استنتاجات الموجز:
بتسارع كبير يتجه صانع القرار صوب علاقة وطيدة ومتجددة مع الإمارات، ورغم المخاوف من دفع ثمن سياسي بالابتعاد عن الرياض إلا أن الخشية الأكبر هي ارتباط الأردن بمشاريع حيوية مع الاحتلال
الاتفاقيات التطبيعية بغطاء إماراتي والتعديلات الدستورية المرفوضة شعبيًا تهدد علاقة الهدوء بين الحركة الإسلامية وصانع القرار، وتوشك العلاقة على الافتراق بعد نزول الإسلاميين للشارع
تتجه العلاقات الإمارتية الأردنية بصورة مضطردة وغير مسبوقة صوب شكل جديد من الترابط، جسدتها الاتفاقيات التي وقعت مؤخرًا، بصورة متوازية ولافتة مع النمو اللافت في طبيعة وتركيبة العلاقات والاتصالات الإماراتية "الإسرائيلية".
من جهتهم، يحاول سياسيون وإعلاميون أردنيون تفكيك أسرار وألغاز حالة الاندفاع إلى أقصى مدى ممكن، في مشاريع لها علاقة بالبنية التحتية هذه المرة بين عمّان وأبوظبي؛ فوسط ترحيب الاقتصاديين الراغبين بفتح نوافذ استثمار جديدة، يبقى المراقبون والسياسيون متوجسين من الأبعاد الحقيقية لهذا التقارب المسيس بامتياز في بعده الاستراتيجي على الأردن.
ويبدو أن الجدال عنيف في صالونات عمّان حول دلالات المشاريع البنيوية الكبيرة التي ترعاها أبوظبي مع الأردن، ويبدو أنها تجد لها موطئ قدم في عمان. ورغم أن بعض الأطراف تحذر من تحويل الجغرافيا الأردنية إلى صراع للنفوذ المالي والسياسي لدول شقيقة وثرية، إلا أن الجانب الأردني يؤكد دومًا أن عمان متنبهة لعدم الوقوع في لعبة المحاور. وعلى المستوى السياسي، يبقى الخوف حاضرًا بقوة من أن يتم جرّ الأردن ضمن لعبة الانفتاح الخليجي "الإسرائيلي"، وهو ما حذرت منه رجال دولة كبار ومن قبلهم حزب المعارضة الأكبر في البلاد "جبهة العمل الإسلامي ".
في الأثناء، كان لافتًا حجم ونوع وأبعاد الاتفاقات التي وقعها الأردن مع مؤسسة موانىء أبوظبي؛ حيث تم توقيع خمس اتفاقيات لتطوير العقبة بمختلف مجالات العمل، تتعلق بإقامة أول ميناء لرصيف مسافرين صالح لاستقبال مراكب وسفن السياح، وتحديث منظومة المناولة في ميناء العقبة نفسه، إضافةً إلى اتفاقية تطوير عقاري لمنشآت سياحية. ولعل الحلقة الأهم هي اتفاقية التطوير الرقمي، والمعنى هنا أن الشراكة مع موانئ أبوظبي ستسيطر بعد الآن إلكترونيًا على كل صغيرة وكبيرة داخل حدود سلطة إقليم العقبة، بمعنى أوضح أن غرفة عمليات إلكترونية ستسيطر على كل تفاصيل مدينة العقبة بتمويل إماراتي بعد الآن.
وما كان لافتًا بنظر الأردنيين أن السعودية، وهي الجار الأقرب للأردن، بل الجار الذي يشاطئ العقبة على البحر الأحمر، هي الغائب الرئيسي عن شبكة اتفاقيات التطوير هذه، الأمر الذي يثير تساؤلات سياسية الطابع بدأت تطرق كل الأبواب في عمّان، ولها علاقة بكل ما هو معروف عن مضي العلاقات الأردنية الإماراتية استراتيجيًا، إلى مستويات غير مسبوقة وبسرعة شديدة.
من جانبها، وبصورة مبكرة، وصفت المعارضة الأردنية اتفاقيات موانئ أبوظبي مع العقبة بأنها استحواذية، وعلى أساس أن من يملك المال هو الذي يستحوذ في الشراكة، فيما وصفت الحكومة تلك الاتفاقيات بأنها محض تطويرية.
من جهة أخرى، بدأت الإدارة الأمريكية تلقي بثقلها وبشكل ملحوظ وملموس وراء اتفاقية "الكهـرباء مقـابل الماء" بين الأردن والاحتلال، والتي بدا أنها تترنح شعبيًا وتحت قبة البرلمان؛ حـيث يتابع الرأي العام والشارع الأردني ونـواب البرلمان حملة أمريكية دبلوماسية مكثفة في هذا الاتجاه، بدأها السفير الأمريكي في عمّان، هنري ووستر، عندما اعتبر مسألة تنويع مصادر المياه للأردن استقرارًا وبقاءً للمملكة. وهنا يتعاظم الشعور بمبالغات أمريكية درامية بعنوان أزمة المياه في الأردن، وبأن الضغط الأمريكي الدبلوماسي على جميع الأطراف المحلية أصبح مكشوفًا للغاية.
في سياق محلي عربي، انشغل الأردنيون طيلة الأسبوع الماضي بالحديث عن مزارع ولي عهد أبوظبي في صحراء الأردن الجنوبية، والكميات الهائلة التي تستنزفها من مياه الدولة التي تعاني شحًا غير مسبوق بالمياه. وقد تكون لدى المطلعين على بواطن الأمور من الذين زاروا تلك المزرعة الضخمة في قلب الصحراء انطباعات ونسبة معلومات قليلة؛ فهي مزرعة ممتدة وشاسعة أقيمت فيها بحيرة كبيرة ولا تشهد حضورًا من الناس، وتزورها شخصيات إماراتية مهمة جدًا مرة واحدة في العام، ويعمل فيها مئات الاشخاص. وتعلم السلطات الأردنية أن طاقمًا نيباليًا تحديدًا يتولى حراسة تلك المزرعة مع كاميرات حديثة جدًا، إضافةً إلى مصائد للطيور الجارحة وقطعان من الغزلان. ويشرف على الطاقم النيبالي المكلف بالحراسة طاقم أمني إنجليزي، وطبعًا لا يسمح للأردنيين بالدخول.
في إطار سياسي محلي، وصف السياسي والبرلماني البارز، ممدوح العبادي، اتفاقية "الماء والكهرباء" التطبيعية مع الاحتلال بأنها "زواج عهري عرفي"، وتحدث عن خطوط لخيانة الأردنيين مع الاحتلال. وتساءل "العبادي" في مقابلة تلفزيونية أثارت ضجة واسعة النطاق: "إذا كانت الإمارات تريد أن تدفع المال من أجلنا كأردنيين فلماذا لا تقوم بتحلية مياه البحر الأحمر؟". وأضاف البرلماني: "لماذا تقوم الإمارات بتزويجي زواجًا عرفيًا وعهريًا للاحتلال؟"، معتبرًا أن الاتفاقيات مع العدو "الإسرائيلي" لم تعد مجرد عبء بل تشكل خطورة على الأردن.
في شأن سياسي آخر، بدأت الأصوات تتعالى بوجه الحركة الإسلامية بضرورة إعادة تقييم مشاركتها ومباركتها لمخرجات اللجنة الملكية للإصلاح، بعد الإضافات التي لحقت بمخرجات اللجنة من طرف الحكومة، وشكلت جدلًا سياسيًا ومجتمعيًا وبرلمانيًا كبيرًا.
ففي هذا الصدد، وصف الأمين العام لحزب "جبهة العمل الإسلامي"، مراد العضايلة، التعديلات الدستورية الأخيرة التي رافقت المنظومة بأنها "صدمة كبيرة تؤسس لانقلاب على الدستور، وتؤشر على انغلاق الأفق في الإصلاح السياسي"، ما يعني بنظر المتابعين أن حجم الشعور بتلك الصدمة وخوف قيادة الحركة الإسلامية من تحميلها من جهة القواعد لمسؤولية التحولات الدستورية التي تجري الآن، هو المحرك لصدمة موازية على مستوى السلطات والحكومة، قوامها الاستغراب الشديد من مشاركة الحركة الإسلامية في وقفات احتجاجية تعترض على تعديلات دستورية لم تقرر بعد.
ضمنيًا، يتبادل الإسلاميون والرسميون الآن ليس التلاوم فقط، فقد تجاوزه حزب الجبهة، لكن الصدمات المتبادلة، لأن الجزء المثير للجدل في تعديلات الدستور، وهو ذلك المتعلق بتأسيس المجلس الوطني الأمني الجديد، أحرج كما شرح "العضايلة" الحركة الإسلامية وحزبها ويحرج الشارع الأردني أيضًا.
في سياق محلي منفصل، احتفل الأردن باليوم الدولي للمهاجرين، والذي يصادف الـ18 من كانون أول/ ديسمبر من كل عام، حيث جاء هذا العام تحت شعار “أكثر من مجرد مهاجرين". وبهذه المناسبة تم الكشف عن أرقام ونسب غير الأردنيين المقيمين في الأردن، والتي اتضح ارتفاعها من 4.2% من إجمالي السكان في عام 1979 إلى 7.6% من إجمالي السكان في عام 1994 وإلى 30.6% من إجمالي السكان في عام 2015. وأشارت نتائج التعداد العام للسكان والمساكن 2015 إلى أن عدد السكان غير الأردنيين في الأردن، بلغ مليونين و918 ألفًا و125 شخصًا، فيما شكلت الجنسيات السورية والمصرية والفلسطينية والعراقية واليمنية والليبية ما عدده مليونان و720 ألفا و740 نسمة، وبما نسبته 93.2% من غير الأردنيين المقيمين في الأردن.
في شأن اقتصادي عربي، كشفت وزارة الطاقة والمياه اللبنانية عن أجواء التقدم الحاصل في ملف الكهرباء، لافتةً إلى إمكانية توقيع الاتفاق مع الأردن قريبًا. وقال وزير الطاقة اللبناني، وليد فياض، إن توقيع الاتفاق مع الأردن قد يتم قبل نهاية العام، لكن التوقيع مع مصر سيحتاج وقتًا لتجاوز اشتراطات قانون قيصر .
صحيًا، أظهرت بيانات وزارة الصحة حول وباء "كورونا" وجود 52 ألفًا و375 إصابة نشطة في البلاد حتى صباح الخميس الماضي. وكشفت الوزارة عن وفاة 12 ألفًا و329 شخصًا في الأردن جراء الفيروس، بعد أن سجلت المملكة 29 حالة وفاة الأربعاء الماضي، فيما بلغ عدد الإصابات التراكمية المسجلة في المملكة منذ ظهور الوباء مليونًا و457 ألفًا و14 إصابة.
في شأن أمني قضائي، قررت محكمة أمن الدولة حبس المتهم الأول الرئيس في قضية أكبر عملية تصنيع للمخدرات تشهدها البلاد لمدة 30 سنة، وتغريمه مبلغ 30 ألف دينار، كما قررت المحكمة حبس المتهم السابع 30 سنة بالأشغال المؤقتة، وحبس المتهم الثامن 30 سنة بالأشغال المؤقتة وغرامة 30 ألف دينار، وقالت المحكمة إن المجرمين مارسوا عملهم لثماني سنوات امتدت بين عامي 2009 و2018.
لقراءة وتحميل الموجز / اضغط هنا