منذ انتفاضة الـ17 من شباط/ فبراير 2011، واجهت ليبيا حالة متكررة من عدم الاستقرار مع فترات من الهدوء النسبي، أعقبها اندلاع قتال قصير عادةً انطوى في معظمه على نزاعات داخل الميليشيات، لكنه تصاعد في بعض الأحيان إلى صراع مسلح خطير. كما بذلت ليبيا جهودًا مستمرة لتحقيق المصالحة السياسية وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، بقيادة سلسلة من ممثلي ومبعوثي الأمم المتحدة. ويشغل هذا المنصب حاليًا "عبد الله باثيلي" الذي لم يتمكن في الأسابيع الأخيرة حتى من إقناع أصحاب المصلحة السياسيين الخمسة الرئيسيين، ومنهم "حفتر"، بالموافقة على الاجتماع، ناهيك عن الاتفاق على مسار لإجراء الانتخابات؛ حيث كانت آخر انتخابات أجريت تلك التي عقدت في حزيران/ يونيو 2014. وفي هذه المرحلة، سيكون أي تقدم خلال عام 2024 بشأن الانتخابات معجزة؛ فليس لدى الجهات الفاعلة في الوضع الراهن حافز كبير للتخلي عن السلطة التي تسيطر عليها من أجل مستقبل مجهول، وإن كان أكثر ديمقراطية.
بل على العكس من ذلك، فوسط عودة الفساد والهجرة غير الشرعية والهشاشة الاقتصادية وحالة الضبابية، تحاول معظم الجهات الفاعلة الليبية تعزيز شبكاتها السياسية والأمنية والمحسوبية، في ظل وجود أدلة متزايدة على أن "حفتر" يضاعف من علاقته مع روسيا كأحد أهم جهوده لتأمين مزيد من السلطة. وقد أثار هذا تحذيرات من الولايات المتحدة، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء آخر واضح؛ حيث تعمل روسيا على بناء قدراتها العسكرية في جميع أنحاء أفريقيا من قاعدتها الليبية.
ومع تعثر المسار السياسي، فإن عام 2024 يحمل مخاطر عديدة تشمل: تجدد الحصار النفطي وسط القتال للسيطرة على السلطة وأموال البنك المركزي، والتحرك المشترك من جانب الهيئات البرلمانية الليبية لاستبعاد رئيس الوزراء، عبد الحميد الدبيبة، واستبداله بشخص يعتقدون أنه سيكون أكثر مرونة، والتحرك أحادي الجانب لتعيين حكومة جديدة من قبل مجلس نواب طبرق، والعمل الأحادي الذي قام به "حفتر" لتعزيز ابن بنغازي "أسامة سعد حماد صالح" (أو أي شخص آخر) كرئيس وزراء بديل، وتجدد القتال بين الميليشيات أو حتى اندلاع صراع أوسع نطاقًا.
والخلاصة، أن الجيل الحالي من القادة في ليبيا، رغم تقدمهم في السن، لكنهم أثبتوا أنهم أذكياء، وبالنسبة لعام 2024، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو أن تؤجل الجهات الفاعلة الرئيسية في ليبيا أي خطوات جادة بخلاف الجهود الرامية لاستبدال "الدبيبة"، وستسعى بدلًا من ذلك لحماية شبكات السلطة والعلاقات التي تحتفظ بها حاليًا، خصوصًا في ظل انشغال القوى الخارجية الكبرى بالحرب في كل من غزة وأوكرانيا.
ميدل إيست إنستيتيوت