تطورات الأجهزة الأمنية
دعت اللجنة الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات إلى وضع جدول زمني لإنهاء الصراع في السودان، يتضمن هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر عبر "مسار جدة"، ووقف إطلاق النار، وإطلاق عملية انتقال مدني خلال تسعة أشهر، مع رفض أي دعم عسكري خارجي لأطراف النزاع، والتنديد بسلوك ما وصفتها بأنها جماعات محسوبة على الإخوان المسلمين. بالمقابل، رفض رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، هذه الدعوة، مؤكدًا أن أي مبادرة لا تشارك الحكومة السودانية في صياغة نتائجها تعتبر "غير ملزمة" لها.
بالتوازي مع ذلك، أجرى المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، رمطان لعمامرة، سلسلة لقاءات حول الأزمة السودانية مع رئيس الوزراء، كامل إدريس، ووزير الخارجية، محيي الدين سالم، والتحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود"، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، وتحالف "تأسيس" الذي تهيمن عليه قوات"الدعم السريع".
في الأثناء، أصدر "البرهان" قرارات بإعفاء "الفريق أول حقوقي خالد حسان محي الدين" من منصب مدير عام قوات الشرطة، ونائبه "الفريق محمد إبراهيم عوض الله" من منصب نائب المدير العام - المفتش العام. كما قرر ترقية "الفريق حقوقي أمير عبد المنعم فضل" إلى رتبة الفريق أول وتعيينه مديرًا عامًا لقوات الشرطة، وترقية "اللواء حقوقي الطاهر علي محمد البلولة" إلى رتبة الفريق وتعيينه نائبًا للمدير العام ومفتشًا عامًا. بدوره، أعلن "مجلس الصحوة الثوري" بقيادة "موسى هلال" التوصل إلى اتفاق مع القوة المشتركة للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني لتشكيل قوة عسكرية لتنفيذ مهام محددة.
من جانب آخر، يواصل الجيش استخدام طائرات "سفروق" المسيرة المتطورة المقاومة للتشويش الإلكتروني في المعارك الجارية بولايتي "كردفان" و"دارفور"، في الوقت الذي كشفت فيه هيئة الصناعات الدفاعية عن تطوير طائرة "سفروق" يصل مداها إلى 600 كلم، ذات كفاءة عالية في الاستطلاع وشن هجمات مباشرة على القوات الميدانية. بالمقابل، استقدمت قوات "الدعم السريع" مسيرات استراتيجية كثفت من خلالها هجماتها على مناطق متفرقة من البلاد.
مستجدات الإجراءات الأمنية
· تعمل القاهرة على تعزيز التنسيق الميداني مع الجيش السوداني في إقليمَي كردفان ودارفور لقطع الطريق على أيّ محاولة للتوغل نحو الحدود المشتركة.
· أعلنت اللجنة الأمنية بالخرطوم حظر حمل السلاح في الأماكن العامة، ومنع استخدام المركبات غير المرخّصة، وتشديد إجراءات دخول الأجانب.
· وجّهت حكومة بورتسودان شركتي النفط العاملتين في "هجليج" ببدء إغلاق المنشآت وسحب العاملين فورًا، بدعوى الخطر الأمني بعد استهداف المطار ونقاط لوجستية بالطائرات المسيّرة.
· أعلنت وزارة الثقافة والإعلام إيقاف مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان، لينا يعقوب، عن مزاولة العمل وسحب الترخيص الصحفي الممنوح لها، بداعي حماية الأمن الوطني.
· أعلن بنك السودان المركزي حظر تصدير الذهب، على أن يشتريه البنك ومن يفوضه وفقًا لأسعار البورصة العالمية، كما أقر مجلس الوزراء توصيات اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية التي حددت جهة حكومية واحدة لشراء وتسويق الذهب.
· فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على جبريل إبراهيم، وزير المالية، وجماعة البراء بن مالك، متهمة إياهما بالتورط في تغذية الصراع القائم وارتباطهما بدولة إيران.
· مدّد مجلس الأمن الدولي العقوبات المفروضة على السودان، بما في ذلك حظر توريد الأسلحة، حتى أكتوبر 2026، مع تجديد ولاية لجنة الخبراء لمتابعة تنفيذ العقوبات.
· وقعت الحكومة السودانية اتفاقية تعاون شاملة مع روسيا لتحديث منظومة النقل في السودان، تشمل تطوير السكك الحديدية والموانئ والمطارات والطيران المدني.
أبرز الأحداث الأمنية
· شنت طائرات مسيّرة للدعم السريع، هجمات استهدفت عددًا من المواقع الحيوية بالعاصمة الخرطوم، بينها محطة "كهرباء المرخيات"، مصنع اليرموك العسكري، منطقة "وادي سيدنا العسكرية"، ومحطة كهرباء بحري. كما أسفرت الهجمات عن مقتل اللواء الركن "أبو عبيدة فضل الله"، الملحق العسكري السابق للسودان في إثيوبيا خلال استهداف مبنى الأمن العسكري في "كافوري" شرقي العاصمة.
· تمكّن الجيش والقوة المشتركة من استعادة السيطرة على منطقة "أم صميمة" بولاية "شمال كردفان"، ووصلوا إلى تخوم مدينة "الخوي" بولاية "غرب كردفان". بالمقابل، أرسلت قوات "الدعم السريع" تعزيزات إضافية إلى ولاية "شمال كردفان" في ظل تصاعد الأحداث في ولايتي شمال وغرب كردفان، وإصرار الجيش على التقدم لفك الحصار عن "الدلنج" و"كادقلي" بجنوب كردفان، والسعي للوصول إلى "دارفور".
· استهدفت قوات "الدعم السريع"بطائرات مسيّرة منشآت مدنية وبنى تحتية حيوية بولاية "النيل الأبيض"، شملت محطة "أم دباكر" الحرارية لتوليد الكهرباء، ومستودعات الوقود، ومطار "كنانة" المدني.
· شهدت مدينة "الفاشر" (ولاية شمال دارفور) معارك ضارية بين الجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة ضد قوات "الدعم السريع" في أجزاء متفرقة من المدينة، وقد قصف الطيران المسيّر التابع للجيش السوداني مواقع انتشار قوات "الدعم السريع" في المدينة في محاولة لعرقلة تقدم هذه القوات نحو مقار الجيش وحلفائه وسط المدينة. كما نفّذ الجيش عملية إسقاط مظلي لأول مرة منذ نحو خمسة أشهر لقاعدته الرئيسية في المدينة شملت إمدادات لقيادة الفرقة السادسة مشاة.
· بالمقابل، قتلت قوات "الدعم السريع" 142 مدنيًا بينهم نساء وأطفال وكبار السن أثناء عمليات توغل وقصف مدفعي وجوي لأحياء وأهداف مدنية في مدينة "الفاشر"، كما قُتل 6 أشخاص وجرح 24 آخرون في قصف مدفعي شنته قوات "الدعم السريع" على مركز إيواء مكتظ بالنازحين في المدينة، في حين تعرض مقر منظمة "اليونيسف" في الفاشر لقصف متكرر أدى إلى مقتل 7 أشخاص.
· توغلت قوة من جماعة "فاغنر" الروسية أكثر من 35 كلم داخل الأراضي السودانية في قرى تابعة لمحلية "أم دافوق" على الشريط الحدودي مع أفريقيا الوسطى، وارتكبت انتهاكات ضد العرب البدو، وقتلت ما لا يقل عن 7 مدنيين، كما هجرت سكان قرى "الصهيب"،"أم طبيلة"، و"بشمة".
المؤشرات والاتجاهات الأمنية
· لا تزال جهود الوساطة تواجه بعقبات كبيرة، مما يقلل احتمالات توقف المعارك أو التوصل إلى هدنة طويلة خلال الفترة المقبلة، و ويميل الجيش لمواصلة القتال في ظل تقدم أدائه الميداني.
· تعكس إجراءات إعفاء وترقية كبار الضباط في الشرطة، وتشكيل قوات مشتركة بين الحركات المسلحة والجيش، تحولات هيكلية في القوى الأمنية والعسكرية، ولا تبدو أنها بعيدة عن الضغوط الأمريكية إزاء الحد من نفوذ الإسلاميين، حتى لو كان لبعضها أسباب فنية، لكن هذه التحركات قد تزيد من التوترات الداخلية والانقسامات بين المكونات الموالية للجيش.
يشكل القرار السوداني بإغلاق منشآت "هجليج" تهديدًا للركيزة الاقتصادية لجنوب السودان وهي النفط، وسيُجبره على البحث عن بدائل استراتيجية لتصدير النفط خارج الأراضي السودانية. وقد يؤدي استمرار الإغلاق إلى إشعال النزاع التاريخي حول هجليج، ما يهدد استقرار الحدود، ويزيد احتمالية تدخلات إقليمية أو دولية. وقد يشير القرار إلى استخدام ورقة النفط للضغط على "جوبا" ودفعها لاتخاذ موقف معادٍ للدعم السريع.