استنتاجات الموجز:
تململ وانتقادات في صفوف أنصار "سعيّد" في تونس وارتفاع صوت المعارضة مجددًا وسط تخوف من انهيار مالي واقتصادي
"حادثة الشاحنة الجزائرية" تنذر بجولة جديدة من التصعيد بين الجزائر والمغرب خلال الفترة المقبلة
الأصوات المعارضة لـ"حكومة أخنوش" تتصاعد بالمغرب لتجاهلها الاحتقان الشعبي وسط انشغال المواقع السيادية في شؤونها الخارجية
بعد مرور أكثر من مائة يوم على انفراد رئيس الجمهورية التونسي، قيس سعيّد، بالسلطة وإمساكه بجميع الصلاحيات في الدولة، لا يبدو أن هناك انفراجًا قريبًا في الأزمة التي تعيشها البلاد؛ حيث امتدت تداعياتها لتدخل في أتون أزمات دبلوماسية وسياسية وأمنية، من غير الواضح متى يمكن أن تسلك سبيلها نحو الحلحلة، مقابل عجز الأوساط السياسية للقيام بدورها، ليخرج الشارع عن صمته بتظاهرات ومبادرات لإيجاد مخرج من وضع البلاد الخانق.
في التفاصيل، وعقب الاجتماع الوزاري، أعلن "سعيّد" عن نيته في “اختصار” مدة "التدابير الاستثنائية"، دون تحديد سقف زمني، مؤكدًا إعادة النظر في الحوار الذي ينتظم بطريقة مستجدّة، ومضيفًا أن “التدابير اتُّخدت لإنقاذ الدولة من التآمر الخارجي وإشراك المواطنين لإيجاد توازنات سياسية ومالية جديدة". هذا، بينما اتهم "سعيّد" الرئيس السابق، المنصف المرزوقي، بالخيانه والتآمر الخارجي، متعهدًا بسحب جواز سفره الدبلوماسي ومحاكمته.
في سياقٍ متصل، أصدر القضاء بطاقة جلب دولية ضد "المرزوقي" بتهمة “الاعتداء على أمن الدولة الخارجي والدعوة للتدخل الأجنبي. بدوره، استنكر "المرزوقي" اتهامه بـ”الخيانة”، معتبرًا أن البلاد دخلت مرحلة الاستبداد المطلق، حيث أصبح "سعيّد" يمثل الخطر الأكبر، ومؤكدًا أنه غير شرعي ولا يعترف بقراراته، وطالب الشعب بالتحرك لإنهاء الانقلاب. من جانبها، استنكرت "حركة النهضة" ما يتعرض له "المرزوقي" بسبب مواقفه "الرافضة للانقلاب"، دون مراعاة للأعراف ولسمعة البلاد، مطالبةً بوضع حد لتصاعد "وتيرة التضييق الأمني والتعدي على الحريات".
وتعليقًا على التوجه الرئاسي، انتقد أنصار "سعيّد" تصريحاته الأخيرة وغياب الرؤية السياسية للمجالات الرئيسية الاقتصادية والاجتماعية، إضافةً إلى دعوة المواطنين لدعم الميزانية العامة بعدما أقرّ "سعيّد" بوجود أزمة ضخمة، حيث لاقت انتقاداتهم رواجًا واسعًا.
على صعيدٍ موازٍ، وأمام تعطّل لغة الحوار بين المؤسسات واشتداد الأزمة التي انعكست على الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وتصاعد منسوب "العنف السياسي"، تحاول بعض الجهات إيجاد مخرج للأزمة؛ فمن جهتها، طرحت حملة "مواطنون ضد الانقلاب" بالشراكة مع مجموعة من الشخصيات الوطنية "خريطة طريق"، داعيةً إلى إجراء انتخابات مبكرة والعودة للبرلمان، وتشكيل المحكمة الدستورية، ومشددةً على الالتزام بالتشاور مع جميع القوى الوطنية، وفي مقدمتهم الاتحاد العام للشغل، لحوار شامل الملفات الاستراتيجية الكبرى.
ميدانيًا، شهدت محافظة صفاقس احتجاجات على قرار وزارة البيئة بإعادة فتح مكب النفايات، فيما أصيب عدد من المحتجين بالاختناق جراء إطلاق الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين. وقد نفت وزارة الداخلية وفاة أحد المحتجين في التظاهرات جراء استعمال الغاز من قبل الشرطة، مؤكدةً أنّ الشاب توفي إثر إصابته بوعكة صحية.
أمنيًا، أعلنت السلطات عن استعدادها لاستعادة مئات المهاجرين غير النظاميين المتواجدين في فرنسا بعد تسوية أوراقهم القانونية، كما أعلنت عن مقتل ستة مواطنين في حادث بميناء الزاوية النفطي عند الحدود الليبية.
في الشأن الجزائري، لا تكاد تخرج العلاقات الجزائرية-المغربية من أزمة حتى تدخل في أخرى أشد تعقيدًا؛ حيث عاد التوتر يخيم على العلاقات بين البلدين جراء "حادثة الشاحنة" على الحدود الموريتانية. وعلى إثر ذلك، نقلت السلطات جثث مواطنيها الثلاثة، الذين تسببت القوات المغربية في مقتلهم جنوب البلاد. من ناحيته، شدد وزير الداخلية، كمال بلجود، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الموريتاني، محمد ولد سالم المرزوق، بمناسبة اجتماع للجنة الحدودية، على أن "الجزائر تعمل على تأمين أمنها الذاتي بما فيها المناطق الحدودية". هذا، بينما أكد وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، في رسالة للأمم المتحدة "استعداد الجزائر وقدرتها على تحمّل مسؤولياتها في حماية مواطنيها وممتلكاتهم".
في السياق ذاته، أعلن البرلمان تأييده لقرارات السلطات العليا للرد على الحادث وردع مرتكبيه ومن يقف خلفه. من جهتها، أدانت الأحزاب الحادث؛ إذ اعتبر حزب "جبهة التحرير الوطني" أن مقتل المواطنين "بمثابة إعلان حرب على الجزائر"، فيما وصف بيان لحركة "البناء الوطني" الحادث "بالعمل العدواني"، داعيًا لإجراء تحقيق لمعرفة الملابسات.
دبلوماسيًا، وفي اجتماع للسفراء والقناصلة للدبلوماسية في الخارج ورؤساء البعثات الدبلوماسية لدى المنظمات الدولية، أعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، انعقاد القمة العربية في الجزائر في آذار/ مارس المقبل، مشددًا على "عدم التسامح مع أي تدخل أجنبي في شؤونها الداخلية"، ومؤكدًا مواصلة الجهود لتعزيز العمل العربي المشترك في دعم القضية الفلسطينية وإصلاح الجامعة العربية.
في شأنٍ دبلوماسي آخر، التقى نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، مع "تبون" خلال زيارة للجزائر للحصول على دعم لإنجاز الانتخابات الليبية في موعدها. كما التقى "الكوني" رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، الذي جدد "دعم الجزائر اللامشروط لإنجاح مسعى التسوية السياسية الليبية"، مؤكدًا على أن الحل يجب أن يكون ليبيًا، وعلى سحب المقاتلين والقوات الأجنبية. وأشار "قوجيل" إلى أن بلاده تولي أهمية للاستحقاقات الليبية التي تستوجب تهيئة الظروف للقبول بنتائجها، وحشد الدعم الدولي الذي يساهم في الحفاظ على أمن ليبيا.
في شأن أمني، أصدر المحكمة الجزائية حكمًا ببراءة المدير العام السابق للأمن الوطني، عبد الغني هامل، ومدير أمن العاصمة السابق، نور الدين براشدي، في قضية استغلال الوظيفة وتلقي الرشاوى. كما رفضت المحكمة التماسات النيابة العامة التي طالبت بسجن "هامل" و"براشدي" لمدة سبع سنوات وتسليط غرامات مالية، بعدما أفادت التحقيقات بتورطهما في قضية فساد إضافةً لـ"سوء استغلال الوظيفة".
على الصعيد المغربي، حذرت المعارضة الحكومة من احتمال اندلاع توترات اجتماعية حال استمرارها في تجاهل المطالب الشعبية، فيما أعلن حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” أنه سيصوت ضد مشروع الموازنة العامة، معتبرًا أن المشروع لا يعكس المرجعيات التي يستند عليها، خاصةً التوجيهات الملكية الواردة في خطاب افتتاح الدورة البرلمانية، وتقرير لجنة النموذج التنموي الجديد والتصريح الحكومي.
في خبر دبلوماسي، أكد وزير الخارجية، ناصر بوريطة، خلال اتصالٍ هاتفي، مع وزير الشؤون الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، على تعزيز الإطار القانوني الذي يربط بلاده بالاتحاد الأوروبي، لضمان استمرار شراكتهم الاستراتيجية، مؤكدًا على أهمية مبادرات مجلس الاتحاد الأوروبي المتعلقة باتفاقيات الزراعة والصيد البحري بين البلدين.
أما في قضية الصحراء الغربية، فقد أعلن الملك "محمد السادس" أن المغرب "لا يتفاوض على صحرائه"، مشددًا على أنّ "مغربية الصحراء لم تكن يومًا مطروحة للمفاوضات"، بل "المغرب يتفاوض على إيجاد حل سلمي للنزاع الإقليمي المفتعل". بدوره، أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء يشكل أرضية سياسية وقانونية مواتية لتعزيز الموقف المغربي دوليًا، معتبرًا أن على الحكومة استقراء هذه التطورات واستثمارها دوليًا.
في الشأن الأمني، أفادت مصادر بفرار 24 مغربيًا إلى برشلونة على متن عبّارة، بعد هبوط اضطراري لطائرة في جزيرة مايوركا الإسبانية، وقد غيرت الطائرة وجهتها بعدما ادعى أحد الركاب أنه مريض، فيما اعتقلت السلطات 12 شخصًا وتبحث عن 12 آخرين.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا