتي، بالتوافق مع رئيس الجمهورية، ميشال عون، ما وصفها "خارطة الطريق" لحل الأزمة الحكومية والخارجية.
وفي هذا الصدد، وضع "ميقاتي" ثلاثة بنود للمضي قدمًا نحو حلحلة الأزمة، تبدأ باستقالة وزير الإعلام، جورج قرداحي، وتفعيل العمل الحكومي وعدم التدخل في عمل القضاء، في إشارة إلى ملف تحقيقات مرفأ بيروت. وهو ما تقاطع مع موقف رؤساء الحكومات السابقين وموقف البطاركة الموارنة وعلى رأسهم البطريرك الماروني، بشارة الراعي، الذين دعوا جميعًا إلى ضرورة استقالة "قرداحي" كمقدمة للحل.
بالمقابل، أكّد "قرداحي" أنه لن يعتذر ولن يستقيل إلا إن كانت استقالته ستُعيد الأمور إلى ما كانت عليه، في موقف مدعوم من "حزب الله" الذي أكد على لسان كتلته النيابية أن استقالة وزير في الحكومة أمر يمس السيادة الوطنية ولا يمكن القبول به، في حين اعتبر نائب الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، أن السعودية تمارس "عدوانًا غير مبرر" على لبنان وعليها أن تعتذر عن ذلك.
من جهتها، كانت الرياض قد راكمت أسباب الأزمة بما يشي بأن تصريحات "قرداحي" كانت الشرارة لتصعيد مواقفها؛ حيث صرح وزير الخارجية، فيصل بن فرحان، أن التعاون مع الحكومة اللبنانية غير مثمر أو ذي جدوى كونها تحت سيطرة "حزب الله"، مشيرًا إلى أن الحكومة لم تقم بما هو مطلوب للحد كذلك من تهريب المخدرات إلى المملكة.
في هذا الإطار التصعيدي أيضًا، استدعت الرياض سفيرها في بيروت وطلبت من السفير اللبناني مغادرة أراضيها، وجددت منع السعوديين من السفر إلى لبنان. كما أعلنت الرياض أيضًا وقف كل أشكال الاستيراد، تزامنًا مع دعوة اتحاد الغرف التجارية السعودية رجال الأعمال والشركات السعودية إلى وقف كافة الأعمال مع لبنان. من جانب آخر، بدت لافتةً زيارة السفير السعودي، وليد البخاري، قبيل مغادرته بيروت، دارة رئيس حزب "القوات اللبنانية"، سمير جعجع، في دلالة واضحة على دعم الرياض القوي للقوات.
بدورها، وتماشيًا مع الموقف السعودي، استدعت الإمارات بعثتها الدبلوماسية في بيروت، وطلبت من سفير لبنان مغادرة أراضيها، كما أنهت إجلاء مواطنيها من لبنان، وكذلك فعلت البحرين والكويت، أما قطر وسلطنة عُمان فأصدرتا بيانات تشجب تصريحات "قرداحي" وتدعو إلى التهدئة.
على الصعيد الخارجي، حمّلت واشنطن على لسان أكثر من مسؤول، على رأسهم وزير خارجيتها، أنتوني بلينكن، "حزب الله" مسؤولية الأزمات التي يواجهها لبنان، وذلك في الوقت الذي فرضت فيه وزارة الخزانة عقوبات بتهم الفساد والإثراء غير المشروع على النائب "جميل السيد" (مدير عام الأمن العام السابق)، ورجُلي الأعمال "جهاد العرب" (مقرب من الرئيس سعد الحريري)، و"داني خوري" (مقرب من رئيس التيار الحر، جبران باسيل).
اقتصاديًا، أرخى ملف الأزمة مع دول الخليج بظلاله على المشهد الاقتصادي؛ حيث حذرّت الهيئات الاقتصادية من تداعيات المقاطعة السعودية، إذ تقدر الصادرات اللبنانية إلى المملكة سنويًا بنحو 250 مليون دولار دون الدول الأخرى. في الأثناء، دخلت البلاد في حالة من الشلل الإداري بعد إعلان رابطة موظفي الإدارة العامة الإضراب المفتوح، والتحاق لجنة المساعدين القضائيين بهم، وذلك للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية إثر تدني قيمة رواتبهم.
في آخر تطورات تحقيقات مرفأ بيروت، وفيما كان المحقق العدلي، طارق البيطار، يؤكد لوفد من أهالي ضحايا الانفجار استمراره بالتحقيق وبالمسار الذي رسمه حتى إصداره القرار الظني، قضت محكمة الاستئناف بكف يد "بيطار" عن التحقيق بشكل مؤقت، لحين البت في دعوى الرد التي تقدم بها وزير الأشغال السابق، يوسف فنيانوس، قبل أيام تزامنًا مع قبول محكمة الاستئناف كذلك دعوى الرد المقدمة من الوزيرين، غازي زعيتر وعلي حسن خليل، ضد الغرفة الثانية عشر من محكمة الاستئناف التي بتت في دعاوى الرد السابقة المقدمة ضد القاضي "بيطار" من قبلهما.
بالمقابل، نفذ أهالي "عين الرمانة" و"الطيونة" وقفة أمام المحكمة العسكرية، احتجاجًا على التوقيفات "الظالمة والمفبركة" بحق أبنائهم، وذلك تزامنًا مع إصدار المحكمة العسكرية القرار الظني في ملف أحداث خلدة (بين العشائر العربية و"حزب الله")، والتي اتهم فيه 32 موقوفًا من أبناء العشائر العربية حصرًا بالوقوف وراء الأحداث وافتعالها، وهو ما بدا لمحللين مسارًا قد يسلكه كذلك ملف التحقيق في أحداث الطيونة.
في شأن قضائي آخر، حكمت المحكمة العسكرية بالأشغال الشاقة لمدة 20 عامًا على عشرة لبنانيين وثلاثة فلسطينيين، بينهم "توفيق طه"، لانتمائهم إلى تنظيم مسلّح، في حين حكمت المحكمة ببراءة مفتي راشيا السابق، الشيخ بسّام الطراس، من كل ما نُسب إليه حول انتمائه إلى تنظيم "داعش".
في الشأن العسكري، يواصل قائد الجيش، جوزيف عون، زيارته إلى واشنطن؛ حيث عقد سلسلة لقاءات مع مسؤولين أمريكيين بدءًا من مسؤول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البيت الأبيض، ثم مساعدي أعضاء بالكونغرس، وباحثين بمراكز أبحاث ودراسات من أصل لبناني، استعرض خلالها أوضاع الجيش اللبناني واحتياجاته.
وفي هذا الصدد، أُبلغ "عون" بأن وزارة الدفاع الأمريكية تبحث في تحويل أموال متبقية من موازنات أخرى لم يجرِ إنفاقها، لتمويل رواتب الجنود وتوفير الغذاء والرعاية الطبية، وذلك كون الولايات المتحدة باتت عمليًا تموّل كل أنشطة الجيش اللبناني، بما فيها المعدات العسكرية وصيانتها.
عسكريًا أيضًا، وفي تطور لافت، أطلقت "تل أبيب" تدريبات واسعة النطاق للجبهة الداخلية، تعد الأولى من نوعها، تُحاكي سيناريو نشوب حرب شاملة ضد "حزب الله".
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا