من المتوقع أن تستخدم عمان دورها التاريخي كوسيط وعلاقاتها الجيدة مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، وذلك للضغط لوقف التصعيد في ظل استمرار الحرب بين "إسرائيل" و"حماس"؛ ورغم أن دول مجلس التعاون الخليجي قد استخدمت علاقاتها الدولية والإقليمية لاحتواء التوترات الناجمة عن تلك الحرب، لكن عُمان ستكون في وضع أفضل للتوسط بين الولايات المتحدة والحوثيين. فما يدعم موقف عمان كوسيط هو علاقاتها الجيدة مع كل من السعودية وإيران اللتين تدعمان الأطراف المتحاربة في الصراع. وبناءً على هذه العلاقات ودور الوساطة التاريخي في الصراع اليمني، ستكثّف عُمان جهودها لمنع أي تصعيد إضافي بين الحوثيين من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها (أعضاء عملية حارس الرخاء) في البحر الأحمر من جهة أخرى. وإن كان أي اختراق في هذا الأمر سيكون مشروطًا بتطورات ومآلات الحرب بين "إسرائيل" و"حماس"، لكنّ مثل هذه المحادثات ستعمل على تأكيد أهمية عمان كوسيط في المنطقة.
رغم ذلك، فإن دور الوسيط الذي تلعبه عمان سيتضاءل جزئيًا بسبب ظهور قطر كمفاوض رئيسي؛ فقد لعبت الأخيرة دورًا مركزيًا في التوسط في المفاوضات بين "إسرائيل" و"حماس" فيما يتعلق بالإفراج عن الرهائن، كما ساعدت قطر سابقًا، إلى جانب عمان، في التوسط في عملية تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران، بل توسطت في اتفاق لإعادة الأطفال الأوكرانيين الذين تحتجزهم روسيا.
إن علاقات قطر مع "حماس" (التي يوجد مقر لمكتبها السياسي بالدوحة) وعلاقاتها القوية مع الولايات المتحدة (الحليف الرئيسي لـ"إسرائيل")، تسمح لها بلعب دور بارز في التفاوض على وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" و"حماس". ومن هنا، فإن أهمية الدور القطري ستقلص أدوار عمان وتحصرها في مساحات أخرى مثل التفاوض على الاتفاقيات المتعلقة باليمن والبحر الأحمر، ما سيحدّ جزئيًا من دور عُمان التاريخي كوسيط في المنطقة. لكنّ علاقات مسقط الاقتصادية ستبدأ في تعزيز مكانتها وجعلها أكثر أهمية في السياسة الخارجية، نظرًا لخطط التنويع التي تنتهجها السلطنة.
فيتش سوليوشنز