مرصد التنبؤات الغربية 13 فبراير 2024

الساعة : 15:30
13 فبراير 2024
مرصد التنبؤات الغربية 13 فبراير 2024
دعم إيران للقوات المسلحة السودانية سيصطدم بالمصالح الإماراتية وربما يطيل أمد الصراع في السودان

تأمل طهران، من خلال دبلوماسية الطائرات بدون طيار، في إحياء العلاقات المجمدة مع الحكومة السودانية عبر مساعدتها في حربها الأهلية المستمرة، أو على الأقل أن تجعل من الصعب على حكومة قوية مناهضة لإيران الوصول للسلطة بعد انتهاء الصراع، وذلك بعد أن قامت بتزويد القوات المسلحة السودانية بطائرات مسيّرة مقاتلة من طراز "مهاجر-6".

بالنسبة لإيران، كان فقدان العلاقات مع الخرطوم بمثابة ضربة استراتيجية كبيرة؛ حيث كان السودان أقرب حليف لطهران في القارة الأفريقية، فيما استخدمت طهران السودان كجزء من طريق تهريب يشمل القرن الأفريقي والبحر الأحمر لتزويد وكلائها في غزة، وعلى رأسهم "حماس" و"الجهاد الإسلامي". وبالتالي، فإن توثيق العلاقات مع الخرطوم من شأنه أن يساعد طهران على تطويق "إسرائيل" بشكل فعال، وكذلك السعودية ودول مجلس التعاون، بالتعاون مع حكومات صديقة لها وسط التصعيد الإقليمي عقب هجوم "حماس" على "إسرائيل" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. كما إن الاتفاق المحتمل لاستخدام موانئ السودان ربما يسهل على إيران إعادة إمداد سفنها البحرية العاملة في البحر الأحمر، والتفوق على منافسيها الخليجيين مثل الإمارات. وبينما تم إبعاد الإسلاميين في السودان إلى حد كبير في أعقاب ثورة 2018-2019، يتهم "حميدتي" "البرهان" بالاعتماد على دعمهم، وقد يدعم العديد من الإسلاميين إقامة علاقات أوثق مع طهران، خاصة وأنهم يتهمون الدول العربية المجاورة بدعم قوات الدعم السريع وعدم القيام بما يكفي لدعم القوات المسلحة السودانية.

في نهاية المطاف، تواجه القوات المسلحة السودانية معركة شاقة لتحقيق النصر في الحرب الأهلية بشكل مباشر، لكن بالنسبة لإيران فإن مجرد توسيع الصراع وتعزيز القوات المسلحة السودانية في المحادثات المحتملة مع قوات الدعم السريع، سيعقّد الجهود الإماراتية لتشكيل حكومة جديدة في السودان تكون مناهضةً للإسلاميين ولإيران.

في هذا الإطار، قد تساعد الطائرات المسيّرة الإيرانية في تعويض مثيلاتها التي يُزعم أن الإمارات ومجموعة "فاغنر" الروسية قامت بتسليمها إلى قوات الدعم السريع، لكن إيران ربما لا تستطيع إرسال عدد كافٍ من تلك الطائرات إلى السودان، نظرًا لتزايد الجهود الأمريكية في البحر الأحمر والمياه المحيطة لاعتراض الشحنات الإيرانية من الطائرات المسيّرة والتكنولوجيا المتعلقة بها إلى اليمن. وفي الوقت نفسه، فإن الضعف الاقتصادي الذي تعاني منه إيران يحدّ من قدرتها على تقديم المساعدات الاقتصادية لدعم الاقتصاد السوداني، الذي تعطل بشكل كبير بسبب الحرب الأهلية واختناقات النقل المصاحبة لها.

بالمقابل، تمتلك الإمارات موارد اقتصادية وعسكرية كبيرة تستطيع استخدامها لدعم قوات الدعم السريع على المدى الطويل، الأمر الذي سيضمن على الأرجح أن أي تسوية سياسية بعد الحرب الأهلية ستشمل قوات الدعم السريع وأن قائدها "حميدتي" سيلعب دورًا رئيسيًا في الحكومة. هذا الأمر سيجعل من الصعب على إيران إعادة تأسيس علاقة وثيقة مع السودان في المستقبل كما كانت قبل عقد من الزمن، لكن دعمها للقوات المسلحة السودانية من خلال عمليات تسليم الطائرات بدون طيار قد يزيد من صعوبة فوز قوات الدعم السريع بالقوة، ما قد يؤدي إلى إطالة أمد الحرب الأهلية ويمنح القوات المسلحة السودانية مزيدًا من النفوذ في المفاوضات اللاحقة. كذلك، فإن المساعدة في إبقاء السودان غير مستقر تجذب انتباه الإمارات، فضلًا عن السعوديين والمصريين، بعيدًا عن المسارح الأخرى الأكثر أهمية لطهران، مثل العراق وسوريا واليمن.

ستراتفور

التوترات بين إيران والولايات المتحدة ستظل مرتفعة وهجمات وكلاء إيران ستستمر لكن بوتيرة أقل

تريد كل من إيران والولايات المتحدة تجنب المواجهة العسكرية المباشرة، وهو ما يحد من خطر إثارة حرب بين البلدين، بسبب تنفيذ مزيد من الهجمات من قبل الجماعات المسلحة الإقليمية المدعومة من إيران. لكن دعم إيران لتلك الجماعات سيغير الاستراتيجية الأمريكية تجاه طهران بشكل دائم، ما سيجعل من الصعب إيجاد طريق نحو السلام. ففي الـ30 من كانون الثاني/ يناير الماضي أعلنت ميليشيا "كتائب حزب الله" العراقية المدعومة من إيران، أنها ستعلق هجماتها على القوات الأمريكية في العراق وسوريا، ودعت مقاتليها إلى التحول إلى موقف "الدفاع السلبي". وجاء هذا الإعلان بعد يومين من مقتل ثلاثة جنود أمريكيين إثر هجوم بطائرة مسيّرة في الأردن، والذي أعلنت جماعة "المقاومة الإسلامية في العراق" (تنتمي إليها كتائب حزب الله) مسؤوليتها عنه.

وإذا كانت طهران قد دفعت "كتائب حزب الله" بقوة للإعلان عن تعليق الهجمات، فإن ذلك يشير إلى أنها تحاول ضمان بقاء هجمات الميليشيات الإقليمية التي تدعمها محصورة في المسارح القائمة بالوكالة، وتجنب المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة. ورغم إعلانها أنها ستعلق الهجمات، إلا أنه من المرجح أن تستمر "كتائب حزب الله" في استهداف القوات الأمريكية لكن بوتيرة أقل، مع محاولة ضبط تحركاتهم لتحقيق أهدافهم السياسية، ولا يُرجح أن توقف هجماتها ضد القوات الأمريكية بشكل كامل. بدلًا من ذلك، فإن هذا البيان قد يهدف جزئيًا إلى تمكين "كتائب حزب الله" وغيرها من ميليشيات "المقاومة الإسلامية" في العراق، من المطالبة بأرضية أخلاقية قبل الرد العسكري الأمريكي القادم المتوقع على هجوم البرج 22؛ فمن وجهة نظر تلك الكتائب يمكن الآن الادعاء بأن أي ضربات أمريكية أخرى ضدها دليل على التصعيد الأمريكي، وأن تبرر مزيدًا من الضربات ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا كرد انتقامي على ذلك العدوان الأمريكي.

بعيدًا عن العراق وسوريا، يبدو أن الحوثيين مستعدون لمواصلة مهاجمة السفن التجارية قبالة سواحل اليمن، لكن الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة لإضعاف قدراتهم، فضلًا عن العدد القليل من السفن التي تعبر البحر الأحمر الآن، قد يؤدي كل ذلك إلى تقليل عدد الهجمات البحرية من قبل الحوثيين، والتي بلغت ذروتها (بمعدل هجوم واحد يوميًا) في منتصف كانون الثاني/ يناير الماضي، وكانت غالبًا ما تتم بواسطة طائرات مسيّرة وصواريخ.

في هذا السياق، من المرجح أن يؤدي نجاح حلفاء إيران في إغلاق التجارة عبر البحر الأحمر وزيادة الهجمات على الأهداف الأمريكية و"الإسرائيلية"، إلى قيام الولايات المتحدة بإعطاء الأولوية للحد من انتشار تكنولوجيا الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية، على حساب مخاوفها بشأن البرنامج النووي الإيراني، ما سيصعّب الطريق أمام واشنطن وطهران لتحقيق السلام. فقد أظهر هجوم "حماس" على "إسرائيل" ونجاح الحوثيين في استهداف السفن التجارية مخاطر انتشار الصواريخ الإيرانية وتكنولوجيا الطائرات المسيّرة إلى المنطقة. كما إن قيام إيران بتزويد القوات الروسية في أوكرانيا بتكنولوجيا مماثلة لا يؤدي إلا لمزيد من الضغط على واشنطن للحد من هذه الصادرات.

ستراتفور

مصر والأردن يرجح أن تحصلا على دعم اقتصادي لمواجهة آثار الحرب على غزة في حين أن لبنان لن يتم دعمه

من المعروف أن الحرب بين "حماس" و"إسرائيل" تلحق ضررًا باقتصاد كل من مصر والأردن ولبنان، لكن حصول القاهرة وعمّان على قروض صندوق النقد الدولي يعني أنهما في وضع أفضل من بيروت للصمود في وجه العاصفة. ومع اقتراب الحرب من شهرها الخامس أصبحت الخسائر الاقتصادية التي تخلفها على الجيران الإقليميين أكثر وضوحًا؛ فقد أعرب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عن قلقهما بشأن التأثير الاقتصادي الذي قد يخلفه استمرار الصراع على اقتصادات مصر ولبنان والأردن، بسبب قربهم الجغرافي والمخاطر المباشرة لانتشار آثار الحرب. وفي حين انتعشت بعض القطاعات، بما فيها قطاع الطاقة، بعد الصدمة الأولية لاندلاع الحرب، فقد خلفت حالة عدم اليقين الإقليمية آثارًا دائمة على مجالات السياحة والنقل والخدمات في المنطقة. بدورها، قدّرت الأمم المتحدة أن الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب كلفت مصر والأردن ولبنان بشكل تراكمي 10.3 مليار دولار، رغم أن التكلفة ستستمر في الازدياد مع احتدام وطول أمد الحرب.

علاوةً على ذلك، فإن هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن أدت لتحويل حركة الشحن عن المنطقة، وقد أثرت هذه الاضطرابات على قطاع النقل عبر قناة السويس، ما أدى لزيادة تكاليف الشحن وانخفاض الإيرادات المصرية من الممر المائي الرئيسي.

وفي الأشهر القادمة، من المرجح أن تقوم مصر بتشديد السياسات النقدية والمالية للحصول على تمويل إضافي من صندوق النقد الدولي، مع الاستمرار في دعم خطط النمو السياحي والاقتصادي طويلة المدى. ورغم الرياح الاقتصادية المعاكسة المستمرة، ستواصل مصر متابعة المشروعات العملاقة المصممة لتوسيع قطاع السياحة وحجم حركة المرور البحرية التي يمكن أن تعبر قناة السويس.

أما بالنسبة للأردن، فرغم التحديات التي يواجهها فإن خطوط الائتمان من صندوق النقد الدولي والاستثمارات من دول الخليج ستدعم اقتصاد المملكة على المدى القصير، وتضمن استقرار النظام الملكي. ومن المرجح أن يكون تأثير المقاطعة الإقليمية على الماركات التجارية الغربية بارزًا بقوة أكبر في الأردن، بسبب التضامن الكبير مع الفلسطينيين من جانب الأردنيين.

أما لبنان، فمن غير المرجح أن يحصل على تمويل من صندوق النقد الدولي أو قدر كبير من الاستثمار الأجنبي، بسبب عدم الاستقرار السياسي المستمر في البلاد، الأمر الذي سيؤدي لتفاقم مشاكله الاقتصادية المختلفة، خصوصًا إذا أدت الاشتباكات الحدودية المستمرة بين "إسرائيل" و"حزب الله" إلى توسيع الحرب إلى أراضيه. ورغم أن الاستثمار الأجنبي قد يعوض بعض الاضطرابات الاقتصادية في لبنان، إلا أن بيروت لم تنفذ الإصلاحات المطلوبة التي يمكن أن تخلق ثقة المستثمرين، وتؤدي لتقدم في وضع اللمسات الأخيرة على قرض صندوق النقد الدولي الذي تمت صياغته في نيسان/ أبريل 2022.

ستراتفور

عرقلة طرق الشحن في البحر الأحمر تنذر بعواقب وخيمة على الأسواق والأوضاع السياسية في أوروبا

من المتوقع أن تتواصل تداعيات عرقلة طرق الشحن في البحر الأحمر عالميًا طوال عام 2024؛ فقد استمر ارتفاع تكاليف الشحن، خصوصًا على الطريق بين آسيا وأوروبا، اعتبارًا من أواخر كانون الثاني/ يناير، وسط ضعف المؤشرات على أن الحوثيين سيخففون من تصعيد الهجمات على السفن قبالة سواحل اليمن. ونتيجة لذلك، فإن ارتفاع تكاليف الطاقة والسلع قد يؤدي إلى تحفيز التحركات الشعبوية ويغذي المصاعب الملحوظة في مختلف بلدان أوروبا، وبدرجة أقل في الولايات المتحدة، هذا العام.

بالمقابل، ومن الناحية الاستراتيجية، قد يكون الوضع الحالي في البحر الأحمر مفيدًا لحسابات بعض الدول حول بؤر التوتر الجيوسياسية الأخرى، مثل تايوان وبحر الصين الجنوبي. فقد أظهرت التدخلات العسكرية الأخيرة في المنطقة من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أن هذه الدول لا تزال تنظر إلى حماية طرق الشحن العالمية كأولوية، ومن الواضح أنها قادرة أيضًا على القيام بذلك. وبالتالي، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تثبيط عزيمة دول أخرى مثل الصين وكوريا الشمالية عن المغامرات العسكرية، خصوصًا في المجال البحري.

في هذا الإطار أيضًا، لا توجد أي إشارة على أن الشحن في البحر الأحمر سيعود إلى طبيعته قريبًا؛ فقد واصلت شركات الشحن الكبرى تحويل سفنها من المنطقة منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، عندما بدأ الحوثيون شن هجماتهم على السفن هناك. وقد تمت إعادة توجيه حوالي 20% من البضائع العالمية اعتبارًا من الـ23 من كانون الثاني/ يناير، بناءً على تقارير صحفية دولية. وفي الآونة الأخيرة، قالت شركتا شحن كبيرتين إنهما تجريان مزيدًا من التعديلات على خدماتهما في البحر الأحمر، بما في ذلك التحويلات البحرية الجديدة والاستفادة من الممرات البرية بدلًا من البحرية.

ومن المرجح أن يظل الشحن في البحر الأحمر عرضة للهجمات خلال الأشهر القليلة المقبلة على الأقل؛ فلا يزال الحوثيون عازمين بقوة على استهداف السفن الأجنبية في المنطقة، رغم العمليات الجوية وغيرها من العمليات العسكرية المستمرة ضدهم من قبل الولايات المتحدة وقوات التحالف. من جهة أخرى، يُرجح أن يؤثر انقطاع الشحن تأثيرًا كبيرًا على أوروبا بشكل خاص، بما في ذلك تأخير عمليات التسليم وارتفاع أسعار السلع والطاقة؛ حيث تتجه معظم التجارة في البحر الأحمر إلى أوروبا وتتكون البضائع بشكل أساسي من السلع المنزلية والملابس والإلكترونيات. كما إن أوروبا معرضة لارتفاع أسعار الطاقة لأنها تعتمد بشكل كبير على هذه الواردات، ويشمل ذلك الغاز الطبيعي المسال من قطر، والذي أوقفته الدوحة عن العمل في منتصف كانون الثاني/ يناير، ويمثل ذلك 13% من الغاز الأوروبي، وتشمل قائمة الدول الأوروبية التي تستورد الغاز الطبيعي المسال من قطر كلًا من إيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة وفرنسا.

وبالتالي، فإن ارتفاع التضخم ربما يؤدي إلى تفاقم أزمة تكاليف المعيشة في أوروبا، وإن كان من المتوقع أن تكون العواقب المباشرة لذلك محدودة وأن تختلف عن تلك التي خلفتها جائحة "كوفيد-"19؛ ففي ذلك الوقت تزامن عرض الشحن المحدود مع ارتفاع كبير في طلب المستهلكين، وهو ما أدى لارتفاع أسعار الشحن لأعلى بكثير من المستويات الحالية. ومع ذلك، فمن المحتمل أن تؤدي بعض تأثيرات التضخم إلى تفاقم المشاعر المناهضة للحكومات (المرتفعة بالفعل) والصعوبات الملموسة في أوروبا، خصوصًا في فرنسا وألمانيا واليونان والمجر والمملكة المتحدة.

ومن المرجح أيضًا أن يساهم انقطاع الشحن في زيادة ضغوط التضخم في الولايات المتحدة، ولو بدرجة أقل مما هي عليه في أوروبا، كما يأتي ذلك وسط قيود في قناة بنما التي تعمل بحوالي ثلثي طاقتها. ونتيجة لذلك، فقد ارتفعت تكاليف الشحن للسفن المتجهة إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة، ما يوفر لمعارضي الرئيس "بايدن" فرصًا أفضل في حملاتهم الرئاسية؛ خاصة أن الاستياء الشعبي من تعامله مع الاقتصاد منتشر بالفعل.

والخلاصة، إن للوضع في البحر الأحمر تداعيات على بؤر التوتر الجيوسياسية، مثل تايوان وبحر الصين الجنوبي، وقد أبدت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ومؤخرًا الاتحاد الأوروبي، استعدادهم لنشر أصول عسكرية لحماية طرق الشحن. وبالتالي، فإن دولًا مثل الصين وكوريا الشمالية اللتين تنويان اتخاذ إجراءات عسكرية أو تخريبية، خصوصًا في المجال البحري، ربما تدفعان تلك الدول لإعادة النظر بقوة في العواقب المحتملة والامتناع عن المغامرات العسكرية.

إس آي إيه إس

هجوم "تنظيم الدولة" على كنيسة في اسطنبول لا يشير لعودة التنظيم إلى ما كان عليه قبل عام 2016

أطلق مسلحان النار على الحاضرين في قداس الأحد في كنيسة سانتا ماريا بمنطقة ساريير بولاية إسطنبول، في الـ28 من كانون الثاني/ يناير الماضي، ما أسفر عن مقتل مواطن، فيما أعلن "تنظيم الدولة الإسلامية" (ولاية تركيا) لاحقًا مسؤوليته عن الهجوم. بدورها، أعلنت وزارة الداخلية التركية أنه تم القبض على اثنين من الجناة المرتبطين بالتنظيم، وتم تحديد هوية أحدهما أنه من روسيا والآخر من طاجيكستان، كما تمت مداهمة 30 موقعًا واعتقال 51 شخصًا آخرين.

لكن بحسب القراءات، فإن هذا الهجوم لا يعدّ مؤشرًا على عودة قدرة "تنظيم الدولة" على شن هجمات إلى المستوى الذي شهدناه قبل عام 2016؛ فاختيار المسدسات كان أكثر ملاءمة للهجوم المستهدف من البنادق الهجومية التي توقع إصابات جماعية. كما أن الكنيسة تقع على بعد أكثر من 100كلم من وسط مدينة اسطنبول، التي توجد بها كثافة أعلى من حيث الأهداف الدينية اليهودية والمسيحية في منطقة أكثر حماية وحراسة من قبل الشرطة، ما يعني ضعف احتمال نجاح الجهاديين في تنفيذ هجمات حتى ذات تأثير ضئيل داخل مدينة إسطنبول.

وبحسب ما ورد، فقد استقل المهاجمان سيارة من بولندا عبر الحدود الشمالية الغربية لتركيا قبل حوالي عام من الهجوم، ولم يستخدماها منذ ذلك الحين. كما إن كون المهاجمَين من الجنسيتين الروسية والطاجيكية يعني أن الحكومة التركية ستزيد على الأرجح من مراقبة تدفق الهجرة إلى تركيا من هذه الخلفية، ومن المتوقع أن تواصل اعتقال وترحيل المواطنين الروس والطاجيكيين خلال الأسابيع المقبلة.

إس آند پي جلوبال ماركيت إنتيليجنس

بقاء "سعيد" في السلطة سيفاقم أوضاع التونسيين الاجتماعية والاقتصادية وقد يدفعهم للنزول إلى الشارع

يعزز بقاء الرئيس التونسي، قيس سعيد، في منصبه لمدة خمس سنوات أخرى النظرة المتشائمة للإصلاحات الاقتصادية، ووضع الاقتصاد الكلي في البلاد على المدى المتوسط؛ حيث يُرجح أن يبقى "سعيد" في السلطة سواءً من خلال انتخابات رئاسية أو عبر تمديد ولايته. ووفقًا للدستور، من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية خلال الربع الأول من العام القادم؛ حيث تنتهي فترة ولاية "سعيد" البالغة خمس سنوات في كانون الأول/ ديسمبر 2024. لكن هناك احتمالًا بعدم إجراء الانتخابات الرئاسية هذا العام؛ إذ لم تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعد موعدًا رسميًا للانتخابات، أو حتى مناقشة الاستعدادات لها، بما في ذلك توضيح قانون الانتخابات. وإن كان لا يمكن تأجيل الانتخابات الرئاسية (وفقًا لدستور 2022) إلا في حالة الحرب أو أي خطر وشيك آخر على الدولة، لكن السلطات التشريعية والتنفيذية الواسعة التي يتمتع بها "سعيد" تجعل هذه النتيجة احتمالًا قابلًا للتطبيق.

ويُعتقد أن الاختلاف في وجهات النظر بين "سعيد" ومحافظ البنك المركزي يعزز التكهنات بأن الأخير سيترك منصبه في شباط/ فبراير 2024، مع انتهاء ولايته، ولذلك فينبغي تسليط الضوء على تزايد حالة عدم اليقين بشأن اتجاه السياسة النقدية هذا العام. ومن المتوقع أن يؤدي هذا القرار إلى المخاطرة بزيادة التضخم بما يتجاوز التوقعات البالغة 8.7% خلال عام 2024، ما سيؤدي إلى زيادة أكثر وضوحًا في أسعار الفائدة الأساسية مقارنة بـ100 نقطة أساس المتوقعة حاليًا.

ومع ذلك، فإذا أدى تدخل "سعيد" بقوة في الشؤون الاقتصادية إلى تدهور أسرع في الظروف الاجتماعية والاقتصادية، فإن ذلك سيجعل من الصعب عليه احتواء السخط الاجتماعي. فحتى الآن، يمكن استنتاج أن التونسيين كانوا مترددين في النزول إلى الشوارع احتجاجًا على أوضاعهم الاقتصادي الصعبة، بدافع الخوف من تأجيج عدم الاستقرار وتفاقم مشاكلهم الاقتصادية، في ظل شعورهم المتزايد بالإحباط بسبب التدهور الاقتصادي الذي أعقب انتفاضة عام 2011.

لكن هناك خطرًا كبيرًا من أن تؤدي سياسة "الاعتماد على الذات" التي ينتهجها "سعيد" إلى تدهور إضافي في الظروف الاجتماعية والاقتصادية، ما سيؤدي لزيادة السخط الاجتماعي؛ ففي ظل استمرار إحجام المانحين الدوليين عن تقديم الدعم لتونس، إضافةً لغياب برنامج صندوق النقد الدولي وتنفيذ الإصلاحات، فإن السلطات ستعتمد بشكل متزايد على احتياطيات النقد الأجنبي لتغطية مدفوعاتها من العملات الأجنبية. وفي حين أن الزيادة القوية في تدفقات التحويلات والسياحة ساعدت الحكومة على سداد مدفوعات ديونها عام 2023، فإن مصادر النقد الأجنبي هذه ستتعرض لضغوط متزايدة طوال هذا العام، بسبب ضعف النشاط الاقتصادي العالمي وزيادة المخاطر الجيوسياسية والأمنية.

على هذا النحو، وحتى لو تمكنت تونس من سداد جميع مدفوعات ديونها عام 2024 مع تجنب الإصلاحات المؤلمة في الوقت نفسه، فإن استنفاد احتياطيات العملات الأجنبية قد يتسبب في ضعف الدينار بشكل حاد وفي تفاقم نقص السلع الأساسية، والذي من المحتمل أن يؤثر على الخبز. إضافةً لذلك، فإن الاعتماد على البنك المركزي لتمويل أجور القطاع العام، سيؤدي إلى ضغوط تضخمية حادة، ما سيؤدي بدوره إلى مزيد من تآكل القوة الشرائية للأسر، وقد يدفع إلى احتجاجات واسعة النطاق قد تؤدي إلى اضطراب اقتصادي أخطر.

فيتش سوليوشنز