تطورات الأجهزة الأمنية
عقد رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، لقاء مهمًا في مدينة "زيورخ" السويسرية مع كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والشرق الأوسطية والأفريقية، مسعد بولس، بوساطة قطرية، تم خلاله مناقشة جهود الولايات المتحدة لوقف الحرب في السودان، وأكد "البرهان" على رفض القاطع لوجود قوات "الدعم السريع" ووجوب حلّها وتفكيكها.
بالمقابل، أدى قائد قوات "الدعم السريع"، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، اليمين الدستورية رئيسًا لما يُسمى بـ"حكومة السلام والوحدة" بمدينة "نيالا" عاصمة ولاية جنوب دارفور، وتتألف هذه الحكومة الموازية للحكومة المعترف بها دوليًا، من مجلس رئاسي مكون من 15 عضوًا، برئاسة حميدتي، ونائبه عبد العزيز آدم الحلو، رئيس "الحركة الشعبية – شمال"، وعيُن "محمد حسن التعايشي" في منصب رئيس الوزراء، واللواء عبد الرحيم دقلو وزيرًا للدفاع، و"سليمان سندال" وزيرًا للداخلية.
وعلى صعيد التغييرات في المؤسسة العسكرية، أصدر "البرهان" قرارات عسكرية واسعة شملت إعادة تشكيل رئاسة جديدة لهيئة الأركان، حيث تم تعيين "الفريق أول محمد عثمان الحسن" رئيسًا لهيئة الأركان، "الفريق مجدي إبراهيم عثمان" نائبًا لشؤون الإمداد، "الفريق خالد عابدين الشامي" نائبًا لشؤون التدريب،"الفريق عبد الخير عبد الله" ناصر نائبًا لشؤون الإدارة، الفريق مالك الطيب خوجلي في شؤون العمليات، "الفريق محمد علي أحمد صبير" رئيسًا للاستخبارات العسكرية، "الفريق معتصم عباس التوم" مفتشًا عامًا للقوات المسلحة، و"الفريق علي عجبنا محمد" قائدًا للقوات الجوية.
كما عيّن "الفريق زكريا إبراهيم" مديرًا للإدارة العامة للخدمات الطبية، و"اللواء عمر سر الختم" قائدًا لقوات الدفاع الجوي، في حين تمت إعادة "اللواء الطاهر أبوهاجة" إلى قيادة هيئة التوجيه والإعلام العسكري، نظراً لسجلّه المهني في المجال الإعلامي العسكري.
بالتوازي مع ذلك، أحيل إلى التقاعد كل من "الفريق عباس حسن الداروتي" ،و"الفريق عبد المحمود حماد حسين"، و"الفريق الطاهر محمد العوض الأمين" للتقاعد بعد ترقيتهم إلى رتبة فريق أول، في حين أثارت إحالة مجموعة من الضباط المحسوبين على "الحركة الإسلامية" للتقاعد الجدل داخل المؤسسة العسكرية وأبرزهم قائد سلاح المدرعات، "اللواء نصر الدين عبد الفتاح".
وعلى صعيد التغييرات في المؤسسة الأمنية، تم تعيين "اللواء عباس محمد بخيت" نائبًا لمدير جهاز المخابرات العامة، وأُحيل للتقاعد ضباط من الجهاز وهم "الفريق أمن عصام عبد الكريم"، "الفريق أمن أحمد علي"، "الفريق أمن عادل تجاني"، و"الفريق أمن أحمد خميس".
في غضون ذلك، أبرم السودان عقدًا دفاعيًا مع باكستان تفوق قيمته 1.5 مليار دولار، يشمل: طائرات ومنظومات دفاع جوي وطائرات مسيّرة ومحركات ومعدات مدرعة، وتشير المعلومات إلى أن الصفقة تمت بتمويل سعودي كامل.
مستجدات الإجراءات الأمنية
· أصدر "البرهان" قرارًا بإخضاع جميع القوات المساندة لقوات الجيش والتي تعمل جنبًا إلى جنب مع القوات المسلحة، لأحكام قانون القوات المسلحة لسنة 2007 وتعديلاته، بحيث تصبح جميع تلك القوات خاضعة لقيادة القوات المسلحة في مختلف المناطق العسكرية بالسودان.
· أعفى "البرهان" كلًا من "الفاتح محمد عيسى طيفور" من منصب النائب العام، بالإضافة لمساعديه، "ياسر بشير البخاري"، "عامر محمد إبراهيم ماجد"، "ياسر أحمد محمد"، وأحمد علي المتكسي، بعد انتقادات لأداء النيابة العامة في الفترة الأخيرة.
· عيّن "البرهان" القاضي "وهبي مختار" رئيسًا للمحكمة الدستورية، ضمن مساعي إعادة تفعيل المؤسسة القانونية الدستورية.
· أصدرت لجنة خاصة بـ"ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة" في وزارة الداخلية بتكثيف نقاط التفتيش وتوسيع انتشار الخدمات الشرطية في محاور رئيسية بالعاصمة الخرطوم.
· منعت الإمارات الطائرات السودانية من الدخول إلى مجالها الجوي، في خطوة تصعيدية على خلفية الاتهامات السودانية بدعم "المرتزقة".
أبرز الأحداث الأمنية
· استهدف سلاح الجو السوداني طائرة إماراتية كانت تُقِل عشرات "المرتزقة الكولومبيين" ، لحظة هبوطها في مطار "نيالا" (عاصمة ولاية جنوب دارفور)، وأسفرت الغارة عن مقتل ما لا يقل عن 40 مرتزقًا وتدمير شحنات من الأسلحة والعتاد كانت متجهة لقوات الدعم السريع.
· نفذت قوات "الدعم السريع" هجومًا على مخيم "أبو شوق"(قرب مدينة الفاشر)، أسفر عن مقتل 57 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، وإصابة العشرات. كما قصفت قوات "الدعم السريع" بالمدفعية مكتظة بالسكان مثل"السوق المركزي" وحي "أولاد الريف" في مدينة "الفاشر"، سقط على إثره 24 قتيلًا و55 جريحًا.
· استهدفت مسيرة انتحارية احتفالًا لقوات "درع السودان" بقيادة كيكل، وهي إحدى التشكيلات المسلحة المساندة للجيش السوداني، وذلك في منطقة "تمبول" التابعة لولاية الجزيرة. دون أن تسجل أي خسائر بشرية جراء الهجوم.
· قصفت طائرة مسيّرة قافلة تابعة لبرنامج الغذاء العالمي في "شمال دارفور"، مما أدى إلى تدمير 3 شاحنات وإعاقة وصول المساعدات إلى المدنيين المحتاجين.
· اندلعت اشتباكات مسلحة في منطقة "القدامبيلية" بولاية "القضارف" بسبب نزاع على الأرض، أسفرت عن مقتل 7 أشخاص، بينهم ضابط في قوات "درع السودان".
المؤشرات والاتجاهات الأمنية
· تشير القرارات العسكرية الواسعة التي أصدرها "البرهان" لتعيين قادة جدد في الأركان والقوات الجوية والدفاع الجوي إلى سعي الجيش لتوحيد القيادة وضبط الانضباط العسكري. لكنّ هذه القرارات لا تبدو بعيدة عن نتائج لقاء البرهان مع المبعوث الأمريكي، حيث كشفت تقارير أن واشنطن طلبت من البرهان الحد من نفوذ الإسلاميين في الجيش، ودمج كافة القوات الموالية له ضمن القوات الرسمية، وهو ما قد يشمل فيلق البراء بن مالك التابع للحركة الإسلامية، والذي لعب دورا مهما في المعارك ضد الدعم السريع.
· يدلل عقد السودان صفقات دفاعية كبيرة مع باكستان بدعم سعودي، على مواصلة الجيش كسب حلفاء لتحديث قدراته وتعزيز موقعه الاستراتيجي، كما أن دعم السعودية لذلك قد يفهم في ضوء التنافس الأوسع بين الرياض وأبوظبي، وتباين مصالح الطرفين في بعض الملفات الإقليمية.
· من المؤكد أن يؤدي تشكيل حكومة موازية من قبل قوات الدعم السريع إلى تعميق الانقسام السياسي وزيادة نفوذها، مما سيصعّب جهود الجيش السوداني في فرض السيطرة الموحدة على البلاد. كما سيزيد من صعوبة إعادة الأطراف إلى طاولة الحوار، ويرفع احتمالات استمرار الصراع وتصاعد العنف في مناطق النزاع.
· شهد السودان تصعيدًا كبيرًا في النزاع المسلح، حيث توسعت العمليات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى مناطق متعددة مثل "دارفور" و"القضارف"، مع استخدام الطائرات المسيّرة والقصف المدفعي. وتشير هذه التطورات إلى تعقيد المشهد الأمني، وتعميق الانقسام بين الأطراف المسلحة، مما يزيد من احتمالية استمرار الصراع ويعقد الوصول لحل عبر طرق التفاوض على المدى القريب.