من شبه المؤكد أن تتوسع الأعمال العدائية بين "إسرائيل" و"حزب الله" خلال الأيام والأسابيع القادمة، وذلك بسبب اغتيال أحد كبار قادة "حماس" في بيروت في الثاني من كانون الثاني/ يناير الجاري. ورغم أن "حزب الله" لا ينوي على الأغلب القيام بتصعيد كبير، لكن من شبه المؤكد أن يرتفع خطر ذلك في ظل تكثيف الهجمات المتبادلة بين الطرفين عبر الحدود خلال الأسابيع القادمة.
فمن المرجح أن يرد الحزب على عملية الاغتيال خلال الفترة القادمة من خلال توسيع نطاق وشدة هجماته على شمال "إسرائيل"، ويُتوقع أن تكون تلك الهجمات أقل تمييزًا؛ فمنذ تشرين الأول/ أكتوبر كان الحزب يستهدف في الغالب مواقع عسكرية "إسرائيلية"، لكن قذائفه قد تستهدف خلال الفترة القادمة مدنًا "إسرائيلية" كبرى مثل حيفا. وفي ظل بقاء خطر التصعيد مرتفعًا خلال الأسابيع القادمة، فإن تزايد وتيرة للهجمات تزيد من احتمال إساءة تفسيرها من قبل أي من الجانبين على أنها تصعيد متعمد. وينبع الخطر الكبير للتصعيد من وجود مقاتلين متحمسين على طول الحدود؛ فرغم وجود تسلسل قيادي قوي داخل كل من الحزب والجيش "الإسرائيلي"، لكن هناك سوابق ارتكب فيها المقاتلون والجنود أخطاءً أو تصرفوا دون أوامر مباشرة. إضافةً إلى ذلك، من المتوقع أن يمنح الحزب حرية أكبر للجماعات الفلسطينية جنوب لبنان لاستهداف المراكز الحضرية في "إسرائيل"؛ فمثل هذه الهجمات توفر له مستوى من المناورة من خلال إنكار القيام بذلك، لكنها رغم ذلك ستجبر "إسرائيل" على الرد عسكريًا.
بالمقابل، يُرجّح أن تقدّر قيادة "حزب الله" أن التصعيد الكبير لن يكون في مصلحتها، وهذا لا يعني أنها لن تكون مضطرة للرد، وذلك بسبب الضغوط التي تمارسها قواعد الحزب. لكنّ الهجوم الأخير في بيروت كان ضد أحد زعماء "حماس" وليس الحزب، وكان بمثابة ضربة موجهة بأقل قدر من الأضرار الجانبية. وما يمكن تفسيره أنه دليل على عدم رغبة الحزب وتجنبه توسيع نطاق الصراع، أن "نصر الله" أكد مجددًا خلال خطابه في الثالث من كانون الثاني/ يناير الجاري، على استقلال الجماعات المسلحة الإقليمية المدعومة من إيران وأهمية أيديولوجيتها وشبكتها المشتركة، أكثر من الاعتماد على الأفراد. وفي تحليل ذلك، فإن هذا التبرير يمنح الحزب مساحة معينة للحد من رده (على الأقل في الوقت الحالي)، دون رد فعل عنيف من قاعدته أو تصعيد كبير مع "إسرائيل". كما يأتي هذا بعد أن أظهرت "إسرائيل" استعدادها (وليس بالضرورة نيتها) لسيناريو حرب شاملة من خلال توجيه ضربة لبيروت.
من جهتها، يُرجح أن تتجنب "إسرائيل" أيضًا السعي إلى تصعيد كبير وبالتالي الامتناع عن شن مزيد من الهجمات في عمق لبنان خلال الأسابيع القادمة، بما يشمل الهجمات ضد مطار بيروت أو البنية التحتية المدنية الأخرى. ومن المحتمل أن تكون "إسرائيل" قد نفذت هذا الهجوم لتُظهر للجمهور "الإسرائيلي" أنها تلاحق قيادة "حماس"، وفي الوقت ذاته لإظهار استعدادها لردع أي تصعيد من قبل "حزب الله". إن الضغط الأمريكي على "إسرائيل" لاحتواء الصراع، إضافةً لقدرات "حزب الله" المؤكدة على مواصلة حرب طويلة، يعني استمرار الشك في رؤية "إسرائيل" أن مثل هذا الصراع سيكون في مصلحتها.
سيكيوريتي إنتيليجنس أناليسيز سيرفيس