استنتاجات الموجز:
الانفتاح السياسي والاقتصادي والعسكري بين تركيا ودول "مجلس التعاون للدول الناطقة بالتركية" يثير مخاوف وانزعاج روسيا
"قوات سورية الديمقراطية" تحاول قطع الطريق أمام أي عملية عسكرية تركية في المنطقة من خلال الاتفاق مع النظام السوري
تواصل تركيا جهودها في توسيع حضورها سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا وسط آسيا عبر "مجلس التعاون الدول الناطقة بالتركية"، الذي حقق نقلة نوعية في العلاقات خلال السنوات الأخيرة، وهو ما عزز مخاوف روسيا وأثار انزعاجها من النفوذ التركي المتصاعد في منطقة ما زالت تعتبرها روسيا منطقة نفوذ تاريخي لها، وتخشى من تحركات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، غير المتوقعة في تلك المنطقة.
في التفاصيل، استضافت مدينة إسطنبول في الـ12 من الشهر الجاري القمة الثامنة لـ"مجلس التعاون للدول الناطقة بالتركية". ويضم المجلس، الذي تأسس عام 2009، كلًا من تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقرغيزيا وأوزباكستان، فيما تشارك المجر بصفة مراقب، ولأول مرة تركمانستان بصفة مراقب أيضًا وتبدي رغبتها في الانضمام للمجلس.
ورغم أن “المجلس التركي” يهدف بدرجة أساسية لتعزيز التعاون بين دوله في مجالات التجارة والتعليم والثقافة، إلا أن العلاقات بين تركيا ودول المجلس شهدت تناميًا متسارعًا في السنوات الأخيرة في المجالات السياسية والاقتصادية وحتى عسكريًا ودفاعيًا. وتشير تقديرات مختلفة إلى أن الرئيس التركي يطمح لتحويله إلى تحالف سياسي واقتصادي وربما عسكري في مرحلة متقدمة، ومنحه صفة "منظمة دولية".
على الصعيد السوري، يُخفي التصعيد القائم حيال ملف المنطقة الشرقية والشمالية الشرقية من سوريا، حراكًا تفاوضيًا ودبلوماسيًا بين الفاعلين في المنطقة، في مشهد تبدو فيه المصالح المحلية والإقليمية والدولية متشابكة وتعقد الوصول إلى حل. في هذا الإطار، فإن عدم شن أنقرة عملية عسكرية حتى الآن يُبقي الباب مفتوحًا أمام الحرك الدبلوماسي لحل أزمة مخاوفها الأمنية في الشمال السوري بعيدًا عن العمل العسكري؛ حيث تتناقل وسائل إعلام تركية أنباء عن مباحثات روسية - تركية قريبة في أنقرة، لبحث التطورات شمال سوريا، خصوصًا منطقة تل رفعت. هذا، بينما تبدو الجهود الروسية لتطويق حدة الخلاف مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) واضحة؛ حيث قالت مصادر محلية إن المفاوضات بين "حزب الاتحاد الديمقراطي" (PYD) والنظام السوري برعاية روسية، وصلت إلى تفاهمات أولية في بعض الملفات الهامة المتعلقة بالأمور الإدارية والعسكرية، مشيرةً إلى أن موسكو تضغط على الطرفين في اتجاه إيجاد حلول وسطية.
في السياق أيضًا، تحاول "قسد" من جهتها قطع الطريق أمام أي عملية عسكرية تركية في المنطقة، والحفاظ على المنطقة الخاضعة لسيطرتها، كما إنها جادة في مفاوضاتها مع النظام وتنوي التوصل لاتفاق يشرعن وجودها شمال وشرق سوريا، ويبعد الخطر التركي عن المنطقة. بدوره، يلعب القيادي في "قسد"، مظلوم عبدي، دورًا كبيرًا في الوصول لاتفاق نهائي مع النظام، لإنهاء الواقع الإداري غير المعترف به من قبل أي جهة شمال شرق سوريا، ومن أجل تجنب أي حرب مع تركيا.
من جهة أخرى، تبذل تركيا مع الاتحاد الأوروبي جهودًا كبيرة في المباحثات الجارية بينهما حول الاتحاد الجمركي، وفيما يتعلق بـ “الاتفاق الأخضر والرقمنة” لتكون على رأس أولويات الاتفاق. وأشاد مسؤول بعثة الاتحاد لدى تركيا، نيكولاس ماير لاندروت، بالخطوات الأخيرة المتخذة في موضوع تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي، موضحًا أن المجلس الأوروبي اتخذ خطوات ملموسة في آذار/ مارس الماضي لإزالة عقبات التجارة مع تركيا، وأن الدراسات الفنية مستمرة، وأن اللجنة المشتركة عقدت اجتماعًا لبحث تحديث الاتفاقية.
داخليًا، يواصل الرئيس "أردوغان" جهوده لتوسيع التحالف للاستعداد للانتخابات المزمعة في 2023، ويسعى إلى ضم "حزب السعادة" للتحالف الذي يُرجِّح كثيرون أن وفاة الزعيم الروحي للحركة الوطنية "ميلي غوروش"، ورئيس المجلس الاستشاري الأعلى للحزب، أوغوزخان أصيل تورك، تقلل فرص نجاح التحالف، إلا أن الجهود مستمرة لإحداث خرق في هذا الاتجاه. فقد عقد "أردوغان" مع رئيس "حزب السعادة"، تمل كرامولا أوغلو، اجتماعًا استمر أكثر من ساعتين في المجمع الرئاسي بأنقرة، وتناول العديد من القضايا المحلية من السياسة الداخلية إلى الاقتصاد والسياسة الخارجية ومكافحة الإرهاب، فضلًا عن التطورات الإقليمية والدولية. وعقب اللقاء، قال "كرامولا أوغلو" إن الاجتماع كان وديًا وإيجابيًا للغاية، وإن "أردوغان" عرض عليه الانضمام إلى التحالف.
من جانبه، شارك "أردوغان" في مراسم إحياء الذكرى الـ83 لوفاة مؤسس الجمهورية، مصطفى كمال أتاتورك، عند ضريحه في أنقرة، وذلك بمشاركة وفد كبير من المسؤولين الأتراك أبرزهم نائبه، فؤاد أوقطاي، ورئيس البرلمان، مصطفى شنطوب، وأعضاء الحكومة ورؤساء أحزاب “الشعب الجمهوري”، كمال كليتشدار أوغلو، و”الحركة القومية”، دولت باهتشلي، و”إيي بارتي”، ميرال أكشينر، فضلًا عن قادة أركان الجيش وعدد آخر من المسؤولين. بدورها، بدأت رئاسة الشؤون الدينية التركية إعادة تسير رحلات جديدة إلى مدينة القدس بعد توقفها بسبب "كورونا"، فيما سيتم تعيين موظفين لتوجيه الركاب إلى أماكن الزيارات، كما اتخذت قرارًا بإنهاء تطبيق الإجراءات المتعلقة بجائحة "كورونا" في المساجد والسماح بالصلاة دون تباعد.
أمنيًا، هزّت الشارع التركي جريمة قتل الشابة "باشاك جنكيز" على يد مختل عقلي يدعى “جان"، أثناء سيرها في الشارع بسيف ساموراي. وتصدر هاشتاج "#BaşakCengiz" (باشاك جنغيز) مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا، وعبر المغردون عن غضبهم لمقتل الشابة، فيما أفاد القاتل بأنه لم يكن يعرفها بل استهدفها فقط لأنها امرأة ولن تستطيع الدفاع عن نفسها. هذا، بينما انهار بناء في مدينة ملطية في منطقة شرق الأناضول، ما أسفر عن اختفاء 20 شخصًا تحت الأنقاض وإصابة 11 آخرين أجراء الانهيار، ولم يتضح بعد سبب وقوع الحادث.
أمنيًا أيضًا، حيّد الجيش التركي بالتنسيق مع الاستخبارات، القيادية في تنظيم "حزب العمال الكردستاني" "بي كي كي"، نازلي طاش بينار، والمطلوبة بالنشرة الحمراء، في ضربة جوية بمنطقة “غارة” شمال العراق. وكانت “طاش بينار” تتخفى تحت الاسم الحركي “أمينة أرجيس”، وشغلت منصب ما يدعى "عضو اللجنة المركزية للتنظيم". كما اعتقلت قوات الأمن في مطار إسطنبول مواطنًا أجنبيًا مطلوبًا بتهمة الانتماء لتنظيم “داعش”، أثناء محاولته دخول البلاد باستخدام جواز مزور.
داخليًا أيضًا، عاد رئيس بلدية بولو، تانجو اوزجان، ليعلن عن مقترح عنصري جديد ضد الأجانب المقيمين في المدينة، عبر رفع رسوم الزواج 100 ضعف للأجانب لتصل التكلفة إلى 100 ألف ليرة تركية، مبررًا خطوته لمنع تزوج الأجانب في ولاية بولو أو الاستقرار بها، ومنع حدوث المزيد من حالات الطلاق وللتشجيع على الاستقرار في الجو العائلي. كما أثار شتم النائب البرلماني عن "الحزب الجيد"، لطفو توركان، ذوي الشهداء خلال جولة في مدينة بينغول، ردود فعل واسعة وغاضبة ضده. وتجمع المئات من المواطنين الغاضبين أمام مدخل مقر الحزب مطالبين بإقالة "توركان" ما دفعه لتقديم استقالته من رئاسة مجموعة الحزب في البرلمان، دون أن يستقيل من عضوية البرلمان عن الحزب. وعلق الرئيس "أردوغان" على “الفضيحة”، معتبرًا استقالته من المنصب في الحزب ليست مخرجًا لما قام به، مبينًا أنهم سيستخدمون جميع الوسائل والطرق السياسية والقانونية لجعل هذا الشخص يدفع ثمن ما فعله.
اقتصاديًا، تراجعت الليرة التركية إلى عشر ليرات مقابل الدولار الواحد بعد أن افتتحت البورصة التداول بسعر صرف 9.946، بينما عادت للصعود السبت، إلى 9.9790 ليرة للدولار. وتصدر هاشتاج "Dolar 10" تريند موقع "تويتر" في تركيا بعد تراجع الليرة؛ حيث شارك الناشطون فيه تخوفهم مع التدهور المستمر لقيمة الليرة.
قضائيًا، وجهت محكمة في إسطنبول إلى زوجين "إسرائيليين" تهمة “التجسس”، بعد أن التقطا صورة لمنزل الرئيس التركي من شرفة بجر تشامليجا، الذي تم افتتاحه العام الماضي بمنطقة أُسكودار بالجانب الآسيوي من الولاية، ووجه القضاء لهما تهمة “التجسس السياسي والعسكري".
عسكريًا، حقق صاروخ "سيبار التركي" للدفاع الجوي طويل المدى نجاحًا في تجاربه التي أجريت خلال الفترة الماضية، وسيدخل الخدمة عام 2023. يذكر أن صاروخ سيبار يتمتع بأهمية كبيرة من حيث تلبية احتياجات الدفاع الجوي بقدرات محلية، وتم تطويره لحماية المنشآت الاستراتيجية من هجمات العدو في إطار الدفاع الجوي الإقليمي، وتتولى شركات "أسيلسان" و"روكيتسان" و"توبيتاك" تنفيذ مشروع الصاروخ بالشراكة.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا