استنتاجات الموجز:
"القمة الأفريقية التركية الثالثة" تُظهر الجهود التركية للانفتاح على القارة السمراء وفتح الباب أمام أسواق جديدة
خطوات عملية لتطبيع العلاقات بين تركيا وأرمينيا بعد تبادل الرسائل الإيجابية وسط تشكيك في قدرة البلدين على تجاوز الخلافات التاريخية
"أردوغان" يمضي في تنفيذ خطته الاقتصادية المبنية على أساس خفض الفائدة رغم تدهور سعر الليرة وارتفاع التضخم واتهامات للخطة بـ"المتهورة"
تواصل تركيا جهودها لاستثمار نتائج انفتاحها على القارة السمراء، من خلال استضافة "القمة التركية الأفريقية الثالثة" في إسطنبول، وذلك بمشاركة 40 مسؤولًا أفريقيا رفيعًا، بمن فيهم 13 رئيس دولة ورئيسان للوزراء. وبحثت القمة تعزيز التعاون على الجبهات الاقتصادية والأمنية والثقافية التي أقامتها أنقرة في السنوات الأخيرة، وعقدت تحت رعاية الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الحريص أكثر من أي وقت مضى على تعزيز اختراق بلاده السريع في القارة الأفريقية، التي يبدو أنها باتت اليوم الملعب المفضل لديه.
فمن جهته، يعوّل "أردوغان" على هذه القمة لاستعادة صورته، خصوصًا لدى أولئك المصدّرين الحريصين على أسواق جديدة في هذه الأوقات من الأزمة النقدية التي تمر بها بلاده، ومع الهبوط الشديد للعملة التركية التي فقدت 50% من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام الجاري.
ووُصفت القمة التركية- الأفريقية التي تحمل عنوان “الشراكة المعززة من أجل التنمية المشتركة والازدهار”، بأنها علامة فارقة جديدة في العلاقة بين تركيا وأفريقيا، وتعود القمة لمبادرات الرئيس التركي خلال جولاته المتعددة في القارة (46 زيارة إلى 30 دولة).
ونتيجة لجهود "أردوغان"، تضاعف خلال 18 عامًا حجم التجارة خمس مرات، من 5.5 مليار دولار في عام 2003 إلى 25.3 مليار دولار في عام 2020. وأصبح لتركيا اليوم 43 سفارة في أفريقيا، مقارنةً بـ12 منذ عشرين عامًا، كما تنشط الخطوط الجوية التركية الآن في أفريقيا عبر رحلاتها من وإلى 61 مدينة كبرى.
من جهة أخرى، حدث تطور كبير في مساعي كل من تركيا وأرمينيا لتطبيع العلاقات بينهما؛ حيث أعلن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن بلاده وأرمينيا سوف تتبادلان قريبًا تعيين ممثلين في أنقرة ويريفان. وجاء ذلك بعد أسابيع من تبادل للرسائل الإيجابية التي رحبت بإمكانية الحوار، وبدء خطوات تدريجية لكسر الجمود تمهيدًا لإمكانية فتح صفحة جديدة في سجل العلاقات التاريخية الصعبة والمعقدة بين البلدين، في ظل تكهنات مختلفة حول مدى واقعية وإمكانية التفاؤل بقدرة البلدين على تجاوز الخلافات التاريخية الثقيلة.
في هذا الإطار، ستبدأ تركيا تسيير رحلات جوية غير منتظمة “شارتر” إلى العاصمة الأرمينية، وستتخذ جميع هذه الخطوات بالتنسيق مع أذربيجان. من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الأرمينية تعيين ممثل خاص من أجل تطبيع العلاقات مع تركيا، فيما كتب متحدث وزارة الخارجية، فان أونانيان، عبر حسابه على أحد مواقع التواصل الاجتماعي أن “أرمينيا مستعدة دائمًا لعملية تطبيع العلاقات مع تركيا دون شروط مسبقة".
على صعيد خارجي آخر، أثارت زيارة وفد برلماني ليبي برئاسة رئيس مجلس النواب المكلف، فوزي النويري، إلى تركيا أسئلة حول توقيت وأهداف الزيارة، وفتحت باب التكهنات حول انتهاء القطيعة التي دامت سنوات بين معسكر شرق ليبيا وأنقرة، ونتائجها على الصعيد السياسي الليبي الملبد بغيوم الغموض والجمود. كما جرى خلال الزيارة عقد جملة من اللقاءات "المثمرة"، من بينها لقاءات مع لجنة الصداقة البرلمانية التركية الليبية، ولقاء مع وزير الخارجية التركي.
داخليًا، زعمت بعض الأوساط التركية أن السلطات قد تتجه لفرض "حالة الطوارئ"، بسبب الانهيار التي تشهده الليرة وزيادة نسبة التضخم، وهو ما نفاه الحزب الحاكم بالبلاد. فمن جانبه، قال نائب رئيس "حزب العدالة والتنمية"، نعمان كورتولمش، إن ما يجري تداوله ليس سوى "هراء ولا يمس الواقع بشيء". كما اتهم زعيم "حزب الحركة القومية"، دولت بهتشلي، من يشوه التطورات الظرفية الاقتصادية والخيارات السياسية الصحيحة والحديث عن حالة الطوارئ بالجاهل، مؤكدًا أنه "لا توجد أي حالة طارئة في الاقتصاد التركي الصاعد والذي يستعيد عافيته وتوازنه".
اقتصاديًا، خفّض البنك المركزي التركي سعر الفائدة الأساسي مجددًا للمرة الرابعة على التوالي، بواقع 100 نقطة أساس في رابع قرار خفض على التوالي بواقع 100 و100 و200 و100 نقطة أساس، لينخفض سعر الفائدة من 19% إلى 14% وهو ما هوى مجددًا بسعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، لتتجاوز خسائرها خلال الأشهر الأخيرة 50% من قيمتها. بدوره، أعلن الرئيس "أردوغان" رفع الرواتب (الحد الأدنى للأجور) 50% "4250 ليرة"، وهي أعلى نسبة لرفع الرواتب يجري إعلانها في السنوات الأخيرة.
في السياق ذاته، يُصر "أردوغان" على تنفيذ خطة اقتصادية جديدة مبنية على أسس خفض الفائدة، وإعطاء الأولوية للإقراض والإنتاج الذي يؤمن بأنه سيؤدي إلى خفض الفائدة وزيادة التشغيل ورفع حجم الصادرات، في حين ينتقد معارضون واقتصاديون الخطة ويصفونها بـ”المتهورة”، وذلك تزامنًا مع تظاهر الآلاف في إسطنبول ومدينة ديار بكر، احتجاجًا على ارتفاع تكاليف المعيشة.
من جهتهم، حذّر محللون من أن البنك المركزي يفقد وسائل الدفاع عن الليرة، فيما وصفوا تكتيكات "أردوغان" بأنها متهورة. يذكر أن أزمة العملة وجهت ضربة قاصمة للاقتصاد الناشئ الذي يمر بمشاكل، والذي تتضرر بسببه العديد من الأسر في البلاد؛ حيث فقدت الليرة إجمالًا نسبة 56 % من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام.
أمنيًا، حيد الجيش التركي اثنين من مسلحي "حزب العمال الكردستاني"، خلال عملية أمنية في جبل قنديل جاءت ردًا على هجمات مسلحة ينفذها "الكردستاني" داخل تركيا بين الحين والآخر، مستهدفًا المدنيين وعناصر الأمن والجيش التركي.
أمنيًا أيضًا، ظهر زعيم المافيا التركية، سادات بكر، في مقطع مصور على "يوتيوب" بعد أن ترددت أنباء عن اعتقاله من السلطات الإماراتية حيث يقيم هناك بعد فراره من تركيا. ونشرت قناة على "يوتيوب" تسمى "140 Journos"، مقطعًا ظهر فيه "بكر" وهو يتحدث عن عبارة "سوف نريق الدماء"، التي قالها عام 2015 في المظاهرات التي حصلت آنذاك، دون إشارة إلى وقت تصوير المقطع، وإن كان حديثًا أم لا.
على صعيد أمني رسمي، وقّع وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، بروتوكولًا مع نظيره المجري، ساندور بينتر، ستتولى بموجبه الشرطة التركية مهام على حدود المجر مع كل من صربيا ورومانيا. وبحسب البروتوكول، سيتولى 50 شرطيًا تركيًا مهام على الحدود المجرية مع صربيا ورومانيا، لمكافحة الهجرة غير النظامية وتهريب البشر وتجارة المخدرات.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا