استنتاجات الموجز:
"سعيّد" يستكمل انقلابه على النظام السياسي بغطاءٍ شعبي مستغلًا المناكفات الحزبية وصراعات التموقع والفشل الاقتصادي والاجتماعي الذي نفّر التونسيين ودفعهم للبحث عن بديل
عودةٌ لافته لاهتمام الجزائر بـ"دول الطوق" ودبلوماسية الجوار الآمن، ما يؤكد التحول الجدي إزاء الخريطة الجيوسياسية وتصحيح التوازنات
تراجع ثقة المواطنين المغاربة بحكومة "أخنوش" مؤشر على انسداد الأفق بين "أحزاب الائتلاف" والطبقات الاجتماعية
مثّلت قرارات الرئيس التونسي، قيس سعيّد، المتعلقة بإعلان مواصلة تجميد عمل البرلمان لحين إجراء استفتاء وانتخابات وفق قانون انتخابي جديد في الـ17 من كانون الأول/ ديسمبر 2022، مواصلةً في مخالفة الدستور والانقلاب عليه، وسعيًا نحو تكريس الانفراد بالسلطات من خلال البحث عن غطاء شعبي عبر الاستشارات والاستفتاء، بينما اعتبر "سعيّد" القرارات تصحيحًا لمسار الثورة والتاريخ.
في السياق، تتالت ردود الأوساط السياسية معتبرةً أن "سعيّد" يمنح نفسه عامًا جديدًا ليثبّت أركان حكمه، ويحجم دور معارضيه ويخفف من وطأة الضغوط الدولية، التي تطالبه بخريطة طريق والعودة لبرلمان منتخب والحفاظ على الحريات، كشرط أساسي لمواصلة دعم البلاد اقتصاديًا. وبالتالي يحاول "سعيّد" أن يقنع المانحين خاصةً صندوق النقد الدولي بالخريطة الشكلية التي أعلن عنها.
بالمقابل، دعت أحزاب "التيار الديمقراطي" و"الحزب الجمهوري" و"التكتل" أنصارها للاحتجاج رفضًا للقرارات، فيما طلب الأمين العام للاتحاد العام للشغل، نور الدين الطبوبي، من رئيسة الحكومة، نجلاء بودن، مكاشفة المواطنين بحقيقة الوضع المالي للبلاد، مشيرًا إلى أن السلطات تدرس إمكانية خفض الأُجور بنسبة 10% بهدف التحكم ترشيد النفقات.
ميدانيًا، تظاهر آلاف من مناصري الأحزاب المعارضة أبرزها "حركة النهضة" و"مواطنون ضد الانقلاب"، رافضين لتدابير "سعيّد" الجديدة، بينما منعت قوات الأمن بعض المحتجين من الوصول ونصب خيامهم، لتنطلق مناوشات بين الجانبين مع استعمال أفراد الأمن الغاز المُسيل للدموع لتفريق المحتجين.
من جهتها، أعلنت هيئة الانتخابات أنه لم يتم التنسيق معها في تحديد مواعيد الانتخابات، مؤكدةً صعوبة إجراء أربعة انتخابات في سنة واحدة، حيث صرح عضو الهيئة، محمد التليلي المنصري، أن "الهيئة لديها برنامج مسبق خاصةً انتخابات المجلس الأعلى للقضاء في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، والانتخابات البلدية في أيار/ مايو عام 2023، والتحضير لأي مسار انتخابي يتطلب ستة أشهر من حيث التسجيل والإعداد للقائمات، والترشحات، والإعداد للحملة."
على الصعيد الدبلوماسي، استقبل "سعيّد" نظيره الجزائري، عبد المجيد تبون، في زيارة وصفتها الأوساط بـ"جرعة الأوكسجين" للدبلوماسية بالبلاد بعد العزلة الخارجية التي تعيشها. وقد أشرف الرئيسان على توقيع 27 اتفاقية بين البلدين في المجالات الاقتصادية والأمنية والثقافية، شملت مجالات العدل والمؤسسات العمومية والداخلية والتعاون اللامركزي والاتصال والإعلام، إضافةً إلى الصناعة والتجارة الخارجية والطاقة والتكوين المهني، فيما تزامنت الزيارة مع حصول تونس على قرض من الجزائر بقيمة 300 مليون دولار.
إلى ذلك، ورغم وجود محاذير دولية حول سياسة "سعيّد"، رحبت الولايات المتحدة بالجدول الزمني للإصلاح السياسي، مؤكدةً الالتزام بـ"الشراكة الأمريكية مع الشعب التونسي". وفي هذا الإطار، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أن واشنطن "تدعم المسار الإصلاحي السياسي وإجراء الانتخابات البرلمانية".
في الشأن الجزائري، وبمعزل عن التوقيت السياسي، أعطت زيارة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لتونس مؤشرًا لتغيير بمحددات عمل الدبلوماسية الجزائرية خلال المرحلة السياسية المقبلة، وإعادة تمركز أولويات الجغرافيا بعد عقود الانشغال الدبلوماسي بمنطقتي أوروبا وآسيا. وتندرج مخرجات الزيارة ضمن سياق التوجه الإقليمي نحو "دول الطوق" والجوار ووضعها على رأس الاهتمامات المركزية للدبلوماسية، ما يؤكد التحول الجدي إزاء الخريطة الجيوسياسية وتصحيح التوازنات.
في شأنٍ دبلوماسيٍ آخر، أعلن رئيس الوزراء، أيمن بن عبد الرحمان، خلال القمة الثالثة للشراكة التركية الأفريقية، أن بلاده تدعم بقوة الشراكة التركية الأفريقية، معتبرًا أنها تملك كل مقومات النجاح، ومؤكدًا على العوامل الاقتصادية التي تلعب دور هام في تحقيق أهداف أجندة 2063، كما شدد على دعم بلاده للشراكة.
عسكريًا، أعلنت وزارة الدفاع عن إنهاء القوات البحرية الحربية الجزائرية ونظيرتها الإسبانية، المناورات العسكرية "باسيكس" بين البلدين لتأمين الملاحة في غرب البحر الأبيض المتوسط، بمشاركة السفن الحربية "رايس حسان بريبيار" المحملة بالصواريخ، والسفينة الحربية الإسبانية "أوداز بي 45" التي تحمل طائرات مروحية، علاوة على سفن وغواصات أخرى. يذكر أن هذه هي المرة الأولى التي تشترك فيها الجزائر في مناورات مع الدول الغربية والحلف الأطلسي في البحر المتوسط.
داخليًا، انتخب قضاة ممثليهم في المجلس الأعلى للقضاء الذي تم تغيير تشكيلته وفقًا للدستور الجديد، فيما طالبت النقابة الوطنية للقضاة بفصل النيابة العامة عن وزارة العدل، تحقيقًا لاستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية. وقد كشفت نتائج الانتخابات الداخلية في المحاكم والمجالس القضائية عن فوز 15 قاضيًا من أصل 142 قاضيًا؛ حيث فاز ثلاثة قضاة يمثلون قضاة الحكم، وثلاثة من قضاة النيابة العامة يمثلون المجالس القضائية، وثلاثة قضاة يمثلون المحاكم الإدارية، إضافةً إلى ثلاثة آخرين يمثلون المحكمة العليا، وثلاثة يمثلون مجلس الدولة.
في الأثناء، صادق البرلمان على قانون يجرّم الإقدام على إغلاق المؤسسات العمومية والمرافق الخدمية والطرقات، واستخدام ذلك كوسيلة للاحتجاج الشعبي، وذلك سعيًا لتحييد المؤسسات العمومية من كل أشكال الاحتجاج. بدوره، اعتبر وزير العدل، عبد الرشيد طبي، أن القانون جاء بسبب الحاجة الماسة لتجريم بعض الأفعال التي شهدتها البلاد، مشيرًا إلى أن إغلاق المؤسسات العمومية والإدارات أو عرقلة الدخول إليها باستعمال القوة والتهديد، يهددان الأمن والاستقرار في البلاد.
أمنيًا، أعلنت مديرية الأمن عن فتح تحقيق في حادثة مقتل شخصين بطلقات نارية من مسدس شرطي، أدت إلى وفاتهما وإصابة شخصين آخرين بجروح خفيفة، بعدما تدخل شرطي بزي مدني لفض حادثة بين شبان.
مغربيًا، لا يزال سحب مشروع القانون المتعلق بتغییر مقتضیات تجریم الإثراء غیر المشروع يثير جدلًا واسعًا؛ حيث اعتبرت الأوساط أن الحكومة تشرّع لنفسها المال العام، فقد اعتبر تكتل أحزاب المعارضة أن سحب المشروع محاولة من الحكومة للتنصّل من مسؤولية محاربة الفساد.
في سياقٍ متصل، عبّر المواطنون في استفتاء أجرته منظمة حقوقية عن عدم ثقتهم بالحكومة وسياستها، لاتباعها إجراءات معزولة عن احتياجات المواطن، خاصةً الوعود بزيادة الأجور وتحسين ظروف المعيشة، معبرين عن قلقهم من تدهور حالتهم الاجتماعية.
في شأن خارجي ضمن إطار التطبيع، بحث وزير الثقافة والشباب، المهدي بن سعيد، مع رئيس البعثة "الإسرائيلية"، دافيد غوفرين، سبل التعاون في مجال الشباب. كما تطرق الطرفان للشراكة في مجال الثقافة والمسرح والسينما، في وقتٍ يحتضن المغرب مهرجانًا عالميًا، فيما يعد هذا اللقاء أول استقبال من نوعه بشكل علني لرئيس البعثة "الإسرائيلية" في الرباط.
قضائيًا، وافقت محكمة النقض على تسليم الناشط المنتمي لأقلية "الإيغور" المسلمة، يديريزي إيشان، للسلطات الصينية بعد طلب بكين تسليمه، للاشتباه بانتمائه لمنظمة إرهابية رغم مطالبات منع ترحيله.
على الصعيد الأمني، أعلنت السلطات المغربية أن مصالح الأمن الوطني تمكنت من تفكيك 150 شبكة إجرامية، تنشط في تنظيم الهجرة غير المشروعة، وتوقيف 415 منظمًا، وضبط 12 ألفًا و231 مرشحًا للهجرة غير الشرعية”، إضافةً لمجال مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود. كما أحالت الشرطة القضائية على النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب 38 شخصًا، يشتبه في تورطهم بقضايا الإرهاب والتطرف العنيف.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا