استنتاجات الموجز:
مطالبات بفض الشراكة مع المكون العسكري وحكم مدني كامل خلال احتجاجات في ذكرى ثورة ديسمبر مقابل وحدة الموقف لدى "حمدوك" و"البرهان"
تعليق مسار الشرق احتواءً للأزمة ومنعًا للتصعيد وتعزيزات أمنية إلى شرق السودان لفرض الأمن وبسط هيبة الدولة
تحذيرات جدية من آثار صعبة على الاقتصاد وندرة السلع الأساسية بسبب الإجراءات الإصلاحية ورفع الدعم لخفض عجز موازنة 2022
خرجت، الأحد، حشود ضخمة من السودانيين إلى شوارع العاصمة للمطالبة بحكم مدني ديمقراطي، بعد قرابة ثلاثة أشهر مما وصفته بانقلاب الـ25 من تشرين الأول/ أكتوبر الذي قاده قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وأطاح بالشركاء المدنيين في الحكم. ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بخروج المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية وتسليم السلطة بالكامل للمدنيين. وقد اجتازت أعداد كبيرة من المتظاهرين الجسور الواصلة بين مدن العاصمة الثلاث، ليصلوا إلى وسط الخرطوم والبوابة الجنوبية للقصر الرئاسي.
في هذا السياق، وصف المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير مظاهرات الأحد بأنها "علامة فارقة في نضال الشعب لهزيمة الانقلاب". بالمقابل، قال المستشار الإعلامي لـ"البرهان"، العميد الطاهر أبو هاجة، إن القوات المسلحة والقوى الأمنية لن تفرط في أمن البلاد القومي، مضيفًا أن القوات المسلحة منحازة لخيار الشعب وتطلعاته نحو الديمقراطية عبر انتخابات حرة ونزيهة. وتابع "أبو هاجة" أن بعض شعارات الاحتجاجات يمكن أن تعيق التحول الديمقراطي، وأن اتفاق "البرهان" و"حمدوك" هو الأساس الذي يجب أن يبنى عليه. من جانبه، عبّر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، عن تضامنه مع دعوات السودانيين إلى انتقال ديمقراطي يقوده لمدنيون.
في السياق أيضًا، قال رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، إن استقرار البلاد ووحدتها في خطر، داعيًا إلى "التوافق على ميثاق سياسي" لحماية مستقبلها. وأضاف "حمدوك"، في كلمة بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام الرئيس عمر البشير، أن السودان "يواجه اليوم تراجعًا كبيرًا في مسيرة ثورته"، وأكد أن توقيعه الاتفاق السياسي مع المكون العسكري قبل أسابيع، "لم يأت استجابة لتقديرات ذاتية غير ناضجة أو تحت ضغط من أحد، وإنما جاء عن قناعة تامة أن الاتفاق في حده الأدنى سيؤدي إلى حقن دماء شبان وشابات السودان".
من جهته، قال رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، إن المخرج إلى بر الأمان هو الاتفاق الموقع مع رئيس الوزراء والإجراءات التي تلته، مؤكدًا أنه لا تراجع عما تم اتخاذه من إجراءات حتى استكمال التحول الديمقراطي. كما جدد "البرهان" تأكيده أن القوات المسلحة ستظل وفية للشعب حتى الوصول إلى الدولة المدنية، عبر صناديق اقتراع تفضي إلى انتخابات حرة. وبشأن المظاهرات الرافضة للاتفاق، اتهم "البرهان" بعض الجهات بأنها تحاول الاستفادة من دماء الشباب لمكاسب شخصية أو حزبية أو مصالح دول أخرى.
من جهة أخرى، قام مجهولون، الجمعة، بفضّ ندوة لقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي بميدان الرابطة في الخرطوم بحري، مستخدمين الغاز المدمع، ما دفع منظمو الندوة إلى إيقافها وانسحاب قيادات قوى الحرية والتغيير من المنصة. وخلال الندوة، أقر وزير شؤون مجلس الوزراء السابق، خالد يوسف، بضعف أداء قوى الحرية والتغيير خلال الفترة السابقة، داعيًا لتوحيد الأحزاب لمواجهة ما وصفه بالانقلاب العسكري.
بدوره، أدان تجمع المهنيين السودانيين الهجوم والاعتداء على ندوة المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير بالخرطوم، وذكر بيان التجمع أنه على خلاف مع رؤى وممارسات المجلس المركزي، غير أنه يعتبر الاعتداء استهدافًا للمنابر الجماهيرية ومحاولة لتكميم الأفواه.
على صعيد داخلي آخر، أعلن نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، تعليق اتفاق "مسار شرق السودان"، الموقع ضمن اتفاق جوبا للسلام، إلى حين "توافق أهل الشرق"، وذلك بعد التشاور مع أطراف الحكومة والوساطة. وأضاف "حميدتي" أن أزمة شرق السودان ستحلّ بشكل كامل في الفترة القادمة، عبر مؤتمر شامل لأطراف الأزمة شرقي البلاد، فيما قرر مجلس السيادة تشكيل لجنة لجبر ضرر أهالي الشرق.
يذكر أن "مسار الشرق" هو اتفاق موقع بين الحكومة وفصيلين شرقي السودان، وهما مؤتمر البجا المعارض والجبهة الشعبية للسلام والتحرير والعدالة. وينص الاتفاق على تمثيل الفصيلين بـ30% في السلطة التنفيذية والتشريعية في الإقليم، لكنه لم ينفذ حتى الآن.
عسكريًا، قالت مصادر عسكرية موثوقة إن الجانب الإثيوبي عاود حشد جنوده قبالة الحدود بين البلدين، تمهيدًا لشن هجوم جديد على القوات السودانية. وأفادت المصادر بأن القوات التابعة لقومية الأمهرا تحركت من محيط العاصمة أديس أبابا، واتجهت صوب مناطق شنفا مريام والمتمة يوهانس المحاذية لمدينة القلابات السودانية. كما كشفت المصادر أن القوات ترتب لشن هجمات عسكرية تستهدف الجيش السوداني، في مناطق تايا وشاي بيت في محلية باسندة الحدودية، دون أن تستبعد مهاجمة معسكرات اللاجئين الإثيوبين داخل الأراضي السودانية والتي يقيم بها لاجئون من قوميات التقراي والقمز والكومنت.
أمنيًا، أعلنت اللجنة الأمنية بالبحر الأحمر عن استقبال تعزيزاتٍ عسكرية بما يفوق 300 عربة دفع رباعي من القوّات المسلّحة، فيما أشار الموقع الرسمي للقوات المسلّحة إلى أنّ الخطوة تأتي لحفظ الأمن وبسط هيبة الدولة بجانب تأمين وإسناد القوات المشتركة بالولاية. هذا، بينما أكدت مصادر موثوقة في قطاع الطيران تجديد منع الطيران السوداني من التحليق في أجواء دول الاتحاد الأوروبي، لأسباب تتعلق بشروط السلامة الجوية.
اقتصاديًا، أطلق التجمع الاتحادي تحذيرات جدية من آثار صعبة على الاقتصاد السوداني، وزيادة عجز الموازنة العامة للدولة خلال العام المقبل، في أعقاب انقلاب الـ25 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، الذي تسبب في تعليق المانحين، مثل الولايات المتحدة ووكالات التنمية، مئات الملايين من الدولارات من المساعدات ودعم الميزانية، وأعاق أيضًا أهلية السودان للحصول على إعفاء من الديون بقيمة 50 مليار دولار، بموجب مبادرة صندوق النقد الدولي المعزز للبلدان الفقيرة المثقلة بالديون.
وحذر التجمع، في دراسة أجراها، من أن شح الموارد من النقد الأجنبي سيؤدي إلى عدم قدرة الدولة على دفع التزاماتها، وسداد فواتير السلع الضرورية من قمح ودقيق قمح وأدوية وغاز طبخ وغيرها، ما يؤدي إلى ندرة كبيرة في هذه السلع ورجوع صفوف الخبز وانعدام الأدوية إلى المشهد. هذا، بينما قالت مصادر اقتصادية إن الحكومة خططت لرفع الدعم عن الدقيق منذ نيسان/ أبريل الماضي، على أن يكون ذلك في الـ25 الشهر الجاري، وأن رئيس الوزراء وافق على ذلك.
في السياق ذاته، قال وزير المالية، جبريل إبراهيم، إن الحكومة تدرس خفض دعم القمح والكهرباء لمقابلة خفض الموازنة، فيما تقول الحكومة إنها ستعتمد على الموارد الذاتية في إعداد موازنة عام 2022. يشار إلى أن إلغاء دعم الدولة لتعويض تكلفة الوقود في وقت سابق من هذا العام، أثار احتجاجات وساهم في ارتفاع معدل التضخم إلى أكثر من 400%.
اقتصاديًا أيضًا، حافظ الجنيه السوداني على استقراره مقابل العملات الصعبة هذا الأسبوع؛ حيث جرى تداول أسعار الدولار الأمريكي في السوق السوداء عند مبلغ 453 جنيهًا في المتوسط، فيما ارتفع السعر بشكل طفيف لدى البنوك إلى 447 جنيهًا.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا