مرصد التنبؤات الغربية 15 يناير 2024
الساعة : 15:08
15 يناير 2024
التصعيد بين "حزب الله" و"إسرائيل" سيتوسع بوتيرة منضبطة واحتمال خروجه عن السيطرة أمر وارد
من شبه المؤكد أن تتوسع الأعمال العدائية بين "إسرائيل" و"حزب الله" خلال الأيام والأسابيع القادمة، وذلك بسبب اغتيال أحد كبار قادة "حماس" في بيروت في الثاني من كانون الثاني/ يناير الجاري. ورغم أن "حزب الله" لا ينوي على الأغلب القيام بتصعيد كبير، لكن من شبه المؤكد أن يرتفع خطر ذلك في ظل تكثيف الهجمات المتبادلة بين الطرفين عبر الحدود خلال الأسابيع القادمة.
فمن المرجح أن يرد الحزب على عملية الاغتيال خلال الفترة القادمة من خلال توسيع نطاق وشدة هجماته على شمال "إسرائيل"، ويُتوقع أن تكون تلك الهجمات أقل تمييزًا؛ فمنذ تشرين الأول/ أكتوبر كان الحزب يستهدف في الغالب مواقع عسكرية "إسرائيلية"، لكن قذائفه قد تستهدف خلال الفترة القادمة مدنًا "إسرائيلية" كبرى مثل حيفا. وفي ظل بقاء خطر التصعيد مرتفعًا خلال الأسابيع القادمة، فإن تزايد وتيرة للهجمات تزيد من احتمال إساءة تفسيرها من قبل أي من الجانبين على أنها تصعيد متعمد. وينبع الخطر الكبير للتصعيد من وجود مقاتلين متحمسين على طول الحدود؛ فرغم وجود تسلسل قيادي قوي داخل كل من الحزب والجيش "الإسرائيلي"، لكن هناك سوابق ارتكب فيها المقاتلون والجنود أخطاءً أو تصرفوا دون أوامر مباشرة. إضافةً إلى ذلك، من المتوقع أن يمنح الحزب حرية أكبر للجماعات الفلسطينية جنوب لبنان لاستهداف المراكز الحضرية في "إسرائيل"؛ فمثل هذه الهجمات توفر له مستوى من المناورة من خلال إنكار القيام بذلك، لكنها رغم ذلك ستجبر "إسرائيل" على الرد عسكريًا.
بالمقابل، يُرجّح أن تقدّر قيادة "حزب الله" أن التصعيد الكبير لن يكون في مصلحتها، وهذا لا يعني أنها لن تكون مضطرة للرد، وذلك بسبب الضغوط التي تمارسها قواعد الحزب. لكنّ الهجوم الأخير في بيروت كان ضد أحد زعماء "حماس" وليس الحزب، وكان بمثابة ضربة موجهة بأقل قدر من الأضرار الجانبية. وما يمكن تفسيره أنه دليل على عدم رغبة الحزب وتجنبه توسيع نطاق الصراع، أن "نصر الله" أكد مجددًا خلال خطابه في الثالث من كانون الثاني/ يناير الجاري، على استقلال الجماعات المسلحة الإقليمية المدعومة من إيران وأهمية أيديولوجيتها وشبكتها المشتركة، أكثر من الاعتماد على الأفراد. وفي تحليل ذلك، فإن هذا التبرير يمنح الحزب مساحة معينة للحد من رده (على الأقل في الوقت الحالي)، دون رد فعل عنيف من قاعدته أو تصعيد كبير مع "إسرائيل". كما يأتي هذا بعد أن أظهرت "إسرائيل" استعدادها (وليس بالضرورة نيتها) لسيناريو حرب شاملة من خلال توجيه ضربة لبيروت.
من جهتها، يُرجح أن تتجنب "إسرائيل" أيضًا السعي إلى تصعيد كبير وبالتالي الامتناع عن شن مزيد من الهجمات في عمق لبنان خلال الأسابيع القادمة، بما يشمل الهجمات ضد مطار بيروت أو البنية التحتية المدنية الأخرى. ومن المحتمل أن تكون "إسرائيل" قد نفذت هذا الهجوم لتُظهر للجمهور "الإسرائيلي" أنها تلاحق قيادة "حماس"، وفي الوقت ذاته لإظهار استعدادها لردع أي تصعيد من قبل "حزب الله". إن الضغط الأمريكي على "إسرائيل" لاحتواء الصراع، إضافةً لقدرات "حزب الله" المؤكدة على مواصلة حرب طويلة، يعني استمرار الشك في رؤية "إسرائيل" أن مثل هذا الصراع سيكون في مصلحتها.
سيكيوريتي إنتيليجنس أناليسيز سيرفيس
الهجمات الأمريكية البريطانية ضد الحوثيين ستخفض تهديدهم للسفن لكنها لن توقفه بشكل كامل
من المتوقع بدرجة كبيرة أن تؤدي العمليات العسكرية البريطانية والأمريكية (على الأقل في البداية) إلى إضعاف قدرات الحوثيين على شن هجمات ضد سفن الشحن في البحر الأحمر، وأن ينخفض تكرار مثل هذه الهجمات، لكنها لن تتوقف بالكامل؛ حيث تستطيع الجماعة إنشاء منصات إطلاق في أجزاء أخرى من الأراضي اليمنية التي يسيطرون عليها، والتي يمتلكون فيها منشآت عسكرية ومعدات أسلحة.
بدورهم، لا يُرجح أن يردّ الحوثيون على العمل العسكري الأمريكي والبريطاني من خلال استهداف دول الخليج، خصوصًا السعودية والإمارات. فلم تشارك تلك الدول في أي جهود دبلوماسية أو ردع بقيادة الولايات المتحدة ضد هجمات الحوثيين؛ ولن يُظهروا على الأرجح أي دعم للعمل العسكري الأمريكي البريطاني ضد الجماعة. ويبدو من الواضح أن الحوثيين يركزون على استهداف "إسرائيل"، وأنهم ما زالوا يريدون الحفاظ على الهدنة مع السعودية؛ حيث كانوا قد اتفقوا في الـ23 من كانون الأول/ ديسمبر على خطة لتنفيذ وقف دائم لإطلاق النار. على الجانب الآخر، وفي حال قيام الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بتقليص قدرة الحوثيين تمامًا على شن هجمات بحرية لفترة طويلة، وهو أمر غير مرجح، فمن المحتمل أن تكثف إيران هجماتها على السفن التجارية في المحيط الهندي لمواصلة إظهار تضامنها مع الفلسطينيين.
سيكيوريتي إنتيليجنس أناليسيز سيرفيس
تأثير التوتر الأمني في البحر الأحمر وقناة السويس على التضخم العالمي والإمدادات سيكون محدوداً
أدت الحوادث التي نفذها الحوثيون من اختطاف وهجمات صاروخية ضد السفن في البحر الأحمر، إلى زيادة المخاطر على التجارة البحرية العالمية؛ فرغم أن الولايات المتحدة وحلفاءها أطلقوا تحالف عملية "حارس الرخاء" لتأمين المنطقة، لكن المخاطر المتزايدة ستؤدي إلى تخوف العديد من السفن من المرور. فقد قررت العديد من شركات الشحن العالمية العملاقة، بما فيها "ميرسك" (الدنمارك) و"هاباغ لويد" (ألمانيا)، وقف الرحلات عبر قناة السويس، وهو الطريق التجاري العالمي الرئيسي الذي يربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط؛ وبدلًا من ذلك، تتكبد بعض السفن عناء رحلة أطول بكثير عبر رأس الرجاء الصالح مرورًا بجنوب قارة أفريقيا. ورغم أن أسعار الشحن ارتفعت بشكل حاد، لكن يُعتقد أن التأثير على التضخم العالمي والإمدادات سيكون محدودًا، نظرًا للطاقة الفائضة الحالية على العديد من طرق الشحن وانخفاض الطلب الاستهلاكي.
يذكر أن قناة السويس تمثل 12% من التجارة العالمية، وهو ما يمثل حوالي 30% من إجمالي حركة الحاويات، كما تعد القناة طريقًا مهمًا لتجارة الطاقة العالمية؛ حيث يمر من خلالها حوالي 7 - 10% من النفط العالمي و8% من تجارة الغاز الطبيعي المسال. ولن تعني الاضطرابات في هذا الطريق التأخير في شحن البضائع بين آسيا وأوروبا فحسب، بل ارتفاع تكاليف الوقود ورسوم التأمين كذلك.
وحتى الآن، ظل التأثير على أسواق الطاقة محدودًا، وظلت أسعار الطاقة ثابتة إلى حد كبير؛ فمعظم النفط الخام الذي يمر عبر قناة السويس حاليًا إما أنه روسي يتدفق باتجاه الشرق (حوالي 50% من الإجمالي)، أو عراقي أو سعودي يتدفق باتجاه الغرب (حوالي 30% و20% من الإجمالي على التوالي). وما لم يتصاعد الوضع، من المتوقع أن يكون تأثير أزمة البحر الأحمر على أسعار المستهلكين وإمداداتهم محدودًا.
ومع ذلك، ولأن الأمر يعتمد بشكل كبير على مدى استمرار التوترات في البحر الأحمر؛ فإن أي تصعيد للهجمات من شأنه أن يزيد التكاليف بشكل حاد على سلاسل التوريد العالمية والشركات والمستهلكين. علاوةً على ذلك، يبدو من المرجح أن تظل القيود المفروضة على قناة بنما، التي تعتبر مرهقة خصوصًا لصناعة الأغذية، سارية طوال عام 2024 بأكمله على الأقل وربما أكثر من ذلك.
إيكونوميك إنتيليجنس يونيت
هجمات الميليشيات العراقية ضد القوات الأمريكية ستتواصل وقد تتوسع لتشمل حلفاءها في كردستان والخليج
من المرجح أن تزيد الميليشيات المرتبطة بإيران من وتيرة الهجمات ونطاقها الجغرافي على القوات الأمريكية وحلفاء الولايات المتحدة، حيث نفذت هذه الميليشيات أكثر من 120 هجومًا ضد القوات الأمريكية منذ منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ردًا على الحرب بين "إسرائيل" و"حماس"، باستخدام الصواريخ الباليستية لأول مرة في كانون الأول/ ديسمبر 2023، ما أدى لإصابة ثمانية جنود أمريكيين.
وبحسب القراءات التحليلية، فمن غير المحتمل أن تتجه هذه الميليشيات لتنفيذ هجمات تسفر عن إصابات جماعية، حرصًا منها على تجنب الأعمال التي يمكن أن تهدد استقرار الحكومة الفيدرالية الحالية، والتي تتمتع فيها الفروع السياسية للميليشيات الشيعية الموالية لإيران بتمثيل قوي؛ وستستمر الهجمات ضد القوات الأمريكية على الأرجح طالما استمر تواجدها في العراق.
من جهة أخرى، من المرجح جدًا أن تتوسع مجموعة أهداف الميليشيات لتشمل أصول حكومة إقليم كردستان داخل محافظة أربيل، خصوصًا تلك التي يُشتبه أن تكون لها علاقات مع "إسرائيل". ومن المتوقع أيضًا أن يتم شن هجمات محدودة التأثير ضد البحرين أو الإمارات لأغراض انتقامية، لكن على الأغلب سيتم ضبطها بدقة بحيث لا تثير ردًا عسكريًا كبيرًا. فكما أظهرت تلك الميليشيات سابقًا نية وقدرة على إطلاق هجمات باتجاه دول الخليج، بما فيها السعودية والإمارات؛ فإن استمرار الحرب بين "إسرائيل" و"حماس" سيعزز هذا التوجه، فهناك احتمال كبير بأن يسفر المسار التصعيدي للانتقام عن محاولة مضايقة دول الخليج التي قامت بتطبيع العلاقات مع "إسرائيل". وسيشمل ذلك الإمارات والبحرين، التي تستضيف أيضًا الأسطول الخامس للولايات المتحدة (وهو هدف طموح لهذه المجموعات).
رغم ذلك، سيكون هذا التصعيد من قبل الميليشيات منضبطًا إلى حد كبير، لتجنب التأثير ولمحاولة تجنب إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية أو سقوط وفيات أو تعطيل الشحن أو إنتاج النفط، ما يسمح لهذه المجموعات بالحفاظ على مستوى من دعم المقاومة دون تصعيد الإطار الحالي للأعمال العدائية.
إس آند ݒي جلوبال ماركيت إنتيليجنس
عُمان ستسعى للعب دور وساطة لتهدئة التوترات الإقليمية لكنّها لن تتخطى الدور القطري الأكثر تأثيرًا
من المتوقع أن تستخدم عمان دورها التاريخي كوسيط وعلاقاتها الجيدة مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، وذلك للضغط لوقف التصعيد في ظل استمرار الحرب بين "إسرائيل" و"حماس"؛ ورغم أن دول مجلس التعاون الخليجي قد استخدمت علاقاتها الدولية والإقليمية لاحتواء التوترات الناجمة عن تلك الحرب، لكن عُمان ستكون في وضع أفضل للتوسط بين الولايات المتحدة والحوثيين. فما يدعم موقف عمان كوسيط هو علاقاتها الجيدة مع كل من السعودية وإيران اللتين تدعمان الأطراف المتحاربة في الصراع. وبناءً على هذه العلاقات ودور الوساطة التاريخي في الصراع اليمني، ستكثّف عُمان جهودها لمنع أي تصعيد إضافي بين الحوثيين من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها (أعضاء عملية حارس الرخاء) في البحر الأحمر من جهة أخرى. وإن كان أي اختراق في هذا الأمر سيكون مشروطًا بتطورات ومآلات الحرب بين "إسرائيل" و"حماس"، لكنّ مثل هذه المحادثات ستعمل على تأكيد أهمية عمان كوسيط في المنطقة.
رغم ذلك، فإن دور الوسيط الذي تلعبه عمان سيتضاءل جزئيًا بسبب ظهور قطر كمفاوض رئيسي؛ فقد لعبت الأخيرة دورًا مركزيًا في التوسط في المفاوضات بين "إسرائيل" و"حماس" فيما يتعلق بالإفراج عن الرهائن، كما ساعدت قطر سابقًا، إلى جانب عمان، في التوسط في عملية تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران، بل توسطت في اتفاق لإعادة الأطفال الأوكرانيين الذين تحتجزهم روسيا.
إن علاقات قطر مع "حماس" (التي يوجد مقر لمكتبها السياسي بالدوحة) وعلاقاتها القوية مع الولايات المتحدة (الحليف الرئيسي لـ"إسرائيل")، تسمح لها بلعب دور بارز في التفاوض على وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" و"حماس". ومن هنا، فإن أهمية الدور القطري ستقلص أدوار عمان وتحصرها في مساحات أخرى مثل التفاوض على الاتفاقيات المتعلقة باليمن والبحر الأحمر، ما سيحدّ جزئيًا من دور عُمان التاريخي كوسيط في المنطقة. لكنّ علاقات مسقط الاقتصادية ستبدأ في تعزيز مكانتها وجعلها أكثر أهمية في السياسة الخارجية، نظرًا لخطط التنويع التي تنتهجها السلطنة.
فيتش سوليوشنز
المشهد السياسي الداخلي في "إسرائيل" تكتنفه حالة من الغموض والسخونة طالت الحرب أم قصرت
ستزداد سخونة المشهد السياسي الداخلي في "إسرائيل" بمجرد عودة حزب "الوحدة الوطنية" بزعامة "بيني غانتس" إلى المعارضة، فور انتهاء الحرب أو دخولها مرحلة منخفضة الحدة. ومع انتهاء الترتيبات المؤقتة المعمول بها منذ الـ12 من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، من المرجح أن يدعو "غانتس" إلى تغيير سياسي، والذي سيتزامن مع إحياء الاحتجاجات الجماهيرية مع التركيز المتجدد على المساءلة عن هجمات السابع من أكتوبر، والمطالبة بإقالة "نتنياهو" من رئاسة الوزراء. وسيؤدي ذلك إلى استمرار حالة التوتر السياسي الداخلي طوال النصف الأول من العام، وقد يمثل ضغطًا على الشيكل "الإسرائيلي" على المدى القصير.
بالمقابل، لا يُرجح أن يستقيل "نتنياهو" بل إنه قد يستبق الإطاحة المحتملة به، من خلال حل الكنيست والدعوة إلى انتخابات مبكرة بمجرد انتهاء الحرب أو تراجعها بشكل كبير. فقد صرح "نتنياهو" بأنه لن يستقيل وسيبقى في منصبه بعد انتهاء الحرب لضمان أن تكون غزة منزوعة السلاح. ومع ذلك، وحذرًا من التحديات المحتملة داخل حزب "الليكود" أو التصويت على حجب الثقة عن حكومته، ووسط ضغوط شديدة على الحكومة من الشارع (مطالبات بالمساءلة) والولايات المتحدة، قد يرى "نتنياهو" أن الانتخابات الجديدة ستكون خياره الأفضل لضمان بقائه السياسي، ورغم ذلك إلا أنه على الأرجح سيخسر الانتخابات بسبب إدارة الحكومة للحرب والمسؤولية الواضحة عن الهجمات. فضلًا عن ذلك، فإن القرار الذي اتخذته المحكمة العليا بإلغاء مشروع قانون المعقولية، (الجزء الوحيد من الإصلاح القضائي المثير للجدل الذي أقرته الحكومة)، في الأول من كانون الثاني/ يناير يشكل هزيمة لهذه السياسة.
فمن ناحية، سينظر أنصار الإصلاح من جناح اليمين إلى الحكومة باعتبارها فشلت في تنفيذ ولايتها، ومن ناحية أخرى سيرى معارضو الإصلاح أنه أدى إلى انقسام الرأي العام وإضعاف الجيش قبل هجمات السابع من أكتوبر. وفي هذا الإطار، تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن ائتلاف ما قبل الحرب سيكون أقل بحوالي 15 مقعدًا من الأغلبية إذا أجريت الانتخابات. والنتيجة الأكثر ترجيحًا هي أن حزب "الوحدة الوطنية" سيظهر كأكبر حزب في الكنيست، ومن المرجح أن يكون قادرًا على تشكيل حكومة ائتلافية وسطية واسعة النطاق، ما قد يوفر دفعة لمعنويات المستثمرين.
بالمقابل، فإن المخاطر التي تهدد ذلك تتوقف على مدة وشدة الحرب؛ فإذا تصاعدت أو استمرت إلى ما هو أبعد من المتوقع، فإن هذا يعني بقاء النشاط السياسي الطبيعي والعمليات التشريعية (وقضية المساءلة عن السابع من أكتوبر) في المؤخرة، وسيبقى "غانتس" في حكومة الوحدة لفترة أطول. وهذا من شأنه أن يحتوي على مستوى المعارضة السياسية لـ"نتنياهو"، وربما يحول دون إقالته على المدى القصير. من جهة أخرى، فإن الانقسامات داخل حكومة الحرب حول مستقبل غزة قد تؤدي إلى انهيارها قبل نهاية الصراع، في وقت أبكر مما كان متوقعًا. ويمكن أن يحدث هذا نتيجة للتباين الحاد في وجهات النظر حول نهاية الحرب؛ فقد وضع وزير الدفاع "غالانت" (وهو جزء من حكومة الحرب إلى جانب نتنياهو وغانتس) مؤخرًا مخططًا لإدارة غزة بعد الحرب، لا يتضمن وجودًا مدنيًا "إسرائيليًا" ويشمل حكمًا فلسطينيًا للقطاع، لكن "نتنياهو" يعارض حكم السلطة الفلسطينية في غزة.
فيتش سوليوشنز
الانسحاب الأمريكي من العراق غير وارد قريبًا لارتباط بغداد بواشنطن سياسيًا وأمنيًا وعسكريًا
أعلن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أن حكومته شكلت لجنة لبدء الحوار حول انسحاب القوات الأمريكية من العراق، مشيرًا إلى أن مبرر الوجود الأمريكي "انتهت صلاحيته". وبحسب ما ورد، فقد بدأ النواب العراقيون جمع التوقيعات على اقتراح لإنهاء وجود جميع القوات الأمريكية في البلاد بحلول الأول من كانون الثاني/ يناير عام 2025.
لكن من غير المرجح أن يُسهم هذا الإعلان من قبل "السوداني" في وقف تصعيد الهجمات ضد القوات الأمريكية خلال الأشهر القادمة؛ فقد جاء إعلان "السوداني" بعد يوم واحد من اغتيال الولايات المتحدة قائدًا بارزًا في قوات الحشد الشعبي شرق بغداد. وبالتالي، فإنه يهدف من إعلانه على الأغلب تخفيف الضغط على حكومته من قبل فصائل المقاومة، وتأمين موقفه ضد المحاولات المحتملة للإطاحة به، مع تهدئة الهجمات على القوات الأمريكية من خلال عرض قناة سياسية للتفاوض حول خروج القوات الأمريكية المتبقية البالغ عددها 2500 جندي. فخطر الانتقام الأمريكي من خلال مزيد من الضربات الجوية يهدد بزعزعة استقرار الحكومة العراقية (بما في ذلك سحب الثقة من "السوداني")، لأن بقاءها يعتمد على موازنة مصالح الولايات المتحدة و"فصائل المقاومة"، وبالتبعية إيران.
بالمقابل، لا يُرجح أن يبدأ حوار لتحديد موعد انسحاب القوات الأمريكية خلال الأشهر الستة القادمة على الأقل؛ فاستقرار المؤسسة السياسية العراقية مرتبط لحد كبير بالنظام السياسي الذي قادته الولايات المتحدة بعد عام 2003 ودعمها له. لذلك فإن قدرة النطام العراقي محدودة في الضغط على الولايات المتحدة للتعجيل بخروج القوات الأمريكية، وبالتالي لا يُتوقع أن تفضل الأحزاب السياسية العربية السُنّية والكردية خصوصًا، والتي يُتطلب دعمها لتشكيل الحكومة، مثل هذه الخطوات؛ حيث تنظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها حامية لمصالحها بين الأغلبية الشيعية من السكان.
من جهة أخرى، فإن الجيش العراقي يعتمد على استمرار وجود القوات الأمريكية لتقديم الدعم الجوي في العمليات ضد فلول مقاتلي "تنظيم الدولة الإسلامية"، المتمركزين في المناطق ذات الأغلبية السنية شمال وغرب العراق كجزء من التحالف الدولي، ولصيانة طائراته كذلك، تحديدًا طائرات "إف 16". كما إن المقاولين الأمريكيين الذين حصلوا على عقود لصيانة تلك الطائرات، مثل "لوكهيد مارتن" و"ساليبورت"، سيكونون أكثر عرضة للمغادرة إذا لم تعد القوات الأمريكية موجودة لتوفير الحماية.
إس آند ݒي جلوبال ماركيت إنتيليجنس