استنتاجات الموجز:
إيران تهدف لزيادة أوراق القوة بيدها عن طريق تفريخ المليشيات في سوريا بسبب الإحباط الواضح إزاء مفاوضاتها مع القوى العالمية في ملفها النووي
موقف طهران والعرض الذي قدمته حكومتها في المفاوضات يقتل الأمل في إحياءها
"صفعة أمريكية" لإيران عبر أكبر مصادرة أمريكية على الإطلاق لشحنات نفط وأسلحة إيرانية
نقلت وكالة "رويترز" في تقرير لها عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران بدأت تشغيل مجموعة أجهزة طرد مركزي متطورة من طراز "آي.آر-6"، في منشأة "فوردو" لتخصيب اليورانيوم عند مستوى يصل إلى 20%. جاء ذلك في تقرير للوكالة أشارت فيه إلى أنها تعتزم زيادة وتيرة عمليات التفتيش في منشأة فوردو، بعد أن بدأت طهران إنتاج اليورانيوم المخصب بآلات أكثر تقدمًا هناك. وأضاف تقرير "رويترز": "أصرت الوكالة ووافقت إيران على زيادة وتيرة أنشطة التحقق في منشأة فوردو، وستستمر المشاورات مع إيران بشأن الترتيبات الإجرائية لتسهيل تنفيذ هذه الأنشطة".
في السياق، ذكر مسؤول إيراني أن كاميرات المراقبة التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية المثبتة في إحدى المنشآت النووية، تعرضت للتخريب خلال هجوم "إسرائيلي" في حزيران/ يونيو الماضي، فيما قالت إيران إنها أحبطت "محاولة تخريبية" استهدفت مبنى للمنظمة الذرية في محافظة كرج. وتسلط تصريحات المسؤول الإيراني الضوء على سبب استمرار إيران منع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من إعادة تركيب الكاميرات بورشة الطرد المركزي في كرج.
في الشأن النووي أيضًا، قالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إنه لا توجد بارقة أمل في تقدم مفاوضات فيينا حول إحياء الاتفاق النووي مع إيران. وأضافت "بيربوك" في تصريح صحفي على هامش اجتماع لـ"مجموعة السبع" في مدينة ليفربول بإنجلترا: "ظهر في الأيام الماضية أننا لا نحرز أي تقدم، بسبب العرض الذي قدمته الحكومة الإيرانية، لقد عادت المفاوضات ستة أشهر إلى الوراء".
وأشارت الوزيرة الألمانية إلى أنه "ما من بارقة تقدم" في المفاوضات، مشددةً على أن "الوقت ينفد"، وتابعت: "نعمل بشكل مكثف على حل دبلوماسي للحفاظ على الصفقة النووية". من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي: "اليوم عناصر المناقشة التي استؤنفت غير مشجعة، لأننا نشعر بأن الإيرانيين يريدون أن يجعلوها تستمر، وكلما طالت مدة المحادثات زاد تراجعهم عن التزاماتهم... واقتربوا أكثر من قدرتهم على امتلاك سلاح نووي".
بالمقابل، حثّ الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، الولايات المتحدة على رفع العقوبات المفروضة على بلاده، عقب اجتماع أمريكي أوروبي حول الملف النووي الإيراني، عشية اجتماع لوزراء خارجية مجموعة السبع. وأفاد "رئيسي" بأن رفع العقوبات سيؤدي إلى اتفاق جيد، لافتًا إلى أن طهران تسعى لإنجاح هذا الاتفاق. كما أشار الرئيس الإيراني إلى أن التواصل مع دول الجوار لمواجهة العقوبات يعد ضمن استراتيجيات سياسة حكومته الخارجية، وأن "الوضع الحالي في العلاقات مع دول الجوار غير ملائم".
يذكر أن المحادثات توقفت الجمعة؛ حيث عبر مسؤولون أوروبيون وأمريكيون عن استيائهم إزاء المطالب الواسعة للحكومة الإيرانية الجديدة. وفي هذا الإطار، قال مسؤول أمريكي كبير إن إيران تراجعت عن التنازلات التي قدمتها في الجولات السابقة من المحادثات، في حين احتفظت بالتنازلات التي قدمها الآخرون وطلبت المزيد الأسبوع الماضي، وبدا أن كل جانب يلقي باللوم على الآخر في عدم إحراز تقدم.
خارجيًا، قام مستشار الأمن القومي الإماراتي، طحنون بن زايد، بزيارة إلى طهران مؤخرًا بدعوة من أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني. وتعد الزيارة الأولى من نوعها لمسؤول إماراتي منذ عام 2016، لذلك اعتُبرت علامة على جهود إعادة تأسيس العلاقات بين دول الخليج وإيران بعد سنوات من التوتر. وقد أثار لقاء "طحنون" بنظيره "شمخاني" في طهران جدلًا واسعًا، بسبب خريطة معلّقة في مكتب الأخير؛ حيث ظهرت خلف "طحنون" خريطة للمنطقة كتب فيها عبارة "خليج فارس" على الخليج العربي. ويرى مراقبون أن إيران أرادت من خلال هذه الخريطة بعث رسالة للإمارات، بأن أي إعادة للعلاقات بينهما لن تتم بتنازل من طهران.
في شأن متصل، ونقلًا عن مسؤولين أمريكيين كبار، تتحرك إدارة الرئيس، جو بايدن، صوب تشديد تطبيق العقوبات على إيران، وإرسال وفد رفيع المستوى إلى الإمارات الأسبوع المقبل، لبحث مدى التزامها بالعقوبات ضدها. وسيضم الوفد رئيس مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة، أندريه جاكي، وسيحذر الشركات والبنوك الخاصة في الإمارات من أنها "ستواجه مخاطر بالغة"، إذا استمرت المعاملات الخاضعة لعقوبات. وتعد الإمارات حليفًا رئيسًا للولايات المتحدة، لكنها أيضًا ثاني أكبر شريك تجاري لإيران، وتعتبر قناةً للمعاملات التجارية والمالية لطهران مع الدول الأخرى.
في الأثناء، تلقى جيش الاحتلال "الإسرائيلي" إيعازًا بالاستعداد للخيار العسكري ضد إيران على خلفية تنامي قدراتها النووية. هذا، فيما اتفقت واشنطن وتل أبيب على تعزيز التعاون الدفاعي بينهما، لا سيما في ظل تصنيف إيران بأنها "أكبر تهديد للسلام في العالم وعدم الاستقرار في المنطقة".
بالمقابل، رد قائد سلاح الطيران الإيراني، يوسف قرباني، على تهديدات وزير جيش الاحتلال، بيني غانتس، بأنه أصدر تعليمات للاستعداد لشن هجوم على طهران، قائلًا: "إذا تعرضنا للخطر أو ارتكب أعداؤنا أي خطأ، فإنهم سيواجَهون برد قاس وسيتم صفعهم"، مستدركًا بالقول إن "إيران لا تنوي الدخول في حرب مع أي دولة، لكن يجب أن نكون مستعدين للمواجهة والرد على أطماع الأعداء".
خارجيًا، تزامن الكشف عن زيارة أجراها قبل أيام قائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، إلى مدينة البوكمال شرق دير الزور، مع انتشار مليشيا "ربع الله" التابعة لـ"الحشد الشعبي" العراقي في المنطقة. ويعد تواجد هذه المليشيا "الشرسة" هو الأول من نوعه في سوريا، ما اعتُبر مؤشرًا على احتمال تصعيد قادم قد تقدم عليه إيران. يذكر أن مليشيا "ربع الله" العراقية تتلقى الدعم المباشر من قيادة الحرس الثوري الإيراني، وأنها انشقت في وقت سابق عن "حركة عصائب الحق"، ويعهد لها تنفيذ مهمات خاصة، وتدّعِي تطبيق الشريعة الإسلامية للتنكيل بكل أعداء إيران، حيث ستوكل لها حماية الشخصيات القيادية من الحرس الثوري.
أمنيًا، نشبت اشتباكات بين حرس الحدود الإيراني وعناصر حركة "طالبان" الأفغانية بالقرب من إقليم نمروز الأفغاني، ثم توقفت الاشتباكات بعدما نشبت بسبب "سوء تفاهم". وقالت وكالة "تسنيم": "توقفت الاشتباكات وتناقش إيران الخلاف على الحدود مع طالبان"، مشيرةً إلى أن التقارير حول سيطرة "طالبان" على معسكر حدودي إيراني كاذبة.
في شأن أمنيً آخر، أعلنت وزارة العدل الأمريكية مصادرة أسلحة إيرانية بما في ذلك 171 صاروخ أرض جو وثمانية صواريخ مضادة للدبابات، إضافةً إلى ما يقرب من 1.1 مليون برميل من المنتجات البترولية الإيرانية. في التفاصيل، ووفقًا لوزارة العدل الأمريكية، قام الحرس الثوري الإيراني، الذي تصنفه واشنطن كمنظمة إرهابية، بتدبير شحنات الأسلحة التي كانت متجهة إلى مقاتلي الحوثي في اليمن. كما صادرت القوات الأمريكية المنتجات البترولية الإيرانية من أربع ناقلات ترفع علمًا أجنبيًا في بحر العرب أثناء توجهها إلى فنزويلا. واعتبر بيان وزارة العدل هذه العملية أكبر مصادرة حكومية على الإطلاق لشحنات النفط والأسلحة من إيران، ويعتبر تصرف الولايات المتحدة في هاتين الحالتين، "ضربة مدوية للحكومة الإيرانية والشبكات الإجرامية التي يدعمها الحرس الثوري".
على صعيد العقوبات، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة تستهدف نحو عشرة كيانات ومسؤولين إيرانيين، بسبب "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان" في إيران. وتستهدف هذه الإجراءات على وجه الخصوص وحدات خاصة من قوات الأمن المسؤولة عن حفظ النظام أو محاربة الإرهاب، وكذلك السجون الإيرانية ومديريها، بحسب بيان صادر عن وزارة الخزانة الأمريكية. بالمقابل، أدانت إيران العقوبات تلك الخطوة الأمريكية، وقالت إنها "استمرار لسياسة الضغط القصوى الفاشلة التي انتهجتها إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، ضد إيران".
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا