تطورات الأجهزة الأمنية
توصلت "إسرائيل" وفصائل المقاومة الفلسطينية إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، ظهر بعد محادثات غير مباشرة استضافتها مدينة "شرم الشيخ" بوساطة مصرية قطرية تركية أمريكية، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الأولى من خطة الرئيس"ترامب" المكوّنة من 20 بندًا، والتي تقضي بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، وانسحاب الجيش"الإسرائيلي" إلى ما بات يعرف بـ"الخط الأصفر" داخل القطاع.
وفي إطار تنفيذ خطة "ترامب"، شهدت "تل أبيب" سلسلة زيارات متتالية لمسؤولين أمريكيين بدأت بنائب الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف، وصهره "جاريد كوشنر"، ومن ثم وزير الخارجية الأمريكي، مارك روبيو، ورئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي، دان كين، وركزت الزيارات على تثبيت وقف إطلاق النار ومناقشة تشكيل قوة الاستقرار الدولية ومهامها والتي سيكون على رأسها تأمين المعابر الحدودية، والمنافذ البحرية المؤدية إلى غزة، والمناطق المحيطة بها قرب "إسرائيل" ومصر.
إلى ذلك، افتتح قائد القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، براد كوبر، مركز "التنسيق المدني - العسكري في "كريات غات"، حيث يقود الجانب العسكري للمركز قائد القيادة المركزية لقوات الجيش الأمريكي، باتريك فرانك، فيما يُشرف الدبلوماسي الأمريكي، ستيفن فاجن، على الإدارة المدنية، وسيُمثل "إسرائيل" في المركز، الجنرال ياكي دولف، إلى جانب ضباط وعناصر من فرنسا، وإسبانيا، وألمانيا، وأستراليا، واليونان، وبريطانيا، والأردن، والإمارات، ودول أخرى، فضلًا عن ممثلين عن منظمات إغاثة مدنية واللجنة الدولية للصليب الأحمر. وسيضم المركز 200 جندي أمريكي من ذوي الخبرة بمجالات النقل والتخطيط والأمن واللوجستيات لمراقبة وقف إطلاق النار، وتنسيق تدفق المساعدات الإنسانية واللوجستية والأمنية.
وفي غضون ذلك، أجرى نائب رئيس السلطة الفلسطينية، حسين الشيخ، برفقة رئيس المخابرات العامة، ماجد فرج، في القاهرة، مشاورات مع المسؤولين المصريين حول مستقبل قطاع غزة، كما ناقشا مع الفصائل الفلسطينية في القاهرة خطة "تشكيل لجنة إدارية" لإدارة القطاع بعد الحرب، حيث ظهرت تباينات حول أدوار اللجنة ورئيسها، في ظل إصرار السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" على ترؤس اللجنة من قبل أحد وزراء حكومة السلطة، بينما تطالب الفصائل بأن تكون اللجنة مستقلة وتكنوقراطية من أبناء القطاع. كما تُصر حركة فتح على أن تتولى السلطة كافة الأمور الأمنية على قاعدة تسليم فصائل المقاومة لسلاحها بالكامل.
على صعيد آخر، بحث "الشيخ" و"فرج" مع وزير الخارجية الأردني ومدير المخابرات الأردنية، ملف تسوية الخلافات داخل حركة فتح والأجهزة الأمنية للسلطة، وإعادة تفعيل "الخلية الأمنية المشتركة" إلى جانب الخلية "السياسية - الدبلوماسية".
وفي إطار التعيينات، عيّن وزير الأمن "الإسرائيلي"، يسرائيل كاتس، المحامي إيتاي أوفير، في منصب المدعي العام العسكري، فيما أدى العميد، خالد سبيتان، اليمين القانونية، أمام "عباس" نائبًا عامًا عسكريًا.
مستجدات الإجراءات الأمنية
· اتخذت السلطات المصرية إجراءات أمنية مشدّدة تجاه الأسرى الفلسطينيين المحرّرين الذين يتواجدون على أراضيها، حيث تم نقلهم إلى فندق يتبع للجيش في العاصمة الإدارية الجديدة.
· أصدر "عباس" إعلانًا دستوريًا بتولي نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير مهام رئيس السلطة الفلسطينية في حال شغور المنصب.
· أوعز "نتنياهو" بعدم إعادة فتح معبر رفح البري بين القطاع ومصر حتى إشعار آخر.
· رفضت حكومة "نتنياهو" أن تتضمن قائمة الأسرى المنوي الإفراج عنهم كلًا من، "مروان البرغوثي" و"أحمد سعدات" و"حسن سلامة" و"إبراهيم حامد" و"عباس السيد" و"عبدالله البرغوثي"، بالإضافة لعناصر "النخبة" من "كتائب القسام".
· وضع الجيش "الإسرائيلي" علامات باللون الأصفر لوضع حدود لما يسمى بـ"الخط الأصفر" داخل القطاع، والذي يقسم القطاع إلى شرق وغرب، وذلك بعد تنفيذه انسحابات من مناطق عجة في القطاع إلى هذا الخط.
· منع وزير الأمن "الإسرائيلي"، يسرائيل كاتس، ممثلي "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" من زيارة المعتقلين الفلسطينيين في السجون.
· باشر الجيش "الإسرائيلي" خطوات لتسريع تطوير منظومات الدفاع الصاروخي "حيتس-3" و"حيتس-4" لاعتراض التهديدات البعيدة عن الحدود، لا سيما التهديدات الإيرانية.
· وافقت الحكومة "الإسرائيلية" على إنشاء فرع لشركة "كونتروب للتقنيات الدقيقة" في الإمارات، لتطوير التعاون الأمني مع أبوظبي بإشراف من وزارة الحرب "الإسرائيلية".
· أوصى مسؤولون أمنيون "إسرائيليون" بفرض عقوبات اقتصادية وشخصية على كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية، بمن فيهم الرئيس، محمود عباس، ونائبه، حسين الشيخ، بما يشمل تقييد حرية تنقّلهم في الضفة الغربية وعبر معبر الكرامة.
· صادقت الهيئة العامة "للكنيست" على مشروع قانون ضم الضفة الغربية وفرض "السيادة الإسرائيلية".
· ناقشت لجنة الأمن في "الكنيست" مشروع قانون "إعدام أسرى فلسطينيين" تمهيدًا للتصويت عليه.
· صادقت اللجنة الوزارية "الإسرائيلية" للتشريع على تصنيف المنظمات الإجراميّة كمنظمات "إرهابية"، واستخدام أدوات أمنيّة واستخباراتيّة ضدّ هذه المنظمات.
أبرز الأحداث الأمنية
· أفرجت "كتائب القسام" عن 20 أسيرًا "إسرائيليًا" على قيد الحياة، مقابل إطلاق "إسرائيل" سراح 1968 أسيرًا فلسطينيًا بينهم 250 من المحكومين بالمؤبد، و1718 من أسرى قطاع غزة الذين اعتقلوا بعد 7 أكتوبر 2023، كم سلّمت "القسام" 17 جثة من أصل 28 جثة لأسرى "إسرائيليين" في القطاع، مقابل تسليم الجيش الإسرائيلي" جثامين 225 فلسطينيًا.
· ارتفعت حصيلة الحرب على القطاع إلى أكثر من 68,865 شهيدًا و170,670 مصابًا، وجرى انتشال 502 جثمانًا من تحت الأنقاض، كما استشهد 236 مواطنًا وأصيب نحو 600 مواطنًا منذ بدء وقف إطلاق النار.
· اخترق جيش الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار أكثر من 190 مرة منذ سريان الاتفاق، وشن غارات جوية وقصفًا مدفعيًا مكثفًا على مساحات واسعة من القطاع، تزامنًا مع عمليات نسف للمنازل في المناطق الشرقية لمحافظتي "خانيونس" و"غزة"، كما نفذ سلسلة اغتيالات دقيقة لقادة عسكريين في "كتائب القسام" و"الجهاد الإسلامي" في غزة.
· شنّت أجهزة الشرطة والأمن في قطاع غزة عددًا من الحملات الأمنية ضد أوكار قطاع الطرق ومرتكبي الجرائم والمتعاونين مع الاحتلال واعتقلت ععدا كبيرًأ منهم وأعدمت عددًا من المتخابرين مع الاحتلال.
· قُتل جنديان من الجيش "الإسرائيلي" بانفجار آلية عسكرية في رفح، وزعم الاحتلال أن المقاومة تقف وراء العملية.
· شنّت قوات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة في الضفة، طالت نساء وشبانًا وأكاديميين، من بينهم الدكتورة، منال بدرساوي، المحاضرة بجامعة النجاح والأكاديمي والنائب السابق في المجلس التشريعي، عمر عبد الرازق، كما اغتال جيش الاحتلال عددًا من النشطاء الفلسطينيين في جنين وقتل آخرين في عدة مناطق.
· نفّذ جيش الاحتلال والمستوطنون 259 اعتداءً ضد قاطفي الزيتون منذ بدء الموسم مطلع تشرين الأول في مختلف مناطق الضفة، توزعت بين اعتداءات جسدية، واعتقالات، وتقييد للحركة، ومنع الوصول إلى الأراضي.
· هاجم المستوطنون عشرات القرى الفلسطينية بحماية الجيش واعتدوا على المواطنين، كما سرقوا ممتلكاتهم وأضرموا النار في عدد من الحقول والآلات الزراعية واعتدوا على متضامنين أجانب وخاصة جنوب نابلس وشرق طولكرم.
· شارك مئات الآلاف من "الحريديم" في مظاهرة حاشدة في القدس رفضًا للتجنيد الإجباري وقد تخلل التظاهرة أعمال شغب.
· اختطفت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في الضفة العديد من النشطاء من بينهم، "عبدالرحمن أبو شقير" و"عرفات الحاج" و"عمر ساري" و"المحامي مهند كراجة".
· هدمت سلطات الاحتلال عدة منازل في منطقة الجليل داخل أراضي 48 بذريعة البناء دون ترخيص. كما سلمت عشرات الإخطارات بالهدم تستهدف منازل مقدسيين في "العيسوية" و"الزعيم"(شمال القدس).
· قتل شخص من مدينة "عرابة" في منطقة "الجليل" بأراضي 48، بعد أن تعرض لإطلاق نار، لترتفع حصيلة ضحايا جرائم القتل في الوسط العربي في الداخل المحتل إلى 214 قتيلًا منذ بداية العام.
المؤشرات والاتجاهات الأمنية
· يؤكد الخرق "الإسرائيلي" المتكرر لاتفاق وقف إطلاق النار على استنساخ "تل أبيب" النموذج اللبناني في غزة، بما يضمن بقاء الحرية العملياتية لجيش الاحتلال في القطاع ضمن استراتيجة إزالة التهديدات. ومن المرجح أن يركز الاحتلال، بجانب تتبع خلايا المقاومة، على استهداف أجهزة الأمن والشرطة ومنعها من استعادة وضعها كسلطة ضبط.
· يتناغم "الخط الأصفر" داخل القطاع مع نهج الاحتلال لتوسيع حدوده وزيادة عمقه الأمني على كافة الجبهات (غزة ولبنان وسوريا)، حيث يسعى إلى فرض حدود جديدة مصطنعة بدلًا من الانسحاب نحو الحدود السابقة، وتثبيت "الخط الأصفر" كخط تماس شبه دائم داخل القطاع وتحوليب المناطق الملاصقة له إلى مناطق معزولة خالية من السكان.
· تشير زيارات المسؤولين الأمريكيين المتعاقبة إلى تصاعد ضغوطات واشنطن على حكومة "نتنياهو" لتثبيت وقف إطلاق النار وتقييد العمليات العسكرية والدفع نحو المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية. وسيكون على نتنياهو الاستجابة لهذه الضغوط طالما أن الإدارة الأمريكية مازالت داعمة للاعتبارات الأمنية الأساسية للاحتلال خاصة نزع السلاح والسيطرة على الحدود ومعايير تكوين القوة الأمنية في غزة.
· تعكس تحركات القاهرة في ملف المصالحة الفلسطينية رغبتها في تقليص الفجوات بين السلطة وفتح من جهة وحماس والفصائل من جهة أخرى، وذلك في محاولة لضمان تشكيل اللجنة الإدارية التكنوقراطية لإدارة القطاع بعد الحرب. وتأتي هذه التحركات ضمن الخطوط الحمراء لمصر والتي لا ترغب بتحمل المسؤولية الأمنية بشكل مباشر في القطاع، فضلًا عن إبقاء ملف قطاع غزة كورقة رابحة بيدها وضمان إعادة الإعمار لمنع التهجير ورفض الوصاية الدولية عليه.